تحقيق استقصائي| "تجارة الوجع".. "الفجر" تكشف أسرار العالم الخفي للإعلانات الطبية المضللة

تقارير وحوارات

أرشيفية
أرشيفية

الرئيس أصدر قانونا لحماية المواطن والحكومة لم تنشيء اللجنة العليا.. ومستشار رئيس الوزراء: "معرفش حاجة عن الموضوع ده" 

مواطن بعد استخدام أحد منتجات التخسيس: "اتنصب عليا" 

بالأرقام والإحصائيات.. خطر السمنة ينتشر بين المواطنين ومصر سوق مغري للإعلانات المضللة 

صاحب شركة إعلانات: "مش لازم موافقات من وزارة الصحة.. أنا هصور الإعلان وأسوقه على مسؤوليتك الشخصية" 

"الصيادلة": يجب توعية المواطنين.. وخالد منتصر: ما يحدث جريمة 

مركز المعلومات الدوائية: "أبلكس" غير مرخص للتخسيس.. "ليمورال" غير مرخص لعلاج العظام 

الألم عدو لا يلين، يتسلل إلى جسمك صغيرًا ثم يكبر ويكبر ويكبر حتى يسيطر عليك، ويصبح سيدًا على كل قراراتك واختياراتك، فإما أن تخضع له وتسير وفق هواه، وإما ويلات العذاب والوجع تتفجر في كل خلية من خلايا جسمك، أما مرض "السمنة" فهو الحبيب الخادع، الذي يسلب لُبك من حلاوة الطعام، فتستسلم له، ثم يكشف عن وجهه القبيح بـ"كوكتيل" من الأمراض، ما بين السكري، والضغط، إلى ضيق التنفس، وغيرها، حتى يتركك أسيرًا للأوجاع الجسدية تارة، والآلام النفسية تارة أخرى، وما بين هذا وذلك تتوق نفسك إلى حل سحري يخلصك مما تعانيه، وهنا فأنت تُصبح هدفا للإعلانات المضللة، على عشرات القنوات الفضائية، التي تروج لنفسها وكأنها حل سحري، أو كأنها "عصا موسى" التي تستطيع شق بحار أوجاعك، وعندما تُصدق هذه الدعاية تصبح أنت الضحية التالية لاقتصاد ضخم مشبوه بعيد عن عيون الدولة.. ولكن.. قبل أن تُصبح ضحية لمن يتاجرون بوجعك وألمك، نقدم لك هذا التحقيق الاستقصائي الذي يكشف لك خفايا وخبايا الإعلانات الطبية المضللة. 

الخطر يزيد.. وضع مرض السمنة في مصر يجعلها سوقًا ضخمًا: 

بشكل مفاجئ للمصريين، أثار جدلا -وقتها- تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي، عن "السمنة" بين المواطنين، وأطلق شارة البدء لمواجهة ومكافحة السمنة في مصر. 

رغم مفاجأة الحديث للمصريين، إلا أنه ليس مفاجئا لأي مسؤول يعي جيدا خطورة السمنة، بعد البيانات التي كشفت عنها الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة المصرية، موضحة أنه تم إجراء مسح صحي لـ 17 مليون مواطن خلال المرحلة الأولى لمبادرة 100 مليون صحة، والجزء الأول من المرحلة الثانية وتبين أن 75% من المصريين يعانون من زيادة الوزن بدرجات مختلفة منهم 35% وزنهم فوق الطبيعي و33% يعانون من السمنة و6% يعانون من السمنة المفرطة. 

 

كما تشير بعض التقارير إلى أن هناك 30 ألف جراحة سمنة تُجرى سنويا في مصر. 

 

هذا، ويكشف تقرير لمنظمة الصحة العالمية عبر مكتبها الإقليمي لشرق المتوسط، أن البيانات عن البالغين بأعمار 15 سنة فما فوق من 16 بلدًا في الإقليم تُظهِر أعلى مستويات فرط الوزن والسمنة في كل من: مصر والبحرين والأردن والكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة؛ حيث يتراوح انتشار فرط الوزن والسمنة في هذه البلدان من 74% إلى 86% لدى النساء ومن 69% إلى 77% لدى الرجال، وتشير هذه البيانات إلى انتشار أعلى بكثير للسمنة بين النساء البالغات، في حين أن فرط الوزن أكثر وضوحًا لدى البالغين من الرجال، لافتة إلى أن المستويات المتصاعدة من فرط الوزن والسمنة بين الأطفال والمراهقين تشكل مصدرًا للقلق نظرًا للأدلة الحديثة التي تربط السمنة في مرحلة الطفولة والمراهقة بزيادة خطر السمنة والمَراضة في مرحلة البلوغ. 

 

9 دول عربية في المراتب الأولى في معدلات السمنة 

 

وفي عام 2018، كشف تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية "WHO"، أن هناك 9 دول عربية احتلت المراتب الأولى في معدلات السمنة بين البالغين الذي يتجاوز أعمارهم الـ 18 سنة، وجاءت كالتالي: 

 

1-الكويت – 37.9٪ 

 

2-الأردن – 35.5٪ 

 

3-المملكة العربية السعودية – 35.4٪ 

 

4-قطر – 35.1٪ 

 

5-ليبيا – 32.5٪ 

 

6-مصر ولبنان – 32٪ 

 

7-الإمارات العربية المتحدة – 31.7٪ 

 

8-العراق – 30.4٪ 

 

وتكشف هذه الأرقام، أن هناك نحو 6 ملايين مصري يعانون من السمنة المفرطة، وحوالي 33 مليونا يعانون من وزن فوق الطبيعي، ما يجعل مصر سوقا جذابا لمن يرغب في استغلال هذه المسألة. 

 

أما بالنسبة لأمراض العظام، والتي أصبح يعاني منها الصغار والكبار، فيكفي فقط أن نشير إلى بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، عام 2019، والتي تقول إن عدد المسنين 6.5 مليون مسن منهم ( 3.5 مليون للذكور، 3.0 مليون للإناث ) بنسبة 6.7٪ من إجمالي السكان، ومن المعروف أن التقدم في السن يصحبه آلام في العظام. 

 

ومن هنا، جاءت أهمية التحقيق الاستقصائي الذي بين أيديكم، حيث أنه يمس مباشرة أكثر من 40 مليون مواطن يتعرضون للخداع والتضليل ليل نهار على شاشات الفضائيات، ويوهمونهم بـ"العلاج السحري" الذي يعالج آلامهم وأوجاعهم، بينما هم في الحقيقة يتاجرون بها ولا يعالجونها. 

 

خلال التحقيق تتبعنا بعض الحالات التي جربت بنفسها السعي وراء وهم الشفاء من المرض الذي خُدعوا به على شاشات التلفاز، وداعب أوجاع المرض داخلهم، إلا أنهم صُدموا بالنتيجة وعرفوا أنهم كانوا يجرون وراء السراب. 

 

"ناصر بحر".. حالة تتعرض للخداع 

 

أحد هؤلاء ناصر محمود بحر، 48 سنة، من "سنتماي"، مركز ميت غمر الدقهلية، وزنه 145 كيلوجراما، ويعاني من ضيق التنفس، ونصحه الطبيب بتخفيض وزنه، ونظرا للإعلانات التي يراها في التلفزيون، اقتنع أنه منتج سريع التخسيس، واتصل بالشركة، وطلبوا منه شراء ثلاثة جرع قيمتها 950 جنيها. 

 

يروي لنا سامح لطفي، صديق "ناصر"، ويقول إن صديقه حصل على أول جرعة، والثانية دون تغيير في وزنه، فتواصل مع الشركة، وشرح لهم الموضوع وأنه لم يخس، فطلبوا منه استكمال الجرعة الثالثة. 

 

يضيف "لطفي": "حصل الرجل على 3 عبوات، ولكنه "مخسش نص كيلو"، وعندما تواصل معهم، ردوا عليه وقالوا: "يبقى أنت ممشتش على الأكل اللي قولنالك عليه"، موضحا: "الشركة طلعت نصابة، واثنين من أصحاب الصالات الرياضية تبرعوا بتبني حالته، علشان يخس". 

 

أميرة الكيلاني.. حلم الوزن المثالي ينتهي بكابوس 

 

رغم ما تعرض له "عم ناصر"، من خداع إلا أن مصيره أفضل من مصير "أميرة الكيلاني"، من محافظة المنيا، الشابة الثلاثينية، التي كانت كل ما تطمح إليه هو أن ينخفض وزنها عدة كيلوجرامات. 

 

تروي "الكيلاني"، تجربتها لنا، وتقول إنها خوفا من النصب ذهبت إلى إحدى الصيدليات المعروفة لشراء منتجا للتخسيس، وهناك عرضوا عليها منتجا قيمته 350 جنيها، بعد خصم 100 جنيه من ثمنه، الأمر الذي شجعها على شرائه، وتحقيق أملها في الحصول على وزن لا يسبب لها مشاكل صحية. 

 

تضيف الشابة الثلاثينية: "أنا بعد ما اخدته بـ 3 ايام تعبت جامد وجالي ألم شديد في الجانب الأيمن.. وذهبت إلى طبيب باطنة.. لما كشفت طلع التهاب قولون جامد والدكتور قالي بلاش تكملي ممكن يكون هو (منتج التخسيس) السبب". 

 

توقفت الشابة عن تعاطي هذا المنتج، ورضيت بأقل الأضرار التي تعرضت لها، وتعافت من آلام القولون بعد وقفه وأخذ العلاج المناسب. 

 

عطالله: هناك بعض الإعلانات.. لكن التوعية مهمة 

 

نظرا لخطورة الوضع، وما يمثله على صحة المواطن، سألنا الدكتور جورج عطالله، عضو مجلس نقابة الصيادلة، فقال إن هناك بالفعل بعض المنتجات التي يتم الإعلان عنها على القنوات الفضائية، ولكن ربما بعضها غير مصرية ولا تخضع للقوانين المصرية، مشددًا على أهمية توعية المواطنين في مسألة شراء الأدوية بالذات. 

 

قائمة بقنوات تعرض إعلانات طبية 

 

حاولنا رصد الإعلانات التي تظهر على قنوات القمر الصناعي المصري "النايل سات"، فوجدنا عشرات القنوات التي تبث إعلانات خاصة بالتغذية والمنتجات الطبية، بل ويبث بعضها إعلانات موجهة للأطفال، وإليكم القائمة التي توصلنا إليها: 

 

قناة تيوب: منتجات للضعف الجنسي 

 

شبكة قنوات "الساعة": إعلانات منتجات لزيت شعر للأطفال 

 

شبكة قنوات "زلزال"= منتج طبي للتغذية 

 

قناة "مصر أم الدنيا".. "منتج يزعمون أنه بيظبط الكورتيزون والسكر والدوبامين في الجسم". 

 

شبكة قنوات دربكة - منتج لعلاج آلام العظام 

 

سهر هندي: منتج لعلاج المفاصل 

 

قناة الحلبة: علاجات الضعف الجنسي 

 

شبكة "تتح": علاجات العلاقات الزوجية ومرضى كبار السن وجهاز أمريكي للضعف الجنسي 

 

قناة "حبيشة": منتج للتخسيس 

 

المصراوية: منتجات تجميل وآلام المفاصل 

 

البيت بيتك: منتجات تجميل وجهاز أمريكي لحل مشاكل الرجال 

 

"بيلودي": ضعف جنسي ومستحضرات التجميل 

 

شبكة "توك توك" _ مستحضرات تجميل تدعي حصولها على تراخيص وزارة الصحة 

 

قناة بطوط (للأطفال) - إعلانات مستحضرات تجميل شعر. 

 

البحث وراء "أبلكس" و"ليمورال" 

 

نظرا لكثرة المنتجات، وكثرة القنوات، قررنا البحث وراء أشهر منتجين يتم الإعلان عنهما ليل نهار، وهما: "أبلكس" لتخفيض الوزن، و"ليمورال" لعلاج مشاكل العمود الفقري، وآلام العظام. 

 

بالبحث وجدنا أن "ليمورال" سبق وأن تم وقفه من جهاز حماية المستهلك، فتواصلنا مع إحدى الجهات التي تبيعه للمواطنين، فقال لنا أحد المسؤولين بها: "سعر الكورس 370 جنيها، والشحن مجانا، عبارة عن ثلاثة عبوات، وييعالج: الانزلاق الغضروفي، والروماتيزم، والروماتويد، وخشونة الركبة، وآلام المفاصل". 

 

وعن سبب وقفه في وقت سابق من جهاز حماية المستهلك، قال: "الكلام ده كان من تلات أو أربع سنين، والإعلان وقف بس لمدة أسبوع، ثم عاد للبث مرة أخرى، والدليل أنه لسة شغال لغاية دلوقتي". 

 

أما عن حصول المنتج على ترخيص من وزارة الصحة، وهل هو آمان أم لا، فقال: "أمان ورقم تسجيل وزارة الصحة موجود على العلبة.. كان فيه مشكلة في الأوراق والمنتج حاليا موجود في الأسواق ومغرق التلفزيون". 

 

وردًا على الشكاوى المتكررة من أنه ليس له جدوى عند الاستخدام قال: "إحنا بنتابع معاهم، وفيه ناس بيبقى عندها كسر في العظم، والمنتج في هذه الحالة يسكن الآلام حتى يعود العظم لطبيعته مرة آخرى"، مشددا في الوقت نفسه على أنه "يعالج آلام المفاصل والروماتيزم"، ولكن بالنسبة للكسور أمر آخر. 

 

مركز المعلومات الدوائية يحسم الأمر.. ويحذر من المنتجين 

 

تواصلنا مع مركز المعلومات الدوائية، التابع لهيئة الدواء المصرية -وهي أعلى جهة في الدولة منوطة بملف الدواء- للحصول على معلومات موثقة حول المنتجين، وجاءنا الرد كالتالي: 

 

بالنسبة لـ"ليمورال"، فهو مسجل في قائمة هيئة الدواء المصرية، على أنه "مستحضر لترطيب البشرة"، وليس لعلاج المفاصل، كما وجد بيان تحذيري من جهاز حماية المستهلك، بعدم استخدام المنتج لأن الشركة تروج إعلانات مضللة للجمهور باستخدامه كعلاج للمفاصل، وتم حظر الإعلان الإعلان عنه قبل فترة ولكن لكن القنوات تعمل بشكل غير شرعي. 

 

أما بالنسبة لمستحضر "أبلكس"، فهو مسجل بالمعهد القومي للتغذية على أنه "مكمل غذائي" فقط، وليس مستحضر دوائي لعلاج السمنة"، وهناك بيان تحذيري آخر من جهاز حماية المستهلك ضد المنتج. 

 

احذر.. ليس كل الأعشاب آمنة 

 

تزعم بعض الإعلانات الطبية أنها مصنوعة من الأعشاب الطبية، وبالتالي فهي لا تضر إذا لم تفد، ولكن هل هذه حقيقة؟! 

 

بالطبع لا، وفي هذا الشأن، يقول الدكتور خالد منتصر، الطبيب والإعلامي المعروف، إن الدواء مستحضر كيميائي، له فوائد وأعراض جانبيه، وطريقة استخدام، ولا يصح إطلاقا أن يتم الإعلان عنه بأي وسيلة إعلانية، لافتا إلى أن "الدواء مش بونبوني أو شيكولاتة، دي مادة كيميائية لها أعراض جانبية، والطبيب هو الوحيد الذي يعرف الفوائد والأضرار"، ولذلك يلجأ هؤلاء إلى قنوات "بير السلم"، التي تعرض الأفلام بطريقة غير قانونية، ويتعاملون مع الإعلانات الطبية بنفس الطريقة. 

 

وأضاف "منتصر"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن أكثر هذه الأدوية غير مرخصة في وزارة الصحة، ويقال عن معظمها أنها مصنوعة من الأعشاب، وأنها إذا لم تنفع فهي لن تضر ولكن هذا "كلام فارغ"، وعلى سبيل المثال، بعض الأعشاب التي تخزن تخزينا سيئا، تنتج مادة اسمها "أفلاتوكسين"، وهي مادة مسرطنة للكبد، فإذن مجرد التخزين السيء لبعض الأعشاب قد يؤدي إلى سرطان". 

 

وشدد على أن الأعشاب الخام والزيوت ليست هي الأدوية، بالطبع هناك أدوية مستخلصة من الأعشاب، ولكن هناك فرق كبير بينهما، حيث أن الأدوية تمر بتجارب تسمى "فارماكولوجية" لتحديد الجرعة، وتجارب إكلينيكية وغيرها، لتحديد الأعراض الجانبية والجرعة، وغيرها، مشيرا إلى أن المستهلك الذي يتعاطى الأعشاب الخام قد يتناول جرعات أكثر من اللازم، وبالتالي يكون ضررها أكثر من نفعها. 

 

وتابع: على سبيل المثال "الأسبرين مستخرج من النبات"، ولكن يستخدم كـ"مسكن" بجرعات معينة"، ويستخدم لـ"تسييل الدم ومنع التجلط" بجرعة أخرى، وبالتالي فهناك فروق رهيبة بين العشب الخام، وبين استخلاصه، ولسنا ضد الأعشاب ولكن مع خضوعها للتجارب الطبية اللازمة. 

 

المركز المصري للمعلومات الدوائية يحذر من تعاطي الأعشاب 

 

كلام "منتصر" تدعمه نشرة أطلقها مركز المعلومات الدوائية المصري، التابع لهيئة الدواء المصرية، في 25 أغسطس عام 2019، بشأن التداوي بالأعشاب. 

 

وقال المركز إن الاعتقاد بأن كل ما هو طبيعي فهو آمن تماما، وأن الأعشاب ليس لها أي أضرار صحية، اعتقاد خاطئ. 

 

وكشف المركز، أن بعض الأعشاب غير آمنة أثناء فترة الحمل والرضاعة الطبيعية، كما أن بعض مستحضرات الأعشاب تخضع للغش التجاري بإضافة مواد ضارة، محذرا أيضا من التداخلات الدوائية التي تحدث بين الأعشاب وبين بعض الأدوية. 

 

استشاري علاج طبيعي يكشف حقيقة انخفاض الوزن 

 

الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يقول الدكتور نبيل فؤاد، استشاري علاج السمنة، والعلاج الطبيعي، أن أدوية التخسيس في غالبيتها تعتمد على مادة "السبتراتومين"، والتي تعطي الإحساس بالشبع، وتساعد الإنسان على تقليل شهيته للطعام. 

 

وأشار "فؤاد"، إلى أنه كلما زادت نسبة هذه المادة في المنتج كلما ارتفع ثمنه عند البيع، وكانت نتيجته أفضل، موضحا أن بعض المنتجات رخيصة الثمن لا يوجد هذه المادة، وبالتالي فهي لا تؤدي إلى أي نتيجة في خسارة الوزن. 

 

وشدد على أن هذه المنتجات جميعا لا تؤدي إلى خسارة الوزن، ولكن النظام الصحي الذي يتبعه المريض إلى جانب هذه المنتجات هو الذي يؤدي إلى خسارة الوزن، وليس منتجات التخسيس في حد ذاتها، مؤكدا على ضرورة إشراف الطبيب بشأن تعاطي منتجات التخسيس حتى لا يؤدي الأمر إلى مضاعفات غير جيدة. 

 

تجربة مماثلة في الولايات المتحدة والـFDA تحذر 

 

وبالبحث عن مادة "السبتراتومين"، وجدنا أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (Food and Drug Administration)، والمعروفة اختصارا بـFDA سبق وأن حذرت من تعاطي منتجات التخسيس التي تحتوي على هذه المادة. 

 

وأوصت "FDA" بعد بيانات بشأن تجربة عملية، استمرت 60 شهرا، على أحد المنتجات الخاصة بالتخسيس، وهو "Meridia"، أن البيانات أشارت إلى زيادة بنسبة 16٪ في مخاطر الأحداث القلبية الوعائية العكسية الرئيسية (مركب من نوبة قلبية غير مميتة، وسكتة دماغية غير مميتة، والإنعاش بعد السكتة القلبية والموت القلبي الوعائي) في المرضى الذين عولجوا بميريديا مقارنة بالمرضى الذين تناولوا دواءً وهميًا"، لافتة إلى أنه في نهاية التجربة فقد المرضى في مجموعة "ميريديا" كمية صغيرة من وزن الجسم مقارنة بالمرضى في مجموعة الدواء الوهمي، مؤكدة أن مخاطر حدوث حدث قلبي وعائي ضار تفوق أي فائدة من فقدان الوزن المتواضع الذي لوحظ مع الدواء، كما نصحت من يتناولون هذا المنتج الاتصال فورا بالطبيب، وإلقاء باقي المنتج في "سلة المهملات المنزلية". 

 


 

تجربة عملية.. صاحب شركة مستعد للإعلان دون ترخيص 

 

لنكشف ماذا يحدث على أرض الواقع، حاولنا في هذا التحقيق إجراء تجربة عملية، وتواصلنا مع شركة للدعاية والإعلان، وطلبنا منهم الإعلان عن منتج -اخترعناه وليس له أي وجود- لنرى ماذا سيُطلب منا، وهل للإعلان عن أي منتج طبي في مصر، نحتاج إلى ترخيص من وزارة الصحة أو أي جهة ما؟ 

 


تحدثنا مع "ع.ا"، صاحب شركة للدعاية والإعلان، وأقنعناه بأننا لدينا منتج استوردناه من الصين لعلاج آلام العظام، ولكن ليس لدينا أي تصريح من وزارة الصحة، ونريد أن تعرف المطلوب منا للإعلان على القنوات الفضائية المصرية، وخلال الحوار وجهنا له الأسئلة التالية للحصول على أجوبة بشأنها: 

 

- هل لازم نحصل على موافقات من وزارة الصحة؟ 

 

"بالنسبة للإعلانات مش لازم موافقات من وزارة الصحة". 

 

- يعني علشان أعلن عندك، مش لازم أجيبلك موافقات؟ 

 

"لا لا خالص، لأن أنا هصور الإعلان وأسوقه على مسؤوليتك الشخصية.. ويوم ما حد هيجي يسألني هقوله العقد أهو.. الأستاذ ماضي معايا على أساس إن ده الإعلان بتاعه.. أنا مسوق فقط.. أنا ماليش دعوة.. وبما إن حضرتك واثق من المنتج بتاعك خلاص.. وفيه حاجات كتير مش واخدة موافقات من وزارة الصحة وبتتباع يعني.. أنا هقولك على حاجة، أنت حر فيما لم تضر.. طول ما محدش اشتكى منك ف أنت كويس.. طالما المستحضر بتاعك مبيأذيش حد، محدش هيكلمك". 

 

وشدد صاحب الشركة على أن يكون المنتج المعلن عنه غير مؤذٍ. 

 

القوانين موجودة.. لكن من يطبقها! 

 

قد يتساءل البعض: إذا كان الأمر كذلك، فأين القانون؟! ولماذا تُترك هذه القنوات تبث تضليلها للمشاهدين ليل نهار؟! 

 

يقول الدكتور جورج عطالله، عضو مجلس الدكتور جورج عطالله عضو مجلس نقابة الصيادلة، أن هناك أكثر من قانون يمنع عرض المستحضرات الطبية على القنوات الفضائية، ووسائل الإعلام إلا بإذن وترخيص من وزارة الصحة، ويشير إلى قانون تنظيم مزاولة مهنة الصيدلة، والذي يعرف ما هو المستحضر الطبي، والمكان الذي يتم شرائه منه، والشخص الذي تتوافر فيه الصفات المؤهلة لتداوله وترويجه في الأسواق، بالإضافة إلى قانون الإعلانات الطبية والذي يحدد شروط الإعلان على القنوات الفضائية. 

 

وأضاف "عطالله"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن أهم شيء في هذه القضية هو وعي المواطن، مشيرا إلى أن بعض الأعشاب الطبية، والمستحضرات التي يتم الإعلان عنها قد تؤدي إلى بعض المضاعفات، ربما نتيجة للتفاعلات الدوائية داخل جسم الإنسان، والأهم من ذلك هو سوء التخزين، متسائلا: إذا أصيب الإنسان بأي أضرار، سيشتكي من؟؟ هل يشتكي رقم الهاتف الذي اشترى من خلاله المنتج!! 

 

ولفت عضو مجلس نقابة الصيادلة، إلى أن هناك بالفعل بعض المنتجات التي يتم الإعلان عنها على القنوات الفضائية، ولكن ربما بعضها غير مصرية ولا تخضع للقوانين المصرية، مشددًا على أهمية توعية المواطنين في مسألة شراء الأدوية بالذات. 

 

جريمة تُرتكب على الشاشات 

 

أما الدكتور خالد منتصر، فيؤكد أن "أي إعلان لدواء بدون السماح له من وزارة الصحة هذه جريمة.. واللوم في هذه الحالة على وزارة الصحة، والهيئات المسؤولة عن الإعلام، والقنوات التي تنشر ذلك"، أما المستهلك، فهو في الغالب إما (جاهل) أو (غلبان)، ويجب على المسؤولين حمايته". 

 

قانون هيئة الدواء المصرية.. نصوص حاسمة دون تطبيق 

 

بالعودة إلى القانون، وجدنا أن القانون الخاص بإنشاء هيئة الدواء المصرية، ويحمل رقم 151 لسنة 2019، ينص في مادته الثانية على أن "تحل هيئة الدواء المصرية المنشأة وفقًا لأحكام القانون المرافق محل كل من الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية المنشأة بقرار رئيس الجمهورية رقم 382 لسنة 1976، والهيئة القومية للبحوث والرقابة على المستحضرات الحيوية المنشأة بقرار رئيس الجمهورية رقم 398 لسنة 1995، وغيرها من الجهات والكيانات الإدارية ذات الاختصاص بمجال الرقابة على المستحضرات والمستلزمات الطبية الخاضعة لأحكام هذا القانون والقانون المرافق له، وذلك فى جميع الاختصاصات المنصوص عليها فى قوانين أو قارات إنشائها". 

 

مادة (14): 

 

تنشأ هيئة عامة خدمية تسمى "هيئة الدواء المصرية"، تكون لها الشخصية الاعتبارية، تتبع رئيس مجلس الوزراء، ويكون لها مقر رئيس يحدد بقرار من رئيس مجلس الوزراء، ويجوز بقرار من مجلس إدارة الهيئة إنشاء مقرات أخرى لها. 

 

مادة (15): 

 

تتولى هيئة الدواء المصرية، دون غيرها، الاختصاصات المقررة لوزارة الصحة والسكان والهيئات العامة والمصالح الحكومية فيما يخص تنظيم تسجيل وتداول ورقابة المستحضرات الوارد تعريفها فى المادة (1) من هذا القانون، والمواد الخام التى تدخل فى تصنيعها أينما وردت فى القوانين ذات الصلة واللوائح والقرارات التنظيمية، وذلك بالإضافة إلى الاختصاصات المنصوص عليها فى هذا القانون. 

 

مادة (16): 

 

تهدف هيئة الدواء المصرية إلى تنظيم وتنفيذ ومراقبة جودة وفاعلية ومأمونية المستحضرات والمستلزمات الطبية المنصوص عليها فى أحكام هذا القانون، وتقوم على تنفيذ أحكام قانون مزاولة مهنة الصيدلة المعمول به، بما لا يخالف أيًا من أحكام هذا القانون، وتتولى جميع الصلاحيات والاختصاصات والتصرفات القانونية اللازمة لذلك، ولها بوجه خاص ما يأتى: 

 

أولًا – وضع السياسات والقواعد والنظم لكل ما يتعلق بتنظيم وتنفيذ ورقابة إنتاج وتداول المستحضرات والمستلزمات الطبية والمواد الخام، والتحقق من جودتها وفاعليتها ومأمونيتها داخل وخارج الجمهورية فى إطار الرقابة على المنتجات المصرية، وذلك بالتنسيق مع الوزارات والهيئات المعنية، وفقًأ للمعايير الدولية المعمول بها. 

 

ثانيًا – تطوير وضمان جودة وفاعلية ومأمونية المستحضرات والمستلزمات الطبية والمواد الخام لمستحدثات العلم التى تستخدم فى التشخيص أو العلاج أو الوقاية وفقًا لمستجدات العلم. 

 

ثالثًا – وضع قواعد بيانات دقيقة ودائمة التحديث عن كل ما يخص المستحضرات والمستلزمات الطبية والمواد الخام المنصوص عليها فى هذا القانون. 

 

رابعًا – التوعية والتثقيف الدوائي للمجتمع، وإيصال الرسائل الصحية والمعلومات الموثقة عن الدواء للمهنيين والجمهور. 

 

خامسًا – تنظيم ورقابة إنتاج وتداول المستحضرات والمستلزمات الطبية والمواد الخام المنصوص عليها فى هذا القانون، والتحقق من جودتها وفاعليتها ومأمونيتها داخل وخارج الجمهورية فى إطار الرقابة على المنتجات المصرية والتمثيل بالخارج. 

 

سادسًا – اقتراح وإبداء الرأى فى مشروعات القوانين واللوائح والقرارات الخاصة بالمستحضرات والمستلزمات الطبية والمواد الخام، وكذلك الأمور التنظيمية ذات الصلة. 

 

سابعًا – التعاون والتنسيق مع المنظمات والجهات الوطنية والدولية المعنية بالمستحضرات والصحة العامة وتلك المختصة بإصدار المعايير ذات الصلة، وذلك فى نطاق تحقيق أهداف الهيئة، والمشاركة فى المؤتمرات المحلية والدولية وتنظيمها عند الاقتضاء. 

 

قانون الإعلان عن المستحضرات الطبية.. ردع ينتظر التفعيل 

 

أما قانون الإعلان عن المستحضرات الطبية، والذي نشر في الجريدة الرسمية العدد 33 مكرر بتاريخ 22 8 2017، فينص على أن "وزير الصحة اللائحة التنفيذية للقانون المرافق خلال شهرين من تاريخ العمل به"، وأن "يحظر الإعلان بأية وسيلة عن أي منتج صحي أو خدمة صحية دون الحصول على ترخيص بذلك من اللجنة المختصة المنصوص عليها في المادة رقم (3) من هذا القانون حتى لو كان مكتبا علميا". 

 

وينص قانون الإعلان عن المستحضرات الطبية، في مادته الثالثة، على أن "تشكل بقرار من رئيس مجلس الوزراء لجنة عليا، تختص بمنح الترخيص بالإعلان عن أي منتج صحي أو خدمة صحية، وتكون برئاسة وزير الصحة أو من ينوب عنه وتضم في تشكيلها ممثلين عن وزارات الصحة والسكان، والتموين، والداخلية، والعدل، ونقابات الإعلام والأطباء والصيادلة، وممثل عن جهاز حماية المستهلك". 

 

خلاصة هذه القوانين، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، أصدر قانونا -منذ 2017- لمكافحة هذه الظاهرة، وكان لا بُد لتفعيل هذا القانون أن تُشكل لجنة عليا تابعة لمجلس الوزراء لمراجعة الإعلانات ومنح المناسب منها التراخيص اللازمة، ولكن هذه اللجنة لم تظهر للنور حتى إجراء هذا التحقيق. 

 

مستشار رئيس الحكومة: "معنديش معلومات" 

 

تواصلنا مع هاني يونس، المستشار الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، ووجهنا له السؤال التالي: ما هو سبب عدم تشكيل اللجنة العليا، المفترض تشكيلها بقرار من مجلس الوزراء، حتى الآن؟ ليجيب علينا: "لا والله معنديش معلومات خالص.. معرفش والله.. ومعنديش معلومات عن الموضوع ده كله أصلا". 

 

رغم كل ما توصلنا إليه من معلومات، فالصورة عزيزي القارئ ليست قاتمة للغاية، وليست كاملة السواد، فهناك جهة أخذت على عاتقها محاربة هذه الإعلانات المضللة، وهذه الجهة هي جهاز حماية المستهلك. 

 

أصحاب الإعلانات في ساحات المحاكم.. غرامات والمخالفات مستمرة 

 

منذ أقل من شهرين، قضت محكمة القاهرة الاقتصادية بتغريم الممثل القانوني لشركة "أبلكس" مبلغ 900 ألف جنيه، وحبسه لمدة عام بتهمة "الإعلان المضلل" من خلال القنوات الفضائية بدون تصريح من المعهد القومي للتغذية. 

 

ليس هذا فحسب، بل إليك قائمة بأهم القضايا في هذا الشأن: 

 

- قضت المحكمة الاقتصادية في القاهرة، بغرامة قيمتها 100 ألف جنيه في الدعوى 792 لسنـة 2017، ضد الوكالة الإعلانية لقناة توك توك سينما الفضائية، بتهمة الإعلان عن منتج يسمى "مورا أناناس" دون الحصول على ترخيص من وزارة الصحة للتداول للمستهلكين. 

 

- وقضت المحكمة في الدعوى رقم 1601 لسنة 2016، ضد قناة "تايم اخترنا لك" الفضائية، بالحبس سنة مع الشغل وكفالة ثلاثة الاف جنيه لإيقاف التنفيذ وتغريم كل منهم عشرون ألف جنيه، بتهمة الإعلان عن منتج يسمى (صن برست) دون الحصول على ترخيص من وزارة الصحة للتداول للمستهلكين. 

 

- أما في الدعوى رقم 1022 لسنة 2016، المرفوعة ضد الوكالة الاعلانية لقناة المصراوية الفضائية، فقد قضت المحكمة بتغريم المتهمين عشرة آلاف جنيه وألزمتهم بالمصاريف الجنائية، بتهمة الإعلان عن بيع منتج يسمى knee support دون الحصول على ترخيص من وزارة الصحة للتداول للمستهلكين. 

 

- وفي الدعوى رقم 1493 لسنة 2016، المرفوعة ضد الوكالة الإعلانية لقناة توك توك سينما الفضائية، فقد قضت المحكمة بتغريم كل من المتهمين مائة ألف جنيه، بتهمة الإعلان عن بيع مجموعة تخسيس والتي تشتمل على (مستحضر نبتة للتخسيس - AZ PLUS شاي التخسيس الأخضر - slimming cream كريم حرق وامتصاص الدهون - صابون التنحيف لشد ترهلات الجسم) دون الحصول على ترخيص من وزارة الصحة بالتداول للمستهلكين. 

 

- وفي الدعوى رقم 1119 لسنة 2016، المرفوعة ضد "قناة بانوراما دراما 2"، فقد قضت المحكمة بتغريم المتهم مائة ألف جنيه بتهمة الإعلان عن بيع منتج يسمى tea fixed herbal دون الحصول على ترخيص من وزارة الصحه بالتداول للمستهلكين. 

 

خطوة مهمة عليك القيام بها قبل شراء أي منتج طبي 

 

رغم كل هذه القضايا وهذه الغرامات، فإن الإعلانات ما زالت مستمرة في البث، ووكالات الإعلان والشركات المنتجة ما زالت تجني الأرباح يوما بعد يوم. وحتى تتخذ الحكومة قرارًا بتفعيل اللجنة العليا، وتراقب على الإعلانات، ندعوك عزيزي القاريء إلى القيام بدورك، وأن تتأكد بنفسك من مأمونية أي علاج تأخذه، ولحسن الحظ فإن مركز المعلومات الدوائية التابع لهيئة الدواء يوفر لك كل المعلومات اللازمة قبل أن تتعاطى أي دواء.

 

ويمكنك التواصل معهم على هذا الرقم: 0225354188.