عمره 15 عاماً ورفض محافظ المركزى تحقيقه.. هل يتحقق حلم ساويرس فى امتلاك بنك مصرى؟

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر



5 محاولات فاشلة قام بها الملياردير لدخول القطاع.. آخرها عن طريق بنك إفريقى.. وتقسيم أوراسكوم يمنحه فرصة للاستحواذ على حصة من المصرف المتحد 

طرح على طارق عامر فكرة بنك متخصص فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. و«كورونا» أجلت خطة الحكومة فى هذا الصدد

«مستعد أفتح بنك فى مصر، بس محافظ البنك المركزى يوافق.. فالبنوك فى مصر تقف عائقاً أمام المشروعات الصغيرة، وتخاف دائما من إقراضها لأنها تبحث عن الأسماء الكبيرة فقط، ولا تجد المؤسسات الصغيرة من يرعاها، والباب مقفول فى وشها».. هكذا تحدث رجل الأعمال نجيب ساويرس فى إحدى جلسات منتدى شباب العالم بشرم الشيخ عام 2017.
وكشف الملياردير حينها أن حلمه منذ الطفولة هو امتلاك أو إنشاء بنك، لكن فشل فى تحقيقه فى مصر فذهب إلى أوروبا، مضيفا أنه يمكنه نقل تجربة بنك ريفر الذى أسسه فى هولندا ولوكسمبورج إلى مصر بشرط حل عراقيل الحصول على الترخيص، واختتم حديثه قائلاً: تعلمت سياسة القفز، ولذلك لا أحد يستطيع إيقافى عن العمل.

ويبدو أن الأيام المقبلة ستؤكد هذه النظرية، فالإصرار على الحلم يزيد من فرص تحقيقه، وبعد سنوات من الرفض الحكومى أعلن ساويرس مؤخراً عن رغبته فى شراء حصة من بنك المصرف المتحد، المملوك للبنك المركزى المصرى بنسبة تقترب من 100%، وذلك ضمن استراتيجية استثمارية جديدة لشركته أوراسكوم.

وبهذا الإعلان أعادنا رجل الأعمال 15 عاماً إلى الوراء، بداية من عام 2005 خلال فترة فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى الأسبق، وحين كانت عائلة ساويرس تمتلك بالفعل حصة حاكمة فى بنك مصر اكستريور، إلا أن تعثره دفع المركزى وقتها لدمجه فى بنك مصر، وإخراج عائلة ساويرس من بين مساهميه.

وأعقب تلك الخطوة صدور تعليمات من البنك المركزى تحظر تملك الأفراد حصصا فى البنوك، مشترطة الحصول على موافقة مسبقة منه قبل استحواذ أى شركة على أكثر من 10% فى رأسمال أى بنك فى مصر، وهو ما أغلق الباب أمام القطاع الخاص ورجال الأعمال للاستثمار فى البنوك المصرية.

كانت هذه التعليمات تهدف لدرء المخاطر الناتجة عن إنشاء رجال الأعمال أو العائلات للبنوك، مثل إمكانية توجية قرارات الائتمان لخدمة مصالح فئات معينة، أو شركات مملوكة للعائلات المهيمنة على البنوك، وذلك بعد تجارب بنوك النيل، ومصر اكستريور، والأهرام، حيث استطاع الملاك الانفراد بقرارات الائتمان دون الالتزام بالقواعد الفنية، أو ضوابط البنك المركزى، وخضعت أموال المودعين للأهواء الشخصية، وتجسد الأمر فى القضية المعروفة بنواب القروض.

استسلم ساويرس للقرار لكنه لم يتخل عن تحقيق حلمه فى قطاع البنوك، سواء التجارى أو الاستثمارى، على الرغم من رفض البنك المركزى لطلبه بالموافقة على ترخيص لبنك جديد فى إطار سياسته لتنفيذ خطة الإصلاح المصرفى، ويؤكد البنك المركزى دائماً أنه لا توجد أى نية لمنح تراخيص جديدة، وأن الطريقة الوحيدة لامتلاك بنك هى الاستحواذ على أحد البنوك القائمة العاملة فى السوق المصرية.

ومن هنا اتخذ رجل الأعمال نجيب ساويرس خطوات وتحركات تستهدف تحقيق حلمه، وفى عام 2007 استحوذ على حصة كبيرة فى شركة دايناميك لتداول الأوراق المالية، وبادلها بأسهم فى شركة سى آى كابيتال- الذراع الاستثمارية للبنك التجارى الدولى، ضمن خطة ليكون شريكاً استراتيجيا فى بنك استثمار كبير، لكن التجارى الدولى غير الاستراتيجية وسيطر بالكامل على الشركة، وبادل ساويرس حصته بأسهم وشهادات فى البنك.

وفى عام 2012 سعى رجل الأعمال مع مجموعة بلانيت للاستثمار للاستحواذ على هيرميس - أكبر بنك استثمارى، وكان المساهم الرئيسى فى بنك الاعتماد اللبنانى، لكن الصفقة لم تكتمل.

ولأن بنك الاعتماد هو الهدف الأساسى للملياردير، تجددت المحاولة مرة أخرى فى عام 2014 مع مجموعة بلتون القابضة وبلتون كابيتال هذه المرة، للاستحواذ على حصة 20% من هيرميس، ليكون البنك اللبنانى ذراعا للاستحواذ على أحد البنوك المحلية المرشحة للبيع، لكن الصفقة فشلت فى النهاية.

وفى ديسمبر 2015 تقدم ساويرس من خلال شركته أوراسكوم للاتصالات والإعلام بعرض للاستحواذ على شركة سى آى كابيتال، فى صفقة قدرت قيمتها بمليار جنيه، وذلك لإنشاء بنك استثمار إقليمى، من خلال دمج شركته بلتون مع سى آى كابيتال، ليدير البنك أصولاً بقيمة 40 مليار جنيه.

وكانت الصفقة الأخيرة الأكبر والأهم لرجل الأعمال، فهى التى ستجعله حال إبرامها، مسيطراً على أكثر من 25% من السوقين الاستثمارية والمالية فى مصر، كما تمكنه من الإطلاع على جميع تفاصيل الاقتصاد المصرى، وخطط الحكومة وقراراتها ومفاوضاتها وسياساتها المالية.

وتدخل البنك الأهلى المصرى بعرض للاستحواذ على سى آى كابيتال، عبر ذراعه الاستثمارية «الأهلى كابيتال»، وهو ما نتج عنه حرب معلنة بين رجل الأعمال وطارق عامر - محافظ البنك المركزى وقتها، وعلق ساويرس على ما حدث قائلاً: أرض الله واسعة، وذلك بعد أن اشتكى إلى رئيس الوزراء مما وصفه بتطفيش الاستثمار باستخدام الأموال العامة، وسحب البنك الأهلى العرض فى النهاية لكن الأزمة استمرت، وشهدت الصفقة انسحاب بنوك حكومية وخاصة مثل بنك عودة اللبنانى، من تمويل عرض الشراء.

وقرر البنك المركزى بعد أيام من إعلان ساويرس رغبته فى الاستحواذ على سى آى كابيتال، تعديل قواعد تمويل الاستحواذ على الشركات داخل السوق المحلية، من خلال خفض إجمالى التمويل الموجَّه لهذا الغرض إلى 2.5% بدلاً من 5% من إجمالى محفظة القروض للبنك الواحد، وألا يزيد حد تمويل العميل الواحد والأطراف المرتبطة به على 0.5% من إجمالى المحفظة.

واشترطت التعديلات عدم زيادة إجمالى التمويل المقدم من خلال البنوك العاملة فى مصر بغرض تمويل عملية استحواذ واحدة على 50% من قيمة العملية، وذلك للصفقات الجديدة.

وفى مايو 2018 أعلنت شركة بلتون التابعة لساويرس سيرها فى إجراءات الاستحواذ على حصة حاكمة فى مجموعة أورا المصرفية، والتى تمتلك عدداً من البنوك تعمل فى 12 دولة بغرب ووسط إفريقيا، وهى الصفقة التى كانت تمكنه من دخول السوق المصرية من خلال الاستحواذ على أحد البنوك العاملة فى مصر.

وفى أغسطس من العام نفسه أعلنت بلتون عن رفض عرضها بسبب عدم التوافق على الجوانب المالية، ما أدى لفشل الصفقة، وبدا فى أبريل 2019 أن السحابة قد انقشعت بين رجل الأعمال ومحافظ البنك المركزى، وأن المياه عادت لمجاريها، ووصف ساويرس السياسة النقدية بأنها «هايلة»، وأجرى زيارة للمحافظ لطرح فكرة وجود بنوك إقراض متخصص لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالسوق المصرية، كما هو الحال فى الدول الأوروبية منذ سنوات.

وقال طارق عامر إن البنك المركزى يدرس منح رخص لبنوك مختصة بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأعلنت الحكومة خلال العام الماضى عن خطة لبيع حصة من بنك المصرف المتحد الذى يبلغ رأسماله 3.5 مليار جنيه، ويعتبر ثالث أكبر كيان مصرفى على مستوى الجمهورية من حيث رأس المال، ليتحول إلى مؤسسة متخصصة فى مجال التمويل متناهى الصغر، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

وتم اختيار تحالف هيرميس وإيفركور مستشارين ماليين للصفقة، لكن فيروس كورونا تسبب فى تجميد خطة البيع، بعد تلقى أكثر من عرض للشراء، وأعلنت شركة أوراسكوم خلال الأيام القليلة الماضية، رداً على استفسار البورصة المصرية بشأن إجراءات تقسيم الشركة، أن من ضمن أوجه الاستثمار هو بنك المصرف المتحد، وذلك بعد أن وافق مجلس إداراتها فى نهاية يوليو الماضى على تقسيمها إلى شركتين: واحدة للاستثمار، وأخرى تعمل فى مجال الأنشطة المالية باسم «أوراسكوم المالية القابضة» على أن تنقل تبعية شركة بلتون وشركة ثروة كابيتال المملوكين لساويرس للشركة الجديدة.

وأخيرا يجب ألا يكون الترخيص متعارضا مع المصلحة الاقتصادية العامة للدولة أو الإخلال بقواعد المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، فهل يكون المصرف المتحد هو بوابة ساويرس لعالم البنوك؟..