محمد أكرم دياب يكتب: درب خير "النبي"

مقالات الرأي

محمد أكرم دياب
محمد أكرم دياب

الخير ابواب، خلف الابواب طرق، الطريق لاينتهي، فقط ان قررت يوما ان تسلك الدرب،  تتكاثر الابواب وتمتد الطرق،  مجهود كبير تبذله دون عناء  ، سعادة مختلفة تولد من المشقة، ستصيبك الفرحة في كل خطوة،  تندهش من مقدرتك على قطع تلك المسافات في طرق لا ترى نهايتها، سوى شعورك بنور يؤكد لك صواب الطريق، جنود الخير في كل مكان يتعارفون، تتلاقى أرواحهم يبحثون عن فرصة للتعلم من دروب اخرى يستحدثون استكشافها.

"محدش بيجوع في المدينة"، تلك الجملة التي قالها لي صديق طفولتي اسلام خالد فور استقباله بمطار المدينة المنورة، ادهشتني وراودتني طوال شهر مكثت فيه بجوار النبي، اتأمل سبل الخير بجانب زياراتي اليومية لمسجده وطريقه،  التي أكدت ما قاله اخي، طرق عديدة ومزايدات في الخير ممتدة من اشخاص وإمارة وجمعيات خيرية جميعهم يتسابق في الطريق اللامنتهي.

في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، بمدينته المنورة تختلف دروب الخير هناك من يقصد مساعدة كبار السن بكراسي للاستراحة، وغيره  يقصد المارة بمياه، ومن يبحث عن فرصة لتوصيل الزائرين دون اجر الجميع من أهلها وزائريها يفتشون على السبل، حتى حكومتها ومسؤليها يرعون الفرصة الاكبر للخير تحت لافتات " خير المدينة".
شعارها "النعم تدوم بالمحافظة"، تلك العبارة ستجدها مكتوبة على اكياس توزع في كافة المساجد على جميع المتواجدين قبل الافطار تضم زبادي وخبز وبلح وزجاجة مياه في المسجد النبوي وحده مثلا يمكن توزيع مايزيد عن ٣٠ ألف عبوة منها يوميا بما يقدر بنحو نصف مليون ريال ذلك بخلاف الوجبات الاخرى التي تقدم في خيمة خير المدينة.

و جدتها لأول مرة في منطقة  جبل احد، خيمة كبرى تعمل على مدار الساعة لتوزيع الوجبات الساخنة على الزائريين وامام المسجد النبوي تجد خيمة اكبر تقصد الصائمين بموائد للرحمن يعمل بها المئات من تجهيز للوجبات والعصائر والمياه لتستهدف اطعام اكثر من ١٠ الاف شخص يوميا، تلك الخيام ترعاها امارة المدينة المنورة وتشرف على تنفيذها بعناية، يصل الطعام إلى الالاف يوميا ويفيض في تجربة تحتم على الدول دراستها.

ذلك المشروع الذي تتبناه المملكة في عدد من بقاعها بمساهمة من جمعية غيث  الخيرية دون اي إعلانات تلفزيونية تطالب بجمع تبرعات للجمعية الخيرية مجرد رقم هاتف على الوجبات الموزعة يوميا على أعداد كبيرة ولك ان تعلم إنه خلال يوما واحدا وزع وقف خير المدينة ٣١.٨٢٠ وجبة ساخنة قيمة الوجبة لاتقل عن ٢٠ ريال مايزيد عن  نصف مليون ريال نحو ٨ مليون جنيه مصري.

اما الجمعيات الخيرية هناك فتختلف تماما عن تلك التي تسعى للحصول على التبرعات من خلال اعلانات بوسائل مختلفة تنفق فيها الملايين من اجل المليارات، بحسابات ربحية بحتة يكون الخير فيها الثلث ويمكن اقل والباقي يخصص للتسويق والحملات الاعلانيه.

فخلال مدة اقامتي في المدينة المنورة  ومتابعة قنواتها التلفزيونية لم اجد اعلان واحد لجمع التبرعات، ماينفق للترويج سبيله الخير فقط، بذلك المبدأ تكون اعلانات الجمعيات الخيرية من خلال طباعة اعلاناتها على زجاجات المياه والوجبات التي توزعها في المساجد والطرقات، فتبرعك يأتي بعد ثقتك في وصول الخير، يمكن هذا من اهم دروس سبل خير النبي.