وزيرة التعاون الدولي تثمن الشراكة الاستراتيجية مع الصين في دعم خطط الدولة نحو التنمية المستدام والبحث العلمي والتطوير

الاقتصاد

بوابة الفجر

أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، على أهمية استكشاف الفرص لدفع جهود التنمية المستدامة على مستوى العالم وتحفيز أجندة العمل المناخي باعتبارهما هدفان لا ينفصل أحدهما عن الآخر، كما أنهما يرتبطان ارتباطًا جوهريًا بالمجتمعات والاقتصاديات وحياة المواطنين اليومية، لافتة إلى الآثار السلبية المتتالية التي تسببت فيها الصدمات العالمية منذ جائحة كورونا والحرب الدائرة في أوروبا إلى جانب التغيرات المناخية وانعكاسها علىى ارتفاع تكلفة تحقيق أهداف التنمية المستدامة وزيادة الفجوة التمويلية في الاقتصاديات الناشئة والدول النامية وهو ما يعزز الحاجة إلى تعاون أكثر شمولًا وتكاملًا من كافة الأطراف ذات لصلة.

جاء ذلك خلال كلمتها كمتحدثة رئيسية في منتدى «حشد رأس المال لتعزيز البنية التحتية المستدامة»، الذي ينظمه البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ضمن فعاليات المؤتمر رفيع المستوى للعمل الدولي من أجل التنمية المشتركة المُنعقد بالعاصمة الصينية «بكين»، بهدف مناشية آليات تنفيذ «مبادرة التنمية العالمية» التي طرحها الرئيس الصيني في عام 2021، وتعزيز جهود التنمية العالمية لمواجهة الصدمات التي تواجه الدول المختلفة، عبر التعاون متعدد الأطراف.

وشارك في المنتدى السيد/ ألبرت شينجيرو، وزير الخارجية بدولة بوروندي، والسيدة/ أنجيلا جاسمين مبيلوا، وزيرة الدولة الشئون الإدارية والمحلية بتنزانيا، والسيد/ داني الكسندر، نائب الرئيس للسياسات والاستراتيجيات بالبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، والسيد/ فنجاتو زو، نائب رئيس الوكالة الصينية للتعاون الإنمائي الدولي، والسيد/ بان كي مون، رئيس مؤسسة بان كي مون والأمين العام السابق للأمم المتحدة، والدكتور بين باهادور شيرستها، نائب الرئيس للجنة الوطنية للتخطيط بنيبال، والسيد/ سيدارث كاتيرجي، المنسق المقيم للأمم المتحدة بالصين، والسيدة/ نينا ستويلزكوفيتش، وكيلة الأمين العام بالاتحاد الدولي للصليب الأحمر وجمعيات الهلال الأحمر، والعديد من ممثلي الحكومات والمنظمات الدولية والجانب الصيني.

وأشارت وزيرة التعاون الدولي، إلى انعكاس التحديات العالمية على زيادة الفجوة التمويلية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وفقًا لما ورد في «تقرير تمويل التنمية المستدامة لعام 2022»، الذي أشار إلى ارتفاع تكلفة التمويل للدول النامية والاقتصاديات الناشئة، موضحة أن التمويل المطلوب لتحقيق التنمية والعمل المناخي مستمر في التزايد وهو ما يعزز أهمية الشراكات وإيجاد أسس للتفاهم والعمل المشترك.

وتطرقت إلى أهمية الرسائل التي تضمنتها كلمة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، خلال مشاركته في قمة الميثاق المالي العالمي الجديد بالعاصمة الفرنسية «باريس»، حيث أكد سيادته على الحاجة إلى التعاون الدولي والعمل الجماعي للتصدي للتحديات العالمية، وأن السبيل الوحيد لتحقيق التنمية المستدامة هو الجهد العالمي المشترك وأن الوصول إلى هيكل مالي عالمي جديد يضمن تكافؤ الفرص وعدالة الحصول على لتمويل للدول النامية.

وأضافت وزيرة التعاون الدولي، أن التعاون الإنمائي لعب دورًا حاسمًا في تمويل أجندة التنمية والعمل المناخي في الدول النامية، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 13.6% خلال عام 2022 مقارنة بعام 2021، ورغم ذلك فإن التضخم العالمي والتداعيات الاقتصادية المتتالية زادت من متطلبات تحقيق التنمية وحدت من القدرة على تلبية الاحتياجات المتزايدة؛ وفي هذا السياق فقد أشارت «المشاط»، إلى غياب العدالة في التمويل المناخي على الصعيدين الإقليمي والدولي.

واستكملت وزيرة التعاون الدولي، قائلة "تحصل منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا الغربية وأمريكا الشمالية على 75% من التمويل المناخي، بينما الدول التي تسهم بالنسبة الأقل في الانبعاثات الضارة مثل قارة إفريقيا تتلقى أقل من 5% فقط من التمويل المناخي، وعلى المستوى القطاعي فإن استثمارات التكيف مع التغيرات المناخية تحصل على أقل من 10% من التمويلات المناخية مقابل نسبة أكبر بكثير لجهود التخفيف.

في ذات السياق، شددت وزيرة التعاون الدولي، على أهمية دور القطاع الخاص في لعب دور محوري لتسريع وتيرة تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث يمتلك أصولًا تقدر بنحو 300 تريليون دولار، ومع ذلك فإن مشاركته في أنشطة التنمية ما تزال محدودة ولم تصل للمستوى المطلوب، وعلى سبيل المثال فإن نسبة استثمارات القطاع الخاص في البنية التحتية في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تسجل ما بين 9-13% من إجمالي الاستثمارات في عام 2019.

وتأكيدًا على أنه لا غنى عن دور القطاع الخاص، استعرضت وزيرة التعاون الدولي التقرير الصادر عن مجموعة البنك الدولي، الذي كشف أن إذا اتاحت بنوك التنمية متعددة الأطراف كافة أموالها لتحقيق أجندة التنمية المستدمة فإنها لن توفر سوى 4% من التمويل المطلوب، بينما 1.4% فقط من أصول القطاع الخاص عالميًا كافية لسد فجوة تمويل أهداف التنمية المستدامة، لذا أشارت «المشاط»، إلى أهمية المضي قدمًا نحو تعزيز آليات توفير التمويلات لا سيما من القطاع الخاص لتعزيز أجندة التنمية والعمل المناخي.

ونوهت بأنه من جل ذلك فقد شرعت الحكومة ممثلة في وزارة التعاون الدولي في عملية مشاورات موسعة مع أكثر من 100 من الأطراف ذات الصلة والقطاع الخاص ومراكز الفكر والأبحاث وشركاء التنمية، للوصول إلى أجندة قبلة للتنفيذ وحلًا عمليًا لتعزيز التمويل المناخي من خلال إصدار «دليل شرم الشيخ للتمويل العادل»، وذلك خلال فعاليات يوم التمويل بمؤتمر المناخ COP27، حيث يعزز الدليل فكرة العدالة في تمويل المناخ بهدف تحفيز الاستثمارات المطلوبة في البلدان المطلوبة التي هي في حاجة شديدة إلى هذه التمويلات، كما أنه يقدم لأول مرة تعريفًا للتمويل العادل الذي يراعي المسئولية التاريخية عن تغير المناخ مع ضمان الوصول العادل للتمويل نوعًا وكمًا بما يدعم مسارات التنمية المرنة دون أن يترك أحدًا يتخلف عن ركب التنمية.

وذكرت وزيرة التعاون الدولي، أن مصر قامت بترجمة توصيات دليل شرم الشيخ للتمويل العادل بشكل عملي وواقعي من خلال إطلاق المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء برنامج «نُوَفِّي»، محور الارتباط بين مشروعات المياه والغذاء والطاقة، الهادفة لتحفيز العمل المناخي وجذب الاستثمارات والانتقال من التعهدات المناخية إلى التنفيذ، لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، والمساهمات المحددة وطنيًا NDC.

وأوضحت أنه من خلال برنامج «نُوَفِّي»، تعزز مصر استفادتها من جهود التعاون متعدد الأطراف لحشد التمويلات الإنمائية الميسرة، ومبادلة الديون، والتمويلات المختلطة، المحفزة لاستثمارات القطاع الخاص، بما يحقق التكامل والترابط المنشود بين جهود التنمية والعمل المناخي، عبر 9 مشروعات منتقاة من الاستراتيجية الوطنية للمشروعات المناخية تتنوع بين مجالات التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية، لتعزيز الانتقال للطاقة المتجددة وتعزيز المرونة المناخية في القطاع الزراعي وتحلية مياه البحار وإنشاء نظم الإنذار المبكر، ودعم تكيف الأراضي الزراعية والمجتمعات الريفية مع التغيرات المناخية.

وأكدت أن البرنامج يعد فرصة فريدة للمجتمع الدولي لإظهار الدعم القوي لأجندة العمل المناخي على النحو الذي يتفق مع اتفاق باريس للمناخ، ويقدم نموذجًا عمليًا لملكية الدولة، يمكن تكراره في كافة أنحاء العالم بما يعزز العمل المناخي، مشيرة إلى أنه من خلال هذا المنتدى المُقام في الصين يمكن أن يشكل منصة لتبادل المعرفة والخبرات بين دول الجنوب للاستفادة من التجارب التنموية المختلفة، مؤكدة أن مصر حريصة على تشجيع مثل هذه المبادرات.

واختتمت «المشاط»، كلمتها بالتأكيد على أهمية الارتقاء بالطموح المناخي بما يؤمن حياة كريمة للأجيال القادمة، وتأمين آفاق التمويل المستدامة، مستعرضة أبرز توصيات «دليل شرم الشيخ للتمويل العادل»، والتي من أهمها حشد التمويل عبر تعزيز المشاركة بين الأطراف ذات الصلة لإطلاق العنان للاستثمارات التريليونية من القطاع الخاص والجهات المعنية الأخرى والمنظمات غير الحكومية، مع تبسيط متطلبات بنوك التنمية متعددة الأطراف وصناديق الاستثمار في المناخ، بالإضافة إلى أهمية تعزيز آليات مبادلة الديون المستدامة في البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل لتعزيز ثقة القطاع الخاص في ضخ المزيد من الاستثمارات، ووضع قائمة من المشروعات الجاذبة للاستثمارات بما يتوافق مع أهداف العمل المناخي في اتفاق باريس وكذا الأولويات الوطنية.