بعد زيارة وفد تركي لإسرائيل.. هل أتت بثمارها على تركيا؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

شهدت إسرائيل وتركيا، التي كانت ذات يوم حليفين إقليميين أقوياء، توترًا في العلاقات بينهما خلال فترة حكم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث كان منتقدًا صريحًا لسياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، على إثر ذلك انزعجت إسرائيل من علاقات أردوغان الدافئة مع حماس- الحركة التي تسيطر على قطاع غزة-. وتزامنًا مع تدهور الحالة الاقتصادية في أنقرة بدت تحسين العلاقات "التركية-الإسرائلية"، في الأشهر الأخيرة، إذ أدلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعدد من التصريحات حول التعاون المحتمل مع إسرائيل.

 

وكشفت صحيفة "حرييت" التركية أن أنقرة أطلقت منذ أكثر من عام محادثات سرية مع عدة دول في المنطقة، من بينها إسرائيل، لإخراج قيادات حماس، المقيمة على أراضيها. وأبلغت أنقرة حماس بأنها لا تريد بقاء العسكريين من الحركة على أراضيها، وأنها "لن توفر مساعدات عسكرية للحركة"، ولكنها ستسمح فقط باستمرار النشاط السياسي لحماس على أراضيها- وحسب ما نقل موقع "i24News" الإسرائيلي-.

ومن جهته نقل "والا" الإسرائيلي، عن مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع مطلع على الاتصالات مع تركيا حول الزيارة المقبلة للرئيس هرتسوغ إلى أنقرة أن إسرائيل منفتحة على التقارب "ونحن نرى على سبيل المثال أن هناك تضاعفًا للنشاط التركي ضد الإرهاب الذي يستهدفنا في أراضيهم".

 

اقتصاد تركيا كلمة السر

ترأس نائب وزير الخارجية التركي سادات أونال، وإبراهيم كالين، كبير مستشاري أردوغان والمتحدث باسمه، وفدا من أنقرة إلى القدس. وكان من المقرر أن يجتمعوا مع المدير العام لوزارة الخارجية ألون أوشبيز، والمدير العام لمقر إقامة الرئيس إيال شفيكي، ومسؤولين كبار آخرين في كلا المكتبين يوم الأربعاء، قبل اجتماع الرئيس إسحاق هرتسوغ المزمع مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشهر المقبل.

وتأتي الزيارة بعد أن سافر أوشبيز إلى تركيا في ديسمبر الفائت؛ لمناقشة زيارة هرتسوغ وتحسين العلاقات بين أنقرة والقدس. وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال رئيس الوزراء نفتالي بينيت إن إسرائيل تتعامل بحذر فيما يتعلق بمبادرات أردوغان.

وبدأ أردوغان، في التعبير عن انفتاحه على تحسين العلاقات مع إسرائيل العام المنصرم،. قد يكون تغيير تركيا في السياسة مرتبطًا باقتصادها المتدهور والعزلة الدبلوماسية المتزايدة، التي سعت إلى حلها، بما في ذلك من خلال التقارب مع الإمارات العربية المتحدة. في الوقت نفسه، بالإضافة إلى استضافة إرهابيين من حماس، اتهم أردوغان إسرائيل بقتل الأطفال الفلسطينيين عمدا، وبثت وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة مسلسل تلفزيوني معاد للسامية.

وفي الشهر المنصرم، انتقدت وزارة الخارجية التركية إسرائيل لطردها الفلسطينيين الذين بنوا منازلهم وأعمالهم التجارية بشكل غير قانوني على الأراضي العامة، ونظمت وزارة الشؤون الدينية التركية "ندوة تهدف إلى زيادة الوعي بالنزاع في القدس والمسجد الأقصى".

 

التوتر بين إسرائيل وتركيا

وبدأت التوترات بين إسرائيل وتركيا في عام 2008، عندما التقى رئيس الوزراء إيهود أولمرت بأردوغان وأطلق عملية الرصاص المصبوب في قطاع غزة بعد أيام. وبلغت ذروتها في عام 2010 عندما أرسلت هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان (IHH) المرتبطة بأردوغان سفينة مافي مرمرة لكسر الحصار البحري للجيش الإسرائيلي على غزة، وتسليح بعض الأشخاص الموجودين على متنها. أوقفت قوات الكوماندوز البحرية التابعة للجيش الإسرائيلي السفينة، وواجهتها عناصر من منظمة IHHوقتلت تسعة منهم.

في أعقاب ذلك، حافظت إسرائيل وتركيا على العلاقات الدبلوماسية، حتى أعادت تعيين السفراء في عام 2016. لكن بعد ذلك بعامين، طردت أنقرة السفير الإسرائيلي بسبب رد الجيش الإسرائيلي على أعمال الشغب على حدود غزة.

"منعطف" لأردوغان 

وقالت جاليا ليندنشتراوس، المتخصصة في شؤون تركيا في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن استضافة هرتسوغ كانت بمثابة "منعطف" لأردوغان حيث لم يكن هناك "تغيير كبير في السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين". وربطت هي ومحللون آخرون العلاقات الدافئة جزئيا بإطاحة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو من منصبه في يونيو، حتى أصبحت العلاقات بين نتنياهو وأردوغان مريرة خلال فترتيهما الطويلة.

 

وبينت "أعتقد بالتأكيد أن تشكيل حكومة جديدة بعد فترة طويلة من تولي نتنياهو السلطة يعتبر فرصة جديدة"، مضيفة أن هرتسوغ، الرئيس السابق لحزب العمل الإسرائيلي اليساري الوسطي، يُنظر إليه على أنه أكثر اعتدالًا فيما يتعلق بالقضايا الفلسطينية، وبالتالي فهو "شخص أسهل في التعامل معه" بالنسبة لأردوغان-حسب  وكالة فرانس برس الأسبوع الفائت-.

وأوضحت ليندنشتراوس، أن إسرائيل ستسعى على الأرجح إلى إنهاء "التخطيط اللوجستي والعسكري لحماس على الأراضي التركية" كجزء من أي علاقة دبلوماسية معززة مع أنقرة، مشيرة إلى أن أي تعاون ضد خصم إيران اللدود من تركيا سيكون نعمة لإسرائيل، لكنه أعرب عن "شك في أن هذا سيحدث"، بالنظر إلى العلاقات الوثيقة والمعقدة بين أنقرة وطهران.