د.حماد عبدالله يكتب: "مجتمع الندرة" والتحديات فى المحروسة !!

مقالات الرأي

بوابة الفجر



يعانى مجتمع "الندرة" سواء فى العلم أو الهندسة أو الإقتصاد أو الفن أو السياسة من معوقات ، تمنع وتعوق تقدمهم صفوف الأمة ، للإستفادة من خبراتهم ،وللمشاركة فى وضع الوطن على أحسن صورة ، بل إن الندرة فى مصر لم يعد لها للأسف الشديد أى حافز للتقدم ، بل لديها من الصعوبات والحقد على تميزها ما يجعلها تتراجع ، بل تصل فى بعض الحالات للإختفاء ، أو الهجرة ، أو السكون فى مواقعها لإطفاء (زهو التميز) لديها حتى تعيش فى سلام إجتماعى ، هذا من الجانب الإجتماعى لأهالى المحروسة ، ويؤجل الزهو "بالندرة" إلى ما بعد مفارقة الحياة فنسعى لتكريم المرحوم العالم ، أو المرحوم الفنان أو المرحوم النابغة فهو أصبح مرحوم أى لا خوف منه أو عليه !!
ولعل ما بدأت به هذا المقال ينطبق على ما تعانيه هذه الفئة من المجتمع فى مصر من مشاكل نفسية ومن دفاع عن مصالح إدارية ، أو وظيفية ، أو سياسية، أو حتى مادية وبالطبع "الندرة" بطبيعة تعريفها هم "قلة" والكثرة لدى غير "النادرين" فى أى تخصص وبالتالى الكثرة تغلب الشجاعة وهذا مثل شعبى !
والمجتمعات الواعية تسعى لإظهار "الندرة" فيها وتبرزها وتحافظ عليها ، وتسهل لها الحياة وتمنع عنها البغضاء ، وتزيل عنها الأتربة ، وتسعى لصقلها وتلميعها وتصنع منها نجوم للأمة !!
المجتمعات الواعية هى التى تصنع نجومها ، وقادتها ، وروادها ، وتسعى الشعوب فيما بينها للكشف عن "الندرة" بين أرجاء جغرافيتها ، بل بعض دول المهجر تسعى لجلب مهاجرين يتميزون بـأنهم من "الندرة" فى مجتمعاتهم !!
وبالتالى تسعى تلك المجتمعات جميعها لسن قوانين وتشريعات منها ما يحافظ على "الندرة" ومنها ما يسعى لتقديم "الندرة" على صفوف بقية المجتمع فى جميع مجالات ومناحى الحياة من إنشاء ، وعمران ، وطب ، ومواصلات ، وإقتصاد ، وقانون ، وسياسة وغيرها.
والقوانين التى تسن تحد من ظهور الأغبياء والفشلة وتقلل من عناصر التشجيع على الفساد ، بل وتسد كل الأبواب والثغرات أمام أية بادرة فساد أو إنحراف.
 والقوانين التى تسن ليست كتباً مقدسة فالقانون الأم (الدستور) والقوانين المكملة هى عرف وتوافق إجتماعى متفق عليه ، ويسن المشرعون القوانين لتأكيد هذا العرف والتعامل به فيما بين الناس وبعضم وبين الناس والدولة (الحكومات) !!
وبالتالى فالتغيير فى تلك القوانين نتيجة أعراف تتغير مع تطور الزمن والتقدم التكنولوجى والمعرفى واجب على كل أمة حتى تتوافق قوانينها مع إحتياجاتها ومن هنا أجد أن "الندرة" فى مصر تتعامل مع قانون لا يساوى بين الناس إلا فى شيىء واحد (الأقل سعراً )والأقل ثمناً ، والأرخص بغض النظر عن الجودة أو النوع أو الخبرة ، وهو القانون 89 والمعدل لسنة 2005 ،والذي تم تعديله مؤقتاً بصدور قانون رقم 182 لسنة 2019 الذى لا يفرق بين مورد الخضروات والقانونى أو الإستشارى الهندسى أو خلافه من مهن يتكون رأس مالها من خبرات وعقول وليست (بالمال والعجول)!!
ولعل بعض التحايلات على هذه النقطة بأن يصاحب السعر الأقل مظروفاً فنياً وبقبوله يفتح المالى ، وبعدمه يستبعد ..كل ذلك يجوز بين الموردين والمقاولون والتجار، ولكن بين أستاذ جراحة أو أستاذ هندسة أو أستاذ قانون - أو أستاذ مالية عامة ، أو أستاذ إعلام (لا يجوز على على الأطلاق ) !!
وأعتقد البداية تعديل أو تغيير في القانون المنظم للمهن في مصر ، وفصل النشاط المهنى عن النشاط التجارى والمقاولات - هذه بداية من البنية الأساسية وهى التشريع ولقد تقدمت نقابة المهندسين وجمعية المهندسون المصريون ومنتدى الهندسة الإستشارية ، بمشروع تعديل بقانون لوزير المالية وقت أن كان يشغلها الدكتور/هانى دميان ، ولعل وعسى يستصدر تعديلاً من السيد الوزير الحالى (د.محمد معيط) لكى ينهى عصر من عصور القوانين والمراسيم الخديوية فى مصر.