طارق الشناوي يكتب: "وحيد" في إبداعه ومواقفه!

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي

 

فى الذكرى الأولى لرحيل الكاتب الكبير وحيد حامد تجدد الحديث عن مصير الجزء الثالث من «الجماعة».

ما كتبه وحيد لا يتجاوز عشر حلقات، كان وحيد قد سلم (الشركة المتحدة)، المنتجة المسلسل، فقط تلك الحلقات، وعندما كنت أسأله عن الجزء الرابع يجىء الرد: «ياريت نكمّل بس الجزء الثالث».

وحيد لم يشرع فى الكتابة إلا بعد أن حصل على موافقة سياسية بأنه سيكتب بلا مواربة، لأنه يتناول مرحلة حكم الرئيس السادات، وهو الذى منح الضوء الأخضر للإخوان، كانت خطته هى ضرب الشيوعيين بالسماح للتيار الإسلامى بالتوغل فى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ودفعنا جميعًا الثمن، وأولنا السادات.

وافقت الدولة على شروط وحيد ما دام مدعمًا بالوثيقة، ولم يكن وحيد يشرع فى الكتابة إلا وهو ممتلك كل التفاصيل، حتى ما يبدو هامشيا، مثل (ماركة) السجائر التى كان يدخنها عبدالناصر أو نوع البايب الذى يستخدمه السادات.

اتفق وحيد على ألا يرتبط بالعرض فى رمضان، ولكن بعد أن ينتهى المخرج محمد ياسين من تسليم الحلقات.

البعض اقترح على مروان حامد أن يتم استكمال الجزء الثالث مع أحد الكُتاب من تلاميذ وحيد.. وخيرًا فعل مروان أنه أوقف تمامًا هذا الباب.

هل تتذكرون الجزء السادس من (ليالى الحلمية).. قدم السيناريو كاتبان موهوبان «أيمن بهجت قمر وعمرو محمود ياسين»، ورغم ذلك شتان بين ما كتبه قمر وياسين وما قدمه أسامة أنور عكاشة فى الأجزاء الخمسة الأولى.

فى كل المجالات الفنية، من المستحيل أن يتقمص مبدع روح آخر.. بعد رحيل فريد الأطرش عام 74 وكان يعد لحن (كلمة عتاب) لوردة، قرر بليغ أن يستكمل اللحن باعتباره إهداء لروح فريد، وبالفعل المقدمة الغنائية واللزم الموسيقية ستجدها مزيجًا من أحلى ما قدم فريد من موسيقى، إلا أن (كلمة عتاب) سقطت تماما من تاريخنا الغنائى، لأنه لا يمكن أن تستعيد روح فنان حتى لو كان من أقدم على ذلك الموهوب بليغ.. حاول أيضا الموسيقار محمد الموجى بعد رحيل عبدالوهاب عام 91 أن يستكمل قصيدة (فى عينيك عنوانى) لسمية القيصر، وماتت القصيدة بالسكتة الجماهيرية، رغم أن الموجى أحد أخلص تلاميذ موسيقار الأجيال.

وتبقى الحلقات العشر كما كتبها وحيد تستحق منا أن نشرع فى دراستها علميًا.

وحيد ليس مجرد كاتب موهوب، ولكنه صاحب موقف، وكثيرا ما دفع الثمن فى عز سيطرة الإخوان، أقصد السنة الكئيبة 2012 التى حكموا فيها الوطن، كان على رأس أهدافهم التنكيل بمن اعتبروهم أعداءً لهم، وكان على رأس القائمة: عادل إمام ووحيد حامد وشريف عرفة، خاصة وحيد لأنه لم يكتف فقط بالأفلام، ولكنه قدم أيضا الدراما التليفزيونية وآخرها وقتها (الجماعة) الجزء الأول.. وأقاموا بأثر رجعى دعوى ضد فيلم (طيور الظلام).. عادل استشعر أنهم يتحينون الفرصة لضربه بضراوة، فكان بين الحين والآخر يحاول امتصاص غضبهم، بينما وحيد قرر أن يكمل الطريق وأعلن أنه سيقدم جزءًا ثانيًا من (طيور الظلام)، سألوا عادل عن حقيقة الأمر فنفى تماما أن لديه علمًا بالجزء الثانى.

وحيد كان يدرك أن أى تراجع سوف يزيد من رغبتهم الانتقامية، وواصل تحديهم فى عز سطوتهم.. وحيد من الصعب أن يتكرر، فهو وحيد فى إبداعه ومواقفه.

[email protected]

المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).