"الإدارية العليا" تفصل إعلاميا بقناة النيل للدراما

حوادث

بوابة الفجر


قضت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار عادل بريك نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين سيد سلطان والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى ونبيل عطالله وأحمد ماهر نواب رئيس مجلس الدولة، بمعاقبة مدير التسجيلات الخارجية بقناة النيل للدراما بدرجة مدير عام (ع.ح.ع) بعقوبة الفصل من الخدمة لأنه كتب عبارات شديدة الإهانة والسب لشخص رئيس الجمهورية على صفحته الشخصية بوسائل التواصل الاجتماعى (الفيس بوك) تتعفف المحكمة عن ذكر تلك الألفاظ المشينة أو ترديدها في صفحات حكمها، وكان كتابته لتلك الألفاظ المُجرمة بمناسبة إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية المتضمنة جزيرتي تيران وصنافير مرفقا بها صورة رئيس الجمهورية وصورة سفير المملكة العربية السعودية.

وبهذا الحكم التاريخى وضعت المحكمة الإدارية العليا حدًا لظاهرة الإهانة لرمز الدولة المصرية على وسائل التواصل الاجتماعى خاصة من الإعلاميين أنفسهم ووضعت العديد من المبادئ لمواجهة ظاهرة الإهانة لرمز الدولة المصرية أكدت فيها أن الدساتير المصرية في عهديها الملكى والجمهورى أعلت رمز رئيس الدولة وضربت حوله سياجا من الحصانات تحول دون المساس به إلا بحبل من الدستور أو القانون، وأنه من حق المواطن مخاطبة رئيس الجمهورية بشرط ألا يتضمن تشهيرًا أو تعنيفًا أو سبًا أو قذفًا أو وقائع غير صحيحة، وأن جريمة إهانة رئيس الدولة من الجرائم المضرة بالمصلحة العامة لأنها تتضمن مساسا باحترام وهيبة الدولة بسبب المركز الذى يتولاه في البلاد. أن التشريعات حرصت على توفير الحماية لرئيس الدولة حتى يتمكن من اَداء مهامه ومسئولياته الجسيمة في إدارة شئون الحكم والبلاد في هدوء وسكينة.

وكما أكدت أن الإعلامى كتب عبارات شديدة الإهانة والسب لشخص رئيس الجمهورية بالفيسبوك بمناسبة إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية لجزيرتى تيران وصنافير وهو فى موقع إعلامى حساس كان يجب عليه الالتزام التخاطب مع رؤسائه فما باله بمخاطبة رئيس الجمهورية رمز الدولة، وأن الدستور انحاز إلى الحرية الشخصية في التعبير في كل أمر يتصل بالشئون العامة لكن ممارستها يجب ان تتم في إطارها المشروع دون أهانة أو إساءة أو تطاول وأن حرية التعبير عن الرأي لا يقتصر أثرها على صاحب الرأي وحده، بل يتعداه إلى غيره من أفراد المجتمع ويجب ألا تتجاوز إلى الإضرار بالغير أو بالمجتمع.وأن شفاء الأحقاد والضغائن الشخصية، والفُحش والتعريض بالسمعة ليست حرية تعبير، وأن الخطاب لرئيس الجمهورية يجب أن يتجرد من غرض الإهانة أو التجريح أو التهوين من قامة ومقام رئيس الجمهورية، والمحكمة أفسحت صدرها وأفرغت صبرها لهيئة النيابة الإدارية عام قضائى كامل لتقديم التحقيقات لولا اعتراف الطاعن على نفسه لأفلت من العقاب 

وإليكم التفاصيل كاملة: 
قالت المحكمة أنه باستعراض الدساتير المصرية في عهديها الملكى والجمهورى يبين منها أنها بوأت رئيس الدولة مكانا عليا وأفردت له أحكاما مخصوصة لحفظ هذه المكانة وصونها بحسبان أن رئيس الدولة هو رمزها وعلَم سيادتها، فأعلت الرمز وصانت العلَم، وضربت حوله سياجا من الحصانات تحول دون المساس به إلا بحبل من الدستور أو القانون. ولذلك قرر المشرع في قانون العقوبات لمن تعدى على رمز الدولة بالقول أو الفعل عقوبات ترد هذا المعتدى عن اعتدائه وتحفظ لرمز الدولة وقاره واعتباره. 

واضافت المحكمة إن حق كل فرد في مخاطبة السلطات العامة كتابة وبتوقيعه بات من الحقوق الدستورية للمواطنين، وبهذا الوصف لا تثريب على الموظف العام إذا خاطب رئيس الجمهورية باعتباره يستوى على القمة من السلطات العامة، فيما يتعلق بالشأن العام وتقديم مقترحاته وتظلماته، وبحسبان أن حق مخاطبة السلطات العامة يمنح المواطن دورا ايجابيا ومهما في الحياة العامة لأنه يتيح له الاتصال بالسلطات بشكل مباشر وضمانا حقيقيا للحقوق والحريات العامة وحمايتها من الانتهاك من قبل أي طرف بما يحقق المزيد من الاستقرار في المجتمع ويعزز روح المواطنة والانتماء بين افراده، وهو ما جعل العديد من دساتير دول العالم تنص على هذا الحق في صلب الوثيقة الدستورية، لذلك حفظت هذه الدساتير للمواطن حقوقه وكرامته ولم تسوغ المساس بها أو الانتقاص منها إلا إذا تعدى المواطن حقوقه وخرج بها من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية مخالفا بذلك ما قرره له الدستور ورسمه له القانون، فوجب حينئذ عقابه أو مجازاته ليس لأنه مهين الكرامة مهدر الحق وإنما لأنه متجاوز له متعدى به للمساس بكرامة وحق الأخرين. 

وأشارت المحكمة أنه إذا ما قرر الدستور للمواطن حق حق مخاطبة سلطات الدولة باعتباره صورة من صور الحق في التعبير تعين أن يكون هذا الخطاب أو هذه الشكوى في إطار ما قرره الدستور ونطاق الضوابط التى التى أرستها هذه المحكمة بألا يتضمن هذا الخطاب أو هذه الشكوى تشهيرًا أو تعنيفًا أو سبًا أو قذفًا أو وقائع غير صحيحة لا دليل عليها من قول أو عمل أو سند، فإذا خرج هذا الخطاب أو هذه الشكوى عن هذه الضوابط خرجا من نطاق إلى نطق، من نطاق المباح إلى نطاق المحظور، ومن نطاق الشرعية إلى نطاق المخالفة وحالتئذ يقع المواطن أو الموظف تحت طائلة القانون وطائلته ويحق عقابه ومجازاته جزاءً وفاقًا لما اقترفته يداه وجنته نفسه. 

وقالت المحكمة أنها بادئ ذى بدء تشير إلى أنها أفسحت صدرها وأفرغت صبرها لهيئة النيابة الإدارية وكلفتها على مدار عام قضائى كامل خلال سبع جلسات بأن تقدم التحقيقات التى اُجريت مع الطاعن.ومن حيث إنه ولئن استقر قضاء هذا المحكمة على أن نكول جهة الإدارة عن إيداع ما في حوزتها وتحت يدها من مستندات يقيم قرينة لصالح خصمها في أن ما يدعيه سندا لدعواه أو سببا لطعنه قد صح في القانون. بيد أن هذه القرينة تقبل اثبات العكس إذا كانت الحقيقة التى هى مبتغى المحكمة يمكن الوصول إليها من طريق أخر غير المستندات وهو إعمال لمبدأ أخر للمحكمة قوامه أن ضياع المستندات ليس بمضيع للحقيقة. 

وذكرت المحكمة أن الطاعن قد أقر واعترف بالعبارات الشائنة التى دونها على صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعى (الفيس بوك) ضد رئيس الجمهورية معللا ذلك بأنها حرية رأى وظل هذا الاعتراف قائما منه دوَنه في تقرير الطعن وظل مصاحبا له طوال إجراءات التقاضى حتى لحظة حجز الطعن للحكم، فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على الإعتراف دون إكراه أو قسر، يجيز التعويل عليه باعتباره دليلًا من أدلة الإثبات، وأن لقاضي الموضوع متى تحقق من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه نفسه أن يأخذ به في إدانة المعترف سواء أكان هذا الاعتراف صدر أمامه أو أثناء التحقيق مع المُحال للمحاكمة، سواء كان مصرًا على الاعتراف أو عدل عنه في محل القضاء أو في أحد مراحل التحقيق، إعتبارًا بأن هذا من سلطة قاضى الموضوع وغير خاضع في تقديره لرقابة المحكمة الأعلى، وذلك بحسبان أنه من المسلمات القانونية أن الاعتراف سيد الأدلة، ومتى كانت المخالفة المنسوبة إلى المحال ثابتة من واقع إقراره الصحيح فذلك يغني عن أى دليل أخر. 

واوضحت المحكمة أنه عن إهانة رئيس الدولة، فإنها تقع بأى وسيلة من صور العلانية ويتسع مدلال الإهانة ليشمل السب والقذف وما هو أقل من ذلك من قول أو فعل أو إشارة أو صياح يمكن اعتباره إهانة أو عيب في حق الرئيس سواء كان إعلان هذا الرأى صراحة أو إيماء أو بكتابة أو رسوم أو صور أو رموز أو أية طريقة أخرى من طرق التعبير، وجريمة إهانة رئيس الدولة من الجرائم المضرة بالمصلحة العامة والعلة في ذلك أن المساس برئيس الدولة يعد مساسا باحترام وهيبة الدولة بسبب المركز الذى يتولاه في البلاد، لذلك تحرص التشريعات على توفير الحماية له حتى يتمكن من اَداء مهامه ومسئولياته الجسيمة في إدارة شئون الحكم والبلاد في هدوء وسكينة. 

وأضافت المحكمة إن التحقق من مدلول العبارات أو الأفعال فيما إذا كانت تحوى إهانة أم لا إنما ترجع إلى قاضى الموضوع يقدرها مسترشدا بظروف الواقعة والألفاظ التى قيلت فيها زمانا ومكانا وما إذا كانت تتضمن معنى يحمل الإساءة أو المساس بالشعور أو الحط من الكرامة، وصفوة القول أن الإهانة في حق رئيس الجمهورية تشمل كل لفظ أو معنى يتضمن المساس بكرامته أو شعوره أو الإقلال من شأنه ويدخل في هذا النطاق ما يمكن أن يكون سبا أو قذفا على العموم وكل ما من شأنه التحقير والمساس بالشعورأو الازدراء ممن وجهت إليه، سواء كان ذلك عن طريق الكتابة أو الرسم أو التصريح أو بأية آلية للبث الصوت أو الصورة أو بأية وسيلة إلكترونية أو معلوماتية أو إعلامية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعى. 

وقالت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن الطاعن بوظيفة مدير التسجيلات الخارجية بقناة النيل للدراما بدرجة مدير عام، ونُسب إليه وفقا لتقرير الاتهام الذى قدمته هيئة النيابة الإدارية في القضية رقم 220 لسنة 2016 كتابة عبارات شديدة الإهانة والسب لشخص رئيس جمهورية مصر العربية على صفحته الشخصية بوسائل التواصل الاجتماعى (الفيس بوك) على النحو الوارد بالحكم المطعون فيه وتتعفف المحكمة عن ذكر تلك الألفاظ المشينة أو ترديدها فى صفحات حكمها، وكان كتابته لتلك الألفاظ المُجرمة بمناسبة إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية المتضمنة جزيرتى تيران وصنافير مرفقا بها صورة رئيس الجمهورية وصورة سفير المملكة العربية السعودية، ثابتة في حقه ثبوتًا يقينيًا باعترافه وإقراره، وهو خروج منه على واجبه الوظيفى فى سوء الألفاظ المستخدمة التى تنطوى على تطاول لفظى وهو فى موقع إعلامى حساس كان يجب عليه الالتزام التخاطب مع رؤسائه فما باله بمخاطبة رئيس الجمهورية رمز الدولة، ويكون ما نشره الطاعن عبر صفحته على مواقع التواصل الاجتماعى (الفيس بوك) من عبارات وألفاظ السب والإهانة لرئيس الجمهورية ما يفقده الثقة والاعتبار اللازمين لتولى الوظائف العامة والاستمرار فيها، الأمر الذى يشكل فى حقه ذنبًا إداريًا جسيما يستوجب مجازاته عنه تأديبيا بما يردعه عن تنكبه جادة الصواب، ويكون مجازاته بعقوبة الفصل من الخدمة هو الجزاء الأوفى، ويكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه حقًا وصدقًا، ويغدو الطعن على الحكم المطعون فيه لا سند له من القانون ولا ظل له من الواقع متعين الرفض. 

وقالت المحكمة أنها تسجل المحكمة - وهى تتبوأ قمة محاكم مجلس الدولة – أنه إذا كان الدستور قد انحاز إلى الحرية الشخصية في التعبير في كل أمر يتصل بالشئون العامة، بحسبان أنه لا يجوز لأحد أن يفرض على غيره صمتا ولو كان معززا بالقانون وأن حوار القوة إهدار لسلطان العقل، إلا أنه يتعين أن تكون ممارسة الحرية الشخصية في التعبير في إطارها المشروع دون أهانة أو إساءة أو تطاول، بحسبان أن حرية التعبير عن الرأي لا يقتصر أثرها على صاحب الرأي وحده، بل يتعداه إلى غيره من أفراد المجتمع، ومن ثم لم يطلق الدستور هذه الحرية، وإنما أباح للمشرع تنظيمها بوضع القواعد والضوابط التي تبين كيفية ممارسة الحرية بما يكفل صونها في إطارها المشروع دون أن تجاوزه إلى الإضرار بالغير أو بالمجتمع، فليس جائزا أن يكون سوء القصد قد خالطها، فحرية التعبير عن الرأي حق دستورى إلا أن ما رمى إليه الدستور هو ألا يكون الرأى الشخصى أو النقد منطويا على اَراء تنعدم قيمها الاجتماعية، كتلك التي تكون غايتها الوحيدة شفاء الأحقاد والضغائن الشخصية، أو التي تكون منطوية على الفُحش أو محض التعريض بالسمعة. كما لا تمتد الحماية الدستورية إلى آراء تكون لها بعض القيمة الاجتماعية، ولكن جرى التعبير عنها على نحو يصادر حرية النقاش أو الحوار، كتلك التي تتضمن الحض على أعمال غير مشروعة تلابسها مخاطر واضحة تتعرض لها مصلحة حيوية، ومن ثم يتعين أن يكون الخطاب لرئيس الجمهورية مجردًا من غرض الإهانة أو التجريح أو التهوين من قامة ومقام رئيس الجمهورية. 

واختتمت المحكمة أنه لا يجوز الحجاج بما تذرع به الطاعن من أن ما كتبه على صفحته الشخصية الفيس بوك من عبارات مشينة فى حق رئيس الجمهورية أنه رأيه الشخصى فى مسألة جزيرتى تيران وصنافير وقوله أنها قضية وطنية تخص الأمن القومى ولا يجوز مساءلته عن رأيه الشخصى خاصة أنه خارج العمل، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد أستقر على أن الموظف العام ملزم بأداء واجبات وظيفته وعدم الخروج على مقتضياتها وأن أداء واجبات الوظيفة قوامه القيام بالواجبات المنوطة به بموجب بطاقة وصف الوظيفة التى يشغلها وما يُكلف به من رؤسائه وأن الخروج عليها أو الإخلال بها يقيم مسئوليته التأديبية ويوجب مجازاته، كما يتوجب أيضا على الموظف العام عدم الخروج على مقتضيات وظيفته وهى الواجبات التى يتعين الالتزام بها خارج نطاق وظيفته وخارج دائرة عمله بحسبان أنها تمسه فى كرامته وتحط من اعتباره وتورده مواطن الشبهات ويمتد هذا بوصفه موظفا عاما إلى وظيفته والمرفق الذى ينتمى إليه فتلقى عليهما ظلالًا من سوء ما ارتكبه الموظف من مسلك معيب خارج نطاقهما وهو أيضا ما يقيم مسئوليته التأديبية ويجيز مجازاته عنها.