مواقف لا تنسى.. ماذا قدم العرب لمصر في حرب أكتوبر؟

تقارير وحوارات

أرشيفية
أرشيفية


"من دمشق.. هنا القاهرة"، لم تكن تلك الكلمات التى صدح بها الإعلامى السورى الهادى البكار، ردا على غارات العدوان الثلاثى عام 1956، التى قطعت خطوط الإذاعة المصرية، محض كلمات، وإنما كانت مشاعر فياضة، تجاه مصر، قلب العروبة النابض، زلزلت أركان العدو، واستنفرت، فيما بعد، الدول العربية كافة، التى هبت من أجل نصرة مصر وجيشها، ومعاونتها فى حرب العزة والكرامة، تلك التى وقعت فى السادس من أكتوبر عام 1973، والتى لقن فيها الجيش المصرى عدوه الإسرائيلى درسا لن ينساه أبد الآبدين، فانتزعت مصر أرضها المحتلة، وأمن الجيش وطنه من خوف، بعدما أصبح له درع وسيف.

وفيما يلى من سطور، تستعرض "الفجر" مشاركات الدول العربية، فى حرب أكتوبر، تقديرا لدورهم الذى يخلده التاريخ عندما يتحدث عن حرب استطاع المصريون خلالها قلب موزاين القوى العالمية:

المملكة العربية السعودية

ساندت المملكة العربية السعودية، شقيقتها مصر، فى حربها ضد إسرائيل، حين تبرعت بـ200 مليون دولار، وقطعت إلى جانب دول عربية أخرى، صادراتها من البترول إلى الغرب، بعد لقاء الرئيس المصرى الراحل محمد أنور السادات، بملك السعودية فيصل بن عبد العزيز، قبل الحرب، وتحديدا فى شهر أغسطس 1973، مما أدى إلى خلق أزمة طاحنة فى قطاع الطاقة بالغرب.

ودشنت السعودية جسرا جويا لإرسال 20 ألف جندى إلى الجبهة السورية، حيث تألفت القوات السعودية من لواء الملك عبد العزيز الميكانيكي المكون من 3 أفواج، هي: فوج مدرعات بانهارد الذى يضم مدرعة بانهارد، و18 ناقلة جنود مدرعة، و50 عربة شئون إدارية، وفوج مدفعية ميدان عيار 105 ملم، وفوج المظلات الرابع، إلى جانب بطارية مدفعية مضادة للطائرات عيار 40 ملم، وسرية مدفعية هاون.

الإمارات

بينما بدأت حرب أكتوبر المجيدة، كان حاكم الإمارات الراحل، الشيخ زايد، فى زيارة للعاصمة البريطانية، وهناك لم يتردد فى عقد مؤتمر صحفى، أعلن فيه أن بلاده ستقف إلى جوار مصر، وستدعمها فى حربها ضد إسرائيل.

وخلد التاريخ كلمات الشيخ زايد، التى قال فيها: "ليس المال أغلى من الدم العربى، وليس النفط أغلى من الدماء العربية التى اختلطت على أرض جبهة القتال فى مصر وسوريا"، قبل أن يقطع زيارته إلى بريطانيا، ويعود إلى بلاده لدعم مصر فى معركة العزة والكرامة.

وكانت أولى تحركات الشيخ زايد، قطع النفط عن إسرائيل، وعن الدول التى تساندها، تماما مثلما فعلت السعودية، وتبعته فى ذلك دول عربية عدة، شكلت بتحركاتها تلك ضغطا قويا على العدو الإسرائيلى وحلفائه.

العراق

شاركت طائرات من سرب "هوكر هنتر" العراقى، فى الضربة الجوية المركزة، يوم السادس من أكتوبر، إذ إن السرب العراقى كان يتمركز قبل الحرب بفترة فى مطار قويسنا.

ولما كان هذا السرب على درجة عالية من الكفاءة القتالية، كانت القوات البرية المصرية تطلبه بالاسم، لدعمها فى عملياتها، وفى قتالها، وقد أرسل العراق على الجبهة السورية 3 أسراب ميج -21، وسربين ميج -17، وفرقة مدرعة، وفرقة مشاة.

ليبيا

أما ليبيا، فقد تبرعت بـ40 مليون دولار، و4 ملايين طن زيت، وأرسلت إلى مصر سرب من مقاتلات ميراج 5، الليبى، تمركز فى جناكليس، منذ منتصف الحرب، لكن حالة طياريه الفنية المنخفضة، حالت دون اشتراكه فى أية أعمال، حقنا لدماء الطيارين الليبيين، وحفاظا على أرواحهم.

كما مولت ليبيا السرب 69 ميراج - 5 المصرى، الذى قاده طيارون مصريون، وشارك لواء مدرع وصل متأخرا قرب انتهاء الحرب، ودخل ضمن تخطيط الخطة "شامل" للقضاء على الثغرة.

اليمن

ساعم اليمن مصر فى إغلاق مضيق باب المندب، ومنع مرور السفن الحربية، عندما تحرك الفريق فؤاد ذكرى، فى سرية تامة، بـ3 قطع بحرية مصرية إلى المضيق، وتمركز عند نقاط تسمح له بمتابعة حركة جميع السفن العابرة فى البحر الأحمر راداريا وتفتيشها، ولم تجرؤ سفينة عسكرية إسرائيلية واحدة على عبور مضيق باب المندب طوال الحصار.

السودان

كان السودان فى طليعة الدول العربية التى آزرت مصر فى حربها ضد إسرائيل، فنظمت مؤتمر الخرطوم، الذى أعلنت فيه اللاءات الثلاثة، "لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض".

ومع شدة الغارات الإسرائيلية داخل العمق المصرى، لم يتردد السودان فى نقل كلياته العسكرية إلى أراضيها، كما أرسلت فرقة مشاة إلى الجبهة المصرية.

الأردن

لم يتردد الأردن فى المشاركة بلوائين مدرعين، وكتيبة مدفعية، وسرية مهام خاصة، على الجبهة السورية.

وفى يوم 14 أكتوبر، وصلت تلك القوات الأردنية، وبعد يومين، وتحت قيادة الفرقة العراقية المدرعة الثالثة، اشتبكت مع اللواء 40 المدرع الإسرائيلى وأجبرته على التراجع مسافة 10 كيلومترات.

البحرين

لم يكن الشعب البحرينى ليقف مكتوف الأيدى، وإنما خلق حالة من النفير فى شوارع بلاده، للتبرع بالأموال والدم، دعما للجيش المصرى فى قتاله ضد إسرائيل.

أما حكومة البحرين، فقد أعلنت على لسان الشيخ خليفة، قرارها، بوقف تصدير البترول إلى أمريكا، الذى جاء فيه: "تعلن حكومة دولة البحرين أنها بالنظر للموقف الذى تقفه الولايات المتحدة الأمريكية من الأمة العربية، وهى فى غمرة نضالها العادل والمشروع ضد العدو الصهيونى، وانسجاما مع كل ما يتطلبه الواجب القومى حيال الأمة، فقد قررنا وقف تصدير البترول للولايات المتحدة الأمريكية".

وصدر قرار آخر عن الحكومة البحرينية، بإنهاء جميع الاتفاقيات الموقعة بينها وبين الولايات المتحدة، لمنح تسهيلات لبواخرها فى ميناء البحرين.

الكويت

قبل الحرب، دفعت الكويت بقوة مشاة فى منطقه كبريت، التى تقع غرب القناة، لكن مع حدوث الثغرة، ومع اقتراب القوات الإسرائيلية من المنطقة التى كانت تتمركز بها، اضطرت للانسحاب دون قتال.

وعلى الجبهة السورية، أرسلت الكويت ما يعادل لواء مختلط من المدرعات والمدفعية والمغاوير والمشاة تعرف باسم "قوة الجهراء المجحفلة"، تم تشكيلها فى 15 أكتوبر 1973، وغادرت بالكامل فى 20 أكتوبر، واكتملت فى خلال 15 يوما، واشتركت فى حماية دمشق، ثم التحقت بالفرقة السورية الثالثة فى قطاع الجولان، وغادرت فى 25 سبتمبر 1974 بعد إقامة حفل توديع لها فى دمشق.

كما أرسلت الكويت قوة حربية إلى الجبهة المصرية، أسوة بما أرسلته إلى الجبهة السورية "قوة الجهراء"، وبعثت 5 طائرات "هوكر هنتر"، من إجمالى 8 طائرات فقط تملكها الكويت آنذاك، بالإضافة إلى طائرتى نقل من طراز س - 130 هيركوليز، لحمل الذخيرة وقطع الغيار، ووصلت الطائرات إلى مصر فى يوم 23 أكتوبر.

تونس

ساهمت تونس فى حرب أكتوبر، حينما أرسلت إلى الجبهة المصرية، كتيبة مشاة، وصلت قرب نهاية الحرب، ودخلت ضمن تخطيط الخطة "شامل"، للقضاء على الثغرة.

الجزائر

بعد هزيمة يونيو 1967، تدهورت علاقات مصر والجزائر، التى سحبت لواء مشاة كانت قد أرسلته إلى مصر عند قيام الحرب، لكن الفريق سعد الدين الشاذلى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، أجرى زيارة إلى الجزائر فى فبراير 1972، طالبا الدعم العربى فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلى، فلم تتردد الجزائر، التى أخبرته بأنه تم سحب أفراد اللواء ومعهم أسلحتهم الشخصية فقط، بينما تركت جميع أسلحة اللواء الثقيلة فى مصر، وأبدى المسئولون الجزائريون عدم رغبتهم فى استرداد تلك الأسلحة لكنهم يريدون إخطارا بتسلمها، وبالفعل، قام الفريق الشاذلى بتسوية تلك الأمور، وقدمت مصر وثيقة إلى الجزائر تثبت تسلم الأسلحة.

وفى ديسمبر من نفس العام، شرعت الجزائر فى إرسال 24 قطعة مدفعية ميدان، وسرب طائرات سوخوي 7 قاذفة، وصل يوم 10 أكتوبر إلى قاعدة بير عريضة الجوية، لكنه لم يشارك بالكامل فى عمليات القتال لسوء حالته الفنية، بالإضافة إلى سرب طائرات ميج 21، وصل يوم 12 أكتوبر، وتمركز فى جناكليس،وسرب ميج 17، وصل يوم 11 أكتوبر، ولواء مدرع، وصل بأكمله يوم 17 أكتوبر، وتم وضعه تحت قياده الفرقة الرابعة المدرعة، فى قطاع الجيش الثالث، فشارك فى أعمال اشتباكات مدفعية فقط، ودخل ضمن تخطيط الخطة "شامل" للقضاء على الثغرة.

وفى نوفمبر 1973، زار الرئيس الجزائرى آنذاك الهوارى بومدين، موسكو، ودفع 200 مليون دولار إلى الاتحاد السوفيتى، ثمنا لأى أسلحة أو ذخائر قد تحتاج إليها مصر أو سوريا، بواقع 100 مليون دولار لكل دولة.

المغرب

أما المغرب، فقد أرسل لواء مشاة، إلى الجبهة المصرية، شارك فى أعمال التراشق المدفعى، ودخل ضمن تخطيط الخطة "شامل" للقضاء على الثغرة.

وعلى الجبهة السورية، تم إرسال لواء مشاة ميكانيكي معروف باسم "التجريدة المغربية" وشارك فى معارك الجولان.