د. بهاء حلمى يكتب: دولة النقيب والنقابة

مقالات الرأي

بوابة الفجر


تعج المحاكم بالدعاوى القضائية المرفوعة من أعضاء النقابات المهنية ضد بعض النقباء ومجالسهم، سواء كانت للمطالبة بحقوق أم لالغاء قرارات صادرة ضدهم تحت بند تصفية الحسابات الانتخابية أو للحد من ضم ممن لا تتوافر فيهم شروط العضوية لتكوين قاعدة انتخابية مؤيدة له أو ضد ما يقوم به النقيب من أفعال لاحتضان المنتمين لأيديولوجية لا تؤمن بالمواطنة أو حقوق الإنسان وغيرها من المشكلات الأخرى.

يرجع ذلك إلى أسباب عديدة أبرزها عدم الالتزام بسيادة القانون، ممارسة الديكتاتورية، اتخاذ مجالس النقابات لقرارات تنتهك الحقوق والحريات، تركيز الجهد لإجهاض مبادئ الديمقراطية والشفافية فى عمل النقابة، سرعة انفعال وغضب البعض تأثرا بالشيخوخة مما ينعكس سلبا على القرارات الصادرة ضد الأعضاء، فقد بعض النقباء لمبادئ وفنون القيادة والإدارة وأسس تنمية الموارد البشرية مما يؤثر على القدرة فى السيطرة على مجريات الأمور بالنقابات.

إن وجود أكثر من 30 نقابة مهنية لكل منها قانون ولوائح تنظمها دون وجود وسائل رقابية فعالة للحفاظ على الأموال وأساليب التصرف فيها مما قد يؤثر على قدرة تلك الكيانات للوفاء بالتزاماتها كالعلاج والمعاشات والرعاية الاجتماعية لأعضائها مما ينعكس سلبا على الأمن القومى.

هل يعقل أن تتضمن شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية بألا يكون المرشح مصابا بمرض بدنى أو ذهنى يؤثر على أدائه لمهامه، ولم تتضمن قوانين النقابات ذلك الشرط المهم للنقيب وأعضاء مجلس النقابة.

إذا كان سن المعاش فى قانون الخدمة المدنية 60 عاما، وفى غالبية الدول الأجنبية 65 عاما وفق رغبة الشخص وقدرته، وتشدد الأمم المتحدة على وجوب رعاية المسنين فوق سن الـ80 سنة من خلال معالجة قضايا الشيخوخة المكونة من 62 نقطة التى تناولتها الجمعية العامة فى اجتماعها الأول 1982م، وكذا فى الاجتماع الثانى فى 2002 بمدريد بإسبانيا.

إن المنظمة الأممية تدعو إلى إجراءات محددة لرعاية المسنين فى سن الـ80 مثل الصحة والتغذية وحماية المستهلك والبيئة والأسرة والرفاة، كما خصصت لهم يوما دوليا تكريما وعرفانا على عطائهم.

مما لا شك فيه أن الخبرات المتراكمة لدى المسنين تعتبر مخزوناً نستلهم منه الخبرات فى المجالات المختلفة دون إرهاقهم أو التأثير على الحالة البدنية والذهنية المتغيرة وفقا لعمر كل مسن.

إن نماذج الخروج على القانون من بعض النقباء ومجالسهم كثيرة جدا بعضهم تتملكه النرجسية لحد شعوره بأنه دولة داخل الدولة وأنه فوق الدستور والقانون بل فوق البشر أيضا دون اكثراث بمبدأ سيادة القانون.

فالإصرار على إقصاء الآخرين وممارسة التمييز ضد الأعضاء، مع العصبية والانفعال السريع المصاحب للشيخوخة وإحالة الأعضاء الشباب ممن ينتقدون سياسات التمييز إلى مجالس تأديب، أضف إلى ذلك لجوء بعض مسئولى النقابات للأسف الشديد إلى الهروب من المشاكل والأزمات التى تضرب النقابة إلى خلق مشاكل مجتمعية دون مبرر واضح.

كلها سلبيات تستدعى علاجا حاسما لتنقية عمل النقابات المهنية وإداراتها الظاهرة والمستترة.

إننا نهيب بالمشرع المصرى إعادة النظر فى قوانين النقابات والاتحادات من خلال وضع قانون موحد للنقابات كإطار عام يتضمن شروط الترشيح بما فى ذلك فحص الحالة البدنية والذهنية للمرشحين، وألا يزيد سن المرشح عن 75 عاما لضمان حسن الأداء والحفاظ على حقوق المسنين أيضا، وتخفيض العدد المقرر لدعوة الجمعية العمومية الطارئة لسحب الثقة من المجالس التى تنتهك أحكام الدستور أو الحقوق والحريات أو تخالف القانون أو تتبع سياسات تهدد الأمن القومى أو تؤدى إلى إهدار المال العام مع إحالتهم لجهات التحقيق المختصة، على أن تتولى كل نقابة وضع القواعد الإدارية والفنية اللازمة والموافقة عليها من الجمعية العمومية للنقابة مع رفعها لمجلس الدولة لمراجعتها قبل إعادتها للنقابة مرة أخرى للتصديق عليها اقتداء بمشاريع القوانين التى تحال من مجلس النواب لمراجعتها وإعادتها للتصديق النهائى عليها. وللحديث بقية.

www.bahaahelmy.com