الإعلامية فيبى فوزى تكتب: الفصل التشريعى الأول لمجلس الشيوخ.. بداية هادئة وأعضاء واثقون

مقالات الرأي

بوابة الفجر



جاء الإعلان عن إنشاء مجلس الشيوخ فى التعديل الدستورى الذى جرى العام الماضى بمثابة إعادة لنظام الغرفتين البرلمانيتين لتمثيل السلطة التشريعية، وهو النظام الذى يوفر عدة مزايا، فى مقدمتها تعزيز الديمقراطية وضمان تحقيق فرصة عادلة لقوى قد لا تستطيع أن تنافس للتواجد فى مجلس النواب، باعتبارها أقل خبرة أو قدرة على أن تخوض المعترك الانتخابى الذى يتطلب مهارات خاصة وربما قدرات مالية وتنظيمية قد لا تتوافر لهذه العناصر التى هى نخبوية بطبيعتها، وتتميز بخبراتها الدقيقة والأكثر تخصصا. على جانب آخر فإن هذا النظام يضمن إلى حد بعيد عدم تمرير مشروعات القوانين أو التشريعات بكافة أنواعها إلا بعد فحصها ودراستها جيدا، الأمر الذى يحقق بالفعل استقرارا فى البنية التشريعية تحتاج له بصفة خاصة المجتمعات النامية وتلك التى تسعى لتحقيق نهوض اقتصادى وسياسى لن يتأتى إلا بتوافر المناخ الآمن الذى يضمن انطلاق مشروعات التنمية المستدامة.

وفى عودة راصدة لما كان فى ذهن المشرع وهو يتقدم باقتراح تأسيس الغرفة الثانية، نجد وفقا للتقرير الذى أصدرته لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب قبل إجراء التعديلات الدستورية، فإن مقومات مجلس الشيوخ تستهدف زيادة التمثيل المجتمعى وتوسيع دائرة المشاركة، والاستماع لأكبر قدر من الأصوات والآراء المتباينة، كما أن عودة التنظيم البرلمانى فى مصر إلى نظام المجلسين يمثل ضمانة مهمة لتطوير السياسات العامة للدولة وبرامجها الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن المساعدة فى إنجاز العملية التشريعية من خلال الاستفادة من مخزون الخبرات المصرية. وانطلاقاً من هذه الرؤية التى تبناها المشرع، جاء قانون تأسيس مجلس الشيوخ محققاً لهذه الأهداف على الصعيد التشريعى. أما عن الدور الرقابى للمجلس فقد حدده القانون فى أداتين هما طلب المناقشة العامة، والاقتراح برغبة.

واللافت للنظر فى المشهد الذى يقدمه مجلس الشيوخ، والذى يعتبر مدعاة لبروز مساحات جديدة من الأمل، هو وجود نسبة عشرة بالمائة من إجمالى عدد الأعضاء من السيدات، وهى الكوتة التى نص عليها القانون المؤسس لمجلس الشيوخ، والتى تعكس بحق مدى الرغبة لدى القيادة السياسية وعلى رأسها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى تعزيز وضع المرأة المصرية فى المؤسسات التشريعية، حتى تتمكن من مناقشة وصياغة والمشاركة بقوة فى صنع القوانين وطرح التشريعات التى تشكل الأساس لكل مناحى التطور السياسى والاقتصادى والاجتماعى خلال هذه المرحلة الدقيقة من عمر الوطن، بما يتماشى مع الدور المأمول من تمكين المرأة باعتبارها أحد أهم مكونات المجتمع. هذا من جانب، ومن جانب آخر فهى تعكس قدرة المرأة المصرية بالفعل على الاضطلاع بالأعباء التى تتطلبها المرحلة على جميع الأصعدة.

وفى النهاية أؤكد أن تحقيق الأهداف المرجوة من تأسيس مجلس الشيوخ، كذلك تشكيله بهذه الكيفية التى تعكس بالفعل فكر ورؤية كل أطياف المجتمع، والتى تعتمد بالأساس على وجود علماء وخبراء ومتخصصين فى جميع المجالات، كل ذلك يتطلب مساندة رأى عام ووعى خاص من جمهور المواطنين، الذين لابد أن تتغير رؤيتهم لدور النائب سواء فى مجلس الشيوخ أو النواب، هذا الوعى الذى يضيق من مساحة تقديره لحركة ونشاط وإنجاز النائب بحيث لا تتسع إلا لتقديم الخدمات الشخصية، والتى يدور أغلبها على توظيف أبناء الدائرة وحل مشكلاتهم اليومية فى تعاملهم مع الأجهزة الحكومية أو نجدتهم فى بعض المواقف التى قد تتطلب ذلك. يقيناً لا يمكن إغفال هذا الدور الخدمى الذى يشكل جانبا مهمًا من عملية التمثيل النيابى فى مجتمع ما تزال العلاقات الشخصية تلعب خلاله دورا بالغ الأهمية، لكن الوعى الجديد لدور النائب، والذى أطالب به يجب أن يتسع ليشمل مساحات وعناصر ربما تكون أكثر أهمية وحسما، فدور النائب فى تدقيق التشريعات ودراستها بشكل وافٍ قبل إصدارها يعود فينعكس أيضا على أوضاع المواطنين وما يحصلون عليه من مكاسب وحقوق أو ما يلتزمون به من واجبات، أيضا فدور النائب فى الرقابة على أعمال الحكومة والإدارة المحلية من شأنه أن ينعكس على مستوى الخدمات المقدمة للمواطن فى مجالات الصحة والتعليم والتموين وغيرها من المرافق العامة، الأمر الذى يسهم بشكل مباشر فى تحسين المستوى العام للمعيشة.

عضو مجلس الشيوخ