اعتقل 86 منهم وسجن 70.. كيف نكل أردوغان بالصحفيين؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


لا يكف الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، عن قمع معارضيه، وإسكات كل الأصوات الداعية إلى تصحيح المسار التركى، بعدما قاد النظام الأردوغانى المستبد الدولة التركية نحو الانهيار، فعمق من جراح بلاده التى جاءت فى ظل الأزمات المتلاحقة، التى تتداعى على تركيا، بسبب سياسات أردوغان ونظامه وحكومته وحزبه الحاكم، التى تتسم بالعدوانية الشديدة، فى التعامل مع مختلف القضايا الداخلية والخارجية، وهو ما جعل أنقرة تعيش حالة من العزلة السياسية، وتتلقى اتهامات انتهاك حقوق الإنسان، سواء من خلال انتهاك حقوق الشعب التركى فى الداخل، أو من خلال تجنيد المرتزقة للحرب بالوكالة عنها فى الخارج.

واتسمت العلاقات الخارجية التى تجمع تركيا بدول عدة، وخصوصا دول الجوار، بالتوتر، فى ظل قيام أنقرة بالتدخل السياسى والعسكرى فى شؤون الدول، وهو ما يرهق الخزينة التركية، وينعكس بالتبعية على الاقتصاد، الذى يعانى من ويلات الانهيار.

وعلى الرغم من كل تلك الأزمات، التى ألمَّت بتركيا وشعبها، يحرص أردوغان كل الحرص على تكميم الأفواه، وإسكات أصوات المعارضة، فضلا عن التنكيل بالصحفيين وعامة الشعب، الذى يعقد آمالا كبيرة على سقوط نظام أردوغان برمته، وإجراء انتخابات مبكرة، قد تنقذ البلاد ن مصيرها المحتوم على يد أردوغان وحاشيته.

ويعتمد الرئيس التركى على أجهزته الأمنية، للقيام بتكبيل أيادى المعارضة، وتكميم الأفواه، وقمع كل من تسول له نفسه أن يعارض نظامه، أو أن يتظاهر ضد قراراته اعتراضا عليها، كما يوقع بهم أشد العذاب بعد اعتقالهم، وينتهك حقوقهم داخل غيابات السجون، وخلف القضبان التى يقبعون وراءها منذ أمد طويل.

تركيا أكبر سجن للصحفيين فى العالم:

فبحسب صحيفة "زمان" التركية المعارضة، كشف حزب الشعب الجمهورى المعارض، أن عام 2020 شهد فتح 361 دعوى قضائية ضد الصحفيين، وتوقيف 86 صحفيا وسجن 70 منهم.

واستعرض نائب رئيس حزب الشعب الجمهورى، فيلى أغابابا، تقريرا للحزب حول الانتكاسة التى وصلت إليها الصحافة والصحفيين خلال عام 2020، وكشف خلال تقريره الحالة المتردية التى وصلت إليها حرية الإعلام فى تركيا.

وأوضح التقرير أنه خلال العام 2020 استقال ما يقرب من 100 صحفى من وظائفهم بسبب الرقابة الممارسة عليهم، وأن أكثر من 6000 شخص من العاملين فى الصحافة والنشر والطباعة أصبحوا عاطلين عن العمل خلال العامين الماضيين.

وأشار التقرير إلى أنه فى العام الماضى، تم حجب ما يقرب من 2000 خبر، وحظر الوصول إلى أكثر من 100 موقع.

كما كشف التقرير أنه فى العام الماضى، غرم المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون فى تركيا، القنوات التلفزيونية 67 مرة، وأغلق قناة واحد، وعلق 49 بثا، و6 إنذارات.

وصنفت تقارير المنظمات الدولية في السنوات الأخيرة تركيا، كأكبر سجن للصحفيين فى العالم.

سجن صحفى معارض لأردوغان:

كانت محكمة تركية، قد أصدرت يوم الأربعاء، 23 ديسمبر الماضى، حكما بسجن الصحفى جان دوندار، 27 عاما و6 أشهر، بسبب التغطية الإخبارية فى عام 2014 حول نقل شاحنات تابعة للمخابرات التركية أسلحة لاستخدامها فى الحرب الأهلية السورية.

وأدين دوندار، وهو رئيس تحرير صحيفة "جمهوريت" السابق، فى قضيتين، الأولى هى التجسس السياسى والعسكرى، وحكم عليه فيها بالسجن 18 عاما و9 أشهر، والثانية هى مساعدة منظمة إرهابية مسلحة، ووحكم فيها بالسجن 8 سنوات و9 أشهر، وبالتالي أصبح عدد سنوات السجن المقررة على دوندار في القضتين 27 عام و6 أشهر.

وبحسب الصحيفة التركية، قاطع محامو دوندار جلسة النطق بالحكم وقرروا عدم حضورها فى الدائرة الرابعة عشرة بمحكمة إسطنبول.

وقال المحامون: "لا نريد أن نكون جزءا من ممارسة إضفاء الشرعية القانونية على حكم سياسى محدد مسبقا من خلال الدفاع أمام المحكمة الجنائية 14 المشددة".

وتسبب فيلم وثائقى أعده دوندار، تحت عنوان "أطول يوم فى حياة أردوغان"، والذى كشف فيه كل التفاصيل الدقيقة لتحركات أردوغان المضطربة، فى ليلة 17 ديسمبر 2013 المثيرة، عندما شنت القوات الأمنية العملية الصادمة ضد أبناء وزراء حكومته، ورجال أعمال مقربين منه، فيما عرف بـ"تحقيقات الفساد والرشوة"، فى غضب أردوغان، الذى حول الأمر إلى عداوة شخصية بينه وبين الكاتب التركى، الذى فضح أيضا قضية شاحنات المخابرات، حين نشر لقطات مصورة، تكشف حمل شاحنات جهاز الاستخبارات التركى أسلحة إلى الجماعات الجهادية فى سوريا، عندما كان يشغل منصب رئيس تحرير صحيفة "جمهوريت".

وبعد نشر ذلك التقرير، استشاط أردوغان غضبا، قائلا: "سيدفع الثمن باهظًا"، يقصد بذلك الصحفى دوندار، وبالفعل، تم اعتقاله على الفور، وحُكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات و10 أشهر، فى مايو 2016، بعد أن وجهت إليه تهمة التجسس وكشف أسرار الدولة، وعندما أفرجت عنه المحكمة الدستورية، فى وقت لاحق، قال أردوغان: "لا أقبل هذا، ولا أحترم قرارات المحكمة الدستورية".

كما منعت السلطات التركية الوصول إلى موقع "جان دوندار" الإخبارى، الذى يديره من ألمانيا، وحاول أردوغان ابتزازه عبر احتجاز زوجته كرهينة لإجباره على العودة، لكنها تمكنت فى نهاية المطاف من الفرار إلى مقر إقامة زوجها فى ألمانيا، بعد انفصال قسرى دام لنحو 3 أعوام.

وشهد، يوم الأربعاء 7 أكتوبر الماضى، أحد فصول العداوة التى يكنها أردوغان ونظامه، للصحفى دوندار، إذ قررت المحكمة الجنائية فى إسطنبول، مصادرة جميع ممتلكات، الصحفى التركى جان دوندار، بعدما أمهلته 15 يوما للمثول أمامها فى قرار صدر الشهر الماضى، وإلا ستعتبر جميع ممتلكاته مصادرة.

وبموجب قرار المحكمة، تستولى السلطات التركية على 3 عقارات فى إسطنبول، وأنقرة، ومقاطعة موغلا الجنوبية، مملوكة للصحفى دوندار، بالإضافة إلى مصادرة حساباته المصرفية، تمهيدًا لتسليمها إلى صندوق تأمين ودائع الادخار.