د. بهاء حلمى يكتب: صناعة الميليشيات الإرهابية

مقالات الرأي

بوابة الفجر



يعتمد فكر الإخوان على مبادئ رئيسية أبرزها إعلاء مفهوم الأمة والجماعة على حساب الوطن والمجتمع.

وأن السمع والطاعة والولاء للمرشد وقيادات التنظيم وكوادره، ولوطن التنظيم الذى لا يقف عند الحدود الجغرافية للدولة وإنما يمتد ليشمل كافة بلاد الأمة الإسلامية فى أرض الله الواسعة على حد تعبير أحد مرشدى الجماعة السابقين.

مع تكفير كل من الحكومات القائمة والمجتمعات المعاصرة فى بلاد المسلمين، ولا مانع من إراقة الدماء لتحقيق مبادئ وأهداف التنظيم، وفقا لأقوال ومبادئ وكتب سيد قطب وتصنيفه للمجتمعات باعتبارها مجتمعات جاهلية، مبيحاً بذلك الدماء.

بالتالى فإن عدم ثقة الإخوان فى الحكومات والمؤسسات والقوات الأمنية والمجتمعات يعُد من الركائز الأساسية فى عقيدة وسياسات الإخوان أينما وجدوا.

لأنه من البديهى أن يكون انحياز الحكومات والمؤسسات الوطنية لصالح شعوبها ومجتمعاتها الأمر الذى يعتبره الإخوان كفرا وخيانة، فوضعوا سياسات وآليات لتكوين مجموعات خاصة (إخوة وأخوات قوامها من الشباب) تكون على رأس أولويات جماعة الإخوان باعتبارهم جنودا للدفاع عنهم وأيديولوجيتهم ومواجهة كل من يخالفهم فى الرأى.

لذلك شرع تنظيم الإخوان للعنف وأعطاه صبغة دينية تحت مسمى «الجهاد» بهدف إقامة دولة إسلامية تمتد حدودها لتشمل بقاع الأرض وإحياء الخلافة وتطبيق الشريعية، كما يدعون.

وبناء عليه أنشأ تنظيم الإخوان أذرع للدفاع بدأت بتجربة الجوالة ثم مجموعات الجهاد الخاص تنسيقا والعديد من الجماعات الإرهابية بالتعاون مع أجهزة مخابرات بعض الدول خارج الحدود، لنشر الدعوة ومقابلة كل من ينحاز للسلام والإنسانية والتسامح واحترام الآخر بالعنف والإلقاء من على أسطح المبانى والقتل بدم بارد.

ووضع التنظيم برامج تربية وتدريب لترسيخ الولاء والسمع والطاعة فى عقلية أعضاء هذه المجموعات، وأن يكون قسم الولاء والبيعة للأعضاء الجدد على الشعار - الذى يحمل بين طياته السيوف واشارات القوة - للعمل على تحقيق مقاصد تنظيم الإخوان والأمة دون مناقشة أو تردد.

ومن هنا تبلورت فكرة تكوين الميليشيات المسلحة بمسميات مختلفة، أسوة بالجهاز الخاص الذى دبر ونفذ العديد من محاولات الاغتيال فى مصر.

كما لا يخفى على أحد محاولة إنشاء الإخوان ميليشيات خاصة وتنفيذ بعض برامج التدريب بمعسكرات الشباب بأبو قير بالإسكندرية وغيره من المواقع تحت إشراف وزارة الشباب ووزيرها الإخوانى إبان فترة حكمهم، الذى أقر بذلك علانية.

لكن الأجهزة الأمنية كانت تراقب وتتابع عن كثب فى الوقت الذى أعلن فيه الشعب المصرى عن رفضهم للإخوان وإدارتهم وقيادتهم وسياساتهم وأساليب العنف والترويع التى اتبعوها دون جدوى.

ومن اللافت للنظر التوافق الكبير بين أفكار تنظيم الإخوان ونظام إيران ونظام أردوغان، من حيث صناعة الميليشيات والفكر والأهداف.

فقد تزامن إنشاء الحرس الثورى بإيران مع تمويل تنظيم الإرهاب ودعم الجماعات الإرهابية فى أول ثمانينيات القرن الماضى، وخلال الأسابيع الماضية شرع أردوغان لتأسيس حراس الليل المسلحون كميليشيا موازية لقوات الأمن يديرها حزبه وتحت سيطرته بالكامل..

فى ضوء ما حققه من استفادة من تجارب تركيا وانخراط نظامها فى تكوين وتدعيم الجماعات الإرهابية بسوريا والعراق مدعوما من قطر، وإرسال ميليشيات إلى ليبيا..

إنه ليس بغريب على النظام التركى هذا الاهتمام والانتماء لأيديولوجية العنف والخيانة والخداع .. تاركا شعبه واقتصاده فى طريق الانحدار والإنهيار.

إنها حقا أيديولوجية وفكر وصناعة سيكون مصيرها الفشل والسقوط لأنها صناعة فاسدة.