سيدات مصر فى انتظار المساواة بحكم الدستورية.. القتل أيضاً مصير الزوج الخائن

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


مقدم الدعوى: الإسلام لم يفرق بين الزانى والزانية

منذ أكثر من نصف قرن وقعت معركة مهمة جدًا بين الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين وبين أحد الشيوخ، وكان بهاء قد كتب أن عمل المرأة يتيح لها المساواة مع الرجل، فإذا بالشيخ يسب كاتبنا الكبير لأنه يدعو المرأة لتفعل ما تشاء وتخرج مع من تشاء، وقد رد الأستاذ بهاء بمقال مهم وساخن جدا اسمه لا يا شيخ، وجاء بالمقال إن الشيخ اعتبر أن المساواة بين الرجل والمرأة تعنى أن تخرج المرأة مع من تشاء وتفعل ما تشاء، وهذا يعنى أن الشيخ يبيح الخلبصة للرجل لأن الشيخ افترض أن المساواة بينهما تعنى فساد أخلاق المرأة مثل الرجل، ولكن الأخلاق مطلوبة للمرأة والرجل على حد سواء، وقد تذكرت هذا المقال المهم مع بداية العام، فقد تحركت المياه الراكدة فى واحدة من أكثر قضايا المساواة بين الجنسين حساسية، وجاء هذا التحرك أو بالأحرى الفرج من بنها أو محكمة استئناف بنها التى أيدت عرض مادتين من مواد الزنى فى قانون العقوبات للمحكمة الدستورية، وذلك لبحث مدى دستورية المادتين وتوافقهما مع مواد الدستور والموقف الشرعى.

وبالمصادفة فإن اسم المرأة التى حركت القضية اسمها معبر جدا (سيدة).

سيدة ضبطت زوجها يخونها مع امرأة أخرى، فلم تستمع لوصايا المجتمع الذكورى.. غلطة وتعدى، كل الرجالة بتخون، حافظى على بيتك، قامت سيدة بتحريك دعوى الزنى ضد زوجها، وطالبت عبر محاميها أن تحال هذه المواد للمحكمة الدستورية لعدم المساواة، فالرجل يعاقب بالحبس ست أشهر فقط فى جريمة الزنى، بينما المرأة تعاقب عامين ويمكن لزوجها إيقاف تنفيذ الحكم لو استمرت العلاقة الزوجية بينه وبين زوجته الخائنة، كما أن القانون المصرى لا تعتبر خيانة الزوج جريمة زنى إلا إذا ارتكب الجريمة فى بيت الزوجية أو مع امرأة متزوجة.

ولاشك أن وصول قضية الست (سيدة) على أبواب المحكمة الدستورية يعد انتصارًا جزئيًا للمساواة فى ملف الخيانة الزوجية.

فالقانون يعفى الزوج الذى يقتل زوجته الخائنة والزانية من عقوبة القتل أو حتى السجن عدة سنوات، بينما الزوجة التى تقع فى نفس الموقف أو بالأحرى الكابوس يمكن أن تصل عقوبتها إلى المؤبد لتجرؤتها على قتل الزوج الخائن.

ومنذ أكثر من نص قرن عالجت السينما هذا الظلم من خلال فليم (عفوا أيها القانون) فى عام 85، وسمعنا العجب العجاب بعد عرض الفليم الجرىء، الرجالة انتفضت.. يعنى الست تفلت من العقاب لو قتلت زوجها الذى رأت خيانته بعينها فى بيت الزوجية.. الراجل تكوينه غير الست، وأغرب تبرير كان، مش يمكن دى مراته التانية.. يعنى حلاله شرعا «يا سلام هو الشرع قال للرجل اتزوج من غير ما مراتك تعرف، وكمان هات مراتك الثانية على فراش الزوجة الأول، أصلها حبكت وخلصت الأماكن لما الزوج ولا أقول الرجل يهين الزواج المقدس والعشرة بهذا الشكل، هل المفروض أن الست تتفهم حاجة الزوج الطفس لنساء آخريات فى منزلها وعلى فراشهما؟».

ومن التبريرات الفجة العفنة عفونة أصحابها، الادعاء بان المرأة تعجز قبل الرجل، وتنتهى صلاحيتها بسرعة، ده طبعا على اعتبار أن المرأة علبة لانشو أو بلوبيف.

وقد تبدو مثل هذه القضايا رفاهية بالنسبة لملفات نسائية أخرى أكثر إلحاحا أو انتشارا، ولكن أهمية مثل هذه القضايا أنها ترسخ مبدأ المساواة بين الجنسين فى المجتمع بحيث يعلم كل من الرجل والمرأة ما لهما من حقوق، وما عليهما من واجبات.

ولذلك سعدت للغاية لأن امرأة مصرية عادية رفضت كل المفاهيم الظالمة والشاذة وقررت أن تلجأ للقضاء لوقف أحد أشكال الظلم التى تنوء النساء بحمله.

امرأة ترفض أن تكون مجرد سلعة لها تاريخ صلاحية، أو كام كيلو لحم يسهل استبدلهم من أى جزار أو سمسار زواج.

امرأة رفضت المفاهيم الفاسدة المستوردة الدخيلة على الإسلام وعلى مجتمعنا، فمنذ نصف قرن كان الزواج الثانى رخصة لمن أراد الإنجاب بعد فشل زوجته، أو مرضت زوجته وأراد أن يعصم نفسه، ما دون ذلك كان يسمى (طفاسة) وعدم مسئولية من الرجل تجاه زوجته وأسرته، أذكر وأنا طفلة أن أحد أقاربى فكر فى الزواج على زوجته، فاجتمعت أسرته وعنفوه وهددوه بالحرمان من الميراث إذا استمر فى خراب بيته، وما زلت أتذكر أن زميله فى العمل وهو رجل صعيدى قال له: الست أو البنت اللى تلوف على راجل متزوج مالهاش أمان لأنها خرابة بيوت، وللأسف منذ أن أبتلينا بفقهاء المال الذين زينوا الزواج الثانى والثالث لشهوة زائلة، ومنذ أن تراجعت قيمة المرأة كشريكة وإنسانة إلى مجرد سلعة، منذ ذلك الحين وخريطة الحياة الأسرية تغيرت فى مصر من السيئ للأسوء، بات الزواج مجرد شركة يدخل فيها الرجل بماله وتشارك فيها المرأة بجسدها والعيال، فإذا أراد الرجل فض الشركة فليس عليه سوى إدخال شريكة جديدة باسم رخصة الزواج الثانى، شركة لم يعد التراحم والحب والعشرة من أصولها، بل أصبحت كل الأصول المادية شقة ومهر وشبكة بيصرف على بيته كام ألف فى الشهر.

شكرا للسيدة سيدة وشكرا لقضاء مصر، وعقبال ما تتم المساواة فى القتل بسبب الخيانة الزوجية، وهذه ليست دعوة لقتل الأزواج، بل لإعادة الأخلاق للزواج المقدس.

مرة أخرى الأخلاق مطلوبة للرجل والمرأة على حد سواء.