صحيفة: لن يحقق نظام أردوغان أيا من أهدافه

عربي ودولي

بوابة الفجر




تحت عنوان " سياسة تركية مأزومة " قالت صحيفة الخليج: تتعمد تركيا تصعيد التوتر في شرق المتوسط، إما عن جهل بأن سلوكها سيضع المنطقة على شفير الحرب ويدفعها إلى أتون كارثة كبيرة، وإما استهانة منها بإرادة خصومها في الصراع وأولهم اليونان التي تُطلق التحذير تلو الآخر، مع دعوات إلى احترام القانون الدولي والمعاهدات المتعارف عليها بشأن الحدود البحرية واستغلال الثروات الكامنة في الأعماق. 

 

وقالت الصحيفة " تمضي تركيا في عملية استعراض عضلاتها العسكرية وينام مسؤولوها ويصحُون على خطابات التهديد المستعارة من القرن التاسع عشر، توهماً بأن ذلك سيجعل اليونان تقبل بالأمر الواقع، أو يدفع الاتحاد الأوروبي والدول المتشاطئة على البحر الأبيض المتوسط إلى التراجع عن حقوقها، ويسمح ل«بلطجة» أنقرة بأن تحقق أهدافها.

 

وأضافت " إلى الآن، هناك مساع جادة لضبط النفس وتصميم على التمسك بالحوار لحل المشكلات، إن كانت موجودة أصلاً. ولكن هذا النهج لن يستمر طويلاً إذا ظل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان راكباً رأسه، متمادياً في غروره ويجري وراء أوهامه التي تصوّر له أنه الحاكم في شرق المتوسط، وبإمكانه أن يستعيد سيرة القراصنة العثمانيين ويصبح «ملك البحار»، فأردوغان لن يكون خير الدين بربروس، والبحر المتوسط والتوازنات الدولية في القرن الحادي والعشرين ليست هي ذاتها التي كانت قبل خمسمئة عام.


 
 

ولفتت إلى أن المشكلة القائمة على ثروات النفط والغاز والحدود البحرية التي تفتعلها تركيا مع اليونان وقبرص ومصر وليبيا وصولاً إلى فرنسا، لا يمكن حلها بالتهديد ونشر الأساطيل والخطاب المستفز سياسياً وعسكرياً، وإنما بالاحتكام إلى المعاهدات الدولية والحوار الهادف، دون حيف على حقوق تركيا المشروعة المنصوص عليها في تلك المواثيق. أما محاولة الانقلاب على كل ذلك، فلا طائل منها، وقد يتدحرج الوضع إلى أزمة شاملة، وعندها قد يتحول الصراع إلى كابوس، ولن يحقق نظام أردوغان أياً من أهدافه، ويعود إلى شعبه يجر أذيال خيبة بدأت تلوح في الآفاق، وعبرت عنها المعارضة التركية بالبيانات والتظاهرات والدعوات إلى احترام الآخرين، والعودة إلى سياسة «صفر مشاكل» مع الجيران التي طالما تغنّى بها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في بداية عهده.


 
 

وخلصت " الخليج " في ختام افتتاحيتها إلى أن ما تفعله أنقرة في محيطها ليس دليل قوة أو نتاج شعور مفاجئ بالمظلومية؛ بل هو عنوان أزمة داخلية عميقة يتخبط فيها النظام الحاكم. فمن غير المنطقي أن تنظر دولة إلى كل من في محيطها على أنهم أعداء، في العراق وسوريا وليبيا ومصر واليونان وقبرص وأرمينيا، وحتى روسيا، فهذه السياسة لم تتبعها دول عظمى مثل الولايات المتحدة أو الصين. والحالة الوحيدة التي تشبه السياسة التركية المأزومة هي ألمانيا النازية التي أخذتها العزة بالعظمة والتفوق، وحاربت كل محيطها وانتهى بها الحال إلى النهاية المأساوية المعلومة. وذلك المصير لا يريده أحد لتركيا، ولكن على حكامها أن يتعقّلوا ويعترفوا بحقوق الدول الأخرى وسيادتها، فذلك هو السبيل الحكيم لصون الحقوق والعيش مع الآخرين في أمن وسلام.