55 ألف قطعة أثرية.. و45 شبكة مراقبة.. "الفجر" تحاور المشرف على مشروع المتحف المصري الكبير

أخبار مصر

عاطف مفتاح مع المحرر
عاطف مفتاح مع المحرر


أصبح مشروع المتحف المصري الكبير محط أنظار العالم بحق بعد الأخبار المتتالية التي توحي بحجم الإنجاز الذي أحرزته مصر حتى الآن في هذا المشروع، وخصيصًا بعد حصول المتحف على شهادة "الأيزو 45001" والتي منحت له بفضل إجراءات السلامة والاحترازات المهنية التي استطاع المتحف أن يتفوق بها على متاحف العالم، وحول آخر إنجازات هذا المشروع كان لنا حوار مع اللواء عاطف مفتاح، مدير عام مشروع المتحف المصري الكبير والمنطقة المحيطة به، فإلى نص الحوار.

ما هو انطباع سيادتكم عن حصول المتحف على شهادة الأيزو 45001 ؟
"الشهادة إضافة جيدة للغاية وتبعث رسالة للعالم كله أننا في ظل هذه الظروف كمؤسسة ومتحف مصري كبير جدير بالاحترام وأن الحفاظ على العاملين أولوية قصوى، فالإنجاز ليس للمشروع وفقط بل صحة العاملين تلقي نفس القدر من الاهتمام وهي رسالة واضحة للعالم أننا قادرين على الحفاظ على هذا المشروع الاستراتيجي، وفور انتهاء جائحة كورونا قادرين على استقبال الزوار بأمان تام وهذه أكبر وأهم رسالة من الشهادة التي تحملنا عبء الحفاظ والاستمرار على ما وصلنا إليه من السلامة الصحية وتدابير وقائية".

ما هي التحديات الحالية التي تواجه العمل بالمتحف في مرحلته الأخيرة؟
"التحديات في الوقت، وحجم العمل الذي يتم حاليًا فنحن نريد إنهاء دخول القطع الأثرية للمتحف وفي نفس الوقت ننشئ أكثر من 45 شبكة للمراقبة وكاميرات التحكم والتتبع لكل قطعة أثرية وشبكات الإضاءة ومكافحة الحريق والإنذار والتكييفات مركزية وغير مركزية، وكل هذا يتم بشكل متوازي، وتجري له اختبارات كفاءة كي نتفادى أي قصور ناهيك عن الشبكات المعتادة من صرف ومياه وكهرباء وري وغيرها".

"كل ما سبق يتم إلكتروني وهناك غرف تحكم مركزية بحيث عند أي عطل في أي شبكة تظهر على الفور عبر شاشات عملاقة توضح الخلل، وهي الشاشات التي تراقب العاملين والسائحين بعد الافتتاح بحيث لو أن أي سائح تعثر لا قدر الله تتم رؤيته فورًا من خلال هذه الغرفة ويتعامل معه فورا طاقم طبي وإسعاف سريع، وكي نصل إلى هذا التكامل نجد أن الأمر معقد جدا، وهذا هو التعقيد في الجزء المتبقي من المشروع ونسبته حوالي 3.5 %"

هل كل القطع الأثرية التي تصل للمتحف يتم ترميمها؟
"وصلنا لأكثر من 95% من نقل القطع التي من المقرر وصولها للمتحف، والحقيقة أن كل زملائنا في مركز الترميم والعاملين به مجرد ما يتم النقل يتعاملون مع القطع، وهذا تحدي من أصعب التحديات التي تواجه مركز الترميم تحدي الترميم في حد ذاته وهي معضلة، أن قطعة مجهولة الملامح تتضح معالمها مرة أخرى، وفيما سبق القائمين على هذا الترميم لم يصلوا لهذا الإنجاز، وزملاؤنا اليوم في مركز ترميم المتحف المصري الكبير وصلوا لإنجازات شديدة ودقيقة ومنها مؤخرا الصدرية الخاصة بالملك توت عنخ أمون، وفريق عمل من الشباب الواعي الواعد تمكنوا من ترميمها باحتراف شديد وهناك أمثلة مشابهة كثيرة لهذه الحالة، وتأهيل القطع الأثرية لتكون لائقة للعرض تم على نسبة 95% من القطع التي تم نقلها للمتحف والتي أصبحت جاهزة للعرض".

ما التحدي الأكبر الذي واجه المرممين في المتحف الكبير؟
"من أصعب التحديات التي واجهت المرممين، أن مكتشف مقبرة توت عنخ آمون كارتر عام 1922 لم ينجح في إخراج التابوت الخارجي للملك وحاول عدة مرات وفشل، في حين زملائنا المرممين والعاملين استطاعوا بنجاح باهر إخراجه وظهر التابوت في مؤتمر صحفي بعد وصوله الناجح جدًا للمتحف بحضور الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار، وجاري حاليا ترميمه والذي انتهي بنسبة اكثر من 90% والمرممين يعالجون خطأ 98 عاما، حيث للتابوت عبر هذه الأعوام الطويلة التي مكثها التابوت في مقبرة الملك، تلفيات وخروجه من المقبرة إنجاز والحفاظ عليه إنجاز أكبر، وزملاؤنا في مركز الترميم تمكنوا من الحفاظ عليه ببراعة شديدة والأجزاء المتساقطة عادت لأماكنها بشكل واعي جدًا وسيعرض بنجاح في مكانه بالمتحف عند افتتاحه"

ما عدد القطع التي وصلت إلى المتحف حتى الآن؟
"وصل إلى المتحف حاليا ما يتجاوز 55 ألف قطعة وما تم ترميمه 54900 قطعة بنسبة تتجاوز 95%، وفريق الترميم مهرة والقائمين عليهم أفاضل وجميعهم تمكنوا من الوصول بترميم القطع التي وصلت المتحف لنسبة تتجاوز 95% وهذا مبهر والترميم يتم بأسس علمية منهجية بأحدث ما وصلت خامات الترميم".

ما صحة ما دار حول شق طرق بمنطقة الأهرامات؟
"ما يدار وما يخطط للمنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير هو حلم بالغ الدقة ويتابعه شخصيا رئيس الدولة، والدولة تسعي لإزالة القبح والتشويه البصري للمنطقة الأثرية ولا يمكن الدولة بأذرعها تساهم في تواجد قبح مستحيل، وما أثير عن غير ذلك لا أساس له من الصحة، وهضبة الأهرامات الدولة مهتمة بها وأنفقت عليه أكثر من 450 مليون جنيه تطوير وهي تدار بشكل واعي جدا جدا من خلال وزارة السياحة والآثار ومستثمر قائم على إدارة الخدمات داخل هذه المنطقة".

"ربط المتحف الكبير بمنطقة الأهرامات هدفه وفلسفته خلق أكبر متحف مغطي ومكشوف في العالم على مساحة 3800 فدان وهذا فكر الدولة المصرية في هذا التوقيت، وهي تسعي لإتمام ما أطلق عليه بشكل مبدئي المخروط الذهبي والذي يضم المتحف المصري الكبير وقاعدته الأهرامات الثلاثة وقمته هي المتحف الكبير وفيما بينهم تم إزالته كي تصبح المنطقة متحفا مكشوفا يضم هضبة الاهرامات بما تحويه من أثار جبارة وضخمة على مساحة 3500 فدان يضاف لهم 300 فدان وهي أرض نادي الرماية للقوات المسلحة بقرار في منتهي الجرأة وكلف الدولة مليارات من الرئيس عبد الفتاح السيسي بإزالة نادي الرماية وضم هذه الأرض لصالح الأنشطة الاستثمارية المكلمة للمتحف المصري الكبير"

ماذا عن تطوير طريق الفيوم؟
"أصبح طريق مغطي ولم يعد هناك طريق في هذه المنطقة كلها بطول 1.2 كم سيغطي الطريق بشكل حضاري وواعي للغاية ويتمكن السائح من التحرك بأمان تام من المتحف المصري الكبير إلي منطقة الخدمات في أرض نادي الرماية سابقا ومنها إلى منطقة الأهرامات والعودة، ثم الوصول من مطار سفنكس الجاري تطويره حاليًا كي تصبح هذه المنطقة العاصمة السياحية لمصر بحق إن شاء الله تعالي وأكبر متحف مكشوف مفتوح في التاريخ الإنساني بالكامل ولا يوجد مثيل لمتحف بمساحة 3800 فدان ولن يقترب أحد لهذا الرقم سواء فيما سبق أو ما هو آت".

ماذا عن مشروع نزلة السمان؟
"الدولة في هذا التوقيت في منتهي الوعي أي مشروع بيتم دراسته بدقه وليس مجرد قرار وينفذ هكذا دون دراسة أو مراعاة للحالة الاجتماعية للمحيطين بطريق مثلا يتم شقه أو الحالة الأثرية المحيطة له أو إنشاء نفق أو كوبري وهناك بدائل ويتم اختيار ما يحقق اكبر نجاحات وأقل أضرار إذا كانت هناك أضرار والدولة تحلها من خلال تعويضات وخلافه وهذه هي الرؤية الحقيقية للدولة حاليًا" 

ما هي المراحل التي تمت حتى الآن من المنطقة المحيطة؟
"المنطقة المحيطة مقسمة لمراحل والأولي والأهم فيها هي إنجاز المتحف والطرق المحيطة به والمؤدية إليه؛ وهذه ستتزامن مع إنجاز مشروع المتحف وسنكون قد أنجزناها أيضا، ولا نريد الحديث عن تداخل بين إنجاز المشروع وإنهائه وبين موعد الافتتاح، وموعد الافتتاح قيد مواقف كثيرة متعددة منها دولية وسياسية وطبعا ترتيبات القيادة السياسية مع دول مهمة للحضور وهذا تحديد الموعد، وهذا ليس مرتبطا على الطلاق بموعد إنهاء المشروع، ولابد من إنهائه واستقدام شركات الإدارة والتشغيل لخدمات المتحف وهذا هدفنا حاليا ونأمل أن شاء الله في منتصف العام القادم نصل لهذه المرحلة.

ماذا عن تطوير الطرق المحيطة؟
"يتم تطوير طريق إسكندرية من أسفل الدائري حتي ميدان الرماية أو حتي تقاطع المنصورية مع الهرم وشارع فيصل، وتطوير محور المنصورية من القوس الجنوبي حتي الشمالي بما عليه من أعمال صناعية وهو إنجاز ضخم تحقه الهيئة الهندسية للقات المسلحة في وقت وجيز للغاية وبدأوا من 4 شهور ومخطط له أن يتم بإذن الله نهاية العام الحالي الانتهاء من كافة الكباري على هذا المحور المنصورية بالكامل وسيكون عليه 3 كباري ومطلع ومنزل على القوس الشمالي، وتوسعة طريق الفيوم حتي الدائري الأوسطي ليكون 9حارات في كل اتجاه بالإضافة إلى مشايات الربط السياحية، والمرحلة الأولي من التطوير مقصود بها انتهاء المتحف وإخلاء نادي الرماية والانتهاء من الطريق المؤدية للمتحف.

ما هي حجم الاستثمارات التي تم ضخها في المشروع؟
"ضخ الاستثمارات للمتحف والمنطقة المحيطة يتجاوز 25 مليار جنيه هذا بخلاف التوفير الذي تم في التكلفة وقدر هذا التوفير 770 مليون دولار، وعندما عن هذا الوفر قلت أنها أسباب شديدة التعقيد، ولكن يمكن القول أن أهمها استخدام خامات محلية ومنع الاحتكار الذي كان يمكن أن يمارس على مشروع المتحف المصري الكبير من خامات مستوردة،والخامات في مصر طبقا لما خلقه الله مناسبة لمناخها والخامات المصرية هي المستمرة ولذلك ليس من المنطق أن أجلب خامة في بيئة درجة حرارتها مختلفة عن بيئتي وشمسها مختلفة وأجلب هذه الخامة في مصر سيكون عمرها قليل،وكي أضمن الاستدامة لهذا المشروع لا بد أن أجلب الخامات المصرية الأصيلة والتي استخدمها المصري القديم وعاشت لألاف السنين وهذا كان المنهج في استخدام الخامات المحلية، كما أن ذلك حال بين استهلاكنا عملة حرة بشكل كبير كذلك فائدته تحريك السوق المصري والأيدي العاملة المصرية وغيرها من الفوائد خاصة على العملة المحلية والتي استخدمناها في جلب المواد المحلية".

ما هي المرحلة الحالية من المتحف؟
"فكرة المشروع بدأت عام 1998 وهي فكرة واعية للغاية ولا بد التاريخ يسجل بهذا ويثني على فكرة أصحاب المشروع واختيار الأرض كان واعي جدا ومصر ليست أقل من أن يكون لديها متحف هو الأكبر في تاريخ الإنسانية، وأول وثاني مرحلة في مشروع المتحف الكبير انتهوا بالفعل في 2010 وهما تأهيل الأرض وإنشاء مركز الترميم وتم افتتاح المركز وهي الثانية، أما المرحلة الثالثة هي المبنى الرئيسي والمرحلة التي أضيفت لاحقا وهي يمكن أن نسميها العاصمة السياحية الجديدة بتحويل هذه المرحلة التي كان قوامها 117 فدان إلى مشروع قوامه 9400 فدان وهو العاصمة السياحية الجديدة لمصر ونراهن على جذب السياحة والوصول إلى السائح في مكانه بـ"السوشيال ميديا" والتطبيقات الذكية للهواتف".

"المرحلة الثالثة هي التي نحن بصددها حاليا لكن أضيف إليها رؤية الدولة وهي المرحلة الأهم وهي 9400 فدان وجزء منها يتم بتطوير الطرق المحيطة حاليا وتصل إلى حولي 5 مليارات جنيه استثمارات بدون ميدان الرماية، ولا توجد دولة في العالم تسمح بمخالفة على أرضها وتواجه ذلك وتحاسب المخالف ورغم ذلك الدولة تعاملت مع هذا الملف بشكل محترف وإنساني لكنه يستغل بشكل غير لائق من البعض ويوجه توجيه غير دقيق لكن يد الدولة يجب أن تكون حاسمة بكل الإنسانية ومراعاة البعد الاجتماعي ولا تعارض بين الحسم ومراعاة الناس والشعب والمحافظة عليه ولا بد من الحفاظ على مقدرات الدولة".

ما رأي سيادتكم في الطفرة التي يشهدها القطاع حاليًا؟
"لم تشهد مشروعات السياحة والآثار طفرة في إنجازها كما يحدث حاليًا، والرئيس السيسي لما وجد وفر في الموازنة وقدره مليار و270 مليون جنيه قرر توجيهه لإنهاء مجموعة من أهم المشروعات الأثرية وهذا لوعيه الشديد بأهمية الآثار والسياحة، وما تمثله للدخل القومي المصري".