قاض مصرى: استخدام إسرائيل للتجويع أبشع سلاح حرب ضد الأطفال

حوادث

بوابة الفجر

طلبت جنوب إفريقيا من محكمة العدل الدولية - أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة - إصدار أوامر طوارئ لإسرائيل لوقف "تجويع الإبادة الجماعية" للشعب الفلسطيني الذى يواجه مستويات كارثية من الجوع والمجاعة، مستشهدة بتحذيرات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية من أن غزة معرضة لخطر المجاعة الوشيكة، حيث يتضرر الأطفال الفلسطينيون جوعًا، ولا يزال الغذاء والإمدادات الحيوية شحيحة، بسبب عرقلة  السلطات الإسرائيلية التي تطوق حدود غزة عمليات تسليم المساعدات الإنسانية.

وفى سبيل الوعى العام وتنوير العقل العربى نعرض للدراسة المهمة للمفكر والمؤرخ القضائى المصرى القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بعنوان ( التجويع كسلاح حرب  صناعة إسرائيل لإبادة أطفال غزة، ودورالعدل الدولية والمجتمع الدولى لإنقاذهم من مجاعة وشيكة) فى العناصر الستة التالية.

يقول الدكتور محمد خفاجى إن إسرائيل تستخدم التجويع كسلاح حرب في غزة وتهدد الاستقرار العالمي حيث تنشئ أكبر مقبرتين إحداها مفتوحة لأطفالها وأخرى مغلقة لمبادئ القانون الدولى الإنساني، إذ ترفض السلطات الإسرائيلية السماح بدخول ما يكفي من الغذاء إلى غزة للحفاظ على الحياة.  ويعتبر الجوع سلاحًا للحرب عندما يتم تدمير وسائل الانتاج ومنع المساعدات الإنسانية من الوصول إلى المدنيين كوسيلة لإخضاع السكان وإذلالهم ثم إبادتهم، وهو ما يهدد الاستقرار العالمي، في مواجهة سلبية وتهاون المجتمع الدولى خاصة الدول الكبرى الفاعلة فى منظمة الأمم المتحدة.

وإدانة إسرائيل فى استخدامها للجوع كسلاح حرب في قطاع غزة أكده  السياسي الإسباني والممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذى ذكر أن عدد الأطفال الذين قُتلوا في غزة في هذه الأشهر أكثر من عدد الأطفال الذين قُتلوا في العالم بأكمله خلال السنوات الأربع الماضية، واعترف بأن هناك عدة أشهر من المواد الغذائية المخزنة فى مئات الشاحنات التى تنتظر الدخول عبر الحدود ’ ولكن إسرايئل ترفض تصاريح الوصول إلى القطاع، ودعا بوريل حكومة بنيامين نتنياهو إلى السماح لسكان غزة بالحصول على المساعدات الإنسانية.

ويضيف أن القانون الدولي الإنساني  يحظر استخدام التجويع كوسيلة للحرب، وتعد المجاعة واحدة من العواقب الإنسانية العديدة التي تعقب النزاعات المسلحة نتيجة لعرقلة سلسلة الإنتاج والتوزيع. والوضع يصبح خطيرًا عندما تستخدم أطراف النزاع التجويع كوسيلة من وسائل الحرب. وهو ما تفعله إسرائيل  بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين بقطاع غزة  الذين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية.

ويشير الدكتور محمد خفاجى أن نتنياهو يرتكب جريمة حرب بتجويع أطفال غزة بعرقلة الإمدادات الغذائية ويهين حقوق الإنسان الأساسية، وقواعد القانون الدولي الإنساني تحظر التجويع بمجرد نشوب نزاع مسلح، ومن ثم فإن مثل هذا الأسلوب من الحرب يتصف بالخسة والنذالة لاستهدافه سلامة المدنيين.  وهى جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بحرمان المدنيين عمدًا الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، لإكراههم على التهجير القسري للسكان المدنيين.

ويذكر الدكتور محمد خفاجى أن تقاعس العدل الدولية عن إنقاذ غزة من مجاعة وشيكة سيؤدي إلى إبادة أجيال أطفال فلسطين بحجة أنها أصدرت تدابير مؤقتة سيؤدى إلى انتظار تأكيد حدوث مجاعة أو أنها حدثت بالفعل قبل اتخاذ إجراء جذري هو أمر لا يمكن دفعه أو الدفاع عنه فيما بعد، ولبيان خطورة الأمر فإن تقرير لجنة الأمن الدولي بشأن المجاعة الوشيكة في غزة يجب أن يكون بمثابة جرس انذار للمجتمع الدولى وللمحكمة الدولية التى ناط بها القانون الدولى تحقيق العدالة الدولية ومنع الجنس البشرى من الإبادة، وهذه المجاعة الوشيكة التي صنعتها إسرائيل  تمثل أزمة إنسانية عاجلة لا يمكن تجاهلها، خاصة زيادة وفيات الأطفال.

ويمكن لمحكمة العدل الدولية التخفيف من حدة المجاعة، من خلال اتخاذ إجراءات فورية بوقف الحرب وإجبار إسرائيل بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق. طن كأسلوب من أساليب الحرب 2- حظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري، إذا تحدد القصد من ذلك في منعها عن السكان المدنيين أو الخصم لقيمتها الحيوية مهما كان الباعث سواء كان بقصد تجويع المدنيين أم لحملهم على النزوح أم لأي باعث آخر.  "

والمادة 14 من البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف تنص على أن " حماية الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة. ويحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب القتال. ومن ثم يحظر، توصلًا لذلك، مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري."

ويؤكد أن ما تقوم به إسرائيل من عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في حاجة إلى الغذاء من خلال الحصار أو وسائل أخرى ؛ تعد جريمة حرب يجب أن يحاكم عليها قادة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية، فما يفعله قادة إسرائيل يتعارض مع روح القانون الإنساني الدولي الذي يفرض واجبا إيجابيا على أطراف النزاع لمنع تجويع السكان المدنيين. ومن ثم تتسبب إسرائيل فى مجاعة غزة الوشيكة نتيجة لعدم الوفاء بالالتزام الذي يفرضه عليها القانون الدولي الإنسانى.

ويوضح إن ما يفعله نتنياهو فى حق أطفال فلسطين يحد بشكل خطير من قدرة الشعب الفلسطيني على الوصول إلى الضروريات الأساسية مثل الغذاء والماء والرعاية الصحية، مما يستنهض همة محكمة العدل الدولية لممارسة سلطاتها فى إرساء قيم العدالة الدولية من خلال منع إبادة شعب أعزل ووقف الحرب وإنهاء الحصار والاحتلال، والاعتراف بكرامة وحقوق الشعب الفلسطيني.