أحياء بأكملها في أوكرانيا تحولت إلي أنقاض والهجمات تستهدف المدنيين

تقرير دولي.. هكذا طبقت روسيا تكتيك الحرب السورية على أوكرانيا

عربي ودولي

بوابة الفجر

أذهل العالم الهجوم الذي قامت به القوات الروسية على مستشفى للولادة في مدينة ماريوبول الساحلية الأوكرانية المحاصرة، ولكنها لم تكن المرة الأولى التي تسقط فيها القنابل الروسية على مستشفيات الولادة.

وبينما تتسبب الضربات الروسية في تحويل المدن الأوكرانية إلى أنقاض ، مما أسفر عن مقتل وجرح الآلاف من المدنيين، لجأ بعد المحللين إلي إجراء مقارنات مع الحرب العالمية الثانية، ولكن كانت هناك سابقة أحدث بكثير.

وقد جاءت هذه التكتيكات، وحتى بعض الجنود الروس، مباشرة من الحرب الأهلية في سوريا - التي انضمت إليها موسكو في عام 2015 لدعم الرئيس بشار الأسد.

ومنذ ذلك الحين، نفذت حملة وحشية ولكنها ناجحة في نهاية المطاف، حيث ساعدت الأسد على استعادة السيطرة على كل البلاد تقريبًا من أيدي المعارضة.

وفي هذه العملية، تم تدمير مدن بأكملها ومقتل ما يقارب 24 ألف مدنيًا بسبب الضربات الروسية، وفقًا لمنظمة مراقبة الأضرار المدنية .

ومن ضاحية الغوطة بدمشق إلي حلب، ضربت القنابل الروسية المستشفيات والمدارس والأسواق وطوابير المدنيين الذين ينتظرون الخبز.

وساعدت طائراتها في فرض الحصار السوري على الأرض، وعندما وعدت روسيا والجيش السوري بفتح طرق آمنة للخروج، قاموا في بعض الأحيان بقصف وإطلاق النار على المدنيين الذين حاولوا الفرار.


هل منعت الروابط الأسرية بوتين من استخدام تكتيك الحرب السورية في أوكرانيا

وتوقع بعض المراقبين أن بوتين لن يستورد التكتيكات السورية إلى أوكرانيا لأن الروابط الأسرية والصداقة الوثيقة تمتد عبر الحدود بين البلدين، في حين كان السوريون ضحايا مجهولين بعيدين بالنسبة لمعظم الشعب الروسي ، فإن سكان ماريوبول يضمون أقارب وزملاء دراسة وزملاء سابقين.

ولكن خلال شهر مارس الماضي، ظلت الأهداف هي نفسها: المستشفيات والمدارس والأسواق وطوابير الخبز والمسارح،ووعدت القوات الروسية بفتح ممرات آمنة ثم هاجمت المدنيين على الطرق.

وفيما يلي قراءة لأبرز النقاط التي جاءت في تقرير منظمة مراقبة الأضرار المدنية بعنوان "اللعب في سوريا"، مع النظر في كيفية استيراد التكتيكات من حرب واحدة إلى أخرى لإحداث تأثير مدمر.


عزل مناطق سيطرة المتمردين

حاصرت القوات السورية والروسية عدة مدن في سوريا لتجويعها حتى الاستسلام، واحتجزت المدنيين كرهائن بينما كانت القوات تتقدم نحو المقاتلين المتمردين.


وربما كان حصار حلب في عام 2016 هو الأكثر شهرة. فقد تم قطع خطوط إمداد المتمردين السوريين في البداية، ثم تم الضغط عليهم شارعا تلو الآخر، على مدى أكثر من ستة أشهر، في حين وقع القصف العشوائي.

وفي هذا السياق قال مزاحم السلوم، المحلل السوري ، إن الجيش السوري وحليفه الروسي استخدموا سياسة " القضم" والتي تعتمد على كثرة النيران المتركزة في مكان واحد حتى تسقط.، مضيفا أنه يمكن التنبؤ أسبوعًا بعد أسبوع بالمناطق التي من المحتمل أن تتعرض للهجوم.


والآن يحدث الشيء نفسه في ماريوبول، حيث تضيق القوات الروسية الخناق على القوات الأوكرانية المحاصرة بين خطوطها الأمامية والبحر. ومع احتدام القتال، يُمنع المدنيون من المغادرة، ويتم استهداف البنية التحتية المدنية، وتصبح الحياة مقامرة يومية.


البنية التحتية المدنية

وفي كل من سوريا وأوكرانيا، جعلت روسيا وحلفاؤها أهدافاً عسكرية من قلب المجتمعات المدنية، وهي الأماكن التي يقصدها الناس العاديون للحصول على الرعاية الطبية والتعليم والغذاء وغير ذلك من الضروريات.

ويعتبر الاستهداف المتعمد للمدنيين في استراجيات الحرب أمر فعال ، فهو ينشر الرعب، ويستنزف إرادة المقاتلين، ويدمر المجتمع الذي يعتمدون عليه للحصول على الدعم العملي والمعنوي.

وخلال معركة حلب التي استمرت ثمانية أشهر، أفادت التقارير أن المدنيين تعرضوا للموت المحقق في 16 هجومًا على الأقل على المستشفيات، مما أدى إلى مقتل ما يصل إلى 143 شخصًا، وفقًا لمنظمة مراقبة الأضرار المدنية.

وفي بقية أنحاء سوريا، تم توثيق العشرات من الغارات على مرافق الرعاية الصحية، بما في ذلك الهجمات المتعددة التي تم ربطها مباشرة بالقوات الروسية.


الاستخدام الواسع النطاق للأسلحة العشوائية

في أوكرانيا، نشرت القوات الروسية أسلحة عشوائية عند استهداف المناطق السكنية في البلدات والقرى، مما أدى إلى تحويل أحياء بأكملها إلى أنقاض.

ووقع الدمار الأكبر في مناطق ماريوبول، حيث امتدت الحرائق إلى أماكن القصف، وتعرضت بلدات أخرى للهجوم بهذه الطريقة، بما في ذلك شرق "فولنوفاخا وشاستيا" اللتين تم استهدافهما في وقت مبكر من الحرب، ويقول السكان إن 90% من "فولنافاخا" قد تم تدميرها.


وبحسب الإحصاءات يعد عدد الضحايا المدنيين نتيجة لهذا النوع من الهجمات مرتفع، حيث قُتل العديد من الأشخاص، ولا يمكن دفن الجثث، ويقضي السكان الناجون أيامًا للاحتماء في الأقبية المتجمدة دون ماء، وتضاءلت إمداداتهم الغذائية.


مرة أخرى، أصبحت أصداء الحرب السورية واضحة، مع تداول مقاطع فيديو للآثار المدمرة والتي تذكرنا بلقطات من حلب.

وفي سوريا، زُعم أن القوات الروسية استخدمت "الصواريخ الفراغية" - وهي مادة متفجرة قاتلة يمكنها امتصاص الأكسجين من الهواء - مئات المرات في الأحياء المكتظة بالسكان.

كما استخدمت روسيا أسلحة أخرى عشوائية بطبيعتها في كلا البلدين، بما في ذلك القنابل العنقودية، التي تتناثر من علبة الإطلاق، وصواريخ غراد ،وهي أسلحة عشوائية وغير موجهة مصممة لساحات القتال المفتوحة.

 

مخاوف من الخطوة التالية

إحدى الخطوات الأخرى المحتملة التي يمكن أن تتخذها روسيا لتكرار الحرب في سوريا هي استخدام الأسلحة الكيميائية، ولم تستخدم روسيا الأسلحة الكيميائية في سوريا، لكن حليف بوتين الأسد استخدمها ضد المدنيين عدة مرات.

وقد نفت سوريا هذه الهجمات أو زعمت أنها كانت عمليات "مفبركة" من قبل المتمردين، ولكن الهيئات المتحالفة مع الأمم المتحدة والتي تشرف على الأسلحة الكيميائية أكدت أن النظام السوري استخدم مواد كيميائية، بما في ذلك غاز الأعصاب السارين.

وحذر زعماء غربيون من أن روسيا ربما تخطط لهجوم مماثل في أوكرانيا، وقد استخدمت الدولة الروسية بالفعل غاز الأعصاب والسم المشع في هجمات على الأراضي البريطانية.

وفي هذا السياق قال الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، إن اتهام موسكو الكاذب لأوكرانيا بامتلاك أسلحة بيولوجية وكيميائية هو "علامة واضحة" على أن "فلاديمير بوتين" يفكر في استخدامها بنفسه، كما أطلق بوتين تهديداً نووياً مستتراً عندما أمر بوضع قوات الردع النووي في حالة تأهب قصوى.