في ذكرى وفاته.. أهم المحطات الفنية في مسيرة المطرب الكبير أبو بكر سالم

الفجر الفني

بوابة الفجر

 

تصادف اليوم ذكرى وفاة الفنان الكبير أبو بكر سالم بلفقيه هو من مواليد 17 مارس 1939، توفي في 10 ديسمبر 2017، وهو مغني وأديب وملحن يمني حضرمي حاصل على الجنسية السعودية.

 

أجاد ألوان الغناء العربية المختلفة؛ فقد برز في الغناء الحضرمي الذي بدأ يمارسه منذ بداياته الفنية، كما قدم عدد من الأغاني باللون الصنعاني منها: (قال المعنى لمه)، و(مسكين يا ناس)، و(يا ليل هل أشكو)، و(وامغرد)، و(بات ساجي الطرف)، و(أحبة ربى صنعاء)، و(رسولي قوم)، و(مجروح) و(أصيل والله أصيل)، بالإضافة إلى القصائد الفصيحة لأبي القاسم الشابي، وأيضًا الحفلات الغنائية في مهرجانات الأغنية العربية المتعددة.

 

وتغنت أغانيه من قبل فناني الوطن العربي مثل وليد توفيق وراغب علامة، بالإضافة إلى فناني الخليج العربي مثل طلال مداح وعبد الله الرويشد، بالإضافة إلى كتابته وتلحينه أغاني لكبار فناني الوطن العربي، مثل الراحلة وردة الجزائرية. كما لديه «ديوان شاعر» قبل الطرب يحتوي على القصائد التي كتبها طوال مشواره الفني والأدبي منذ دخوله عالم الفن والأدب عام 1956. ويلقب بـ«أبو الغناء الخليجي»

ميلاده ونشأته

 

ولد في 17 مارس 1939 بمدينة تريم التاريخية في حضرموت، وسُمي «أبو بكر» تيمنًا بالعلامة أبو بكر بن شهاب أحد أبرز علماء حضرموت في ذلك الوقت. نشأ في أسرة عريقة وتربى في رعاية جده زين بن حسن وعمه حبشي ووالدته الصالحة بنت السيد عمر بن حسين الكاف وعدد من أعمامه؛ إذ توفي أبوه مصابا بالاستسقاء وابنه أبو بكر لم يكمل عامه الأول ولم تتزوج والدته بعد أبوه وبقي أبو بكر وحيدا دون إخوة في بيت جده الكبير برفقة والدته، فدرس بمدرسة الإخوة في تريم، وهي المجاورة لمنزلهم، وتعلم على يد عدد من أقاربه القرآن الكريم ومبادئ العلوم، وقد أظهر تفوقًا ملحوظًا في علوم اللغة العربية والشعر وظهرت مواهبه الفنية منذ صباه. ثم عمل في مجال التعليم لمدة ثلاث سنوات بعد تخرجه من معهد إعداد المعلمين. 

 

اتجاهه للغناء

 

عمل مدرسًا لمادة اللغة العربية في مدينة تريم، ثم في مدينة عدن، ثم اتجه نحو الغناء والطرب، ومارس إلى جانب ذلك عددًا من الأعمال التجارية. وكان يؤذن ويردد تكبيرات العيدين في بعض مساجد مدينة تريم، واشتهر في صباه كمنشد للأناشيد والموشحات الدينية، وكان يشارك بعض أعمامه في إنشاد بعض الموشحات الدينية في عدد من الحفلات، بالإضافة إلى أنه كان مُولعًا بالأدب والشعر والغناء الذي مارسه بشكل رسمي بعد الإنشاد.

 

أول أغنياته

 

كتب أول أغنية له من كلماته عند بلوغه السابعة عشر من عمره وهي (يا ورد محلى جمالك بين الورود)، ولديه ديوان شعري سماه «ديوان شاعر» قبل الطرب تحتوي القصائد التي غناها والفنانين الآخرين أيضا.

 

غادر أبو بكر تريم مسقط رأسه في مقتبل شبابه وانتقل واستقر في مدينة عدن في منتصف الخمسينات، وكانت عدن آنذاك تشهد نهضة فنية كبيرة، حيث التحق بالوسط الفني كعازف إيقاع لعدد من الفنانين، وهناك تعرف بالكثير من شعرائها وفنانيها وإعلاميين من أمثال الشاعر لطفي جعفر أمان، والفنان أحمد بن أحمد قاسم، ومحمد سعد عبد الله، ومحمد مرشد ناجي، والشاعر والإعلامي فضل النقيب وغيرهم. 

 

وقدم أبو بكر نفسه على الصعيد الفني من خلال الحفلات الموسمية التي كانت تُقام في عدن، وحقق نجاحًا لعرض حفلاته مسجلة ومباشرة في تلفزيون عدن، ثم الإذاعة. وكانت من أوائل أغانيه (يا ورد محلى جمالك) من كلماته وألحانه وسجلها في إذاعة عدن عام 1956، والتي غناها بعد ذلك الفنان السعودي طلال مداح. ثم بدأ بتأليف بعض الأغاني كلمات وألحان، منها أغنية (لما ألاقي الحبيب) التي غناها لإذاعة عدن عام 1376 هـ/ 1956 م، بمصاحبة عازف العود الفنان أنور أحمد قاسم، فلاقت شهرة واسعة، ثم قدمه الفنان محمد مرشد ناجي في حفلة عرس في مدينة عدن، فغنى فيها، وزادت شهرته، مما دفعه إلى تأليف عدد من الأغاني، مثل: (خاف ربك)، و(يا حبيبي يا خفيف الروح)، و(سهران ليلي طويل)، كما لحّن وغنى عددًا من القصائد الفصحى مثل: (اسكني يا جراح) للشاعر التونسي أبي القاسم الشابي، و(ليلة شعّت لنا بالنور)، و(أقبلت تمشي رويدًا)، ولم يلبث أن تعلم العزف بعد ذلك على آلة العود، وقد التقى في هذه المرحلة بكل من الشاعرين لطفي جعفر أمان وحسين أبو بكر المحضار، فغنى للأول (وصفوا لي الحب)، و(كانت لنا أيام)، و(أعيش لك)، وغنى للثاني (ليلة في الطويل)، و(خذ من الهاشمي)، و(تمنيت للحب)، كما غنى في هذه الفترة عددًا من أغاني الدكتور محمد عبده غانم منها: (قولوا له)، و(قال لي باتوب)، و(من علمك يا كحيل العين).

 

خرج أبو بكر سالم في أعماله الفنية عن الإطار المحلي إلى الإطار العربي حينما سافر إلى مدينة بيروت عاصمة لبنان عام 1958، وقام بتسجيل عدد من أغانيه الجديدة، وأعاد تسجيل عدد من أغانيه التي سبق تسجيلها لإذاعة عدن وتوزيعها موسيقيًّا. وشارك في عدد من الحفلات في دول الخليج العربي، وأشهر أغانيه التي ظهرت في هذه الفترة (24 ساعة) التي نال عليها الكاسيت الذهبي من إحدى شركات التوزيع الألمانية لتوزيعها أكثر من مليون نسخة من هذه الأغنية، و(الحلاوة كلها من فين)، وعدد من أغاني الشاعرين لطفي أمان وحسين المحضار. واستطاع من بيروت أن يوسع انتشاره إلى جميع أنحاء الوطن العربي. 

 

وظل يتنقل بين بيروت ومدينة عدن مدة، ثم هاجر عام 1387 هـ/ 1967 م إلى مدينة بيروت واستقر فيها، وغنى له في هذه الفترة عدد من المطربين اللبنانيين. ومن أشهر أغانيه في هذه الفترة (كل شي إلا فراقك يا عدن)، و(يا طائرة طيري على بندر عدن). إلا أنه غادر بيروت في العام 1975 بسبب الحرب الأهلية هناك. وانتقل إلى الكويت، فعاش فيها مدة، انتقل بعدها إلى مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، فاستقر فيها، وحصل على الجنسية السعودية، وغنى للسعودية عددًا من الأغاني مثل: (يا مسافر على الطائف)، و(إلا معك في الرياض)، و(برج الرياض)، و(يا بلادي واصلي)، كما غنى لكل من الملكين خالد بن عبد العزيز وفهد بن عبد العزيز.

 

ألوان الغناء التي برع فيها الراحل

 

قدم أبو بكر العديد من الألوان مثل اللون الحضرمي والدان الحضرمي مع شاعر حضرموت الكبير حسين أبو بكر المحضار وشعراء وملحنين آخرين، كما قدم بعض الأغاني ذات الطابع العدني والصنعاني من كلمات لطفي أمان ومحمد عبده غانم وآخرين. إلا أن اللون الحضرمي يعتبر اللون الخاص والمفضل لأبو بكر حيث ساهم أبو بكر فيما عرف بعد ذلك بالأغنية الخليجية حيث أدخل تفاصيل اللون الحضرمي والدان الحضرمي إلى الخليج واستفاد أيضا من التقارب بين اللهجة الخليجية والحضرمية لينتج بعد ذلك الأغنية الخليجية التي تعتمد كثيرًا على اللون الحضرمي وهناك أيضا من ساهم مع أبو بكر في إظهار الأغنية الخليجية مثل: عبد العزيز المفرج، وغريد الشاطئ، وطارق عبد الحكيم، وطلال مداح.