محمد أكرم دياب يكتب: حدثت الله في سيناء

مقالات الرأي

بوابة الفجر

كان ندائه الاقوى منذ كان عمري عشرون عاما، تلك المرة الاولى التي رأيت فيها جبال الطرق في نويبع، اصابتني بالذهول والرهبة، أو شعور يمتزج بينهما تلك من صنع فنان ابدع في نحتها، بل وحركها " تسير الجبال سيرا" تلك الاية في سورة خصصت لقطعة من سيناء "الطور " التي اصطفاها الله قبل ذكرها في القرآن وتخصيص سورة قرآنية كاملة باسم سورة الطور، وآيات أخرى تعظم سيناء في سور متفرقة.

في الجنوب رأيت الله كثيرا، رأيته في كافة رحلاتي التي إن طالت فترة التباعد بينها اغتربت، رأيته في فنه الكبير "فسبحان الله" هي الكلمة التي لاتفارق لساني منذ رؤية جبالها في رحلاتي لهناك، حتى آخر لحظات خروجي منها، كل شبر في جنوب سيناء يستطيع ان يبهرك بقيت يوم كامل اتأمل صخور الجبال سيرا على الاقدام حتى وصولي محمية ابو جالوم في دهب دون ملل ودون مزيكا، جعلتني أتحدث مع الله في أمور شتى دون ان ادري فلا وجود لبشر سواي.

يمكنها أن تكون مهد التواصل مع السماء، فيها كانت الاتصالات الاولى والمباشرة بين الله وصنيعته الإنسان، مع من صنعه لنفسه سيدنا موسى، حينما تصدعت جبالها بعد تجلي الخالق على ابداع صنعه في طور سيناء" ومن الجبال جدد بيض وحمر ومختلف ألوانها وغرابيب سود" تلك الألوان تحتم سحرك من الابداع، تزيد تأملك في الصانع، وبحثك عن المبدع، وضئالتك  أمامها، حتى تستدرجك في الحديث مع الله.
و يوم اخر اتأمل ابداع البحر في رأس محمد، بعد ان هويت رياضة السنوركلينج،  فهناك تجد فن أكبر، شعاب مرجانية لايمكن لانسان نسج الوانها، واندهشت لأسباب تكوينها من فضلات اسماك الحريد الذي تتقارب الوانه معها،  وتمتزج مع الوان اسماك اخرى تشكل لوحة فنية لن يتوصل فنان من رسمها، يمكن أن نطلق على سيناء لوحة فن الهي ابدع خالقها حتى تجلى بها وتركها اية لخلقه ترشدهم الرقي والجمال.

منظومة كاملة في دوائر لا متناهية تجعل لوحة الله متجددة الجمال، استمتعت بفكرة المقارنة بين طبية المياه في مناطقها المختلفة، نويبع وجدتها صافية هادئة قد لاتجد فيها صخب الشعاب المرجانية، ولكنك تعيش أجواء من الجنه في منطقة رأس شيطان خاصة مع اكتمال القمر، في رأس محمد يمكن ان تكون اكثر المناطق مناسبة للسباحة تحمل دفء للمياه مختلف، وفي دهب هناك تنوع كبير خاصة ان كنت من هواة رياضة الغوص.

سيناء قد تكون مميزة لرؤية الله في خلقه، لكن يمكنك رؤيته في اي وقت، وسماع صوته إن أردت، حينما يصفوا قلبك وتنظر إلى ماخلف الاشياء، وقت تفكيرك في الخالق للحجر والانسان، اثناء انشغالك بترتيب الكون  و فطر السماوات وخلق الأرض، الخالق لا يغيب وهو في قلبك دائما لكي تتمكن من رؤيته فقط عليك نداءه ويقينك في سماعه لكلماتك وقد يجيبك باشارات مختلفة، فهو "الملك" المسير.