رامى المتولى يكتب: الموسم الرابع من The Crown يؤكد.. الملوك أيضًا بشر

مقالات الرأي



منذ بداية عرض الحلقة الأولى لمسلسل The Crown فى نوفمبر 2016، وكل مشاهدها أكدت أننا أمام عمل مختلف يقترب من العائلة الملكية فى بريطانيا كما لم يقترب منها عمل فنى من قبل، الملكة إليزابيث الثانية ظهرت شخصيتها فى عشرات الأفلام الوثاقية والروائية التى تناولت أجزاء من حياتها من زوايا متعددة، لكن لم يكن يتخيل أى شخص حجم العبء الذى تحملته أو تحمله والدها من قبلها بهذا التكثيف، المسلسل الذى أنتجته المنصة الشهيرة «نتيفلكس» يميزه اللمحة البشرية التى تصور أفراد العائلة المالكة كأى عائلة يحدث بين أفرادها الكثير وتحمل أسرارًا أيضا.

على مدار 4 سنوات عُرضت 3 مواسم من المسلسل، لم يتراجع صناعها عن الخط العام الذى يرسم شكل شخصيات العائلة المالكة وذلك عن طريق ملئ الفراغ بين الأحداث التاريخية بالخيال، ومحاولة توقع كيف كان الحال داخل القصر الملكى؟ وكيف تفاعل أعضاء العائلة ليصلوا إلى الحدث وصناعته وربط الأحداث ببعضها البعض على مدار التاريخ من ثلاثينيات القرن العشرين وحتى الثمانينيات؟ لنجد أنفسنا أمام فانتازيا مطعمة بالأحداث التاريخية الموثقة، فى محاولة لصناعة عمل فنى جاذب يستغل شهرة التاج البريطانى ويحاول التوقع أو تخيل ما حدث، وكيف حدث؟.

فى هذه المواسم الثلاثة شهدنا التحول الذى أصاب عائلة الملك جورج السادس والد إليزابيث الثانية والذى لم يُعد لتولى الحكم وارتداء التاج، لكن بسبب تفضيل أخيه إدوارد الثامن الحب على الاستمرار فى الحكم، وبالتالى ألقى بالمسئولية على أخيه جورج فى وقت صعب على قارة أوروبا بأكملها مع تصاعد النازية وأحلام هتلر بالسيطرة على العالم، تحول مصير إليزابيث الثانية لتصبح الوريثة للعرش بعد والدها، التحولات التى كان يشهدها العالم والقرارات الحكيمة من قبل الملكة للحفاظ على ثبات واستقرار العائلة هو الأبرز فى المواسم الثلاثة الأولى. الصراع بين مشاعر الملكة الخفية وما تظهره وقسوتها على أفراد العائلة فى كثير من الأحيان، كان إبرازه هو الأساس فى هذه المواسم أى أن الملكة كانت المحور الأساسى فى المسلسل، وكل الأحداث يتم تفسيرها وتحليلها بناء على الملكة وتصرفاتها.

الموسم الرابع لا يقارن بما سبقه، تحولت فيه الملكة من محور المسلسل إلى أن تكون واحدة من الصراعات، وربما يكون هذا الموسم هو الأشهر فى المسلسل حتى الآن، والسبب هو ظهور الأميرة ديانا خلال حلقاته، وهو ما جعل الموسم الرابع مرتقبًا وينتظره الملايين حول العالم ويعد الأكثر إشادة نقديا والأعلى مشاهدة من بين مواسم المسلسل، إذ أضاف الصراع بين الملكة ورئيسة الوزراء وقتها مارجريت تاتشر من جهة، والملكة والأميرة ديانا من جهة أخرى هما عامل الجذب الأكبر للمسلسل خاصة مع النهاية المأساوية للأميرة ديانا فى الحقيقة.

الموسم الرابع يتعرض للمشاكل الشخصية فى العائلة الملكية وبسبب التكثيف والعرض العالمى للموسم عبر المنصة، بالإضافة لظروف انتشار فيروس كوفيد-19 وما تبعه من إجراءات وقائية زادت من عدد ساعات المكوث فى المنازل، ضخموا الاهتمام بالموسم الرابع من المسلسل، الذى حملت أحداثه إدانة غير مباشرة للأمير تشارلز كونه السبب فى سوء حالة الأميرة ديانا النفسية، وأنه دفعها إلى مصير مظلم عمدًا ليجتمع مع حبيبته السابقة كاميلا، الأمر الذى دفع بعض أعضاء العائلة المالكة للتعليق وكذلك استياء عدد من المؤرخين الملكيين لأن المسلسل خيالى لكنه لا يذكر ذلك صراحة مما أدى إلى الالتباس عند المشاهدين بظنهم أن ما يحدث خلف الأبواب المغلقة هو الحقيقة.

ومع وجود موسم خامس وهو ما سيتعرض بالتأكيد لحادث موت الأميرة ديانا، وما حملوا من اتهامات مكتوبة لتورط العائلة الملكية فى اغتيالها، لكن هذه الاتهامات لم تؤكد على الإطلاق، فأغلب الظن أن وتيرة الرفض ستعلو حتى من الأعضاء العائلة أنفسهم، الذين سيوضعون فى موضع الدفاع بسبب أحداث مسلسل خيالى.

العنصر الأكثر إثارة واللافت للنظر هو كيفية التعامل مع أكبر وأشهر عائلة ملكية فى العالم على الشاشة، المسلسل يحمل رؤية صناعه ولا يتراجع عنها، بداية من الأصل الفيلم السينمائى The Queen عام 2006 والذى حوله مؤلفه البريطانى بيتر مورجان إلى مسرحية بعنوان The Audience أو الجماهير عام 2013 وصولا للمسلسل الذى حقق نجاحا أكبر من سابقيه ونجح فى إثارة فضول واهتمام وتفاعل ملايين حول العالم بكل اللغات، وهو بطبيعته ونوعه يثير التساؤل عن الالتزام التاريخى والتوثيق فى الأعمال السينمائية أو التليفزيونية الروائية، وأيضا كيفية تناول السيرة الذاتية كون الشخصية محبوبة ليس مبررًا أن تظهر على الشاشة كملاك لا يخطئ حسب الموروث الشعبى أو أن يتم تبرير تصرفاتها على طول الخط، على العكس يجب أن يحول الاهتمام بأنها الشخصيات الملائكية إلى حرفيات الكتابة لضمان خروج سيناريو جيد ومتوازن دراميًا لأنه الأساس فى صناعة عمل جيد كمسلسل The Crown.