"سامي سرور".. قصة صيدلي قبطي يساعد المرضى البسطاء طوال 40 عامًا وابنه يواصل المسيرة بعد وفاته (فيديو)

محافظات

بوابة الفجر


"طوال 40 عاما ظل الصيدلي سامي سرور يتخذ من مقر صيدليته بكفر محمد حسين بمدينة الزقازيق مركزا لممارسة عمل الخير عبر مساعدة المرضى البسطاء لمترددين على الصيدلية سواء بمنحهم العلاج مجانًا أو بنصف الثمن أو بالأجل بالإضافة لقياس الضغط والحرارة والتغيير على الجروح والحروق مجانًا ليسطر ملحمة إنسانية جديدة في العمل الخيري ليجتمع المسلمين والمسيحين على محبته حتى وفاته قبل عامين لتعلن المساجد لأول مرة نبأ وفاة قبطي ويتلقى المسلمون عزاءه قبل أسرته". 

"الصيدلي الراحل الذي خلدت ذكراه في ذهن الأهالي رحل وترك وصيته لابنائه ليكملوا مسيرته ليتولى ابنه "سرجيوس" مهام عمله في الصيدلية بعد تخرجه ويواصل مساعدة المرضى البسطاء كما كان يفعل والده.

داخل الصيدلية بكفر أبو حسين بالزقازيق يقف الشاب العشريني مرتديا البالطو الأبيض والكمامة يتطلع في وجوه أهالي المرضى المتوافدين على الصديلية ليلا ونهارا فمنهم من يعرفه مسبقا إذا كان يحتاج المساعدة كما أخبره والده قبل وفاته ومنهم من يتردد عليه دون معرفه وقبل أن يأخذ منهم ثمن الدواء يفتح حوارا قصيرا وكأنه يتلمس من في حاجة للمساعدة ليخفض له ثمن الدواء أو يعطيه له مجانا. بالإضافة إلى استقبال آخرين يحتاجون لقياس الضغط أو السكر أو التغيير على الجراحات والجروح ليقوم بهذه المهام مجانا.

 


"الصيدلة مهنة إنسانية خاصة أنها تتعلق بالقضاء على آلام الناس ومعاناتهم هكذا علمني والدي وأوصاني وأشقائي "سيلفانا" صيدلانية و"بيشوي" طبيب بشري بالإهتمام بالناس البسطاء دون التعامل مع مهنتها بمنطق الربح والتجارة". بتلك الكلمات بدأ الصيدلي "سرجيوس" 27 عاما حديثه معنا، وتابع: "أنهم سينفذون وصية والدهم طيلة حياتهم وسيوصون أبنائهم بها أيضا".

ويوضح "سرجيوس" أن والده سامي سلامة سرور: "ولد في مدينة فاقوس في 15 أكتوبر 1952 وقد عاشت الأسرة في الزقازيق بحي منشية أباظة والتحق بكلية الصيدلة جامعة أسيوط عام 1970 وتخرج عام 1975 والتحق بالخدمة العسكرية وتولى الإشراف على صيدلية المكان وبدأ حياته العملية عام 1976 كصيدلي وبسبب انشغاله بخدمة المرضى والمرور عليهم لأوقات متأخرة استقال من عمله الحكومي عام 1978 ليتفرغ أكثر لخدمته ولم يكن يعبأ لمنصب أو مال".

وتابع: منذ نحو 40 عاما قرر والدي أن يفتتح صيدلية خاصة به في حي شعبي بسيط وهو حي أبو حسين وذلك في عام 1985 وكانت " صيدلية الإنسانية" التي انطلق منها لخدمة ومساعدة المرضى من الأهالي البسطاء. وتوافد على الصيدلية الكثير من أهالي القرى المجاورة حتى لقبوه بـ "أبو الغلابه".

وأردف: تحولت صيدلية والدي إلى مركز إشعاع إنساني خيري لكل المنطقة والمناطق المجاورة وقدم المساعدات للجميع لم يفرق بين غني أو فقير وكان يقدم العلاج بأقل الأسعار وبعضها شبه مجاني والبعض مجاني أو يدفع عند المقدرة كما كان يقوم بعمل الممرض في متابعة الجروح والغيرات عليها بل والذهاب للمنزل لمن لم يتسطع الخروج فكان بعد انتهاء عمله بالصيدلية يبدأ دورة زيارة المرضى. وعندما يزور مريض ويلاحظ فقره كان يعطيه مبلغ مالي وأحيانا يتحول لمرتب شهري ثابت وكان يقدم مساعدات مالية للأيتام في جمعية كفالة الأيتام المسمين.

والتقطت "كاترين جرجس" مديرة مدرسة ابتدائية زوجه الصيدلي الراحل سامي سرور طرف الحديث لتروي بعض الذكريات عن زوجها قائلة: " أحبه المسلمين والمسحيين وكان من أصدقائه الشيخ عثمان عواد والحاج صفون الخولي والحاج محمد أمين كامل والشيخ أحمد السيد الفلاح والحاج ماجد أباظة والحاج فتحي الشناوي. وفي كل عيد يقيم وليمة كبيرة يستضيف فيها عدد كبير من أهل المنطقة وشيوخها وفقرائها ويخدمهم بنفسه". وتابعت: " وفي أحد المرات تقابل مع رجل طاعن في السن يدعى عم حنا قد طردته زوجته من المنزل فأخذه لمنزله واستضافه 3 سنوات كفرد من الأسرة وكانت له حجرة خاصة".

وأكملت "كان زوجي يوميا يقضي ساعة على الأقل صباحا ما بين صلاته الفردية وقراءة الكتاب المقدس والكتب الروحية وذلك عند العودة مساءا أو فجرا بخلاف صلواته أثناءعمله. وتضيف " أنه كان يأكل مرة أو مرتين على الأكثر في اليوم وذا شعر مساء بالهبوط في الصيدلية يأخذ معلقة مربى - قد تكون عشائه- كما كانت تشتري له ملابس جديدة منزلية وخارجية فكانت غالبا تختفي ولا يلبسها فتعرف أنه وزعها على المحتاجين".

وتابعت: "لم ينظر للمال أبدا ورفض السفر للخارج بأجر مجزي أكثر كما أهتم بوالدته ووالدته وظل مقيما عامل آخر شهرين في حياتها لخدمتها حيث كان اشتد عليها المرض ". مشيرة إلى أن طوال 40 سنة منذ افتتاح صيدليته وحتى وفاته في 8 مارس 2017".

وقالت: الحاجة فاطمة الشناوي زوجة الشيخ "عثمان" الراحل صديق الصيدلي الراحل سامي سرور أن: "الصيدلي وزوجها كانت تربطهما علاقة صداقة وطيدة وكان الصيدلي محبا وحريصا على أعمال الخير " مشيرة إلى أنه يوم وفاته أذاعت مساجد كفر أبو حسين وعددها نحو 6 مساجد نعي وفاته كما أستقبل المسلمون العزاء في الصيدلي قبل أن يتوجهوا إلى الكنيسة ويشاركون في مراسم تشييع الجثمان".