ألف ليلة وليلة فى «البيت الأبيض».. جاكلين كينيدى قصة معقدة لامرأة غامضة

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


رغم أنها السيدة الأولى الأكثر شهرة، على مستوى العالم، لكن.. تظل جاكلين كينيدى شخصية غامضة، وربما مثيرة للجدل، وهو بالضبط ما أرادته دائما زوجة الرئيس الأمريكى الراحل جون كينيدى التى أرسلت برسالة خاصة إلى صديقة لها قبل حفل تنصيب الرئيس الأمريكى الراحل، كتبت فيها: «أود أن تبقى حياتى مثل جبل جليدي. الحياة العامة فوق الماء - والحياة الخاصة هى المغمورة». 

فى هذا الإطار تنشر محطة سى CNN حلقات مسلسلة تسلط الضوء على 6 نساء شغلن منصب السيدة الأولى فى الولايات المتحدة، وتلقى نظرة أعمق على واحدة من أشهر السيدات الأوائل فى التاريخ الأمريكي.. وتناولت الحلقة الخاصة بجاكلين كينيدى الكثيرة من الأسرار الخاصة بأشهر سيدة جلست فى البيت الأبيض.

1- السيدة الأولى 

ولدت جاكلين فى عام 1929 فى ساوثهامبتون، نيويورك، والدها كان سمسارا فى البورصة ويدعى جون فيرنو بوفيير الثالث، فيما كان اسم والدتها جانيت لى بوفييه، وحصلت جاكلين على درجة البكالوريوس فى الآداب وتخصصت فى الأدب الفرنسى من جامعة جورج واشنطن سنة 1951، وعملت صحيفة ومصورة فى واشنطن تايمز.

فى العام التالي، التقت مع عضو الكونجرس آنذاك جون كينيدى فى حفل عشاء فى واشنطن، وتم انتخابه لمجلس الشيوخ فى نفس العام، وتزوجا فى 12 سبتمبر 1953، فى نيوبورت، رود آيلاند، وأسفر زواجهما عن أربعة أطفال، توفى اثنان منهم فى سن الطفولة، بعد انتخاب زوجها للرئاسة فى عام 1960، واشتهرت جاكلين بقدرتها على إعادة تصميم ديكورات البيت الأبيض.

كانت جاكلين كينيدى تبلغ من العمر 31 عاما فقط عندما انتقلت هى وعائلتها الشابة إلى البيت الأبيض، مما جعلها ثالث أصغر سيدة أولى فى التاريخ وأول سيدة تربى أطفال داخل البيت الرئاسى منذ مطلع القرن العشرين، فيما كان زوجها، جون كينيدي، يبلغ من العمر 43 عاما عندما أصبح أصغر رجل تم انتخابه لهذا المنصب.

خلال حملة جون كينيدى الرئاسية قالت إن الناس رأوها « سيدة متعجرفة من نيوبورت لديها شعر منتفخ وترتدى ملابس فرنسية وتكره السياسة»، كل هذا تغير بمجرد أن أصبحت السيدة الأولى، حيث وقع العالم فى حبها، ورغم أنها كانت صغيرة، كانت مناسبة تماما لدور السيدة الأولى بفضل إمكانياتها الثقافية والسياسية الهائلة، وأصبحت نجمة عالمية ودبلوماسية من طراز رفيع، ورغم ذلك كان دورها كأم أكثر ما تقدره حسبما قالت: «إذا أخطأت فى تربية أطفالك، فلا أعتقد أن أى شيء آخر تقوم به على نحو جدى مهم للغاية». 

بعد اغتيال وجنازة زوجها، انسحبت جاكلين كينيدى وأطفالها إلى حد كبير من المشهد العام، وفى عام 1968، تزوجت من قطب الشحن اليونانى أرسطو أوناسيس، وبعد وفاة أوناسيس عام 1975، عملت كمحررة للكتب فى مدينة نيويورك، قبل وفاتها عام 1994 بسبب سرطان الغدد الليمفاوية. 

2- ماض معقد

والد جاكى جون فيرنو بوفيير الثالث كان رجلا وسيما لكنه كان يعانى من إدمان الكحوليات وطاردته الفضائح والأقاويل، الأمر الذى كان مهين جدا لجاكى وشقيقتها لي.. كونهما كانتا تعشقان والدهما، ورأت جاكى أن زوجها كينيدى كان مثل والدها، زير نساء، ولهذا السبب واجهت الكثير من المتاعب فى الوثوق به كزوج. 

وفى رسالة إلى القس الأيرلندى جوزيف ليونارد قبل الزواج، أعربت جاكلين عن شكوكها بشأن زوجها المستقبلي، وكتبت: «إنه مثل والدى بطريقة ما - يحب مطاردة النساء ويشعر بالملل من الاستقرار- وبمجرد الزواج كان يحتاج إلى دليل على أنه لا يزال جذاب، لذلك كان يغازل النساء الأخريات ويستاء من والدتي، لقد رأيت كيف كاد ذلك أن يقتلها». 

كانت جاكى على علم بأن زوجها يعشق النساء ولكنها تعلمت أن تغض بصرها، ربما لكونها نشأت فى بيئة اعتاد فيها الزوج أن يفعل ما يريد بينما تسامحه الزوجة فى النهاية، وهذا ما أخبره صديق مقرب من العائلة لمجلة بيبول.. وأضاف: « فى نهاية اليوم، عاد جون إلى جاكي، وكان هذا هو الحال، لقد أحبوا بعضهم البعض، و لم تكن تحاول أو تسعى إلى تغييره».

يتناول كتاب سيمور هيرش عام 1997 (الجانب المظلم من كاميلوت) الكثير من التفاصيل حول العلاقات العاطفية لجون كينيدي، ووفقا للكاتب، فإن الرئيس الأمريكى الأسبق استخدم الخدمة السرية لتزويده بسيل لا نهاية له من النساء، كانت الغالبية العظمى منهن فتيات ليل، وربما جئن من منظمات إجرامية سرية.

وأجرى هيرش مقابلة مع عميل فى الخدمة السرية لكتابه، ووفقا له، التقط كينيدى صور لعشيقاته على فراشه داخل البيت الأبيض، كما يبدو أن بعض الصور ضمت الرئيس الراحل نفسه - لكن المشاركين فى مشاهد غرفة النوم كانوا يرتدون أقنعة فى كثير من الأحيان.. غير أن الصور الفاضحة لم تخرج من محيط السرية إلى العلن حتى الآن. 

3- الباحثة عن المال

كانت قيمة عائلة كينيدى أكثر من 500 مليون دولار، وانجذبت جاكى إلى ثروة جون كينيدي، وفى الأساس، نشأت جاكى فى عائلة ثرية، غير أن والدها تسبب فى فوضى مالية للأسرة من خلال الاستثمارات السيئة، لذا نصحتها والدتها بالزواج من رجل ثرى يحقق لها ما تطمحه، لذلك سعت جاكى للبحث عن رجال أثرياء حتى بعد وفاة زوجها جون كينيدي.

السعى وراء زوج يمتلك ثروة دفع جاكى لكى تتغاضى عن كل عيوب كينيدى بما فى ذلك زيجة سابقة، ترددت شائعات منذ فترة طويلة أنه جون كان متزوجا سرا من امرأة أخرى قبل أن يتزوج جاكي، تفاصيل القصة تقول إن جون، كان بصحبة فتاة مجتمع تدعى دورى مالكولم فى حفلة بالم بيتش فى عام 1947 عندما قررا الزواج وهما فى حالة سكر، وعند علم والد جون بما حدث قام بتدمير جميع السجلات الخاصة بهذه الزيجة.

وفقا للمراسل الاستقصائى سيمور هيرش وكتابه عام 1997 (الجانب المظلم من كاميلوت)، رتب صديق عائلة كينيدى ريتشارد كاردينال كوشينج من بوسطن بهدوء لإلغاء الزواج، ويبدو أن هناك ملفات من المباحث الفيدرالية رفعت عنها السرية والتى تشير إلى نفس الشيء: جاكى كانت زوجة جون كنيدى الثانية.

4- أدوية الأعصاب

فى حفل التنصيب بدت فى صورة رائعة على الرغم من أنها خضعت لعملية قيصرية قبل شهرين، وأنجبت جون جونيور، كانت مرهقة للغاية فى ليلة التنصيب لدرجة أنها اتصلت بطبيب الرئيس لإعطاءها دواء ديكسيدرين حتى تتمكن من الوقوف بجوار زوجها فى أهم لحظات حياته.

كان هذا الدواء يستخدم فى نطاق واسع من قبل القوات الجوية العسكرية أثناء المهام المرهقة مثل مهام القصف الليلي، كما كان يتم إستخدامه فى الحرب العالمية الثانية كعلاج للإرهاق، وفى طريقهم للحفل، طلب جون كنيدى من سائقهم تشغيل الأنوار داخل السيارة «حتى يتمكن الناس من رؤية جاكي». تذكر وليام والتون، صديق عائلة كينيدي، أنهم جعلوها تجلس بشكل بارز حتى يتمكن الناس من رؤيتها على نحو أفضل. كانت تحت ضغط كبير، وبطريقة ما تمكنت من أن تبدو خالية من العيوب.

كانت جاكلين تشعر بالضغط عليها لكى تكون الزوجة المثالية، والأم المثالية والدبلوماسية المطيعة. بالطبع، لم يكن لديها خيار فى ذلك الوقت - وكان تحت تصرفها الكثير من الأدوية.

كما كانت جاكى تشعر دائما بالضغط عليها لكى تكون فى كامل أناقتها.كان الشخص الحقيقى المسؤول عن مظهرها هو مصمم الأزياء أوليغ كاسيني، الذى كان أيضا أحد أقرب المقربين لها. ابتكر كاسينى البدلات والقبعات المطابقة، وغيرها من التصميمات التى جعلته يستحق لقب المصمم العبقري. قال ذات مرة عن سنوات البيت الأبيض: «كل ما أتذكره عن تلك الأيام هو التوتر العصبي، وجاكى على الهاتف وتقول أسرع، أسرع، أوليج، ليس لدى ما أرتديه». 

5- غراميات خاصة 

بين جون كينيدى وزوجها الثاني، الملياردير اليونانى أرسطو أوناسيس، يبدو أن جاكلين كان لديها حبيب آخر: ديفيد أورمسبي-جور، اللورد الخامس لهارليك والسفير البريطانى لدى الولايات المتحدة خلال السنوات التى شغل فيها جون كينيدى منصب الرئيس الأمريكي. بعد وفاة كينيدي، فقد أورمسبى جور زوجته أيضا فى حادث سيارة، وكان هذا الإحساس المتبادل بالخسارة والوحدة هو الذى ساعد على تقريب الزوجين من بعضهما البعض.

ومع ذلك، شعرت جاكى فى النهاية أنه من غير المناسب أن تتزوج من شخص كان قريبا جدا من زوجها الراحل، ولذلك رفضت اقتراح أورمسبى جور بالزواج. فى خطاب عام 1968 تشرح فيه القرار، كتبت إلى أورمسبى جور، «إذا كان بإمكانى العثور على بعض الشفاء والراحة - يجب أن يكون مع شخص ليس جزء من كل ما عندى من الماضى والألم. يمكننى أن أجد ذلك الآن إذا سمح العالم بذلك «.

عاشت عائلة كينيدى فى البيت الأبيض لأكثر من ألف يوم بقليل، من 20 يناير 1961 حتى بعد وقت قصير من اغتيال جون كنيدى فى 22 نوفمبر 1963. فى ذلك الوقت كانت البلاد فى أمس الحاجة إلى جاكى كينيدي، وقد فعلت ما لا يمكن تصوره وبشجاعة مع طفلين صغيرين بجانبها. عندما ننظر إلى كواليس القصة الحقيقية لجاكلين كينيدي، نرى امرأة جمعت الكثير من التناقضات، كانت ضعيفة وقوية فى نفس الوقت، وفى حاجة دائما لكى تشعر بالأمان مع رجل ولكنها كانت دائما مستقلة .