د. رشا سمير تكتب: اليوم العالمى للمرأة الريفية

مقالات الرأي




يتزامن اليوم مع الاحتفال العالمى للمرأة الريفية الذى حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 2007 ليصبح الخامس عشر من أكتوبر من كل عام اعترافا منها بما للنساء والفتيات الريفيات من دور محورى فى ضمان استدامة الأسر والمجتمعات الريفية وتحسين سبل المعيشة الريفية.

الحقيقة أن المرأة المصرية سواء فى القاهرة أو فى الريف هى أساس البيت وعاموده الأساسى لما تقدمه من دور فى دفع الأسرة للارتقاء وتربية جيل قادر على حمل أعباء الأمة المصرية من شرقها إلى غربها ومن صعيدها إلى ريفها.

إلا أن كثيرًا من النساء الريفيات يُعانين من العزلة وانتشار المعلومات المغلوطة وغياب القدرة على الحصول على التقنيات الضرورية لتحسين أعمالهن ومعايشهن.

على الرغم من كل الشعارات التى تقدمها الجمعيات الأهلية فى شكل احتفالات ومبادرات لرفعة شأن المرأة الريفية إلا أنها مازالت تُعانى من مشكلات كثيرة ولم تصل إليها أيادى الدولة فى أكثر من اتجاه، فالمرأة فى الريف على سبيل المثال وليس الحصر ليس لها حتى اليوم نفس الفرص المتاحة للرجال فى الأصول الزراعية والحصول على خدمات التعليم والدخول فى الأسواق..

على الرغم من أن النساء يشكلن نسبة كبيرة من القوى العاملة الزراعية، وخصوصا فى إطار العمل غير الرسمي، ويمارسن الجزء الأكبر من الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلى فى إطار أسرهن فى المناطق الريفية، كما أنهن يسهمن إسهامات كبيرة فى الإنتاج الزراعى وإتاحة الأمن الغذائى وإدارة الأراضى والموارد الغذائية، فضلا عن المساهمة فى بناء القدرات على التكيف مع المناخ، وخصوصا فى أعقاب جائحة كورونا وتداعياتها على سوق العمل والصحة العامة للأسرة المصرية.

المؤكد أن هناك الكثير من الأعباء التى لم تشهدها المرأة فى المجتمع الحضرى تقوم بها النساء الريفيات، فهن يعملن بصمت ودون وجود حماية حقيقية من قبل القوانين والتشريعات وبلا ضمانات اجتماعية تحميهن ولكنها على الرغم من ذلك تقوم بدورها على أكمل وجه..وهو ما يستحق التحية والثناء الحقيقى.

المعاناة الكُبرى فى التعليم، وتنضم إليه المعاناة فى الميراث..فأغلب البيوت والعائلات الكبيرة لا تورث الأنثى؛ إيمانا منهم بأن الإرث سوف يذهب لغريب وهو زوج المرأة، فتلجأ الأسر لحيلة «المراضاة» بحيث تُعطى الفتاة قليلا من المال يرضيها عن طلب إرثها..

لازالت قضية المرأة فى منعها من أبسط حقوقها وهو حقها فى اختيار شريك حياتها معاناة أخرى، فمازالت الأنثى تمنع من أن تقول رأيها، فضلا عن إرغامها على زواج من تراه الأسرة مناسبا، وكثير من الأسر يشترطون أن يكون الزواج من الأقارب خوفا على خروج الإرث للغريب.

من وجهة نظرى أن الحل لتلك المشكلات وغيرها هو التعليم ثم التعليم ثم التعليم، وهذا لا ينطبق على المرأة فحسب ولكن ينطبق أيضا على الرجل، فالأسرة رجل وامرأة وتعليم الرجل احترام زوجته وتقديس دورها هو ما يؤهل المرأة لنيل حقوقها..

الضغوط التى تتعرض لها المرأة الريفية تؤثر على المجتمع بأكمله، فضلا عن تأثيرها السلبى على المرأة ذاتها؛ لأن المرأة هى المدرسة وهى نصف المجتمع المسئول عن تربية الأبناء وتلقينهم القيم حتى لو كانت القيم الأساسية البسيطة، فكيف إذن تربى أطفالا أسوياء وحقوقها مهضومة؟! أو وهى تتسول تلك الحقوق من خلف ظهر المجتمع، المرأة الضعيفة لن تخلق إلا جيلا خنوعا، هشا.

اليوم وبمناسبة يوم المرأة الريفية لا أرسل لهن التهانى فقط، بل أرى أنه اليوم المناسب لتسليط الضوء على مشكلاتهن بحيث تُعيد الحكومات والدول النظر فى إيجاد منظومة دفع حقيقية لهؤلاء السيدات..

أعرف أن صحف الغد ستمتلئ بصور المنظمات الحقوقية والوزارات المعنية وهى فى زيارة للسيدات الريفيات وسيطلقون تصريحات عن مؤتمرات دعم وبرامج تثقيفية لن تقدم ولن تؤخر لأنها بعيدة عن أرض الواقف، طالما بقيت العقول موصدة أمام حركة التنوير.