"العم فرهود" أشهر حبالي الثغر

"الحبال" مهنة لم تندثر بالإسكندرية.. سكندريون ورثوها عن اليونانيين

تقارير وحوارات

حبال المراكب
حبال المراكب

في شارع الباب الأخضر بمنطقة المنشية قريبا من سوق الجمعة، يجلس على كرسي خشبي صغير رَجْل في الستينات من عمره، ببشرة شديدة السمرة صبغتها حرارة الشمس التي يجلس أسفلها منذ الضحى حتى الغروب، ملامح وجهه مثل اللوحة التي شكلتها تجاعيد الزمن الذي تركه بذقن وشارب زحف   الشيب إليها وبقت معه لتحكي ما مر به من شقاء طوال سنوات عمره بحثا عن الرزق الحلال.

عبد الستار صادق إبراهيم أحمد،  والشهير بلقب “عم فرهود”، يعمل “حبال” وهو اسم يطلق على من يعمل في صناعة السلالم المصنوعة من الحبال والأخشاب والمستخدمة في تسلق العمال لإنهاء بعض تشطيبات  في العقارات الحديثة أو استبدال المواسير في العقارات القديمة أو إعتلاء السفن البحرية.

يحكى عم فرهود، قصته قائلا إنه متزوج ولديه ثلاث أولاد، جميعهم مؤهلات عليا تربوا من عرق ورزق مهنته، حيث أنه بدأ مهنته في صناعة “السلالم الحبال” منذ نعومة أظافره، حيث كان يبلغ وقتها السابعة من عمره، أرسله والده لصديقه “الخواجه الأرمنلي”، الذي يملك ورشة لتصنيع “السلالم الحبال” في شارع الباب الأخضر منذ أكثر من 50 عاما، والذي وجد فيه الفطانة والنباهة وعلمه تلك الحرفة الذي أحبها “فرهود” بشدة وتعلق بها وهو في هذه العمر.

ويقول فرهود: “وأنا في عمر 7 سنوات لم يكن وقتها هدفي اللعب مع الأطفال ولكن كان هدفي هو العمل والجد وإثبات لوالدي أنني على قدر المسؤولية فكان الخواجة الأرمنلي”هو من عملني أصول المهنة التى لم أفكر في تركها حتى يوما هذا وكان يعطيني راتب أسبوعى “جنيها واحدا”، مؤكدا أنه ظل يعمل مع الخواجة حتى أن كان عمره 15 عاما وأصبح يحصل علي راتب أسبوعي “5 جنيهات”.

يشير فرهود، إلى أنه بعد ذلك تركه وأصبح يعمل حرا بالطلب وتهافت عليه البنائون الذين يرغبون في “سلالم حبال” لتسلق عمالهم عليها للعمل في تركيب المواسير أو إنهاء تشطيبات المبانى، أو أصحاب السفن للصعود عليها على متن سفنهم ووصل دخله الأسبوعى وقتها إلى 10 جنيهات، ما يجعله يتقن مهنته أكثر وأكثر حتى أصبح “فورة وبرنجى” بحسب تعبيره ومن وقتها ذاع صيته وأصبح الملك الماهر في مهنته.

اشتهر فرهود في منطقة الباب الأخضر الذي اتخذ منها مكانا لإقامة ورشته الصغيرة، لكون تلك المنطقة مشهورة بمنطقة الصناعات المختلفة بأنه أمهر صانع “سلالم من الحبال”.

ومع مرور السنوات أصبح له محل صغير شهير، لكنه لا يعمل بداخله بل يقوم بالعمل أمام باب محله بشكل دائم لكونه يشعر بأنه يعيش مع ذكريات تلك المنطقة القديمة التي عشقها حد الحياة.

“قليلون من يعملون بتلك المهنة حتى الآن، بسبب ضعف الطلبيات وتوافر اللودر الكهربائي الصاعد الذي يستخدمه بعض المقاولين في تركيب المواسير وإنهاء التشطيبات، ولكن لا يمكن أن تندثر تلك المهنة لكونها من الأساسيات التي ما زالت تستخدم بشكل كبير، بحسب عم فرهود.

أما عن مواد التى تصنع منها “السلالم الحبال” يشرح أنه يقوم بتصنيع “السلالم الحبال” من مادة تسمى الفانيلا البيضاء وهي مادة بلاستيكية، والخشب وهو يسمى “خشب الجوافة” وبالفعل يستخرج من شجر الجوافة لقوته الشديدة ثم يستخدم جلد من الأبقار والجاموس وسكين كبير الحجم حاد.

وتابع فرهود، أنه يصنع طلبيات كثيرة، حيث يصل ارتفاع السلم الواحد فيها إلى 30 مترا، موضحا أن كل عدد طوابق له عدة أمتار معين مثلا: 18 مترا يصل حتى 7 طوابق، و21 مترا يصل حتى 8 طوابق، و 30 مترا يصل حتى 11 طابقا.

وعن أسعار “سلم الحبال” يؤكد “فرهود”، أنه يبلغ سعر متر سلم الحبال 200 جنيه بسبب ارتفاع الخامات المستخدمة، حيث كان في العام السابق يبلغ سعر المتر فقط 150 جنيها، لكن كل يوم ترتفع أسعار الخامات ما يزيد من سعره ويضطره لرفع السعر.