"الحكم بالمؤبد".. ننشر مرافعة النيابة العامة في قضية اتهام مدير مكتب محافظ البحيرة بالرشوة واستغلال النفوذ

محافظات

بوابة الفجر


أكد محمد جمال عبد الناصر، ممثل نيابة الدولة خلال المرافعة بقضية الرشوة لمدير المكتب الإعلامي السابق ومدير مكتب متابعة محافظ البحيرة الحالى، المنعقدة بمحكمة إيتاي البارود الابتدائية، أن المتهم استغل منصبه في تسهيل اجراءات تقنين أراضي وضع اليد مقابل الحصول على مبالغ مالية، لصالح باقي المتهمين في القضية.

وقال ممثل النيابة العامة،:" اليوم أمامكم، نسوق المتهمين إلى عدالتكم، بعد أن تبددت أحلامهم، وتحطمت آمالهم، وتبدلت أحوالهم، من القوة إلى الضعف، ومن العزة إلى الذل، ومن السطوة إلى الهوان والانكسار، مشيرًا أن المتهم الأول في القضية" مدير المكتب الإعلامي السابق لمحافظ البحيرة،"، لبث في الوظيفة العامة سنينًا، كان كغيره من الغمار، شاء له الله أن يترقى درجاتٍ ودرجات، فيشغل وظيفتة ذات جلال ووقار، فأبى إلا أن يخون حيث ائتمن، يغدر حيث عوهد، ويصول ويجول في جمع الرشا، وجباية الحرمات، وهؤلاء الراشون، ادعوا الأمانة، وما طمحوا لغير الخيانة؛ طالبوا بما ادعوه حق؛ بأن سلكوا طريق الباطل، ولا باطل يؤدي إلى حق، لم يكن كل منهم إلا طامعا، للمال حرامًا أم حلالًا جامعا، لا تهم الوسيلة ما دامت تؤدي إلى الغاية، تلك عصبة الباطل، أولئك من نخاصم".

وأوضح ممثل النيابة، خلال المرافعة اليوم هي قضية وطن مكلوم، يد تحفر في جباله الرواسي، وأيادٍ تهيل عليها التراب، يد تشيد أبنية المجد، وأيادٍ تنقضها بالرشوة والزيف،ليس هذا ضربًا من تضخيم، ولا تهويلْ، وإنما هي قولةُ حقٍ وصدقْ،فقضية اليوم يا سادة هي قضية فريقيْن، فريق للحق آمل، وآخر له منكر، وفريق للعدل راغب، وآخر عليه مستكبر، فريق للعيش طامح، وآخرٌ له سارق.

وأشارت النيابة خلال المرافعة، أن المتهم " مدير المكتب الإعلامي السابق لمحافظ البحيرة"، طلبٌ وأخذٌ لأدواتْ، وآلافٍ من الجنيهاتْ، لاستعمالِ نفوذٍ حقيقيٍ له لدى موظفي الديوانِ العامِ بمحافظةِ البحيرة، لتغييرِ النشاطْ خاص بقطعةِ أرضٍ يمتلكها والدُ المتهمِ الثاني، من زراعيٍ لمباني، تلك الأرضُ الواقعةُ في مدينة وادي النطرون بمحافظة البحيرة، والتي تبلغ مساحتَها سبعة عشر فدانًا، وتجاوز قيمتَها خمسة عشر مليونًا.

فلقد علم المتهمُ الثاني أن قرينَه المتهمَ الأولَ، قد أنعمَ اللهُ عليه بالخيراتْ، أعلاه درجاتٍ فوق درجات، مديرًا للمكتبِ الإعلامي لإحدى المحافظاتِ الكبرياتْ، محافظةِ البحيرة، وهنا سعى إليه سعيًا حثيثا، علَّه يساعده في مراميه الخبيثة، حيث توجه إليه بمكتبه بالمحافظة، فاستقبله الأول وقد أضمر التفريطَ والخيانة.
وتابعت النيابة، ان المتهم الثاني سأل الأول، هل لك أن تساعدني؟
إن لي طلبًا عمره سنوات، حبيسًا بين الجدرانِ والملفات، بإصدار عقدٍ بتغييرِ النشاط، من زراعي لمباني، عن طريق مجلس صندوق استصلاح الأراضي الزراعية، فأجابه: لك ما تريد، ولي الأجر!
ظنه أجرًا، وما هو بأجر، بل هو شرٌ يغمس صاحبَه في السوء ويُضْجِعَه في المنكرات.

وواصل ممثل النيابة، سرد وقائع القضية، ان المتهم استغل نفوذه لدى موظفي الديوان العام، لكي يبرهن على صدقِ حديثِه، وما هو بصادق، اصطحبه لمكتب الشاهد التاسع حازم الأشموني، سكرتير عام مساعد محافظة البحيرة، حيث كان برفقته الشاهد العاشر مدحت الشارما، مدير الإدارة العامة لحماية أملاك الدولة، هنالك أراد أن يستعرض نفوذه، ويتباهى بسلطانه.

كلف الشاهديْن بسرعة إنهاء طلب تغيير النشاط، فاستجابا له خضوعًا لنفوذه، فصلته بالمحافظ وثيقة، لسَبْقِ عملهما سويًا بمجلس مدينة سفاجا حين كان المحافظ يرأسها، ومصداقيتة لديه فيما ينقله إليه من معلومات تخص الأداء الوظيفي لمسئولي وموظفي الديوان العام ووحداته الإدارية، مصداقية محكمة أكيدة.

ويكمل ممثل النيابة، ان المتهم الأول طلب من المتهم الثاني بعضًا من الأدوات المكتبية، فابتاع له ما أراد بألف وخمسمائة من الجنيهات، والتقاه بوسط القاهرة، وسلمه عطيته الدنية، ما كانت تلك العطية إلا شرارة قد انطلقت، لتعقبها نار الإثم والإفساد، قائلًا:" ان المتهم الأول لم يجد أيسر من طريق الرشوة، فهي سبيل من خربت ذمته، وهانت همته، وطلب من قرينه المتهم الثاني مئة وستين ألفًا من الجنيهات، لإنهاء إجراءات تغيير النشاط".

وتابعت النيابة، أسال المال لعاب المتهم الأول، فسعى لإتمام اتفاق الرشوة، استعمل نفوذه مرة أخرى، لدى الشاهد العاشر مدير إدارة الأملاك، استحثه على التعجيل بدعوة المجلس للانعقاد، فكان له ما أراد، فما هي إلا أيامٌ معدودات، سبعة أيام، حتى انعقد المجلس.

سبق ذلك أنه إذ علم بقرب انعقاد المجلس، وأن ثمة إشكالية قانونية قد تعترض الموافقة على طلب المتهم الثاني؛ قوامها نزاع حول ملكية الأرض محل الطلب، سعى لدى الشاهد الحادي عشر مدير إدارة الشؤون القانونية، موصيًا إياه بألا ينتهي في رأيه القانوني بتأثير تلك المنازعة على البت في الطلب والموافقة عليه، فاستجاب له كغيره، وإن أعمل صحيح القانون، وإذ انعقد المجلس أصدر الموافقة المرجوَّة، فتحقق لفريق الرشوة ما تمنى، فكان القسط الثاني من جُعل الرشوة.

وأشار ممثل النيابة، أن المتهم الأول دعا المتهميْن الثاني والسادس إلى حفلِ زفاف بالقاهرة، وكأنه أراد الاحتفال بنصرهم الزائف، بتلقي مزيدٍ من الحرام، هنالك سلم الثاني السادسَ ستين ألفًا من الجنيهات، متابعًا كان لابد للمتهم الأول من أن يقطع الطريق حتى نهايته، فلقد طاله الحرام حتى هامته، عاود الاتصال بالشاهدِ العاشر مدير إدارة الاملاك، واستحثه على التعجيل بنسْخ محضر اجتماع المجلس، وما انتهى إليه، وسهَّل له ذلك بأن أرسل سائقه إليه، فمرَّر المحضر على أعضاء المجلس لتوقيعه، كما عاود الاتصال بالشاهد الحادي عشر مدير إدارة الشئون القانونية واستحثه على التعجيل بمراجعة عقد تغيير النشاط؛ فاستجاب لتدخله؛ وانتهى من مراجعة بنود العقد في غضون يومين من تاريخ وروده إليه.

وأوضح ممثل النيابة، انه جاء مشهد الختام، حيث تسلم المتهمُ الثاني عقدَ تغيير النشاط، وحصل على إذنٍ بدفع مقابله، فأرادَ أن يَفِيَ بعوده مع المتهم الأول، وما هو بعهد، فلا عهدَ بباطل، لا عهدَ بنقضٍ للأمانة، ضدان لا يجتمعان، إنما أراد أن يتم اتفاقهما الآثم، فأودع بحساب المتهم السادس البنكي، القسط الأخير من جعل الرشوة، وقد بلغ ثلاثين ألفًا من من الجنيهات.

كانت هذه واقعتنا الأولى، أما الثانية، فقد بدأت حيث انتهت سابقتها، علم المتهم الثاني أن بإمكانه الحصول على خصمٍ يبلغ مقداره عشرة بالمئة من رسم تغيير النشاط إذا ما سدده دفعة واحدة، ما كان منه إلا أن لجأ إلى المتهم الأول، فقد ابتاع ذمته، اشترى بالمال عهده وأمانته، استعلم منه عن هذا الخصم، هنا حدثته نفسه برشوة جديدة، تبدو قريبة غير بعيدة، مؤكدا انه استطار سوءُ صيتِ المتهمِ الأولِ في الآفاق، فعلم المتهم الثالث كما علم غيره بأنه قد صار ذا حولٍ وطولْ، مديرًا للمكتب الإعلامي للمحافظة، هنالك عزم أمره على التوجه إليه، فهو قبلة من يريد الرشوة سبيلا.

أرسل المتهم السادس إلى المتهم الثاني بيانات حسابه بالبنك التجاري الدولي لاستقبال جُعل الرشوة، فأودع الثاني به قسطًا من هذا الجعل، بلغ سبعين ألفًا من الجنيهات، أسال المال لعاب المتهم الأول، فسعى لإتمام اتفاق الرشوة، استعمل نفوذه مرة أخرى، لدى الشاهد العاشر مدير إدارة الأملاك، استحثه على التعجيل بدعوة المجلس للانعقاد، فكان له ما أراد، فما هي إلا أيامٌ معدودات، سبعة أيام، حتى انعقد المجلس، سبق ذلك أنه إذ علم بقرب انعقاد المجلس، وأن ثمة إشكالية قانونية قد تعترض الموافقة على طلب المتهم الثاني؛ قوامها نزاع حول ملكية الأرض محل الطلب، سعى لدى الشاهد الحادي عشر مدير إدارة الشؤون القانونية، موصيًا إياه بألا ينتهي في رأيه القانوني بتأثير تلك المنازعة على البت في الطلب والموافقة عليه، فاستجاب له كغيره، وإن أعمل صحيح القانون.

وإذ انعقد المجلس أصدر الموافقة المرجوَّة، فتحقق لفريق الرشوة ما تمنى، فكان القسط الثاني من جُعل الرشوة.

دعا المتهم الأول المتهميْن الثاني والسادس إلى حفلِ زفاف بالقاهرة، وكأنه أراد الاحتفال بنصرهم الزائف، بتلقي مزيدٍ من الحرام، هنالك سلم الثاني السادسَ ستين ألفًا من الجنيهات.
وقال ممثل النيابة،:" ان المتهم الأول كمن زرع شجرة خبيثة، تجذرت في نفسه، وتفرعت في فعاله، استمرأ الحرام، فأبى إلا أن يدخله جوفه مرات ومرات.
مأكولات ومشروبات، بلغت أربعة آلاف من الجنيهات، كانت قسطًا من الرشوة، سدده المتهمان الثالث والرابع، أتى عليه المتهم الأول واحتساه، أكل الحرام بحانوت الشاهد السادس والعشرين محمد الكتعة، وشربه بحانوت يعمل فيه الشاهد السابع والعشرون كريم جابر التوني، كان هذا القسط الأول من الرشوة، قسطٌ آخر، سيارة جديدة، تحقق أحلامًا كانت بعيدة.
فكما طَعِمَ المتهم الأول حرامًا وشربَهْ، أراد أن يمتطيه، وكأنه أراد له أن يتغلل فيه، أراد أن يجري في جسده مجرى الدم، يملأ طويته، يبدو على صفحته، يتجلى في سكونه وحركته، طلب من المتهميْن الثالث والرابع إبدال سيارته من طراز " بي إم دابليو 2005 "، بأخرى من طراز " أوبل 2019 "، اتفق مع الثالث أن قيمة الأولى لا تجاوز المائتي ألف جنيه.

وتابع ممثل النيابة، ان المتهم الأول طلب من المتهم الخامس محمود توفيق محمد علي، مائة ألف من الجنيهات، أخذ منها تسعة وعشرين ألفًا، مقابل استعمال نفوذه لدى سكرتير عام محافظة جنوب سيناء، للموافقة على طلبه بترخيص مركبٍ سياحي، وبدأت أحداث الواقعة في جِلسة خاصة، جمعت المتهميْن الأول والخامس، صديقيْ الطفولة.
ولأن الحرام جرى في جسد المتهم الأول مجرى الدم، سيطرت الرشوة على جوارحه، صار لا ينطق إلا فسادًا، لا يتحدث إلا إفسادًا.
سأل صديقه المتهم الخامس: ما خطبُك، وكيف يجري عيشُك؟
أجابه: أعمل في السياحةِ، والرزق مبسوط.
واختتم ممثل النيابة المرافعة، قائلًا ان الدعوى بها أدلة وبراهين أود القول أن ما قصصناه لهو صراعٌ دائم، بين حقٍ وباطل، ولابد للحق من سيف يحميه، وسيف عدالتكم أمضى وأسبق في الإنصاف، فلتحفظوا حق وطننا المصون، أيها الأكرمون، فلتقتصوا من هؤلاء المجرمين.

استئنافت محكمة جنايات دمنهور، برئاسة المستشار جمال طوسون، رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين شريف عبد الوارث فارس وائل مصطفى كامل، وسكرتارية حسنى عبد الرحيم، اليوم السبت، ثاني جلسات محاكمة المتهمين في قضية الرشوة واستغلال النفوذ والمتهم فيها مدير المكتب الإعلامي السابق لمحافظ البحيرة، و5 متهمين آخرين.
ويشار أن هيئة المحكمة قررت خلال جلستها الأولي في 25 يوليو الماضي، تأجيل القضية لجلسة 29 أغسطس الجاري لمرافعة النيابة ودفاع المتهمين، كما قررت هيئة المحكمة إخلاء سبيل جميع المتهمين في القضية عدًا المتهم الأول لعدم حضوره من محبسه.

وكانت الأجهزة الرقابية ألقت القبض على المدعو محمد،ح،ع،ا، وشهرته حمادة،خ 36 عامًا، مدير مكتب متابعة محافظ البحيرة ورئيس المكتب الإعلامي السابق، " محمد،ح،م" 37 عامًا عضو مجلس إدارة شركة استثمار عقاري ومقاولات ومقيم القاهرة، و" ناصر،م،ر" 37 عامًا، مقاول حر ومقيم المنتزة الإسكندرية، " خالد، م،خ" 39 عامًا ومالك مزرعة أسماك ومقيم ادكو، " محمود، ت،م " 37 عامًا، مدرب غطس ومقيم سفاجا البحر الأحمر، " حسين، ش، أ " 46 عامًا، صاحب شركة مقاولات ومقيم سفاجا البحر الأحمر.

وأحيل المتهمون للنيابة التي وجهت لهم تهم تقاضي رشوة واستغلال النفوذ وتسهيل الاستيلاء على المال العام خلال الفترة من شهر ديسمبر 2018 حتى 28 مايو 2019 بمحافظات القاهرة والإسكندرية والبحيرة والبحر الأحمر وجنوب سيناء، ووجهت للمتهم الأول بصفته موظفا عموميا ـ مدير مكتب متابعة محافظ البحيرة ومدير المكتب الإعلامي للمحافظة، طلب وأخذ لنفسه عطايا لاستعمال نفوذه الحقيقي للحصول من سلطه عامة على قرار بأن طلب وأخذ من المتهم الثاني مبلغ مائة وخمسة وستين ألف جنية مصري بوساطة المتهم السادس وأدوات مكتبية قيمتها ألف وخمسمائة جنية مصري على سبيل الرشوة مقابل استعمال نفوذه لدى أعضاء بمجلس إدارة صندوق الاستصلاح الزراعي بديوان عام محافظة البحيرة، لإصدار قرارا بالموافقة على تغيير نشاط قطعة أرض مملوكة لوالد المتهم الثاني بزمام مدينة وادي النطرون من زراعي لمبان على النحو المبين بالتحقيقات.

وبصفته مديرا لمكتب المحافظ طلب لنفسه عطية لاستعمال نفوذه الحقيقي للحصول من سلطه عامة على مزية، بأن طلب من المتهم الثاني مبلغ خمسمائة ألف جنية مصري على سبيل الرشوة مقابل استعمال نفوذه لدى المراقب المالي لديوان عام محافظة البحيرة لمنح المتهم الثاني إعفاء من سداد 10% من رسم تغيير نشاط الأرض المملوكة لوالده إذا ما سدد دفعة واحدة على النحو المبين بالتحقيقات.

ومحكمة جنايات دمنهور، المنعقدة بمحكمة إيتاي البارود، برئاسة المستشار جمال طوسن وعضوية المستشارين شريف عبد الوارث فارث،و وائل مصطفى كامل وبحضور ممثلى نيابة أمن الدولة المستشارين حسين محمود عامر ومحمد جمال عبد الناصر، علي "محمد ح.ع.ا" وشهرتة "حماده خطارى" مدير مكتب متابعة محافظ البحيرة ومدير المكتب الاعلامى، بالمؤبد، وذلك لاتهام الأول في قضية الرشوة واستغلال النفوذ وتسهيل الاستيلاء على المال العام.

كما قررت ذات المحكمة مصادرة مبلغ 408الف جنيه المضبوطة مع غزله من وظيفته، ومعاقبة المتهم السادس بالسجن المشدد 3سنوات، وبراءة باقي المتهمين.