هل كشفت عملية طوفان الأقصى حقيقة ضعف كيان الاحتلال الإسرائيلي؟.. خبراء يوضحون

الفجر السياسي

جرائم كيان الاحتلال
جرائم كيان الاحتلال الإسرائيلي

أكد خبراء وأساتذة علوم سياسية، أن ما يرتكبه كيان الاحتلال الإسرائيلي من مجازر ضد المدنيين والأبرياء بقطاع غزة منذ بدء عملية طوفان الأقصى، ما هو إلا تأكيد لفشل إسرائيل في تحقيق أي نجاحات ردًا على ما فعلته المقاومة الإسلامية في 7 أكتوبر ضد جيش الاحتلال وأسر عدد من الجنود والمستوطنين.

ففي اليوم الـ 29 على التوالي من بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، ارتفع عدد قتلى القصف الإسرائيلي على القطاع إلى 9500 بينهم 3900 طفل و2509 نساء.

اللواء رضا فرحات
اللواء رضا فرحات

وهن نظرية الأمن الإسرائيلي والقبة الحديدية

وفي هذا الصدد، قال اللواء رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، إن العملية التي قامت بها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وكتائب عز الدين القسام في 7 أكتوبر أثبتت وهن نظرية الأمن الإسرائيلي، ونظرية القُبة الحديدية وكل ما يقال عن جيش كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يقهر، مشيرة إلى أن هذه العملية من الناحية الأمنية والعسكرية مباغته لجيش الاحتلال الإسرائيلي وناجحه بالقدر الأول.

وأضاف "فرحات" في تصريح خاص لـ "الفجر"، أن عملية طوفان الأقصى أحدثت هزة شديدة في إسرائيل، وهذا سبب رد الفعل العنيف الذي نشاهد من ارتكابها للمجازر الغير إنسانية في حق المواطنين الأبرياء بقطاع غزة، لافتًا إلى أنها تعتبر هزيمة عسكرية تؤثر على الجبهة الداخلية في إسرائيل، ونظرية الاستيطان واستقطاب المستوطنين من الدول القادمين منها، مؤكدًا أن كل ذلك يضعف خطط كيان الاحتلال الإسرائيلي.

فشل تحقيق نجاح عسكري تجاه المقاومة


وأشار أستاذ العلوم السياسية، إلى أن رد الفعل الانتقامي الوحشي ليس له تبرير سوى أنها إسرائيل فشلت في أن تحقق نجاحًا عسكريًا تجاه حركة المقاومة، لافتًا إلى أنها تغطي على فشلها في تحقيق أي تقدم على الأرض داخل قطاع غزة بقصف واستهداف المدنيين في محاولة منها لإضعاف الجبهة الفلسطينية، ومحاولة الضغط على حماس من خلال الحصار والتجويع وقطع مرافق المياه والكهرباء والوقود من أجل الضغط على حماس، وذلك لأن إسرائيل والجيش الإسرائيلي تحديدًا ليس له لديه القدرة على القتال في المدن أو ما نطلق عليه عسكريًا "المسافة صفر"، فهم أضعف من خوض هذه المعركة.

 

الدكتورة نادية حلمي
الدكتورة نادية حلمي

مفاجأة غير متوقعة لإسرائيل


فيما قالت الدكتورة نادية حلمي، أستاذ العلوم السياسية، إن اندلاع عملية طوفان الأقصى، بين إسرائيل وحركة حماس التى تسيطر على قطاع غزة والتى ردت عليها إسرائيل بعملية "السيوف الحديدية"، أربكت حسابات جيش الإحتلال الإسرائيلى، بسبب قيام حركة حماس وكتائب القسام والجهاد الإسلامى بإطلاق صواريخ وتنفيذ عمليات توغل وأسر داخل أراضي إسرائيل ذاتها، وهو ما يعد مفاجأة غير متوقعة بالمرة للإسرائيليين.

 

وأضافت في تصريح خاص لـ "الفجر"، أن ما حدث كان هجوم مباغت وواسع ومنسق لحركة حماس، ويدل على مستوى التنظيم الإستخباراتى داخل حركة حماس، قائلة: ومن المرجح أنها تلقت دعمًا لوجيستيًا أيضًا من حركة الجهاد الإسلامي وحزب الله وإيران، وهو ما يوضح بشكل كبير ما يحدث الآن، مع تأكيد "كتائب عز الدين القسام"، والتى تعد الجناح المسلح للحركة الإسلامية التى تسيطر على غزة منذ عام 2007 عن إطلاق أكثر من خمس آلاف صاروخ، متزامنًا مع توغل وإقتحام مقاتلوها البلدات والمستوطنات الإسرائيلية القريبة من قطاع غزة، وبالأخص مستوطنة "غلاف غزة" الإسرائيلية.

وأشارت إلى أن المجازر الدائرة فى الوقت الحالى فى قطاع غزة تأتي بعد توعد رئيس الوزراء الإسرائيلى "نتنياهو" لحركة حماس بدفع ثمن باهظ غير مسبوق، وتأكيد جيش الاحتلال الإسرائيلى، بأنهم باتوا جميعًا فى حالة حرب، مع إستدعاء جنود الإحتياط الإسرائيليين، والذين يقدر عددهم بأكثر من 360 ألف جندى إحتياط تم إستدعاؤهم للحرب ضد قطاع غزة ومقاتلوا حركة حماس والجهاد الإسلامى وفصائل المقاومة الفلسطينية، وبذلك توقفت حركة الحياة والأعمال بشكل تام داخل تل أبيب مع إستدعاء العاملين فى قطاعات ومؤسسات الكيان الصهيونى للحرب، مع إنهيار قيمة الشيكل أو العملة الإسرائيلية بشكل تام، وتوقف كافة مناحي الحياة عندهم بسبب الحرب، وإيواء عدد كبير من مواطنيهم فى فنادق يشرف عليها جيش الإحتلال الإسرائيلى.

 

فشل تاريخي يقارن بحرب 73

وأشارت الخبيرة في الشئون السياسية والآسيوية، إلى أن عملية "طوفان الأقصى" تُعد بمثابة فشل كبير للإستخبارات الإسرائيلية، والذى يمكن وصفه بالفشل التاريخى، ويمكن مقارنته دون مبالغة مع ما حدث فى حرب أكتوبر 1937، متابعة: وبالنظر لكون إسرائيل فى حالة تأهب دائم، وهى دائمًا على حافة حرب وجودية، ولكن اليوم، نلاحظ قدرًا من عدم الإستعداد، والذى من المرجح أنه يرجع إلى خطأ فى التحليل والتقديرات من الإستخبارات الإسرائيلية، ومن المرجح أيضًا أنه خطأ كبير فى منظومة إستعداد القوات الخاصة الإسرائيلية ذاتها، وهو ما يؤكد إنتصار حركة حماس فى مواجهتهم فيما يعرف بتكتيكات الحرب وإختيار توقيتها.            


وأردفت: ويعتبر هذا الهجوم على إسرائيل غير مسبوق، بسبب حجمه وتنظيمه، فمنذ حرب كيبور أو حرب تشرين، وهى حرب 6 أكتوبر 1973، والتى خاضتها إسرائيل فى مواجهة مصر وسوريا، لم تعرف إسرائيل هجومًا مماثلًا مع غزو حقيقى لأراضيها، ومع دخول قوات كوماندوز من حركة حماس والجهاد الإسلامى وكتائب القسام إلى عمق الأراضي الإسرائيلية مع تخطيط عسكرى أشبه بما تنفذه الجيوش النظامية حرفيًا، وهو ما شكل مفاجأة للإسرائيليين مع إعترافهم بأنهم فى مواجهة تكتيكات جيوش نظامية وليست فصائل مقاومة فلسطينية، كما كان الحال عليه من قبل، وبأنها قوات قتالية ومدربة وتمتلك وسائل تكتيكية حديثية، ونجحت فى الدخول لمعارك فى عدة بلدات ومستوطنات إسرائيلية فى وقت واحد.

 

وتابعت قائلة: رغم أن إسرائيل تعتمد على تكنولوجياتها المتطورة لإستباق التهديدات وتحييدها، إلا أن أحداث اليوم تثبت وجود مشكلة إستباق وفشل محتمل فى تحليل المخاطر، حيث نجد بأن السيناريو الذي توقعته المخابرات الإسرائيلية، كان يتمثل بالأساس فى توقعهم لغزو من الشمال أى من تنفيذ حزب الله، إنطلاقًا من جنوب لبنان، ولكنها اليوم منيت بإنتكاسة كبيرة، بالنظر لخطأ التقديرات الإستراتيجية الإسرائيلية ومعها الأمريكية حول أى هجوم محتمل على تل أبيب، مشيرة إلى أن هذه العملية بالبنسبة لحماس، تأتى فى ظل مرحلة دقيقة فى تاريخ إسرائيل التي تواجه أزمة مؤسساتية وسياسية وأيضًا هوياتية غير مسبوقة مع إستقطاب حاد وإنقسام إجتماعى كبير.

هشاشة واضحة للداخل الإسرائيلي


ولفتت إلى أن هذه الأزمة تهز الداخل الإسرائيلى منذ عدة أشهر مع إندلاع مظاهرات أسبوعية، لذا فحركة حماس لم تخف رغبتها فى إستغلال الهشاشة الواضحة للداخل الإسرائيلى لتنفيذ هجوم مماثل، متمثلًا فى عملية "طوفان الأقصى" كما شاهدها العالم كله الآن، لذا جاء رد جيش الإحتلال الإسرائيلى على ما حدث له، بشن غارات على قطاع غزة وجميع سكانه دون أى تفرقة بين طفل ومقاوم، وهو القطاع المحاصر بالفعل منذ أعوام طويلة.

وأوضحت الدكتورة نادية حلمي، أن عملية "طوفان الأقصى" أتت فى توقيت حساس للغاية بالنسبة للجانبين الإسرائيلى والأمريكى، خاصةً فى ظل المسعى لإبرام إتفاق تطبيع بين الرياض وتل أبيب، كان سيكون في حال إنجازه، لافتة إلى أن الهجوم المباغت الذى شنته حركة حماس ضد إسرائيل إنطلاقًا من قطاع غزة ضربة للزخم الذى إكتسبه المسعى الأمريكي لإبرام إتفاق تطبيع بين الدولة العبرية والسعودية، وأعاد تركيز الأنظار على القضية الفلسطينية، مع تلك المحاولات المضنية من قبل الرئيس الأمريكى "جو بايدن" فى إتجاه الإتفاق بين الرياض والدولة العبرية، لما سيشكله ذلك من مكسب دبلوماسى يعزز حملته للإنتخابات الرئاسية بحلول عام ٢٠٢٤.

سلطت الضوء على القضية الفلسطينية    

واختتمت قائلة: أعمال العنف الأخيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين المعروفة بإسم "طوفان الأقصى"، قد أعادت تسليط الأضواء مرة أخرى على مسائل النزاع المعقدة بين الفلسطينيين وإسرائيل، وجعلت الآن من الصعوبة إخفاء مثل هذه المسائل المعقدة كما فعلت إتفاقات أبراهام المبرمة عام ٢٠٢٠، والتى شملت عمليات التطبيع بين إسرائيل وكلًا من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب، مع تأكيد ولى العهد السعودى الأمير "محمد بن سلمان" فى سبتمبر ٢٠٢٣، أى قبيل عملية "طوفان الأقصى" مباشرةً، بأن الإقتراب أكثر من التطبيع مع إسرائيل جائز، لكنه كرر موقف بلاده، بضرورة أن يشمل أى إتفاق معالجة قضايا الفلسطينيين أولًا قبيل توقيع أى إتفاق مع الجانب الإسرائيلى.