عشقه الجمهور وعاندته الدنيا.. لمحات قاسية من حياة أحمد زكي (بروفايل)

الفجر الفني

أحمد زكي
أحمد زكي



برع بشدة في جميع أدواره أمام الكاميرا، تقمص الشخصية بطريقة مذهلة حتى تظن أنه فعلا هو (البواب، ضابط أمن الدولة، المجرم الهارب، المعتوه، المدمن).. لا تفتأ تراه على الشاشة حتى يشخص بصرك ويلتئم تفكيرك مع شخصيته في العمل الفني، فتنهل من معرفته وإطلاعه بجميع تفاصيل الدور الذي يقدمه، وترى بعينك كم أن هذا الرجل يخدم أداءه ويتعامل مع أدواته بكل حرفية وتميز، وإذ نذكر اليوم الفنان المبدع أحمد زكي في ذكرى ميلاده الـ 71، لا يمكن أن ننسى مواقفه الإنسانية وملامح حياته الشخصية التي بلورت بكل دقة معنى الكفاح والاجتهاد وكذلك أظهرت ما لاقاه من عناء ومشقة.


الميلاد 

في مدينة الزقازيق محافظة الشرقية، ولد إمبراطور السينما المصرية (الفتى الأسمر) قبل 7 عقود من الآن، ما لبث أن رحل والده وهو لازال طفلا صغيرا، فتزوجت والدته لظروف مادية وبذلك نشأ "زكي" وحيدا متنقلا بين الفنادق لفترة تربو على الـ 18 عاما حتى وفاته بمرض السرطان اللعين عام 2006.


حكايته مع الفن

بدأت حكايته مع الفن من مسرح مدرسة "الصنايع" عندما كان طالبا لا يتجاوز الـ 16 من عمره، فشجعه مدير المدرسة وكل من رآه واقفا على خشبة المسرح.

كان "الفتى الأسمر" متمكنا من تقليد الشخصيات منذ صغره، إذ يحكي الفنان محمد ريحان أحد أصدقاء طفولته أنه ما قابل شخصا إلا واستطاع تقليده، فمثلا في القطار شاهد كفيف تجلس بجواره فتاة، وأراد الكفيف معاكستها فتلمس يده الفتاة، ويضطرب فيعيدها لمكانها مرة أخرى، فقلده أحمد بقدرات عالية".

رغم ما عاناه أحمد زكي من ظروف مادية صعبة في بداية حياته إلا أنه قرر الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية ورغم فشله في ذلك لمدة عامين، استطاع أن يحقق حلمه أخيرا على يد المسرحي علي فهمي الذي آمن بموهبته وشجعه.

 

يكره الوحدة

كان "زكي" يريد أن يخرج من وحدته التي فرضتها عليه ظروفه الصعبة، وأحب أن تكون له أسرة بها عدد كبير من الأفراد، حتى أنه قال: «كنت أول واحد يطلب من مراته أنه حماه وحماته يكونوا موجودين في البيت وكنت عاوز أجيب عيال كتير».

وتابع: "كنت أريد تكوين أسرة كاملة تتضمن أطفال وأفراد لهم تفاعلات كالصراخ والحديث وأفعال كالمذاكرة والطبخ، ولكن فشلت من جميع الاتجاهات".

 

الحب يدق بابه

وبالفعل؛ جمعه الحب بزوجته الوحيدة وأم ابنه الفنانة الرقيقة هالة فؤاد، والتي لفتت الأنظار إليها سريعا على الشاشة ببراءة وجهها وجمال طلتها، كان مسلسل "الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين" بمثابة وجه السعد على أحمد زكي، إذ ألتقى من خلاله بحبيبته وزوجته الأولى والأخيرة، إلا أن زواجهما لم يدم طويلا إذ استمر لمدة عامين وأنجبا خلالهما ابنهما "هيثم" ولكن زكى طلب منها بعد الانجاب التفرغ للحياة الاسرية واعتزال الفن ، فرفضت ووقع الطلاق بينهما، لتكمل هالة فؤاد مسيرتها الفنية بعد الطلاق حتى تقر الاعتزال بعد مرضها الأخير.


سبب طلاقه من هالة فؤاد

وفي أحد حواراته الصحفية، أظهر "زكي" سبب رفضه عودة زوجته للفن قائلا: "أردت أن أحميها من هذا العالم القاسى بأضوائه ومشاكله التى لا تنتهي، لم نحتمل العناد انفصلنا واعترفت أنى ظلمتها لأنى استغرقت فى حلمى لتأثيث بيت وعزوة لكن الحلم انتهى بشكل سريع".

توفيت زوجته وحبيبته عام 1993 عن عمر يناهز 35 عاما، فتملك الحزن من أحمد زكي، حتى أنه عندما وصله خبر وفاتها وهو يصور أحد المشاهد سقط مغشيًا عليه، ونقلوه إلى منزله، وطلب من الجميع عدم الإعلان عن تلك الواقعة، خاصة أن هالة عندما توفيت كانت زوجة رجل آخر.


مأساته مع ابنه 

ولتكتمل مآسي وأحزان "الفتى الأسمر" رفض ابنه الوحيد "هيثم" الإقامة معه، وفضل المكوث مع جدته لأمه بعد وفاة والدته، ولكنه كان يذهب إليه من فترة لأخرى ويزوره باستمرار ولكنه أراد أن يكون مكانه الأساسي مع جدته.


عقدة لون البشرة 

يحكي زكي، أنه تأثر جدا برفض مخرج فيلم "الكرنك" له ليقوم بدور البطولة أمام سعاد حسني بسبب لونه، مما أثر عليه فنيا وماديا وهو ما أحزنه بشدة لكنه بدأ المشاركة في أدوار ثانوية إلى أن حقق نجاح جماهيري كبير.

فاز زكي الذي أدى دور البطولة في العديد من الأعمال الفنية الناجحة بالعديد من الجوائز ومن بينها مهرجان القاهرة السينمائي عام 1990 ومهرجان الإسكندرية عام 1989.

 

وفاته

وتوفي قبل أن ينهي تصوير آخر أفلامه "حليم"، والذي عرض لاحقاً بعد موته في عام 2006 متأثرا بمرضه بالسرطان ينهي مسيرة عامرة بالعطاء الفني والإبداع اللا محدود.