في مثل هذا اليوم

من الاحتراف إلى الموت في الغربة.. رحيل سندريلا الشاشة العربية "بروفايل"

تقارير وحوارات

سعاد حسني
سعاد حسني

بدت سعاد محمد كمال حسنى، كما هو اسمها في الأوراق الرسمية، من مواليد حي بولاق في محافظة القاهرة 26 يناير 1943 لأب ذو أصول شامية، ترتيبها العاشر بين 16 أخًا وأختًا أشقاء وغير أشقاء، أشهرهم الفنانة "نجاة الصغيرة"، بدت هذه الموهبة الصغيرة حُلم شباب جيلها، كانت سندريلا، فبمثل خفة حركتها، كانت خفة ضحكاتها الرقيقة، فتاة تأخذك إلى عالمها البللوري بنظرات ساحرة أمام كاميرا السنيما، وحين تنتقل بأفلامها عبر الشاشط الصغيرة، كانت عالمًا واسعًا، كانت موهوبة بحق، فهي نعيمة "القروية البسيطة" التي عشقت حسن وجرحته برمش عينها "كما تغنى بها الراحل مرم فؤاد"، المحبوبة المألوهة في "إشاعة حب" التي كادت يُجَنُّ حبيبها.

 كانت زوزو التي حار فيها الفنان الكبير "حسين فهمي"، يكاد يموت لأجلها الفنان شكري "سرحان" في “الزوجة الثانية" راقصة على أنغام الوله في السفيرة عزيزة، مجنونة "في الزواج على الطريقة الحديثة"، تصدمك بأدائها في "لقاهرة 30" وكأن ليس للقيم مجال في حياة أنثى تضحي بكل غالٍ في سبيل تحقيق المراد،  لكنك سرعان ما تغيِّر رأيك حين ترى أن الحياة بالنسبة لها ذات اللون "البامبي"، وليس بالاصطلاح الانجليزي "pink" كما تنطقه بنات هذا الجيل، تكبر وتنضج فتأخذ مسارًا عجيبًا تتنوع وتتلون تلونًا تعشق فيه الموهبة، تغني فتبدع، ترقص فتشعر أنك أمام حركات استعراضية لا مثيل لها، تليق بأدوار النضج لا تألو سوى التميز، فتبرع في أداء دور "شفيقة" الأخت الهاربة من متولي، والناضجة الثورية التي لاقت الاضطهاد في "الكرنك"، ذات شخصيات متنوعة في حكايات "هو وهي" ذلك العمل الدرامي الذي كتبته الصحفية الكبيرة سناء البيسي عام 1985، ربما مسيرة فنية لا تختلف كثيرًا عن حياتها التي ظلت متقدة فنيًا تميز بالشباب والطاقة والعنفوان، لا تنطفئ، وكأن جذوة من المشاعر اختلطت بقلب هذه الأنثى، التي تقف أمام عمالقة الشاشة العربية تدير بذكاء حوارًا سلسًا، ليس فيهه لرتابة مجال، فأنتجت لنا كل ما هو جديد في حدود عصرها، حتى عام 1991 في فيلم الراعي والنساء، والتي كانت حياة حافلة بالفن والسعادة التي كانت تبثها في نفوس معجبيها وجمهورها أمام الكاميرا، والتي آثرت بعدها الرحيل إلى لندن، لتعيش هناك آخر سنوات حياتها تخفي ألمًا ما حام حول سيرتها الذاتية عقب رحيلها، وإشاعات وشكوك، ظلَّت وراء هذه الجميلة، في وجه آخر لا يخبو فيه سوى الريبة في كثير من التفاصيل المخفية، التي تتجلى في غموض وراء غموض، تتناقله الألسنة ولا تعرف له أسنان القلم من سبيل. وفي الختام رحلت سعاد، من شرفة منزلها في 21 يونيو 2001، لتعلن سقوط الجسد الذي حيَّر بسيرته أعين المحققين وكاميرات الصحافة والإعلام، فباتت منتحرة لأسباب غير موحَّدة، تاركة لغزًا يحمل الألم، قاتلة الأمل في نفوس من حاول أن يكشف سبب ذلك الرحيل.. رحيل سندريلا الشاشة العربية "سعاد حسني".