دار الإفتاء تحسم الجدل بشأن الترحم على رؤوس الكفر أمثال فرعون وأبولهب

أخبار مصر

دار الإفتاء
دار الإفتاء

حسمت دار الإفتاء، اليوم الأربعاء، الجدل حول مسألة الترحم على الكافر، وما يتصل بها من رؤوس الكفر كأمثال فرعون وأبو لهب وغيرهما.

 

وأجاز مسؤول ديني بدار الإفتاء، الترحم على الكافر بقوله: "لا بأس أن يدعو الله بهذا"، مؤكدا أن "الأمر لا ينطبق على فرعون وأبو لهب".

 

وكان المجاز السعودي أحمد الغامدي، أثار جدلا، الثلاثاء، عبر صحفته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" عندما قال إنه "لا يوجد أدلة تمنع الترحم على الكافر" إذ تطرق المغردون للسؤال حول أسماء بعينها في مقدمتها فرعون وأبو لهب، وهو ما أجازه  في البداية قبل أن يوضح: "يترك الترحم على رؤوس الكفر والضلال ومن لهم أعمال سيئة ولو كانوا مسلمين زجرا عن أفعالهم المذمومة".

 

وقال الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء: "القرآن علمنا أن رحمة الله سبحانه وتعالى واسعة، وقال الله تعالى (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)، ودائما ما نبدأ استفتاح قراءتنا في القرآن ببسم الله الرحمن الرحيم، وهنا اختار الله عز وجل البدء بالرحمن الرحيم وكان في مقدوره تعالى أن يختار القهار أو المنتقم لكنه شاء أن يُغلب على المؤمن خلق الرحمة".

 

وأضاف المسؤول الديني: "خلق المؤمن هو رحمة ومحبة وتسامح للناس أجمعين ولا بأس أن يدعو الله بهذا.. وهذا لا يختلف أو يتعارض مع المطالبة بالحقوق وإقامة العدل".

 

 

ونوه "عمران" بأن "الله عز وجل أرسل نبيه رحمة للعالمين ووصفه بقوله (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، لافتا في الوقت نفسه إلى أن "باب الدعاء والرجاء من الحق سبحانه وتعالي وهو سبحانه الرحمن الرحيم العدل باب واسع".

 

وحول جواز الترحم على فرعون وأبو لهب، شدد أمين الفتوى بالإفتاء على أن "القرآن الكريم علمنا أنه لا يجوز الاستغفار لمن تبين أنه من أصحاب الجحيم"، موضحا أن "التبين معناه أن يكون ذلك بنص قاطع من القرآن أو السنة".

 

واستدل المسؤول بقول الله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ).

 

وتابع: "ومن ثم فإنه لا يسعنا أن نستغفر لمن نص القرآن صراحة على كونهم من أصحاب الجحيم مثل فرعون وأبو لهب وإبليس وغيرهم من الأشخاص الذين نص القرآن على أنهم من أصحاب الجحيم.. فلا يجوز الاستغفار لهم".

 

وقال العالم الأزهري وأستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أحمد كريمة: "فرعون وأبو لهب ومن مثلهم، وضعهم مختلف، بلا شك لا يجوز الترحم على من أقر القرآن بعناده لله وادعاء الألوهية، ففي فرعون قال الله تعالى (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً)، وقال سبحانه وتعالى أيضا (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ).

 

واستكمل حديثه: "أما أبو لهب وزوجته، فقد نزلت فيه سورة المسد، إذ بين الله أنهما ذاهبان للنار وبالتالي لا نساوي بين من أقر الله بكفره، وبين غيرهم، وفي النهاية من يحقق الرحمة أو لا، هو الله سبحانه وتعالى".

 

وعن حادث حاتم الطائي، أوضح "كريمة": "بعض المشككين سيقولون إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لابنة حاتم الطائي: (لو كان أبوك مسلمًا لترحمنا عليه، خلوا عنها ‏فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق)، نرد عليهم بأن هذه الواقعة مخصوصة".

 

 

وأضاف العالم الأزهري: "في العموم لا بأس من الترحم على جميع البشر، نريد من المسلمين أن يكونوا حكماء ومسايرين للعصر دون أن نفرط في ثوابت ديننا، لأن الله تعالى قال (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ)، كما أنه سبحانه وتعالى تكلم عن المسلمين وغير المسلمين بآيات عظيمة كقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، وهذه آية تقطر  رحمة من الله".

 

وخلص أستاذ الفقه المقارن إلى أنه "لا بأس من الترحم على الكافر من باب زمالة الشرائع"، مستدلا بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم من صيام ليوم عاشوراء قائلا: "النبي نفسه صام كما صام يهود يثرب احتفالا بنجاة موسى من فرعون ونجاة بني إسرائيل من عدوهم في رواية أخرى، إذا لا استعلاء ولا يوجد ما يمنع الترحم.