ما هي الأهمية الاقتصادية والسياسية التي تمثلها تايوان إلى الصين؟

عربي ودولي

بوابة الفجر

بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي "نانسي بيلوسي" إلى تايوان، أظهرت الصين تهديدًا عسكريًا غير مسبوق لتايوان كرد فعل على تلك الزيارة، ومع ذلك، يعتقد الخبراء أن بكين تستعرض قوتها العسكرية الضخمة أمام تايوان، وأن هذه التهديدات العسكرية لا تزال حيلًا والانتقام الحقيقي سيحدث بعد أن تصبح الصين أكبر اقتصاد في العالم.

في الوقت نفسه، أعلنت الصين فرض عقوبات على تايوان، في 3 أغسطس أصدرت الإدارة العامة للجمارك الصينية إشعارًا بتعليق استيراد الفواكه الحمضية والماكريل المجمد من تايوان، في وقت سابق، أعلنت أيضًا تعليق أكثر من 100 واردات غذائية منها.

كما أعلنت الصين أيضًا أنها ستعلق تصدير الرمال الطبيعية التي يتم استخدامها في البناء إلى تايوان، في 5 أغسطس فرضت بكين عقوبات على "نانسي بيلوسي"، ومع ذلك، فقد تم استبعاد إحدى الصناعات المهمة وهي صناعة الالكترونيات مثل المكونات البصرية والرقائق الإلكترونية، والتي لا يمكن للاقتصاد الصيني الاستغناء عنها، فما مدى اعتماد الاقتصادين؟

الموقع الجغرافي لتايوان

تقع جزيرة تايوان الرئيسية على الساحل الجنوبي الشرقي للصين علي بعد نحو 100 ميل، عند مكان رئيسي يسمى "سلسلة الجزر الأولى"، تضم "سلسلة الجزر الأولى" سلسلة من الدول والمناطق التي لها علاقات ودية مع الولايات المتحدة، ولها أهمية كبيرة في السياسة الخارجية الأمريكية.

يقول بعض الخبراء إنه إذا تمكنت الصين على الاستيلاء على تايوان، فمن المحتمل أن يكون استعراض القوة العسكرية في غرب المحيط الهادئ أكثر حرية، بما قد يكون تهديدًا مباشرًا للقواعد العسكرية الأمريكية في عدة نقاط بعيدة مثل جوام وهاواي، وبرغم الاستعرض العسكري للصين إلا إنها تزعم بصدق نواياها.

نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في تايوان ثلاثة أضعاف مثيله في الصين

تعتبر مساحة تايوان صغيرة فهي تقدر بنحو نصف مساحة اسكتلندا، ويصل عدد السكان لديها 23 مليون نسمة أي أكثر بقليل من ربع عدد سكان ألمانيا، ولكنها تشتهر بمصانعها.

تشتهر تايوان بصناعة أشباه الموصلات عالية التطور التي تعتبر ضرورية في صناعة السيارات والإلكترونيات، تعتمد تايوان بشكل كبير على الصادرات حيث يأتي نحو 70% من ناتجها الاقتصادي من الصادرات مقارنة بـ 47% في ألمانيا خلال عام 2021.

ومع ذلك، وفقًا لصندوق النقد الدولي، يقدر نصيب الفرد من اجمالي الناتج المحلي في الصين في عام 2021 بنحو 12259 دولار، بينما يبلغ في تايوان ثلاثة أضعاف نصيب الفرد في الصين عند 33775 دولار.

الصين الشريك التجاري الأول لتايوان

تعتبر الصين أهم وأكبر شريك تجاري لتايوان حيث تنتعش بينهما التجارة الالكترونية وعمليات الاستيراد والتصدير يليها الولايات المتحدة، وتبلغ حجم صادرات تايوان إلى الصين أكثر من 42% وحجم الواردات من الصين يبلغ نحو 22%، خلال عام 2020 بلغت حجم التجارة عبر المضيق 165 مليار دولار.

تعتبر تايوان أيضًا مركز مهم للاستثمار في الصين، فالشركات التايوانية استثمرت بنحو 190 مليار دولار في مشاريع صينية عديدة من عام 1991 إلى نهاية مايو 2021، يُعد مصنع Foxconn لصناعة الرقائق أحد الأمثلة البارزة، حيث توجد مصانع في جميع أنحاء الصين تنتج الهواتف الذكية مثل ايفون وسامسونج، بالإضافة إلى وحدات تحكم الألعاب الخاصة بشركة سوني.

تمثل أشباه الموصلات ومنتجات التكنولوجيا أكثر من نصف إجمالي الصادرات التايوانية، توضح هذه الحقيقة مدى أهمية تايوان بالنسبة للاقتصاد العالمي، بما في ذلك الصين.

باختصار، توفر الصين المواد الخام المهمة مثل العناصر النادرة والمواد الإلكترونية المنخفضة الجودة ذات الإنتاج الضخم، في حين تقوم تايوان بتصدير أشباه الموصلات والتقنيات البصرية المتطورة إلى الصين لسد الفجوة التكنولوجية في الصين.

كيف تم تقسيم وحكم تايوان والصين؟

تظهر السجلات التاريخية أنه خلال عهد أسرة تشينغ في القرن السابع عشر، بدأت تايوان تحت الحكم الكامل لحكومة تشينغ، في عام 1895 بعد "الحرب اليابانية الصينية اليابانية" هُزمت حكومة تشينغ، وتم التنازل عن تايوان لليابان وفقًا "لمعاهدة شيمونوسيكي".

بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية في عام 1945، استعادت حكومة جمهورية الصين السيطرة على تايوان، لكن في هذا الوقت، استمرت الحرب الأهلية بين الجيش الوطني وجيش الحزب الشيوعي الصيني، وأخيرًا انتصر الحزب الشيوعي بقيادة "ماو تسي تونغ" في الحرب الأهلية في الصين في عام 1949 وأعلن إنشاء جمهورية الصين الشعبية في بكين، وهربت حكومة الكومينتانغ المهزومة إلى تايوان.

تستشهد الصين بالتاريخ الذي يقول إن تايوان كانت "مقاطعة صينية"، في نفس الوقت تستشهد تايوان أيضًا بالتاريخ بقوله إن تايوان لم تكن جزءًا من جمهورية الصين الشعبية التي أسسها ماو في عام 1949.

بعد هروب حكومة الكومينتانغ إلى تايوان كان هو الحزب السياسي الأهم في تايوان لفترة طويلة وحكم تايوان لفترة طويلة، حاليًا توجد نحو 14 دولة فقط في العالم تعترف بتايوان أنها دولة ذات سيادة، مارست الصين الكثير من الضغوط الدبلوماسية على الدول في جميع أنحاء العالم لمنع الاعتراف باستقلال تايوان أو أنها ذات سيادة، يقول وزير الدفاع التايواني الحالي إن العلاقة بين الصين وتايوان حاليًا في أسوأ حالاتها منذ 40 عامًا.

ما هو الوضع الراهن بين الصين وتايوان؟

بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي "نانسي بيلوسي" لتايوان ازداد اهتمام وسائل الإعلام الدولية بشأن قضية تايوان بشكل سريع.

لقد مر ما يقرب من نصف قرن منذ أن قررت واشنطن التخلي عن تايبيه والاعتراف ببكين في سبعينيات القرن الماضي في ذروة الحرب الباردة، في غضون ذلك، مرت العلاقات الصينية الأمريكية بعدة تقلبات، مع احتكاكات مستمرة من فترة لأخري، وظلت تايوان واحدة من أهم القضايا الجوهرية وأكثرها حساسية، منذ قطع العلاقات الدبلوماسية مع تايبيه وإقامة العلاقات الدبلوماسية مع بكين، كان أعلى شخصية سياسية من الولايات المتحدة تزور تايوان هو رئيس مجلس النواب في أبريل 1997.

وردًا على زيارة بيلوسي لتايوان قال الرئيس الصيني "شي جين بينغ" إن "توحيد" الصين وتايوان أمر "لا بد منه" و"حتمي"، ولم يستبعد إمكانية إعادة التوحيد بالقوة، تري الحكومة الصينية تايوان منطقة إدارية على مستوى المقاطعات وتحت سيادتها والتي ستعود في النهاية لتصبح جزءًا من الصين، ومع ذلك، تعتبر تايوان نفسها نظامًا مستقلًا له دستوره وقادته المنتخبون.

قال البيت الأبيض إن الصين مستعدة لإظهار قوتها العسكرية بعد إنهاء زيادة بيلوسي، وقال مدير وكالة المخابرات المركزية أن هجوم الصين على تايوان سيكون أكثر وأكثر خطورة في العقد المقبل.

هل الهجوم العسكري لتايوان وشيك؟

يري بعض الخبراء أنه بمجرد أن تحقق الصين هدفها بأن تصبح الأولي اقتصاديًا، فإن تايوان ستكون في مأزق، قد يتخذ الرئيس الصيني "شي جين بينغ" أخيرًا إجراءات لتوحيد جانبي المضيق، وقد صرحت الصين مرارًا وتكرارًا أنها تهدف إلى تحقيق إعادة التوحيد عبر المضيق بحلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية التي ستكون في عام 2049، وبالقوة إذا استلزم الأمر لذلك.

ولكن يعتقد أحد الخبراء الأمنين المطلعين أن توحيد جانبي المضيق سيحدث في وقت أقرب من ذلك، حيث أوضح أنه في حال استطاعة الصين بانتاج أشباه موصلات بدقة عالية وسرعة مثل تايوان، وهو ما قد لا يتم حتى عام 2028، فمن الممكن مهاجمة تايوان، لكن بعض العلماء في الصين يؤيدون أن الغزو الروسي لأوكرانيا من قبل الدول الغربية يتراجع الآن.

في نظر الحكومة الصينية، لا تملك الولايات المتحدة القوة للقتال على جبهتين في نفس الوقت، وبرغم ذلك فمن غير المرجح أن تغزو الصين تايوان في الوقت الحالي فهي غير مستعدة.