حكاية فرقة أم كلثوم.. أحمد الحفناوي عازف الكمان الأول بها حتى وفاة الست

الفجر الفني

بوابة الفجر



كوكب الشرق أم كلثوم، أعظم من قدم أداءً على خشبة المسرح، بقدرتها على الارتجال وتقديم الأغنية كل مرة بشكل وتفريدات جديدة، تزيد الأغنية جمالًا وسلطنة.

وفرقة أم كلثوم، كانت سببًا كبيرًا في كل هذه التجليات والإبداعات، فكل فرد فيها كان له دور مهم في إخراج العمل بذلك الشكل الموسيقي العظيم. لذا، فرقة أم كلثوم هي أحد أهم أسباب نجاح الست وأغانيها.

وفي حكاية فرقة أم كلثوم، اليوم نبرز لك "الفجر الفني" معلومات عن عازف الكمان الكبير أحمد الحفناوي.

ولد أحمد الحفناوي، بمدينة القاهرة في 14 يونيو عام 1916، كان والده صانعًا للآلات الموسيقية، فكان يذهب إلى دكان والده بعد انتهاء يومه الدراسي، وهناك كان يتقابل مع كبار الموسيقيين أمثال:محمد القصبجي وإبراهيم القباني وفهمي عوض.

لاحظ والده انبهاره بما يراه من أداء كبار العازفين المصريين الذين يحضرون عنده، سأله إن كان يريد أن يتعلم الموسيقى، فأجابه بالإيجاب، فطلب منه أن يحدد الآلة الموسيقية التي يريد أن يتعلمها، فاختار أحمد الحفناوي آلة الكمان، فأحضر له والده مدرسا قام بتعليمه المبادئ العامة للموسيقي وعزف الدواليب والسماعيات وغيرها من قوالب الموسيقى الآلية في الموسيقى العربية.

أظهر أحمد الحفناوي، تقدمًا ملحوظا في دراساته الموسيقية، اقترح الموسيقار الكبير محمد القصبجي علي الوالد أن يوجه أبنه التوجيه السليم، فألحقه والده بمعهد الاتحاد الموسيقي الخاص الذي كان قد أنشاه الفنان إبراهيم شفيق في حي عابدين بالقاهرة.

هناك قضي أحمد حفناوي بعض الوقت، ولكنه وجد أن ذلك المستوى من الدراسة لم يكن يشبع طموحه الفني. فالتحق بمعهد فؤاد للموسيقى العربية والذي أصبح فيما بعد معهد الموسيقى العربية - عام 1932، وهناك درس العزف على آلة الكمان على يد الأستاذ "داجوليو" ثم على الأستاذ "أرمنياك" الذي كان أستاذًا لكل من أنور منسي وعطية شرارة ومحمد حجاج.

لقي الحفناوي اهتمامًا خاصًا من أستاذه الذي تولي تعليمه حتى تخرج في المعهد عام 1936، وهي الدفعة التي ضمت كلًا من عبد الحليم نويرة، وفريد الأطرش.

وبعد التخرج عمل أحمد الحفناوي مع المطربة نادرة التي كان يلحن لها محمد القصبجي واقترح عليها أن تضم الحفناوي إلى فرقتها حيث استمر معها فترة من الوقت، كما عمل مع كل من فتحية أحمد ورتيبة أحمد.

عندما شرعت أم كلثوم في العمل في فيلم "وداد" كانت فرقتها تضم حوالي ستة عازفين فقط، ولم يكن ذلك العدد يكفى لعزف موسيقى الفيلم، فضمت إلى فرقتها أحمد الحفناوي وأثنين آخرين من زملائه، حيث سجلوا كل ألحان فيلم "وداد" ولما شعرت أم كلثوم بالفرق في مستوى الفرقة، طلبت من الحفناوي وزميليه الاستمرار في الفرقة، وبالفعل بقوا معها وسافروا لمصاحبتها في كل جولاتها بأقاليم مصر المختلفة، ومنذ ذلك الوقت استمر الحفناوي يعمل مع أم كلثوم حتى رحيلها.

كان دور الحفناوي أداء كل جمل العزف المنفرد على آلة الكمان في ألحان زكريا أحمد ومحمد القصبجي ثم رياض السنباطي، وبعد ذلك الموجي وعبد الوهاب وبليغ حمدي وسيد مكاوي، إلى جانب قيادته لمجموعة آلات الكمان التي تشكل الجسم الرئيسي في فرقة أم كلثوم الموسيقية.

لعب "الحفناوي" دورًا أساسيًا في اللقاء الفني الأول الذي تم بين كوكب الشرق أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، فقد كان يعمل مع كليهما، ويتمنى أن يتم بينهما لقاء فني. فتحدث في ذلك مع أم كلثوم، فوجد منها موافقة كما وجد ترحيبًا من عبد الوهاب، بل وأكثر من ذلك فإن الموسيقار عبد الوهاب كان قد أتم بالفعل لحن أغنية "أنت عمري" ليغنيها هو، فقال لأحمد الحفناوي إن اللحن جاهز ويمكن لأم كلثوم أن تغنيه.

فقام الحفناوي بإبلاغ أم كلثوم بذلك، فاشترطت لكي توافق ألا يعلم أحد شيئا عن هذا الموضوع خاصة الصحفيون إلا بعد أن يتم تسجيل الأغنية. وكان لها ما أرادت، وبدأت التدريبات في بيت الفنان عبد الوهاب، واستمرت لمدة ثلاثة أشهر ثم سجلت الأغنية لشركة صوت القاهرة، وبعدها أذيع الخبر على الناس.

كون أحمد الحفناوي فرقة بقيادته كانت تابعة لإدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة، وقد استمرت تلك الفرقة حتى تم حلها بعد حرب يونيو 1967.

وكذلك فقد عمل أحمد الحفناوي عازفا للكمان في فرقة الإذاعة المصرية تحت قيادة كل من عبد الحليم نويرة وإبراهيم حجاج، ثم عمل كعازف أول في فرقة الماسية تحت قيادة أحمد فؤاد حسن.

عمل أحمد الحفناوي في عدد من الدول العربية الشقيقة، حيث عمل في الإذاعة الليبية في طرابلس، كما عمل في كل من المملكة العربية السعودية مع صوت الارض الموسيقار طلال مداح ودولة قطر.

وقد تأثر بأسلوبه في العزف عدد من عازفي الكمان الشبان الموهوبين ويحتفظ كل من الإذاعة والتليفزيون في مصر وبعض البلاد العربية بتسجيلات قيمة للتقاسيم الحرة والموزونة من أداء أحمد الحفناوي.

ظل الحفناوي حتى آخر أيام أم كلثوم يشكل ضلعًا أساسيًا في رباعي العباقرة الذين قادوا فرقة أم كلثوم وهم محمد القصبجي على العود ومحمد عبده صالح على القانون، وإبراهيم العفيفي على الرق، وأحمد الحفناوي على الكمان.

بدأ هؤلاء العباقرة يرحلون، واحدًا بعد الآخر منذ أواخر الخمسينات، وبقي أحمد الحفناوي أطولهم عمرًا، حيث تحول بعد وفاة أم كلثوم، إلى تكوين فرقة موسيقية خاصة به، كان يقدم عليها إعادة لروائع الألحان الأصيلة، إلى جانب الأداء المنفرد العبقري على آلة الكمان، حتى رحل عن عالمنا في الخامس من شهر أغسطس عام 1990.

من أشهر مقاطع العزف المنفرد للحفناوي في أغنيات أم كلثوم عزفه في مقدمة "جددت حبك" وفي مقدمة قصيدة "ذكريات" ومقدمة "شمس الأصيل" ومقدمة "ليلي ونهاري"، وكلها من ألحان العبقري رياض السنباطي، وتسجيله الشهير بعد رحيل أم كلثوم للحن العبقري زكريا أحمد "الهوى غلاب"، على كمان منفرد.