"الحداد" لـ "حواس": نعم هناك أدلة أثرية وتاريخية على وجود الأنبياء بمصر القديمة

أخبار مصر

الحداد وحواس
الحداد وحواس

قال الدكتور محمد حمزة الحداد المؤرخ المعروف وأستاذ الآثار والفنون بكلية الآثار جامعة القاهرة وعميد كلية الآثار السابق، إن ما ذكره الرجل الأشهر في الاثار المصرية في العالم الدكتور زاهى حواس من أنه لا يوجد في الآثار أو الكتب التاريخية ما يثبت وجود الأنبياء في مصر وخاصة سيدنا إبراهيم وسيدنا يوسف وسيدنا موسى عليهم السلام؛ وأنه لا دليل على وجود بني إسرائيل في مصر وأن ما يُقال عن خروج سيدنا موسى واليهود من مصر تكهنات لا يوجد عليها دليل، فهذا كلام لا يتبع المنهج العلمي. 

الحداد لحواس: نعم هناك أدلة أثرية وتاريخية على وجود الأنبياء بمصر القديمة   

وأضاف الحداد قائلًا إن الدكتور زاهي في مناسبة أخرى ببرنامج مني الشاذلي يذكر أن سيدنا يوسف عليه السلام تعلم في جامعة أون؛ وبالتالي كيف ينكر وجود سيدنا يوسف عليه السلام في مصر ويثبته في ذات الوقت؟ ثم أين  الكتب التاريخية التي يشير إليها؟ وماذا يقصد بها؟ وهل لدينا كتب تاريخية في مصر القديمة قبل العصر الصاوي 663 ق م_525ق.م؟

الأدلة 

وأكد الدكتور حمزة أنه لا يوجد لدينا كتب تاريخية في مصر إلا منذ بدء العصر الصاوي وما تلاه من عصور خلال المؤرخين والعلماء الإغريق ثم تزايدت خلال العصرين اليوناني الروماني ومن أهم الكتب في تلك الفترة كتاب مانيتون السمنودي 284ق م وعنه في القرن الأول الميلادي كتاب يوسيفوس اليهودي المتوفي 98م وفيه إشارات عن اليهود والهكسوس اما الكتب المقدسة وعلى رأسها التوراة والإنجيل أو العهدين القديم والجديد ففيها إشارات تاريخية كثيرة عن مصر وبني إسرائيل والأنبياء وكذلك القرآن الكريم.

كتب تاريخ قبل الميلاد 

وأضاف، «إذن لدينا كتب تاريخية ترجع إلى 700 سنة قبل الميلاد، وبعضها أكد وجود بني إسرائيل في مصر؛ ولدينا الكتب المقدسة الثلاثة التوراة والإنجيل والقرآن الكريم فقد أشارت إلى الأنبياء عليهم السلام، وإلى وجودهم في مصر وعلى ذلك فالقول إنه لا يوجد في الكتب التاريخية ما يثبت وجود الأنبياء وبني إسرائيل وخروجهم من مصر غير سليم علميًا ولا يستقيم مع الواقع التاريخي والديني الثابت والراسخ منذ آلاف السنين ومن ثم ما كان يجب عليك أن تتلفظ بهذا القول الذي لا يمت للعلم ومنهجه السليم بصلة». 

وتابع، «وينطبق نفس الشئ على أنه لا يوجد دليل في الآثار على وجود الأنبياء وبني إسرائيل في مصر وخروجهم مع سيدنا موسى عليه السلام مجرد تكهنات لا يوجد عليها دليل علمًا أنك تناقض نفسك بنفسك فقد أشرت في مناسبات عديدة بأن لوحة مرنبتاح بالمتحف المصري هي الدليل الوحيد على وجود بني إسرائيل في مصر وان خروجهم منها كان قبل مرنبتاح ولكن غير معروف اسم الفرعون حتى الآن وقد قمنا بالرد العلمي على ذلك من قبل».  

وشدد الحداد قائلًا، «هذا القول ما كان يجب أن يصدر من متخصص بحجم ووزن الدكتور زاهي، وهو المتخصص الأشهر والأبرز في العالم لأنه يخالف المنهج العلمي السليم والأدلة الأثرية المتاحة والمعروفة والمتداولة حتى الآن؛ وبالتالي لا يجوز ولا يحق إطلاق أحكامًا عامة ليست من المنهج العلمي السليم في شئ وينقضها وينتقص منها بل وينفيها ما هو متوافر ومتاح من أدلة أثرية معروفة»

الأدلة الأثرية

وقال الدكتور محمد حمزة الحداد، إن الحديث عن هذا الموضوع يجب أن يتم تناوله وفقا للمنهج العلمي السليم من جانبين وذلك على النحو التالي، أولًا هل توجد أدلة أثرية تؤكد حقيقة الوجود التاريخي للأنبياء في مصر أو صلتهم بها؟ والجواب نعم توجد مناظر ونقوش وبرديات تؤكد صلة أنبياء الله تعالى ورسله وخاصة إبراهيم ويعقوب ويوسف وموسى عليهم السلام بمصر ووجودهم بها فترة من الزمن ومنها بردية وستكار ففي الجزء المتعلق بعهد خوفو فيها حديث عن معجزة إحياء الموتى حيث استطاع أحد السحرة عزل رأس أوزة عن جسدها ثم أعادها ثانية عن طريق بعض التعاويذ السحرية فهذه القصة صدى لمعجزة سيدنا إبراهيم حين طلب من ربه أن يريه كيف يحيي الموتى فامره الله سبحانه وتعالى بأن يأخذ 4 من الطير وأن يجعل على كل جبل منهن جزءً ثم ادعهن يأتينك سعيا (البقرة/260)

عهد سنفرو 

وتابع، «في الجزء المتعلق بعهد سنفرو في نفس البردية أي وستكار نجد كبير الكهنة يقوم ببعض التعاويذ السحرية حتى انشقت البحيرة إلى نصفين فظهرت حلية الجارية في الجزء الذي انحسرت عنه المياه؛ فهذه القصة صدى لمعجزة سيدنا موسى عليه السلام عندما انفلق البحر له أثناء مطاردة فرعون وجنوده له ولبنى إسرائيل؛ وهناك أيضا بعض الأدلة الأثرية لقصة تحويل العصا إلى ثعبان من عصر الدولة الحديثة وفي بردية ايبو ور وسنوهي بعض الإشارات التي كانت صدى لمعجزات موسى عليه السلام ومنها تحويل ماء النهر إلى دم وظهور الضفادع على التحف الخزفية في عصر الدولة الحديثة ومنها ما اكتشفه بتري عام 1905م، ومن المعروف أن الدم والضفادع كانا من بين الضربات العشر التي عاقب بها الله فرعون وقومه؛ وربما يعثر في المستقبل على أدلة أثرية للضربات الثمان الباقية. 

لوحة المجاعة 

وأشار الحداد إلى أنه من  الأدلة التي تؤكد حقيقة الوجود التاريخي لسيدنا يوسف عليه السلام لوحة المجاعة بجزيرة سهيل في أسوان من عهد بطلميوس الثاني 284_246 ق م وتسجل أحداث المجاعة في عهد الملك زوسر من الأسرة الثالثة وهي مجاعة السنوات السبع العجاف؛ ومنها بردية الأخوين والتي كانت صدى لقصة يوسف وإمرأة العزيز؛ ومنها كتاب تفسير الاحلام وتأويلها وكان ذلك صدى لموضوع تفسير الاحلام لسيدنا يوسف عليه السلام، كذلك وردت بعض الأدلة الأثرية من عصر الهكسوس الإشارة إلى اسم يعقوب وهو ما يعد صدى لاسم نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ووالد يوسف والأسباط عليهم السلام اجمعين. 

وهذه الأدلة الأثرية من المناظر والنقوش والبرديات وإن كانت تؤكد حقيقة الوجود التاريخي لهؤلاء الأنبياء في مصر؛ إلا أنها لا تحدد الزمن أو العصر التاريخي لهم سواء من حيث أي أسرة من الأسرات المصرية القديمة ولا عهد أي ملك من ملوك تلك الأسرات. 

الجانب الثاني 

وتساءل الحداد، هل توجد أدلة يقينية لهؤلاء الأنبياء تثبت العصر التاريخي لهم ولزمانهم وفي عهد اي من الاسرات والملوك دخلوا مصر واقاموا فيها؟ 

وأجاب قائلًا، «ثبت في الجانب الأول أن الوجود التاريخي للأنبياء في مصر حقيقة تؤيدها بعض الأدلة الأثرية التي تم الربط بينها وبين بعض الأحداث المرتبطة بقصص هؤلاء الأنبياء ومعجزاتهم إلا أنها غير محددة التاريخ فبعضها من الدولة الحديثة أو العصر البطلمي والأحداث ترتبط بملوك الدولة القديمة؛ وبعضها من الدولة الوسطى وعصر الهكسوس؛ وبعضها من الدولة الحديثة وهو الأمر الذي لم يحسم العصر التاريخي أو زمن وجود هؤلاء الأنبياء بصفة عامة ولا في عصر اي من الاسرات واي من الملوك بصفة خاصة وبالتالي لدينا ثلاث نظريات رئيسة حول هذا الموضوع وهي: 

  1. عصر الدولة الوسطى الأسرتين 11، و12 (2066_1781ق م)
  2. عصر الهكسوس (1675_1567 ق م أو1650_1590 ق م) 
  3.  عصر الدولة الحديثة (1549_1069) 

وهناك آرإء ونظريات أخرى شاذة ويغلب عليها الشطط والخيال؛ بل وتدخل في باب الغرائب والعجائب». 

 

وختم الحداد كلامه قائلًا، علي ضوء ما تقدم فإن الأدلة الأثرية المعروفة حتى الآن تؤكد حقيقة الوجود التاريخي للأنبياء في مصر وصلتهم بها خاصة ابراهيم ويعقوب ويوسف وموسى عليهم السلام أجمعين؛ ولكنها لم تحسم زمن وجودهم وفي عهد اي من الاسرات أو الملوك؛ وبالتالي فعلينا أن ننتظر المزيد من الاكتشافات الاثرية والأدلة اليقينية من المناظر والنقوش والبرديات التي لاتكذب ولا تتجمل حتى يمكن حسم هذا الموضوع برمته من حيث الزمن والعصر واسم الملوك المعاصرين لكل نبي من أنبياء الله ورسله الذين وطئت أقدامهم مصر وشرفت بهم (علما ان نسبة الآثار المكتشفة حتى الآن لا تتجاوز ال 30% مما يعني ان70 ٪ ماتزال مدفونة في باطن الأرض في إنتظار من ينفض الغبار عنها ويكتشفها وربما تلعب الصدفة الدور الأكبر والأهم في الاكتشافات الأعظم والاشهر ومنها مايتعلق بتاريخية وجود الأنبياء في مصر. 

 أما القول الذي يردده المستشرقون الجدد ومن يقتفي أثرهم ويسير على نهجهم من العلمانيين والملحدين واللادينيين وهو أنه لا تاريخ دون أثار فهو قول لا يمت للعلم بصلة فإن غياب الدليل الأثري لاينفي وقوع الحدث هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن إطلاق أحكام عامة حول هذا الموضوع لايمت للعلم ومنهج السليم بصلة ولا يتسق مع الأدلة الأثرية المتوافرة رغم قلتها.