الطفل ريان يذكرنا بقصة يوسف عليه السلام

خبير آثار: الطفل ريان يذكرنا بقصة يوسف عليه السلام.. فأين هو؟

أخبار مصر

الطفل ريان
الطفل ريان

أصبح الطفل ريان خمس سنوات، المنحدر من منطقة تمروت في إقليم شفشاون شمالي المغرب حديث العالم حيث سقط فى حفرة ظهر الثلاثاء الماضي لا يتجاوز قطر فوهتها 45 سم وبحلول يوم الجمعة أصبح حبيس حفرة ضيقة على عمق 32 م تحت الأرض لمدة ثلاثة أيام.  

وفى ضوء هذا يعود بنا خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار إلى قصة إلقاء يوسف الصديق فى البئر بواسطة إخوته والتى بدأت بقولهم لأبيهم نبى الله يعقوب {مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا على يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ} سورة يوسف آية 11 مما يدل على وجود محاولات سابقة منهم في ذلك ولم يوافقهم الأب، وكانوا يخرجون للرعي والعمل؛ لذلك كان يجب أن يأتوا بسبب لأبيهم ليأذن لهم بخروج يوسف معهم، ويوسف في أوان الطفولة؛ واللعب بالنسبة له أمر مُحبَّب ومسموح به؛ لأنه ما زال تحت سن التكليف واللعب هو الشغل المباح لقصد انشراح النفس وحَكى عن مبارك بن فضالة عن الحسن قال: ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة وهذا غير مؤكد بالطبع لأن سن الخروج للعب كطفل من 5 إلى 12 ويرى الدكتور ريحان أنه ربما كان فى سن الطفل ريان خمس سنوات أو يزيد 

وتابع ريحان أن أخوة يوسف طمأنوا أبيهم كي يأذن في خروج يوسف معهم ولهذا استنكروا أن يأكله الذئب وهم مُحِيطون به كعُصْبة، وأعلنوا أنه إنْ حدث ذلك فهم سيخسرون كرامتهم أمام أنفسهم وأمام قومهم، وهم لا يقبلون على أنفسهم هذا الهوان.

وقول الحق {وأجمعوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غيابت الجب} سورة يوسف آية 15 يدلنا على أن تلك المسألة أخذتْ منهم مناقشة، فيها أَخْذٌ ورَدٌّ، إلى أن استقروا عليها.

والجب هى البئر المطوية أى المبنية وعند أهل البادية مسميات عديدة فهناك "العدّ" مفرد عدود وهو نبع حى فى حفرة ولا يجرى ماؤه فوق الأرض والبئر ما يفرغ ماؤه فى الصيف إذا انقطع المطر فى الشتاء وقد يستعمل هذا اللفظ للعدّ، والثملية وهى حفرة يظهر فيها الماء بعد المطر وتنشف فى الصيف إلاّ إذا غزر المطر فى الشتاء، والعين وهى نبع ماء يجرى ماؤه فوق الأرض صيفًا وشتاءً، والمكراع وهى بركة طبيعية بين صخور الجبال تتجمع فيها مياه الأمطار

وغيابة الجب تعني ما غاب وأظلم من البئر والجب بضمّ الجيم، البئر المطوية مثل بئر موسى بالوادى المقدس داخل دير سانت كاترين

ونوه الدكتور ريحان إلى تعدد الآراء فى موقع هذا البئر فالبعض يرى بوجودها فى القدس والبعض ذكر ف طبريَّا، وآخرون قالوا بوجودها بالأردن وبعض الرِّوايات تقول بأنها تقع بين أرض مدين وأرض مصر، في حين يرجِّح البعض أنها البئر بقرية صفد في فلسطين والتي تشتهر باسم بئر يوسف وقيل في فلسطين في نابلس.

وظلَّ يوسف -عليه السَّلام فى البئر ثلاثة أيام وكان إخوته يتردَّدون على البئر بين الحين والآخر، وكان هناك قافلة قادمة من أرض مدين متَّجهة إلى مصر، فأرسلوا أحدهم ليجلب لهم الماء من البئر، وما أن رمى دلوه بالبئر تعلَّق فيه يوسف -عليه السّلام- وخرج، ففرح الرَّجل وصاح مستبشرًا برؤية الغلام وهو الصبيُّ حين يولد إلى أن يَشبّ أو حين يقارب سنَّ البلوغ، وغُلامٌ تطلق أيضًا على المُرَاهق مُقَارِب للحُلُم، }وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَىٰ هَٰذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً{ سورة يوسف آية 19

 فأسرع إخوته الذين كانوا يراقبونه ونسبوه لأنفسهم وأرادوا بيعه للرَّجل بثمنٍ قليلٍ فاشتراه منهم ثمَّ قام بإخفائه عمَّن كان برفقته في القافلة مع بضاعتهم، واصطحبوه معهم إلى مصر، ولمَّا وصلوا باعوه لعزيز مصر، وأوصى زوجته أن تهتمَّ به لينتفعوا من هذا الغلام، قال الله -تعالى }وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدً{سورة يوسف آية 21

وذكرت الآية الكريمة كلمة السيارة بمعنى جماعة سائرين، وهي التي تعرف دروب الصحراء، وتعرف مواقع المياه، أما السائر العادي، فلا يعرف شيئًا أما الوارد «فأرسلوا واردهم» فهو الذي يرد الماء ليأتي به للقافلة 

ولفت الدكتور ريحان إلى أن إخوة يوسف هم بنو إسرائيل وهو نبى الله يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم الخليل وهم الأسباط الإثنا عشر، أصغرهم يوسف الصديق وأخوه بنيامين، فأمّا يوسف فقد باعه إخوته إلى قافلة من الإسماعيليين والتجار وهم فى طريقهم إلى مصر، ثم باعه هؤلاء إلى رئيس شرطة فرعون عام 1699 ق.م. فأمّا الباقون فقد نزلوا مع أبيهم وعائلاتهم ومقتنياتهم إلى مصر سنة 1678ق.م. حيث كان يوسف أمينًا لمخازن ملك مصر (ايبيبى – أبو فيس الأول) رابع ملوك الهكسوس.

ويرى الشيخ محمد متولى الشعراوى أن دخول نبى الله يوسف إلى مصر كان فى عهد الهكسوس حيث تحدث الحق تبارك وتعالى عن قدماء المصريين بإسم فرعون، وتكلم عنهم فى أيام نبى الله موسى بإسم آل فرعون، ولكن الزمن الذى كان بين عهدى يوسف وموسى لم يسم ملك مصر فرعون، إنما سماه العزيز الذي هو رئيس الوزراء ورئيسه الملك وقال الحق تبارك وتعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ}

ويستنتج من ذلك الدكتور ريحان أن الحاكم أيام يوسف الصديق كان يسمى ملكًا ولم يسم فرعون، بينما حكام مصر قبل يوسف وبعده كانوا يلقبون بفرعون، ذلك لأنه قبل عهد يوسف عليه السلام حكم مصر الهكسوس وكانوا من الرعاة الذين استعمروا مصر فترة، وعندما ولد موسى كان حكام مصر القديمة قد عادوا إلى حكم مصر.

ويؤيد هذا الرأى بعض الكتاب ومنهم أحمد سوسة الذى يرى أن يوسف الصديق وصل إلى مصر فى عصر الهكسوس 1785- 1580 قبل الميلاد، وعابد الهاشمى الذى يرى أن هجرة آل يعقوب إلى مصر حدثت فى عصر الهكسوس 1720 ق.م 

وكذلك عبد الوهاب المسيرى الذى يؤكد أن وجود الهكسوس هو الذى سهل عملية دخول العبرانيين إلى مصر وربما كان هناك صلة عرقية بينهم وبين الهكسوس، وكانت إقامة الهكسوس فى جاسان أو أواريس، وجاسان هى الأرض الممتدة من الشرقية إلى غرب الإسماعيلية فى وادى الطميلات.