الفجر تحاور الراهب المثير للجدل.. هنرى بولاد: الإلحاد الطريق الصحيــــــح لمعرفة الله

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر



رجل دين يثير الجدل والمفارقات، أطلق عليه الكثيرون العديد من الألقاب من بينها «الراهب الملحد» بينما يراه آخرون «القديس الفيلسوف» أو «الراهب اليسوعى» نتحدث عن الأب هنرى بولاد، فهو ليس رجل دين بالمعنى التقليدى، أو واعظا بالمعنى المعروف، لا يحب المناصب، فظل زاهدا فيها على مدار عمره الممتد إلى ما يزيد على 89 عاما.

رغم صداقة الأب «بولاد» برؤساء وشخصيات دولية، لكنه اختار الجانب الإنسانى منذ عمله مسئولا عن مؤسسة الجيزويت الثقافية بالإسكندرية ومديرا لمدرسة الجيزويت، ومشرفا على مشروع حماية أطفال الشوارع بمؤسسة كاريتاس لخدمة أطفال الشوارع ومرضى الجذام، وهو المشروع الذى سخر له وقته وأمواله، مؤكدا أن رجل الدين مهمته روحانية لإضاءة النور للعالم، ورسالة تخدم الإنسان وتساعد المحتاج، وليس التخويف من العالم، هكذا يوضح لنا فى حواره لـ «الفجر» والذى يشرح فيه فكره المثير والذى جعله عرضة لسهام النقد فى تدينه لدرجة يهاجم من الكنيسيتين، وإلى نص الحوار.

■ لماذا يطلق عليك «القديس الفيلسوف» وفى نفس الوقت «الراهب الملحد»؟

- أعيش حياة القداسة على الأرض، فدعوت ربنا وأنا داخل حياة الرهبنة بأن يجعلنى قديسا، رغم أننى طلبت من الرهبان الجدد هذه السنة ألا يطلبوا أن يكونوا قديسيين.

كنت أصلى وعمرى 76 سنة، سمعت صوت ربنا وهو يقول لى «هنرى هتمشى على خطى موسى النبى، قولت له ماذا تقصد يارب؟ موسى بدأ الرسالة فى سن الـ80 وانتهى منها عند 120 سنة،وحاليا عمرى 89 يتبقى لى 31 سنة حتى أكمل الرسالة ولدى مشاريع كثيرة جدا ومتحمس أن أكملها، أسعى من خلالها لتغيير العالم كله، بما فى ذلك الكنيسة والأديان والتغيير من نفسى أيضا.

■ هل معنى ذلك أن العالم الآن يسير فى الطريق الخطأ، وكيف يمكنك إصلاح كل هذا؟

- لدى أهداف وطموحات، أن يتجه العالم للصواب ويمحو الفساد الموجود بمصر، أريد الإنسان المصرى إنساناً، وليس الذى يعيش حياة التعصب والغرائز والتخلف الثقافى، نريد أن ننمى المحبة، فبدأت مشروعا كبيرا يهتم بأطفال الشوارع وعلاج المدمنين، كما أريد تغيير ذاتى بالتخلص من الغيرة والأنانية فالحياة الروحية مسيرة لا نهاية لها.

■ تتهم بالإلحاد رغم أنك رجل دين .. ما علاقتك بالإلحاد؟

- أرى أن الإلحاد خطوة ناحية الإيمان الحقيقى، بمعنى أن الملحدين يرفضون الدين المزيف أو «بعبع» الشريعة الذى يرعب الناس، وأرحب بالملحدين الذين يرفضون هذا، وأحيانا يكون الملحدون أفضل كثيرا من المؤمنين.

■ هل تلك التصريحات تعرضك للانتقاد؟ وهل يتعارض الإلحاد مع الدين؟

- منذ أربع سنوات كنت أقدم سيمنار عن الإلحاد بالإسكندرية فى المركزالثقافى بالجيزويت بجانب 30 شخصا نصفهم مسيحى والنصف الآخر مسلم، وفجأة اقتحم قاعة السيمنار شخص برفقة اثنين من مشايخ الأزهر واثنين مسيحيين، قس أرثوذكس معه مجموعة من الكاثوليك، وسألونى ماذا تفعل يا أبونا؟ فأجبت أقدم سيمنار عن الإلحاد، فقالوا لى هل تريد إبعادهم عن ربنا؟ فأجبت، بالطبع لا لكنى أشجعهم على معرفة طريق الله، فنظر الجميع لبعضهم بدون تعليق.

وأرى أن الإلحاد هو باب للخروج من الدين المحفوظ المزيف، لأننا لم نختر ديننا، وحملنا الدين الذى ولدنا به سواء كانت العائلة مسلمة أومسيحية.

كما أن الإلحاد هو الطريق الصحيح للإيمان لأنه يولد الإنسان الصادق، وأريد أن يصبح الإنسان صادقا مع نفسه ويبحث عن الحقيقة، وأن يصلى لربنا وهو ملحد أفضل بكثير، وأعرف مدرسين فى مدرسة «سانمارك» بالإسكندرية كانوا ملحدين بيخدموا الناس وينشروا المحبة، فملحد أو مؤمن ليست تلك إشكالية المهم قيمة ما تقدمه لخدمة الناس.

■ هل تعنى دعوتك للإلحاد عدم وجود دين حقيقى فى العالم؟

- الدين الحقيقى مازال الناس تكتشفه، نظرا لتزييف الكثير من تعاليم الأديان، وللأسف هذه التعاليم المزيفة بدأت تسود، وأحيانا تتعارض مع القيم الإنسانية النبيلة والتى هى جوهر الأديان.

وأرى أنه من الأفضل أن نرتبط بقيم ومبادئ أخلاقية ليس لمجرد الخوف من تعاليم الدين، ولا نربط السلوك بالدين، ولو تريدون مرجعية على كلامى راجعوا رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية.

■ من الانتقادات الموجهة إليك آراؤك عن يوم القيامة بأن العالم كله لن يدخل النار، هل يعنى ذلك أنك تنفى وجود يوم القيامة؟

- نعم ستوجد قيامة، وسيقوم الأموات مرة أخرى فى العقيدة الموجودة بقانون الإيمان مصير الجنة والنار، فهذا سر ربنا لكن لا أحد يعرفه، وفى نفس الوقت لا أحد يعرف هل سيدخل الجنة مسيحى وبروتستنتى وكاثوليكى وأرثوذكسى، فالمسيح تحدث عن الدينونة الأخيرة وعن سيرة الأديان، ولم يتحدث عن المحبة الدينونة الأخيرة، ولم يحدد أحد من سيدخل الجنة أو النار.

■ لكنّك قلت إن المسيحيّة ليست دينًا وأن الإسلام يمر بمأزق.. ماذا تقصد؟

- الدين هو مؤسسة الإيمان، وترجمته فى منظومة، وفى عقيدة، وفى طقس.. إلخ، وهذا هو الدين، أما الإيمان فهو مصدر الدين، والمسيح لم يأت ليؤسس دينًا، بل لينشر الإيمان، ونحن من غيرنا مفهوم الإيمان إلى دين، فيما أراه شرًا لابد منه، حيث إن المؤسسة تسهم فى استمرار الدين، أما الإسلام فأرى أنه أدخل نفسه فى مصيدة القرن العاشر، منذ أغلق الفقهاء باب الاجتهاد، واختاروا التمسك بالآيات المدنيّة، حينما كان لديهم الخيار بينها وبين التمسك بالآيات المكيّة الروحية، مثلما تمسّكوا بالتيار الحنبلى السلفى، فأدخلوا أنفسهم فى صراعات مع باقى البشر وضد الحضارات، والدليل هو محاربة وتكفير كلّ من يطالب بالرجوع لجذور الإسلام الروحانيّة.

■ فى أى شيء تنتقد الكنيسة؟

- مثلا كلمة فداء، تعنى أن يسوع فدانا من خطية آدم وحواء، لماذا ورثناها؟، وهل الخطية بالوراثة؟، وهذا يعنى أن كلمة فداء لغة مرتبطة بالرق والعبودية، لأن واحد يفدى عبد أى يشتريه ويحرره، هذه الفدية لمن دفعها، فهل دفعت إلى ربنا أم للشيطان؟، ففداء تعنى الخلاص، وللأسف الكنيسة لم تفكر فى إعادة النظر فى المفاهيم العقائدية واللاهوتية، لتفكر ما وراء الفكر.

والكنيسة لازم أن تغير لغتها وأسلوبها، مثل التعليم المسيحى كله لابد أن يكون لديه إعادة الفكر عنه لأن الانسان المعاصر لا يقبل أشياء محفوظة ملقنة تأتى له جاهزة لمجرد أن البابا أو القسيس أجاز بها، فهم يعتبرون أن الكتاب المقدس لم يغير، بل تم تغييره عند ترجمته من اللغة الأرامية والعبرية إلى اللاتينية فتغيرت الكثير من المعانى والمفاهيم.

■ رغم اعتراضك على رجال الدين، حدثنا عن علاقتك بالبابا تواضروس والذى قام بتكريمك؟

- البابا تواضروس إنسان رائع متفتح، أحبه بشدة لكن للأسف أفكاره وتوجهاته مرفوضة من الأغلبية بالمجمع المقدس وهم تلاميذ البابا شنودة ، لكن أعرف جيدا أن البابا تواضروس رغم أنه متفتح لكنه لا يستطيع التغيير فى ظل نفوذ المتشددين.

ومنذ ثلاث سنوات قام البابا تواضروس بتكريمى، فكيف للكنيسة الأرثوذكسية أن تقوم بتكريم راهب كاثوليكى مثلى، فدائما يتم اتهامى بـ«الهرطقة» ولكن البابا تواضروس كرمنى وهذا يدل على أنه رجل معاصر يريد أن يتجاوز التشدد.

■ بحكم علاقاتك الدولية المتشعبة.. كيف ترى حقيقة فيروس «كورونا»؟

- أرى أن جائحة فيروس كورونا مفتعلة وبها غموض، وأن هناك تلاعباً دولياً، ولا أحد يعرف من يقف وراءها، فهناك احتمال أن تكون «كورونا» ما نطلق عليها «جروباليس» أى العمل على السيطرة على البشر عبر شبكة عالمية يريدون أن يدخلوا شريحة لكل البشر ومن خلال ذلك يعرفون تحركاتهم وتصرفاتهم مما يسهل السيطرة عليهم.