ضغط أوروبي وخطوط حمراء مصرية.. أحلام أردوغان بالمنطقة والمتوسط تواصل السقوط

تقارير وحوارات

أرشيفية
أرشيفية


لا يزال مسلسل الفشل التركى مستمرا، إذ إن أحلام الديكتاتور التركى رجب طيب أردوغان فى منطقة الشرق الأوسط، ومنطقة شرق المتوسط، تواصل السقوط، الواحدة تلو الأخرى، لتثبت أن أحلام أردوغان لم ولن تكون سوى محض أوهام، لن تتحقق.

تدخلات أردوغان فى الشأن الليبى

فأردوغان الذى أبدى نواياه فى بسط سيطرته بمنطقة الشرق الأوسط، تدخل فى الشأن الليبى، من خلال دعم حكومة الوفاق، المنتهية ولايتها، ورئيسها فايز السراج، وميليشياته، فى مواجهة الشعب الليبى، وفى مواجهة الجيش الوطنى.

ووصلت تدخلات أردوغان فى الشأن الليبى، إلى حد إرسال المرتزقة للاقتتال فى الأراضى الليبية، تمهيدا لتنفيذ مخططاته الدنيئة، وأملا فى البقاء فى ليبيا، ومن أجل ذلك، فقد استمر لفترات طويلة فى إمداد الميليشيات والمرتزقة بالمال والسلاح، ودعمهم بمرتزقة آخرين، يتم تدريبهم فى المعسكرات التركية، وإرسالهم إلى ليبيا، حتى إن من بين هؤلاء المرتقة أطفال قصر لم يبلغوا الـ18 من عمرهم، كما أن من بينهم مرتزقة من قادة وعناصر تنظيم داعش الإرهابى.

سرت والجفرة خط أحمر

وتعقيبا على الأزمة الليبية، أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسى، تحذيرا شديد اللهجة، قال فيه إن تجاوز مدينة سرت والجفرة "خط أحمر" بالنسبة لمصر وأمنها القومى.

جاء ذلك، فى أثناء تفقده للمنطقة الغربية العسكرية، المحاذية للحدود مع ليبيا، بحضور الفريق أول محمد زكي، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والفريق محمد فريد حجاى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وقادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة.

واستهل الرئيس السيسي، حديثه، بقوله، إن الجيش المصري من أقوى الجيوش في المنطقة، وإنه جيش رشيد يحمي ولا يهدد، مؤكدا أن الجيش المصري قادر على الدفاع عن الأمن القومي لبلاده داخل الحدود وخارجها.

وأكد الرئيس السيسي، على الكفاءة العالية للقوات المسلحة وجاهزيتها لتنفيذ أي مهام، وتابع: "متأكد أننا لو احتجنا منكم تضحيات وهنا بنبذل تضحيات كبيرة جدًا، كونوا مستعدين لتنفيذ أي مهمة داخل حدودنا أو إذا تطلب الأمر خارج حدودنا".

ودعا السيسي، حينها، إلى وقف إطلاق النار في ليبيا عند نقطة الاشتبالك بين الجيش الوطنى الليبى، وحكومة الوفاق، التى تقع على حدود مدينة سرت وقاعدة الجفرة الحصينة، مؤكدا أن التدخل مباشر من جانب مصر في ليبيا باتت تتوفر له الشرعية الدولية.

وأشار السيسي إلى استعداد مصر لتدريب أبناء وشباب القبائل، تحت إشراف شيوخها، لحماية ليبيا، مؤكدا أن مصر ليس لها مصلحة من وراء ذلك إلا أمن واستقرار شعب ليبيا المعنيين بالدفاع عنها، ضد التدخلات الأجنبية التى أكد على ضرورة خروجها من ليبيا بشكل فوري، لأنها تدخلات غير شرعية تسهم في انتشار الإرهاب.

انتفاضة ليبية

وشهدت مدن الغرب الليبى التى كانت تسيطر عليها حكومة الوفاق، انتفاضة شعبية، احتجاجا على تدنى مستوى المعيشة، وانقطاع الكهرباء بصفة مستمرة، ونقص الوقود.

وطالب المحتجون الليبيون برحيل حكومة الوفاق ورئيسها عن المشهد السياسى برمته، فضلا عن رحيل الميليشيات والمرتزقة الذين أرسلهم أردوغان إلى الأراضى الليبية.

استقالة فايز السراج

وأمام الحراك الشعبى فى ليبيا، لم يستطع فايز السراج، المدعوم من تركيا، الصمود أكثر من ذلك، لا سيما مع نجاح الليبيين فى فرض كلمتهم على المشهد السياسى برمته، وعلى المفاوضات التى جرت خلال الفترة الأخيرة، برعاية دول عدة، فخرج السراج يعلن استقالته، متخليا بذلك عن داعمه التركى رجب طيب أردوغان، الذى وجد نفسه فى موقف يائس، يواجه غضبة الشعب الليبى الرافض لتدخلاته، وانتقادات المجتمع الدولى، بسبب دعمه المستمر لجميع الخيارات التى من شأنها تأجيج الأوضاع فى ليبيا، لضمان البقاء فيها أطول فترة ممكنة.

تركيا تجر أذيال الهزيمة

وأمام كل تلك الضغوط، لم يكن أمام الغازى التركى خيارات أخرى سوى الجلاء عن ليبيا، وسحب مرتزقته من هناك، لا سيما مع التطور الحاصل فى الحوار الليبى - الليبى، الرامى إلى توحيد المؤسسات، وإجراء انتخابات مبكرة، وصولا إلى الاستقرار.

وكشف المرصد السورى لحقوق الإنسان، فى بيان له، يوم السبت الماضى، أن أكثر من 1400 من مقاتلى الفصائل السورية الموالية لأنقرة عادوا إلى سوريا، بعد انتهاء عقودهم فى ليبيا.

وأوضح المرصد، أنه وفقا لإحصائياته، فإن تعداد المجندين الذين ذهبوا إلى الأراضى الليبية حتى الآن، بلغ نحو 18 ألف مرتزق من الجنسية السورية، من بينهم 350 طفلا قاصرا دون سن الـ18، وعاد من مرتزقة الفصائل الموالية لتركيا نحو 8500 إلى سوريا، بعد انتهاء عقودهم، والحصول على مستحقاتهم المالية.

وأكد المرصد أن إجمالى عدد الجهاديين الذين وصلوا إلى ليبيا، بلغ نحو 10 آلاف جهادى، من بينهم 2500 من حملة الجنسية التونسية.

بينما قال اللواء خالد محجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوى بالجيش الوطنى الليبى، إنه تم الاتفاق على حل الميلشيات، وجمع الأسلحة فى يد الجيش الليبى، وتوحيد مؤسسات الدولة، وهو ما ضيق الخناق على مرتزقة أردوغان، الذين بدأوا فى مغادرة الأراضى الليبية.

وأوضح محجوب أنهم ليسوا على دراية بسبب مغادرة مرتزقة أردوغان، وما إذا كانت تركيا تحتاج إليهم فى منطقة أخرى، لكن كل ما يهمهم هو أن المرتزقة بدأوا بالفعل فى مغادرة ليبيا.

تأجيج الصراع فى شرق المتوسط

ولم تكن منطقة شرق المتوسط بعيدة عن المخططات التركية، الرامية إلى توسيع نفوذها وبسط سيطرتها على دول المنطقة.

فالرئيس التركى لم يكف عن تأجيج الصراع فى منطقة شرق المتوسط، فأقحم بلاده فى صراعات مع قبرص واليونان، وتوترت على إثرها علاقات تركيا بدول الاتحاد الأوروبى، نتيجة التحركات الأحادية التى تتخذها تركيا فى التعامل مع أزمة شرق المتوسط.

وسعت تركيا للسيطرة على موارد الطاقة بمنطقة شرق المتوسط، ودأبت على إرسال سفنها للبحث والتنقيب عن موارد الطاقة والغاز الطبيعى، فى المناطق الاقتصادية الخالصة لقبرص واليونان، كما دأبت على إرسال طائراتها لاختراق المجال الجوى اليونانى، ضاربة بكل القوانين والاتفاقيات الدولية عرض الحائط، وهو ما أجج الصراع فى المنطقة.

استعراض القوة

واتبعت أنقرة سياسة استعراض القوة، ظنا منها أنها بذلك ستجبر أثينا على اللجوء إلى طاولة المفاوضات من دون إملاء شروط، إذ أجرى الجيش التركى فى مطلع الشهر الحالى، مناورات عسكرية، أطلق عليها "عاصفة المتوسط"، بمشاركة قوات جوية وبرية وبحرية تركية، إلى جانب قوات تابعة لجمهورية شمال قبرص، التى لا تعترف بها دول العالم كافة، باستثناء تركيا.

وأوضحت أنقرة أن "عاصفة المتوسط" جاءت بهدف تطوير التدريب المتبادل بين قوات البلدين، فى حين جاءت المناورة لتتزامن مع التصعيد الذى تشهده منطقة شرق المتوسط بين تركيا واليونان وقبرص.

ومع فشل جهود حلف الشمال الأطلسى لاحتواء الأزمة، تدخلت العديد من الدول، إلى جانب الاتحاد الأوروبى، الذى حذر تركيا مرارا من أن سياساتها التى تنتهجها فى التعامل مع الأزمة، لن تأتى إلا بعقوبات يفرضها الاتحاد على تركيا.

سحب سفينة الأبحاث التركية "عروج رئيس"

ومع استمرار الضغوط الأوروبية، وأمام التحركات العسكرية التى أجرتها اليونان، نظير ما قامت به تركيا، التى قطعت كل طرق التفاوض، لم يجد أردوغان أمامه سوى العدول عن سياساته، فسحبت تركيا سفينة "عروج رئيس"، التى كانت تباشر أعمال البحث والتنقيب عن الغاز الطبيعى فى منطقة شرق المتوسط، وأعادتها إلى السواحل التركية، وتحديدا إلى ميناء أنطاليا الواقع جنوب تركيا، فى خطوة لاقت ترحيبا يونانيا، إذ قال رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، إنها خطوة إيجابية لتخفيف التوتر مع أنقرة فيما يتعلق بموارد الطاقة في البحر، مؤكدا أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل المشكلة القائمة بين البلدين، لكن أنقرة واصلت استفزازاتها، فخرج وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، يقول إن انسحاب سفينة التنقيب "عروج رئيس" لا يعني تراجع أنقرة عن حقوقها هناك، مؤكدا أن السفينة ستنفذ تحركات أخرى في المنطقة وفقا للخطة المرسومة.

تركيا تؤجج الصراع من جديد

وعلى الرغم من هدوء الأوضاع على مدى أيام، عادت تركيا مرة أخرى لاستفزاز اليونان، فأجرى الجيش التركى مناورات بحرية جديدة، استخدمت خلالها الذخيرة الحية، بين جزيرتى رودوس، وكاستيلو ريزو اليونانيتين، على الرغم من مزاعم تركيا بأنها لا مانع لديها من التفاوض مع اليونان، لكن من دون إملاء أى شروط.

فى المقابل، قال وزير الدفاع اليونانى، نيكوس بانايوتوبولوس، إن بلاده بدأت فى إنشاء قاعدة عسكرية ثانية فى جزيرة كريت، لتعزيز التواجد العسكرى اليونانى، لمواجهة الظروف الحالية فى منطقة شرق المتوسط.

تحذير أوروبى

ومن جديد، دخل المجلس الأوروبى على خط الأزمة، فحذر شارل ميشال، رئيس المجلس الأوروبى، تركيا من عواقب تحركاتها الأحادية وسياساتها فى منطقة شرق المتوسط.

وقال رئيس المجلس الأوروبى إن كل الخيارات مطروحة على الطاولة للدفاع عن مصالح التكتل، ما لم تتخذ تركيا موقفا بناءً، من شأنه تعزيز التفاوض، والتوصل إلى الحلول اللازمة إلنهاء صراعات المنطقة.

ونوه رئيس المجلس الأوروبى بأن هناك قمة لرؤساء وحكومات الاتحاد الأوروبى، من المقرر عقدها على مدى يومى الخميس والجمعة، في بروكسل، لبحث العلاقات مع تركيا، والوضع فى منطقة شرق المتوسط، لافتا إلى أن الجميع يهدف إلى خلق مساحة للحوار البناء مع تركيا، ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة، وحل النزاع القائم بينها وبين اليونان وقبرص، إلى جانب احترام سيادة الدول الأعضاء.