بمختارات شعرية.. إماراة الشارقة تختتم فعاليتها الرمضانية

الفجر الفني

بوابة الفجر

وسط حضور كثيف للشعراء والمثقفين العرب اختتم بيت الشعر بإمارة الشارقة فعالياته الثقافية الرمضانية التي انطلقت بداية من شهر رمضان المبارك برعاية دائرة الثقافة بالشارقة بمشاركة عدد كبير من شعراء ومثقفي الوطن العربي وجاءت الأمسبة الختامية تحت عنوان "نفحات ومسرات "وحلقت فيها قصائد الشعراء كنوارس على فضاء الشارقة، وتنوعت معانيها بين الهم الإنساني والشدو الوجداني، وفي كل تجلّت الشارقة بكل بهائها في فضاءات القصائد، وأحيا الأمسية كل من الشعراء: د. يوسف حطيني من فلسطين  سليمان الإبراهيم من سوريا ومنى حسن من السودان وحضر الأمسية الشاعر الإماراتي محمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر بالشارقة وجمهور كبير من الشعراء والإعلاميين والمهتمين من أهل الثقافة والأدب، وقدم الأمسية الدكتور مهدي الشموط الذي أشاد بالجهود المبذولة والدور الثقافي الريادي للشارقة.

واستهل د. يوسف حطيني قراءاته الشعرية بباقة قصائد متنوعة من بساتين أشعاره، وجلها تشدو للحب وأوجاعه مخاطبًا طيف الحبيب في مقطوعة قال فيها:
يا تُرى أيُّ حنينٍ أوجعَكْ
فتجلّى الصّوتُ حُزْنًا أدمعَكْ؟
جئتني بالأمسِ طيفًا ساحرًا
هامسًا في غِيِّهِ أن أتبعَكْ
تلتها قراءته لقصيدة  العطر التي تستلهم رواية العطر لباتريك زوسكيند، جاء فيها:
لديّ إذًا في دمي وطنٌ من عبيرٍ 
يطلُّ على صهوةِ الرّيحِ 
من غيمةٍ جارحهْ
وما زلتُ أبحثُ في جسدٍ أنهكته العواصفُ
عن حُزْنِ نايٍ يغنّي لرائحةِ الحزنِ 
في دمعتي المالحَهْ
ثم ختم بقصيدة "تقسيمات على وتر الحب"،  يحاول الشاعر من خلالها إيجاد تعريف يحيط بمعنى الحب، على اتساعه في المسافة بين الوطن والحبيبة يقول فيها:
إنّهُ الحبُّ
أن تدعَ الرّيحَ تدفعُ أشرعةَ الخاتمهْ
بينما بحرُكَ العذبُ 
يرسمُ عندَ شواطئهِ أملَ الرّحلةِ القادمهْ


أعقبه الشاعر السوري سليمان الإبراهيم الذي افتتح قراءاته بالتأمل في ما مر من سنوات عمره الثلاثين متخذا عدة عتبات للتأمل أشجار بلا ثمر/الوقت/ البيت/ الحلم/ الغربة/وغيرها، وتجلت حسرة الشاعر الغارقة في خشيته أن لا يكون لخطاه أثرا على ذاكرة الماء. فلطالما اشتكى الشعراء من سرعة مرور العمر وتحسروا على ما فاتهم ويفوتهم فيه، وتوجسوا من عبوره دون أن يقتنصوا منه ما يضيء عتمة الحياة، وهنا يقول الشاعر:
ثلاثون عامًا، قُلْ هو العمر غابةٌ
وجوعُكَ أنْ أشجارُها دونما ثمرْ 
ثلاثون عامًا، قل هو البيت كذبةٌ
وبردُكَ أنْ عمَّرْتَها حجرًا حجرْ 
ثلاثون عامًا، قل هو الحلم نحلةٌ
إذا حبرُها شهدٌ فأقلامها إبَرْ 
ثلاثون عامًا، قل هو الوقت غيمةٌ
غداةَ يموت العشبُ ترثيهِ بالمطرْ 
ثلاثون ماءًا كنتُ قد سِرتُ فوقهُ
وأغرَقَني أنْ كان سَيريْ بلا أثرْ

 


ثم واصل السليمان قراءاته متحدثا عن عازف الجيتار الذي يولد من جيتاره ألحانا تعبر عن تشظيات ذاته المتعبة وصراعها الوجودي وتماسها مع ما حولها، يقول الإبراهيم في افتتاح النص: 
لم ينتبه إذ جاء من جيتارهِ
أن الدماء تسيل من أوتارهِ 
وضع القصيدة فوق جرح الأرض
كان محاولًا تضميده بدمارهِ 
وبنى له بيتًا من الحجر القديم
وعاش فيه، فصار من أحجارهِ

 


ثم أبحر الإبراهيم مغادرا شواطئ الوجع، والصراع الوجودي نحو مرافئ الحب والعشق فيناجي محبوبته في قصيدتين جاءت كل منهما في ثوب شكل شعري مختلف، فكانت الأولى عمودية جاء فيها: 
يدخلُ الصّبحُ من خلالكِ نحوي
هكذا أنتِ، كالسّتارِ الشَّفيفِ 
يطلع الفجر جائعًا فتُعِدِّينَ
لهُ الشّمسَ سُخْنةً كالرَّغيفِ 
تستحمُّ المرآةُ_إذ تَتَمَرْإينَ
عليها_بِ ذَا المحيّا الّلطيفِ 
ذِكْرُ عينيكِ في القصيدة فُلٌّ
ينبتُ الآن في أصيصِ الحروفِ 


واختتمت القراءات الشعرية الشاعرة منى حسن التي افتتحت قراءتها بقصيدة موشاة بالصدق ومختومة بالحكمة والتأمل حيت فيها دولة الإمارات والشارقة مستلهمة الدور الثقافي الريادي لبيوت الشعر ومشيدة بجهود حاكم الشارقة في خدمة الشعر واللغة العربية، حيث ناجت روحها قائلة:
على الإماراتِ كوني سيلَ أدعيةٍ
وحجِّبيها ب "بسم اللهِ والفلقِ" 
وصافحي في ندى الأزمانِ شارقةً
أسماؤها حللٌ للمجدِ والألقِ 
مذ شاءها اللهُ كان العلمُ حارسها 
وهمّ قادتِها في كلِّ مفترقِ 
سُلطانها شادُ بيتِ الشعرِ حينَ رأى
تغرُّبَ الشعرِ في ترحالهِ النزقِ 
تناسل البيتُ أهدى كل عاصمةٍ
للشعرِ نجمًا غدا يختالُ في الأفقِ 

 


ثم واصلت الشاعرة قراءاتها مفتتحة بمقطوعة وجدانية ينساب فيها النيل ظمئا للمعتق في دنان العمر بعنوان "أخشى عليك"، تقول فيها:
يا جمرةً في الحنايا تشتهي حطَبِي
أهواكَ ليلًا من الحرمانِ يفتِكُ بِي 
أهواكَ أخيلةً تختالُ في لغتي
وتستريحُ على الأشعارِ من تعبي 
أهواك نيلًا جرى في مهجتي ظمِئًا
لما تعتَّقَ في روحي على الحقبِ 


ثم واصلت الشاعرة منى حسن قراءاتها محلقة بالحضور فوق الغمام، في عالم شعري متخيل بعيد عن صراعات الحياة وقيودها الزمنية والجغرافية بعنوان "هطول"، جاء فيها:
وغدًا نطيرُ مع الغمامْ
مُتَشًفْيِيْنِ من المَواجعِ، والفَواجِعِ 
وانكساراتِ الغرامْ
طَيفَانِ من ألقٍ 
على أفُقِ النهاياتِ الجميلةْ
تأوي الشُموسُ إليهما، 
وتكون للمعنى دليلةْ
نيلانِ ملتحمانِ 
في وطنٍ يروِّضُ مستحيلَهْ
ثم غادرت الشاعرة منى عوالم الخيال نحو الواقع الذي تنتصر فيه الذات، وتسعى للتخلص من عذاباتها في قصيدة تستلهم التراث الديني والاجتماعي ولا تخلو من عبرة وحكمة بعنوان "كنا صديقين" اختتمت بها قراءاتها، جاء فيها:
قد افترقنَا وفي أرواحِنا عطشٌ
إلى اللقاءِ.. يشدُّ الطينَ للطينِ 
ثم التقينا تواريخًا مؤجلةً
وقد كبرنا وُعودًا في الدواوينِ 
ومنذ فهَّمَنا معنى الكلامِ قضى
نحيَا مجازًا ونمضي دونَ تدوينِ 
هوامشًا في كتابِ الحبِّ، لا لغةٌ
تؤوي لمعجمها نبض المساكين 
وفي ختام الأمسية كرم الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت الشعراء المشاركين ومقدم الأمسية على أمل متجدد باللقاء تحت ظلال الشعر والإبداع واللغة.