زيدان يبدع ... وكومان يخفق !

الفجر الرياضي

بوابة الفجر


أصداء مختلفة تلك التي تعيشها جماهير الكرة في إسبانيا بعد نتيجة الكلاسيكو بين الريال والبرسا ، وردود أفعال متباينة بين القطبين الكبيرين تركت آثاراً سلبية لإقليم كاتالونيا وأخرى إيجابية في العاصمة مدريد .

لم يكن أكثر المتفائلين من مشجعي ريال مدريد ومُسَيِّري النادي أن يتوقعوا الفوز بثلاثية في الكامب نو معقل البلوجرانا بل حتى الكثير منهم لم يتوقع الفوز من الأساس ، وذهب البعض لإعتبار أن التعادل سيكون مُرْضِياً جداً بل بمثابة إنتصار للفريق في ظل الظروف الصعبة التي عاشها الريال على مدار أسبوع كامل من بعد العودة من التوقف الدولي والتي صاحبتها سوء نتائج وأداء الفريق بعد الهزيمة من قادش في الدوري ومن بعدها كارثة شاختار في دوري الأبطال ، كل هذا جعل الفريق يدخل مرحلة الشك وجعل البعض من الصحفيين والنقاد بل والجماهير أيضاً في مدريد يتحدثون عن مستقبل المدرب زيدان ، وهو الذي كان معصوماً من النقد والإنتقاد من قبل الريال ورئيسه ومشجعيه ؛ إلا أن زيدان وفي كل مرة يوضع تحت الضغط ويتم التشكيك به وبقدراته وأفكاره إلا ويأتي رده سريعاً وقاسياً .

ربما هي أفضل مباراة أدارها زيزو منذ بداية الموسم خاصةً التغييرات التي أبرمها بالشوط الثاني للمباراة ، فكلما شَعُر أن الكفة تميل لبرشلونة وبدأوا يتحكمون على منطقة وسط الميدان أم المعارك إلا ويُحْدِث تغييراً يُعَدِّل به كفة الميزان من جديد ، تكرر هذا في أكثر من تغيير وبالذات في تغيير ناتشو فيرنانديز الظهير الأيمن للفريق الذي خرج مصاباً وحل مكانه إضطرارياً لوكاس فاسكيز وعدم تكرار خطأ المباراة السابقة أمام شاختار الأوكراني واللعب بالفرنسي فيرلاند ميندي بمركز الظهير الأيمن وأيضاً تغييره بإقحام عازف الموسيقى الكرواتي لوكا مودريتش أفضل لاعب في العالم ٢٠١٨ والذي سيطر بروعته وبراعته تماماً على منطقة الوسط وكلل مجهوده في الدقائق التي لعبها بهدفٍ هو أحد أجمل أهداف الموسم منذ بدايته .

أما على الجانب الآخر ، ففي إقليم كاتالونيا المُعارض والباحث عن الإستقبال سياسياً فلم يكن أكثر المتشائمين من مشجعي برشلونة يتوقعون الهزيمة على أرضهم من الريال بحالته التي كان عليها قبل اللقاء ، بل وذهب البعض من الجماهير والنقاد ليتوعد الريال وجماهيره بخماسية أخرى كتلك التي كانت على نفس الملعب الموسم قبل الماضي في الدور الأول من الليغا إبان فترة لوبتيجي مدرب الريال الأسبق ، مستندين على ذلك ومعللين تفاؤلهم بالحالة التي كان عليها الفريق الكاتالوني قبل اللقاء ونشوتهم بإنتصار برشلونة الكبير بخماسية أمام فرينكيفاروسي في دوري الأبطال وأيضاً الحالة السيئة التي كان عليها ريال مدريد أيضاً القادم من خسارتي قادش وشاختار على أرضه .

ربما اللوم الأول سيقع على عاتق الهولندي رونالد كومان مدرب الفريق ، والذي أدار واحدة من أسوأ لقاءات برشلونة في الكلاسيكو العقد الأخير ، وزادها سوءاً تغييراته الغير مبررة والغير مفهومة إطلاقاً ، وأقحم العديد من اللاعبين الشباب في مباراةٍ كهذه ولا نعلم كيف؟ على النقيض تماماً من تغييرات خصمه الفرنسي زيدان . 

ربما من أخطاء الهولندي أيضاً ترْكِه للعديد من اللاعبين على أرض الملعب لوقتٍ طويل دون الإستفادة منهم بل كانوا أعباءاً على الفريق وساهموا كثيراً في إنخفاض الرِتم وسوء السيطرة على منطقة وسط الميدان وعدم القدرة على التحكم فيه في بعض أوقات المباراة وهو ما كان يميز برشلونة إبان فترة طيبي الذكر دائماً وأبداً ( تشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا ) فكان من المفترض لما شاهدناه إخراج سيرجيو بوسكيتس خاصةً مع بداية الشوط الثاني للقاء وهو من تسبب في ضياع السيطرة من برشلونة في معظم فترات اللقاء وكذا كمّ التمريرات الخاطئة التي كانت تخرج من أقدامه وتذهب للريال ويستغلها توني كروس كثيراً وكادت تهدد مرمى برشلونة في أكثر من مناسبة ، وأيضاً كان يجب خروج جيرار بيكيه من الشوط الثاني بل لن أبالغ حين أقول أنه لم يعد مقبولاً وجوده أساسياً في مباريات برشلونة الفترة القادمة ، بكل صراحةٍ وأمانة ودون تحيُّز ضد اللاعب فهو ومع كامل الإحترام والتقدير له ولتاريخه الكبير والعريق الذي صنعه رفقة برشلونة ومنتخب إسبانيا إلا أنه حان الوقت للتخلي عن خدماته أو أن يرحل هو طواعيةً ؛ لأنه وبصدق قد نفذ رصيده كلاعب منذ أكثر من موسمين وتحديداً منذ هزيمة روما الكارثية بدوري الأبطال ٢٠١٨.

ملحوظة أردت مناقشتها : كثيرةٌ هي تلك المقارنات التي تتم طوال الوقت بين اللاعبين والأندية والإدارات في كافة المجالات ، ولكن ؛ لطالما صنع الإسبان نقاداً وجماهير مقارنة أراها ظالمة جداً وكثيراً بين سيرجيو راموس أفضل مدافع في العالم في العقد الأخير وأحد أفضل المدافعين في التاريخ وبين جيرار بيكيه زميله في المنتخب الإسباني لأكثر من عشر سنوات . لم يعد خفياً على الجماهير قوة وشخصية وفنيات راموس وحتى قدراته التهديفية والتي تتجلى بضربات الرأس وركلات الجزاء ، ولسنا موضع تقييم المدافع الإسباني الصلب ولكن إحقاقاً للحق فإن ريال مدريد يتأثر كثيراً بغياب راموس عن أي مباراة ، ويفقد الفريق الكثير من كبريائه وهيئته ، ظهر هذا في أكثر من مناسبة بل وفي كل مناسبة يغيب فيها القائد الكبير وأشهرها لقاء العودة أمام مانشيستر سيتي بملعب الإتحاد بدوري أبطال أوروبا الموسم الماضي وأخطاء فاران القاتلة ، وحتى الأسبوع الماضي أمام كلٍ من قادش واختار ، راموس وبإختصار يمنح الفريق القوة اللازمة والشخصية القوية المطلوبة ويمنحه التوازن الحقيقي في الدفاع وبين الخطوط الثلاثة ، تجده وحشاً قوياً وقت أن تحتاجه في الدفاع ولاعب وسط مساهم في الكثافة العددية للثلاثي مودريتش وكروس وكاسيميرو وصانعآ للتوازن وقت أن تحتاجه في وسط الميدان ومحرزاً للأهداف بالرأس والقدم وقت أن تحتاجه مهاجم ، هو القائد في الملعب الذي يحتاجه أي مدرب في العالم وهو ذاك اللاعب الذي يفرض القوة والشخصية والهيبة لفريقه ويبث الخوف ويزرعه في نفوس المهاجمين من خصومه ، هو المسيطر على غرفة الملابس المدججة بالنجوم والأساطير ، بإختصار سيرجيو راموس يشبه كثيراً ريال مدريد في شعاره وكلاهما يليق بالآخر.... أما بيكيه فهو مدافع جيد وربما جيد جداً ولا يتخطى هذا الوصف .

أخيراً وليس آخراً ، أربع رسائل لكلاً من :-

رونالد كومان
أخفقت كثيراً في إدارتك للقاء ولكن هذا لا يعني أنك مدرب سيء ، فمازلت تتحسس أجواء البيت الكاتالوني وتعيد ترتيب أوضاعه بعد أعوام من الهدم ولكن ؛ لا تنتظر التطور سريعاً ، ستحتاج بعض الوقت ، وأنت وحدك القادر على التغيير شرط أن تتخلى عن بعض قناعاتك وتبتعد قليلاً عن العند الذي يدور في رأسك تجاه بعض القرارات . 
زين الدين زيدان
أثبت مرةً أخرى كفائتك وأحقيتك في تدريب الريال . هدوئك، شخصيتك، أناقتك، أحاديثك الصحفية، حواراتك، قيادتك لغرفة الملابس، تركيزك الدائم، الكاريزما الخاصة بك كلها أمورٌ يجب أن تُدَرَّس لتصبح مدرسةً في التدريب كالمدارس التدريبية ليوهان كرويف وأليكس فيرغسون وأريجو ساكي . كنت ومازلت وستظل أسطورة يا زيزو ( لاعباً ومدرباً ) . 

ليونيل ميسي 
غريبٌ هو الأمر ونادراً ما يحدث ، أن يمر الكلاسيكو دون أن نشعر بك وبوجودك اللهم إلا في تسديدة الشوط الأول التي تألق العملاق البلجيكي تيبو كورتوا حارس مرمى الريال في التصدي لها ، لدرجة سخرية البعض على وسائل التواصل الإجتماعي من وجودك في المباراة نتيجة عدم شعورهم وشعورنا بوجودك . هل هي النهاية؟ أم الرغبة في الرحيل ما زالت؟

لوكا مودريتش
كلما إزداد العمر تقدماً كلما طاب عِطرُك وفاحت رائحة الرسوم التي تقدمها بقدميك يا عازف الموسيقى وأوركسترا الملكي ، بإعتزالك سيبحث الريال كثيراً لتعويض لاعب ربما من الصعب إيجاده مثله .