والتجار: "السوق زحمة ع الفاضي"

ارتفاع أسعار الملابس يهدد فرحة العيد.. مواطنون بالإسكندرية يلجأون لمحال "الاستوكات" وآخرون يحجمون عن الشراء

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

نظرات ترقب، ونصف ابتسامة، وخطوة صغيرة ولكنها مسرعة، وحماس شديد، عينان بريئتان متسعتان، انتظارا وشوقا وتعجلا، وأفكار كثيرة بريئة، هكذا بدت رهف محمد، 6 سنوات، وهي تزاحم آلاف المواطنين بسوق المنشية، في محافظة الإسكندرية، ممسكة بيد والدتها تدوران على محلات الملابس بالمنشية لشراء ملابس العيد.


ملابس العيد بسوق المنشية


سوق المنشية هي أكبر أسواق الإسكندرية، وأشهرها، إذ تتنوع فيها الأذواق والمعروضات والخامات والأهم من ذلك تتنوع الأسعار، فلازالت السوق الأرخص في المحافظة سعرا، والأعلى جودة، وفي هذه السوق قد تجد كل المستلزمات الأخرى إذا ما تحركت في شوارع "زنقة الستات" الصغيرة.

تقول سارة جميعي، 34 سنة، ربة منزل، ووالدة الطفلة رهف، كل عام نشتري الملابس لطفلتي من المنشية، لإن أسعارها رخيصة، ولكن هذا العام الأسعار مرتفعة جدا، ولا يوجد مفر من شراء الملابس العيد لابنتي، فقد عودتها على تلك العادة السنوية، في العيدين الفطر والأضحى، ولا أريدها أن تفتقد عادة كنت قد عودتها إياها، كما عودتني أمي رحمها الله.

ملابس العيد صيفية هذا العام



وتضيف "سارة"، عيد الفطر هذا العام يأتي في بداية فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة نوعا ما، وهذا ما يجعل الملابس الشتوية ينخفض سعرها، وأنا سأحرص على أن أشتري ملابس شتوية لابنتي لإن الطقس في الإسكندرية لم ترتفع الحرارة فيه بعد، والشتوي أسعاره انخفضت بسبب انتهاء الموسم، ومنه أن أضمن أن ابنتي لن يصيبها نزلة برد بسبب تخفيف الملابس المفاجئ، وأيضا عامل السعر شيء مهم جدا، الأسعار مرتفعة هذا العام بشكل كبير للغاية، وكنت أنتوي شراء طقمين للطفلة، ولكن سأشتري طقم واحد فقط، لإن الإمكانية المادية لن تتيح لي أكثر من ذلك.

أصوات الباعة ترتفع، وسط جلبة المارة، وأصوات أغاني العيد ورمضان معا، مزيج من المشاهد والطقوس التي قد لا تعيشها سوى في حي باكوس الأشهر شعبيا، والذي يعج بأسواق الملابس وجميع المنتجات الأخرى الغذائية وغيرها، والذي يشهد زحاما شديدا، بسبب إقبال المواطنين على شراء ملابس العيد قبل يوم الوقفة.

أسعار ملابس العيد هذا العام


هدى غيث الله، 46 عام، أم لـ3 أولاد، الأصغر فيهم في الصف الرابع الابتدائي، تقول "نزلت باكوس حتى أشتري ملابس العيد للأولاد، أنا أعلم أن الأسعار مرتفعة جدا، ولكن لم أكن أتخيل أن أجد الأسعار بهذا الشكل، كل طفل محتاج ما لايقل عن 750 جنيه، حتى أشتري له طقم واحد، يعني أنا محتاجة 2500 تقريبا حتى أشتري طقم لكل طفل من أطفالي.

 الوضع كارثي



وتضيف غيث الله، توجهت لمحلات الاستوكات والملابس المستعملة المستوردة، لإنها أرخص نوعا ما من الجديد، ومنها محلات تبيع الملابس بالكيلو، لأول مرة أقوم بهذا التصرف، ولكن ما باليد حيلة، قبل ذلك كنت أشتري للأولاد بألف جنيه أكثر من طقم، وكانت الأمور يسيرة نوعا، لكن بهذا الشكل الوضع كارثي.

بينما رائحة دخان الشيشة في إحدى جنبات سوق الملابس المستعملة بحي باكوس، تشق صفوف آلاف المارة، والحزن يعلو وجهه، وجلسته أمام المحل الخاص به، توحي بفراغ بينما المحل مزدحم بالزبائن، إنه الحاج أحمد رفعت، صاحب أحد  محلات الملابس بباكوس، والذي أبدى حزنه الشديد لما انتهت إليه حركة البيع والشراء.

فيقول "رفعت" هذا الزحام وكل هؤلاء المارة "فنكوش" بلغتنا، لا بيع وشراء، كل هؤلاء بمجرد أن يسألو أو يعرفوا سعر قطعة الملابس، يتركوها ولا يشتروا شيئا، والبيع منخفض فلم نبع حتى الآن 20% من البضاعة مقارنة بالأعوام الماضية بما فيها عام كورونا، كانت الأمور ميسرة نوعا ما ولكن ارتفاع الأسعار، أدى لإحجام المواطنين عن الشراء، وبالتالي أنا أتعرض لخسارات فادحة، فلم أعد أستطع رفع السعر أكثر من ذلك، ولم أعد أستطع تحمل نفقات المحل، وفواتير الخدمات، ومرتبات العاملين، وأفكر جديا بغلق النشاط وتأجير المحل فالخسارات تزداد حتى في أيام المواسم التي ننتظرها من العام إلى الآخر.

شعبة الملابس الجاهزة 


من جانبه يقول محمد عبد السلام رئيس شعبة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات، إن ارتفاع أسعار الملابس  بنسبة 40%، بسبب  ارتفاع مستلزمات الإنتاج وأزمة سلاسل التوريد وتداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه، فضلا عن زيادة الأجور وتكاليف الشحن، والتوريد للمحلات يتم بكميات قليلة إلى أن تزداد بعد ذلك ولا أدري متى، مع زيادة أسعار الطاقة والشحن وزيادة الأجور ستضيف الضغط على سعر المنتج النهائي للمستهلك المحلي.

وتوقع عبد السلام أن تتراوح الزيادة فى أسعار الملابس الشتوى بين 30 و40% مقارنة بالعام الماضى، خاصة أن أسعار الخامات تشكل جزءا كبيرا من التكلفة، مضيفا أن مصانع الملابس تقلل من هامش ربحها خلال الفترة الأخيرة لتنشيط المبيعات إلى حد ما، لكن السوق تعانى من ركود شديد، خاصة أن ارتفاع الأسعار يضر المصنع والتاجر على حد سواء.

وأضاف رئيس شعبة الملابس الجاهزة أن  ارتفاع أسعار الملابس ليس من مصلحة المصنع أو التاجر، لأنهم سيواجهون ركودا شديدا، ولكن تلك الزيادات ضرورية نتيجة ارتفاع التكلفة، مشيرا إلى أن هناك مستلزمات إنتاج محلية ولكن المصانع تفضل المستورد بدلا منها، موضحا أن مستلزمات الإنتاج المحلية قريبة من المستوردة من حيث السعر، بعيدة تماما عنها من حيث الجودة.