د. بهاء حلمى يكتب: من هم الشباب؟

مقالات الرأي

بوابة الفجر


سؤال مطروح على الموقع الإلكترونى للأمم المتحدة بغرض التعريف بالشباب وحالتهم باعتبارهم أحد القضايا العالمية.

ورغما عن وجاهة التساؤل وجاذبيته إلا أنه موضوع يثير البحث والدراسة حول أسباب عجز المنظمة عن وضع تعريف جامع واضح للشباب، وأسباب عدم إيضاح مبررات وضع الشباب كقضية عالمية؟.

فمن ناحية التعريف تقر المنظمة بعدم وجود تعريف دولى متفق عليه للفئة العمرية للشباب سوى التعريف الذى أقرته الجمعية العامة فى 1981 بأن الشباب هم «الأشخاص ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عاما»، وبالتالى فإن الأشخاص الذين لم يبلغوا الخامسة عشرة أطفالا.

فى الوقت الذى تعرف فيه اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل «الأشخاص حتى سن 18 كأطفال»، وتلزم الدول أطرافها بمراعاة أحكام الاتفاقية عند سن التشريعات الداخلية سواء بالنسبة لتحديد السن أو المتعلقة بالمساءلة الجنائية وباقى الحقوق المنصوص عليها.

ولم تخجل المنظمة عند تبريرها لهذا التناقض بأنه كان من المأمول توفير اتفاقية حقوق الطفل- الحماية والحقوق لأكبر فئة عمرية لعدم وجود وثيقة مماثلة بشأن حقوق الشباب. أنه عذر أقبح من الذنب.

إن تعريف الأمم المتحدة للشباب يتنافى مع الواقع والقانون فى غالبية دول العالم، وذلك لاختلاف معايير تعريف الشباب فيما يتعلق بالعمر الذى تتم فيه معاملته كبالغ فى القوانين الوطنية وطبقا للعوامل الاجتماعية والثقافية والمؤسسية والاقتصادية والسياسية لكل مجتمع.

ففى مصر أعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن تعداد الشباب من 18 عاماً إلى 29 عاماً بلغ 20.2 مليون نسمة بما يعادل 21% من السكان فى 2019م مسايرا بذلك قانون الطفل الوطنى والاتفاقية المشار إليها، وملتزما بالحد الأقصى للشباب وفقا لتعريف المنظمة الأممية.

وتثير هذه المسألة تساؤلات عديدة فى ضوء توجه الرأى العام بالمجتمع المصرى للمطالبة بإعادة النظر فى سن الطفل ومسئوليته الجنائية على أفعاله المجرمة قانونا فى ضوء تكرار ارتكاب الأطفال ممن تجاوزوا الـ 15 سنة ولم يتجاوزا الـ 18 سنة – وفقا للقانون الحالى- لجرائم تنمر وعنف واغتصاب فى قضايا هزت المجتمع والإنسانية بأسرها.

إن الواقع العملى فى معظم الدول الغربية يشير إلى خروج الشباب ممن أتم الـ16 عاما للعمل والاعتماد على النفس فى كسب الرزق واستكمال التعليم، كما أن العلم والطب يحددان سن البلوغ والنضج. وكثير من دول العالم يحدد سن الرشد (اكتمال الأهلية القانونية) بـ18 سنة بدلا من سن 21 سنة وفق القانون المصرى.

ومن بين التساؤلات التى تثار. لماذا تقاعست المنظمة عن إعداد اتفاقية جديدة للشباب خلال الـ40 عاما الماضية تتناول فيها سن الشباب وقضاياه الحقيقية بما يتوافق مع الواقع؟ بدلا من الخلط والدمج بين قضايا الطفولة واحتياجاتها المختلفة عن قضايا الشباب ومتطلباتهم من الحكومات ومسئوليات الشباب التى تتمثل فى العمل على تنمية مجتمعاتهم اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا.

من غير المنطقى قيام الأمم المتحدة بتصنيف الشباب كقضية عالمية دون وجود مبررات حقيقية تتناسب مع الشرائح أو الفئات العمرية المختلفة، بالأمس كنا شباباً، واليوم أبناؤنا شباب، وغدا سيكون الأحفاد هم الشباب، فالشباب وقود الحاضر وعماد المستقبل والتقدم.

إن التنمية والتقدم هى القضية وليس الشباب. لماذا تصور الأمم المتحدة الشباب كقضية، وما هى الجهود المبذولة لحل هذه القضية كحد تعبير المنظمة.

نأمل تكليف مجلس الشورى بدراسة تبنى مصر مشروع أو مقترح لتعديل اتفاقية حقوق الطفل فيما يتعلق بسن الطفل ليصبح أقل من 16 عاما بما يمكن المشرع المصرى من تعديل سن الطفل ليصبح أقل من 16 عاما مع إمكانية تخفيض سن الرشد (اكتمال الأهلية) ببلوغ الـ 18 عاما بدلا من 21 عاما المنصوص عليها حاليا، مع تعديل قانون العقوبات والمسئولية الجنائية عن الجرائم التى ترتكب وفقا للمراكز القانونية.

إنها دعوة لوضع معايير عالمية ووطنية جديدة لسن الشباب والشرائح العمرية لإزالة التناقض والغموض والتمييز الذى قد يؤثر على شرائح السن من 30 إلى 40 سنة، ومن 40 إلى 50 سنة، خاصة أن هناك بعض الدراسات التى تشير إلى اكتمال النضج فى العقد الثالث من العمر.