أستاذ آثار وعمارة إسلامية يكشف عن سر الأفروسنتريك وعلاقتها بالصهيونية العالمية

أخبار مصر

الدكتور محمد حمزة
الدكتور محمد حمزة الحداد

قال الدكتور محمد حمزة الحداد، أستاذ الآثار والعمارة الإسلامية بجامعة القاهرة، إن فيلم كليوباترا ليس نهاية وإنما هو بداية جديدة؛ حيث أعلنت منصة نتفليكس الشهيرة أنها أعدت وثائقيًا عن كليوباترا السابعة وبطلته ممثلة سوداء؛ ومنتجة الفنانة هي الأمريكية جادا بينكيث سميث زوجة ويل سميث المعروف.

وكشف الحداد عن ارتباط الفيلم بحركة الأفروسنترك أو المركزية الأفريقية في أمريكا لا سيما وأن المنتجة هي إحدى داعمات الحركة، وقال إن الفيلم لن يكون نهاية وإنما هو بداية جديدة لسلسلة من الخُطط وفق استراتيحية النفس الطويل التي يتبعها الغرب عامة واليهود والماسون والحركة الصهيونية خاصة بكافة أوجهها وأذرعها.

وبالنسبة للهوية الإفريقية فقد مرت بمراحل كثيرة غير أن ما يهمنا منها في هذا المقام مرحلة الأفروسنترك التي نشأت في أمريكا عام 1928م؛ وقبل أن نتحدث عن هذه الحركة لا بد من الإشارة إلى الحركة المركزية الأوروبية التي تزعم أن أوروبا هي أصل وأساس الحضارة الإنسانية بسبب تفوق الجنس الآري الأبيض على الجنس الأسود وأيضًا على الجنس الأصفر من جهة وإلى السامية والحركة الصهيونية التي تزعم بأن اليهود هم بناة الحضارة الإنسانية من جهة ثانية. 

ونقد العقلية الأوروبية التي ترى إن أوروبا هي أصل الحضارة الإنسانية من أجل الميل نحو اليهودية والسامية ومجاراة الحركة الصهيونية في أن اليهود هم بناة الحضارة الإنسانية كان المخرج البديل هو البحث عن الجذور الأفروآسيوية للحضارة الكلاسيكية في اليونان والتي تمثل أصل الحضارة الأوروبية. 

وقد ثبت بالأدلة التاريخية والأثرية وفقًا لقواعد المنهج العلمي السليم أن جذور الحضارة الكلاسيكية في مصر والشرق الأدنى القديم؛ وبالتالي تم تعرية نظرية المركزية الأوروبية وتم فضح انحياذها وتعصبها للجنس الآري؛ ومن الدراسات الحديثة التي تم الترويج لها على نطاق هائل دراسة مارتن برنال بعنوان أثينا السوداء؛ الجذور الافرو آسيوية للحضارة الكلاسيكية؛ والذي صدر المجلد الأول منها بلندن عام1987م المجلد الثاني 1991م (والمحلدين تمت ترجمتهما إلى العربية) وقد حظي هذا الكتاب بصدي كبير مابين مؤيد ومعارض ومابين معجب شديد الإعجاب وكاره شديد الكره حتى وصل الأمر إلى وصف كتاب مارتن برنال بأنه ليس كتابا علميا بل هو دروشة سطحية فارغة وان برنال نفسه مجرد درويش غير متخصص وهاو لايفهم شيئا؛ وإعترض البعض الاخر على العنوان ومنهم المرحوم د حسن حنفي فذكر إنه يجب أن يكون أثينا المصرية بدلا من أثينا السوداء. 

قامت اليهودية ماري ليفكوفيتس بنشر كتابها في أمريكا عام 1997م بعنوانNot Out OF AFrica أي ليس انطلاقا من إفريقيا؛ لأن هذا من شأنه إبعاد اليهود عن موضوع بناة الحضارة وبناء الأهرامات المصرية فقد روجوا لفكرة ان الفينيقيين هم يهود العالم القديم وان الفينيقية هي العبرية وبالتالي كان لليهود دورهم في انتقال اللغة إلى الإغريق أواليونانبيين؛ ويوخذ على برنال أنه في سبيل هدمه للنظرية المركزية الأوروبية وتفوق الجنس الآري يوجه الانظار إلى الدور اليهودي ويجاريهم فيما يزعمون دون دليل علمي؛ فقد اخذ يعلي من شأن السامية ويسموا بها على النموذج الأري المتطرف وعلى النموذج المصري فالسامية هي اصل الحضارة الإنسانية واليهود هم بناتها وبناة الاهرامات. 

وعلى ذلك يمكن القول بأن نشوء الأفروسنترك كان كرد فعل أو خط دفاع هجومي لمواجهة المركزية الأوروبية وانطلاقًا من ذلك فإن كليوباترا كانت أصلا إمرأة أفريقية سوداء زنجية ثم رسمت لها صورة على أنها بيضاء أثناء سيادة فكرة المركزية الأوروبية وتفوق الجنس الأري الأبيض وهذا هو عين ما خلص إليه جون هنريك كلارك في دراسته عن الملكات الأفريقيات المحاربات. 

 

ورغم أن الممثلة الجميلة إليزابيث تايلور قامت عام1963م تمثيل دور كليوباترا؛ إلا أنه في عام 1970م قامت ممثلة سودأء بدور كليوباترا كامرأة سيئة السمعة في فيلم آرثر بي؛ ثم يتكرر ذلك في فيلم نتفليكس مايو 2023م مما يعني إن هذا الفيلم ليس نهاية وإنما يمثل بداية سلسلة أخرى من الأنشطة والفعاليات الثقافية والعلمية وغيرها وفق مخطط استراتيجي مدروس لزلزلة الثوابت وإثارة الشبهات حول الرموز وطمس الهوية المصرية بل والعربية والاسلامية وهذه الأخيرة تم إنكارها تمامًا في دورها الرائد والفعالَ في بعث الحضارة الأوروبية بعد أن غشيها النعاس ونامت في سبات عميق خلال العصور الوسطي فالحضارة العربية الإسلامية في آسيا وإفريقيا بل وفي أوروبا نفسها هي الوحيدة التي وحدت شطري الحضارة الاوروبية اليوناني شرقا واللاتيني غربا ومع ذلك لم يشر برنال وغيره إلى ذلك مما يعني أنه كان أمرًا مقصودا لذاته. 

وطالب الحداد القناة الوثائقية بقطاع الإنتاج الوثائقي في شركة المتحدة للخدمات الاعلامية ورئيسها شريف سعيد أن لا تعتمد على الوجوه المكررة وغير المتخصصين بل تعتمد علي الثقات الأكفاء من العلماء الوطنيين المخلصين لتراب هذا الوطن فعلا وليس قولا في التاريخ والآثار والانثروبولحي والاثنوآركيولوجي والجغرافيا التاريخية وغيرها من العلوم المساعدة لإنتاج افلام وثائقية على مستوى عال علميًا وفنيًا. 

على أن تغطي هذه الأفلام كافة مراحل وحقب التاريخ المصري بمختلف روافده وتنوعاته؛ واقترح أنه من الأصوب والأسلم والمفيد تشكيل لجنة علمية وطنية دائمة في القناة من العلماء الأكفاء الثقات من مختلف التخصصات المشار إليها مع المؤلفين وكتاب السيناريو والحوار المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والحرفية والوطنية حتى تخرج مثل هذه الأعمال والأفلام بالصورة الحقيقية المشرقة للتاريخ المصري عبر مراحله وتنوعاته؛ وذلك هو الدور الايجابي والمهمة الوطنية والقومية لهذا النوع من القوي الناعمة التي لا تكذب ولاتتجمل.