عادل حمودة يكتب: إيميلات هيلارى كلينتون على جهاز كشف الكذب

مقالات الرأي



موزة تبرعت بنصف مليون إسترلينى لصندوق الوزيرة مقابل لقاء واحد معها 

زوجة تونى بلير حصلت على مليون إسترلينى سمسرة من عقارات اشترتها العائلة القطرية فى لندن

شهادة هيكل على ديمقراطية حمد بن خليفة بعد تبرعه بستين مليون دولار لدعم الديمقراطية فى مصر

مؤسسة إعلامية لدعم الإخوان يرأسها خيرت الشاطر وتمولها قطر بمائة مليون دولار

اتصالات مرسى بالسفارة الأمريكية بدأت فى عام 2009 ونقل ما يدور فى اجتماعات الجيش بالأحزاب السياسية بعد تنحى مبارك

كانت مصر تغلى بالثورة رفضا لوصول محمد مرسى إلى الرئاسة.. فى ذلك اليوم من شهر يوليو 2012 عادت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون إلى القاهرة لتتابع التغيرات غير المتوقعة فى بلد شديد الأهمية بالنسبة لمصالح بلادها.. لكنها.. وجدت فى انتظارها عواصف من الغضب نالت منها ومن رئيسها باراك أوباما بسبب دعم إدارته لتنظيم الإخوان.

حسب ما سجلت فى مذكراتها خيارات صعبة فإن الحشود تجمعت أمام فندقها وعندما سلك موكبى مدخلا جانبيا للوصول إلى موقف السيارات راح الناس يطرقون على سياراتنا دون أن تفعل الشرطة شيئا لردعهم.

وفى غرفتى فى الطبقات العليا سمعت الهتافات المناهضة لأمريكا وأمضى فريق عملى وموظفو الأمن ليلة مضطربة مستعدين للإجلاء من الفندق إذا لزم الأمر.

وعلى الرغم من التحذيرات من وجود احتجاجات أشد عنفا فى الإسكندرية أصررت على السفر إلى هناك لأفتتح القنصلية الأمريكية التى أعيد ترميمها بعد.. اضطررنا إلى السير فى محاذاة الحشد الغاضب أصيبت توريا نولاند المتحدثة باسمى الشجاعة بالطماطم المنهالة علينا ورمى رجل حذاءه على نافذة سيارتى ونحن ننسحب للتوجه إلى المطار.

كان ذلك الحادث أسخن ما فى المذكرات التى نزعت منها هيلارى كلينتون الدسم فلم تزد عن كونها ثرثرة باردة كسبت صاحبتها عشرة ملايين دولار وهى تخرج لسانها لكل من اشتراها.

تأكدت هذه الحقيقة فيما بعد عندما أباحت إدارة الرئيس دونالد ترامب فى 7 أكتوبر الجارى نشر إيميلات هيلارى كلينتون أو رسائلها الإلكترونية التى كانت بمثابة جهاز لكشف الكذب وضعت عليه.. كشفت الإيميلات عن حقائق مذهلة لن تكف دول العالم عن تناولها وفحصها والتفتيش فى خباياها وربما غيرت بسببها سياستها الخارجية وأطاحت بحكوماتها الداخلية.

وصل عدد هذه الإيميلات إلى 61235 وثيقة ما يهمنا منها 1870 وثيقة عن الربيع العربى و510 وثائق عن الإخوان و518 وثيقة عن مصر ومثلها عن قطر.

والمؤكد أن هذه الوثائق تحتاج لوقت طويل لبحثها وتأملها وتصنيفها حسب أهميتها ودرجة الثقة فى مصدرها خاصة أن بعضها يعتمد على عملاء أو مخبرين مجهولين نقلوا ما سمعوه دون تقديم ما يثبت صحته لتصبح الوثائق فى هذه الحالة نوعاً من الثرثرة لا يعتد بها.

ولكن علينا الاعتراف بأن نصف الوثائق المتعلقة بالشرق الأوسط تستند إلى مصادر عليا فى أجهزة المخابرات الأمريكية والأوروبية مما يمنحها الثقة الكافية للاطمئنان إليها والتعامل معها.

هناك على سبيل المثال 19 إيميلا تبادلتها شيرى زوجة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق تونى بلير وهيلارى كلينتون فى أربعة شهور عام 2009 بعد 20 شهرا على استقالة بلير.

كانت شيرى تضغط على هيلارى لتلتقى بالشيخة موزة بنت مسند زوجة حاكم قطر السابق حمد بن خليفة.

حسب ما أباحت به الوثائق فإن شيرى اعترفت بأن الشيخة موزة وجه غير مقبول فى السياسة الخارجية وإن كانت إلى جانب قناة الجزيرة مصدرا من مصادر القوى القطرية الناعمة بالتبرعات الخيرية السخية التى تقدمها لكثير من الجمعيات الأهلية على اتساع الدنيا وأوحت شيرى بلير بأنها يمكن أن تتبرع إلى صندوق هيلارى الخيرى.

تلقت هيلارى بالفعل تبرعا من موزة بنصف مليون إسترلينى بعد أن التقت بها لكن الأهم من التبرع أن موزة أرادت تقديم ابنها تميم إلى هيلارى بعد أن رتبت لتوليه الحكم فى حياة أبيه طالبة دعم الأجهزة الأمريكية لوجوده على العرش.

على أن الأخطر من ذلك كله أن عائلة بلير تلقت مليون إسترلينى سمسرة فى عقارات توسطت فى شرائها للعائلة القطرية.

وكانت موزة وراء شراء كثير من الأصول فى لندن منها 8% من بورصة بريطانيا ونسبة من ملكية مجموعة سوبر ماركت سينسبرى وأعلى مبنى سكنى فى هايد بارك ومحلات هارودز وثلاثة قصور أزالت الأسوار بينها واعتبرتها سكن عائلة آل ثان فى لندن.

ودون أن نبتعد عن العائلة الحاكمة فى قطر نتوقف عند وثيقة أخرى يمكن الوثوق فى مصادرها.

الوثيقة تتناول مناقشات بين هيلارى كلينتون ورئيس الحكومة القطرية حمد بن جاسم فى خريف عام 2012 حول صندوق الاستثمار المصرى الأمريكى الذى أطلق برأسمال 60 مليون دولار وعرضت قطر المشاركة فى الصندوق بجزء من المليارى دولار التى أقرضتها لمصر.

وكانت واشنطن قد أطلقت الصندوق فى مصر وتونس لدعم المشروعات الصغيرة وتولى هذه المهمة جيم هارمون رئيس بنك التصدير والاستيراد الأمريكى.

فى الخريف نفسه.. وبالتحديد فى 17 سبتمبر 2012 وافقت قطر على تمويل مؤسسة إعلامية للإخوان باستثمارات لا تقل 100 مليون دولار بعد أن اشتكوا من ضعف مؤسساتهم الإعلامية واقترحت قطر أن يدير المؤسسة وضاح خنفر المدير السابق للجزيرة ولكن الجماعة اشترطت أن يتولى خيرت الشاطر إدارة المشروع على أن تكون البداية قناة إخبارية وصحيفة مستقلة.

وفيما بعد التقت هيلارى كلينتون بوضاح خنفر فى الدوحة فندق فور سيزونز يوم الأول من مايو عام 2011 وكان بصحبته مدير الجزيرة الناطقة بالإنجليزية تونى بورمان وأعقب ذلك لقاء مع مجلس إدارة الجزيرة فى مقر القناة لمناقشة مشروع المؤسسة الإعلامية الإخوانية واتفق على اجتماع آخر فى واشنطن لوضع التفاصيل النهائية للمشروع.

قبل ذلك فى 18 يوليو 2011 كشفت وثيقة أخرى عن ضخ 60 مليون دولار من قطر بزعم دعم الديمقراطية فى مصر بعد تظاهرات يناير.

وما يؤكد صحة الوثيقة ما سبق أن سجلته على لسان هيكل وقتها حين قال:

اتصل بى الشيخ حمد بن خليفة منتشيا من تزايد حدة التظاهرات المطالبة برحيل مبارك ولم يتردد فى أن يتحدث عن أموال أرسلت إلى مصر لدعم الديمقراطية وتعجبت من الرد متسائلا ماذا تقصد بالديمقراطية أجاب حق الشعوب فى حكم نفسها بنفسها.

وأغلب الظن أن هيكل لم يحرجه بسؤال عن الديمقراطية فى بلاده التى سجنت شاعرا بسبب قصيدة هجاء للعائلة الحاكمة.

كما أن وزير الداخلية وقتها اللواء محمود وجدى عرف بالأموال القطرية المهربة إلى مصر وأبلغ مبارك بها ولكنها دخلت من مطار برج العرب دون الإمساك بحاملها.

لكن الديمقراطية التى دعمتها قطر فى مصر بدت كلمة فارغة بعد أن وضع محمد مرسى كافة الصلاحيات فى يده دون أن يسمح للسلطة القضائية بالاعتراضات على قراراته ليرسخ سيطرة الجماعة على المشهد السياسى حسب وثيقة بتاريخ 26 نوفمبر عام 2012 بعنوان سرى : السياسة الداخلية المصرية بشأن استحواذ مرسى على السلطة.

وتوقع مرسى احتجاحا على ما فعل ولكنه لم يتصور أن تشعل ديكتاتورى أحداث العنف التى وقعت وجعلته يطلب من الجيش التدخل لكن القائد العام للقوات المسلحة رفض مقترحا تولى الشرطة مهمة السيطرة على ما يجرى.

لكن عجز مرسى عن السيطرة على ما يحدث انتقل من الداخل إلى الخارج.. فى إيميل آخر بتاريخ 14 سبتمبر 2012 تحت عنوان سرى: محادثات مرسى الخاصة عبر مرسى فى اجتماعاته السرية مع قادة ودبلوماسيين أوروبيين فى بروكسل عن مخاوفه من انتشار العنف ضد المصالح الغربية فى مصر لزعزعة استقرار حكومته التى وصفها بأنها معتدلة فى مواقفها مع إسرائيل والغرب.

والحقيقة أن موقف مرسى من الغرب والولايات المتحدة بالتحديد أبعد من أن يوصف بالاعتدال ويمكن وصفه بما هو أسوأ.

فى وثيقة تحمل رقم 057392624 سى التابعة لحقيبة الوثائق رقم 201504841 أف سجلات الخارجية الأمريكية نجد مراسلات السفارة الأمريكية عن مرسى وتؤكد أنه كان على اتصال بها منذ صيف 2011 وقبل تأسيس حزب الحرية والعدالة وبعد أن أصبح رئيسا للحزب.

فى تلك الاتصالات السرية قدم مرسى أولاً بأول سيلا من المعلومات عن لقاءاته مع النخبة السياسية والثقافية فى مصر ولقاءات رؤساء الأحزاب مع المجلس العسكرى الحاكم وطلب المشورة الأمريكية فى خطواته السياسية قبل اتخاذها.

وبعد أن وصل مرسى إلى الرئاسة ارتفع مستوى اتصالاته لتكون مع مبعوثين من أوباما وهنا لفت مرسى الانتباه إلى أن المعونة الأمريكية تذهب إلى الجيش وليس إلى الحكومة وكان أن حاولت إدارة أوباما تحويل جزء من المساعدات العسكرية إلى مساعدات اقتصادية بهدف خنق تسليح الجيش وفيما بعد رد الرئيس عبد الفتاح السيسى عقب انتخابه بتنوع مصادر السلاح مما جعل إدارة ترامب تعيد المعونة العسكرية إلى ما كانت عليه.

وعكس ما كان يردده الإخوان فى العلن عن الدعوة إلى إجراء استفتاء شعبى على معاهدة كامب ديفيد كان مرسى يؤكد للجانب الأمريكى أن موقف جماعته من إسرائيل هو الأكثر اعتدالا فى العالم الإسلامى بكل تنظيماته الدينية العلنية والسرية.

وفى كل اللقاءات مع الجانب الأمريكى حاول مرسى أن يبيع إليهم بضاعة مستهلكة : إن النظام الإسلامى المعتدل سيكون الضامن لمصالحهم فى المنطقة وأن دعمه سيمنع وصول نظام إسلامى متطرف ضد مصالحهم ولكن ردت وكالة المخابرات المركزية على ذلك بتقرير إلى وزيرة الخارجية أكدت فيه أن الإخوان تعاملوا مع المعارضة بعنف وصل إلى حد القتل فى أحداث الاتحادية فى أعقاب إعلان مرسى وضع الصلاحيات فى يده.

وحاول مرسى أن يبيع بضاعة أخرى فاحت رائحة العفن منها : إن التظاهرات التى تحدث فى مصر ليست موجهة ضده أو ضد جماعته وإنما موجهة ضد الولايات المتحدة.

والحقيقة أن اتصالات مرسى بالإخوان سابقة إدارة أوباما وهذا ما سجله موقع ويكليكس عليه فى ديسمبر 2010 حين كشف وثيقة للخارجية الأمريكية ترجع إلى عام 2008 عن اتصالات مرسى بالسفارة الأمريكية فى وقت إدارة الرئيس جورج بوش.

وجاءت وثيقة الخارجية الأمريكية المفرج عنها فى أكتوبر 2020 لتؤكد أن مرسى حينما كان رئيسا للجمهورية تعاون مع الإدارة الأمريكية ونقل أسرارا عسكرية وسياسية وحكومية مخالفا القانون والدستور مما يعرضه لمحاكمة سريعة ومضمونة الإدانة بتهمة الخيانة العظمى ولكن القضية سقطت قبل أن ترفع لوفاته فى 17 يونيو 2019.

العدد القادم:

■ تعليمات صارمة من المرشد إلى ميليشيات الإخوان: احموا السفارة الأمريكية بصدوركم

■ واشنطن تهدد بقطع المعونة بعد الاعتداء على جنودها فى سيناء

■ السياسى الليبى الإخوانى محمد المقريف : مستعد لتوقيع معاهدة سلام مع إسرائيل لو جئت رئيسا