سليمان: التخطيط الاستراتيجى للهجرة النبوية كان سبقًا حضاريًّا ومسارًا للدراسات العسكرية حتى اليوم

إسلاميات

بوابة الفجر


أكد أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية على ضرورة استلهام معانى الهجرة النبوية الشريفة فى شتى سهول الحياة، والانطلاق من دروسها لتحقيق الأخوة الإنسانية والتعايش والسلام، والتخطيط المنظم لإدارة شتى شئون الحياة بما يحقق السلام الاجتماعي والتنمية والتقدم والرخاء.

وقال فى الفترة المفتوحة على الهواء بإذاعة صوت العرب عن دروس الهجرة، والتي قدَّمها الإذاعي يحيى حسن، إن الهجرة النبوية الشريفة تعد نموذجًا مصغرًا لواقع الحياة، تذكرنا دائمًا بالصراع المرير بين الحق والباطل، وأكد على أن النجاح في الحياة مرهون بالعلم والعمل والإبداع من خلال الأخذ بالأسباب والتوكل على رب الأرباب وترك النتائج لله. 

وأشار إلى أن التخطيط الاستراتيجى للهجرة الذى قام به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ونفذه بحرفية فائقة كان سبقًا حضاريًّا واسترتيجيًّا، أصبح مسارًا للدراسات العسكرية والاستراتيجية في عدد من الأكاديميات العسكرية فى العالم، حيث تدرس الهجرة وتستفيد من منهجية التخطيط لها وإدارتها.

وأكد سليمان أن الهجرة النبوية أسست لكثير من المفاهيم والمبادئ العسكرية والاستراتيجية الحديثة ومنها: استخدام النبي (صلى الله عليه وسلم) لمفاهيم ومنهجيات الاستعداد المسبق، والإعداد والإمداد والتموين، والمنهج التمويهي والتضليلي للعدو، والحشد والتجييش، وتنظيم التعاون، والخداع المتعـدد للعدو لوضعه في حالة من التخبط وفقدان السيطرة على مراكز القوى لديه، والسرية والكتمان وعدم إغفال هذا المبدأ في الهجرة وفي كل المعارك التي خاضها، واستخدام الأقوياء والأمناء والخبراء، واستخدام عناصر الاستطلاع، وشل الفكر التخطيطي للعدو، ورفع الروح المعنوية للمشاركين، وإدارة الذات والأزمات، والسرعة في الأداء وخفة الحركة، واستخدام التورية في الكلام مثلما حدث عنـدما استوقفهما رجل في طريق الهجرة وسأل أبا بكر من هذا؟ يعني النبي (صلى االله عليه وسلم)، فيرد الصديق (رضي االله عنه) بذكاء ودهاء أمني فيقول: "هادٍ يهديني السبيل"، واستغلال الوقت المناسب، والحرب النفسية لزعزعة صفوف العدو وإربـاكه وخلط أوراقه وبث اليأس في نفسه كما فعل النبي (صلى االله عليه وسلم) عندما مكث في الغار ثلاثة أيام تسببت في فتور الطلب ويأس المشركين من الإمساك بهما، وعندما طلب من سراقة بن مالك (رضي االله عنه) أن يُعمِّي عليه الطلب؛ حتى يربك المشركين ويبث اليأس فيهم، كما استخدم النبي المعاهدات والتحالفات وبناء المؤسسات.. وغيرها من المبادئ والتكتيكات الاستراتيجية التي نفذها النبي العظيم قبل العالم المعاصر بمئات السنين.

وقال عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية: "إن الدروس المستفادة من الهجرة النبوية الشريفة كفيلة -حال تطبيقنا لها- بإيجاد مجتمع فاضل تسوده منظومة القيم العليا، والقيم الحضارية، والقيم الأخلاقية، ومن هذه الدروس: الأخذ بالأسباب والتوكل على الله، والتخطيط المنظم، واختيار الرجل المناسب فى المكان المناسب، والاستفادة من شتى عناصر المجتمع ومكوناتها (الصغير والكبير، الرجل والمرأة، الغنى والفقير، المسلم وغير المسلم، السليم وصاحب الاحتياجات الخاصة مثل سيدنا عبد الله بن أم مكتوم وهو كفيف حيث أرسله لتمهيد البيئة في المدينة لتلقي أنوار الإيمان". 

وأوضح "سليمان" أن دروس الهجرة من الكثرة والأهمية بمكان فمنها نتعلم أيضا الشهامة، والمروءة، والشجاعة، والجسارة، والثبات على المبدأ، والصبر، ورد الأمانات إلى أهلها، وعدم نسيان فضل مَن أحسن إلينا، واليقين التام بأن اللهَ ناصرُ المستضعفين، وأن الحق لابد أن ينتصر... نتعلم من الهجرة صبر الصدق، وصدق الصبر، والرفق، والعزة والكرامة، واحترام شتى العقول وسائر الفئات المكونة للمجتمع، والأخوة الإنسانية، والإيثار، والموازنة بين الحقوق والواجبات، وبذل غاية الوسع لإطفاء نار الفتن والصراعات ووأد المشكلات في مهدها.. نتعلم من الهجرة التضحية والفداء والعطاء، وعلو الهمة، والإنتماء وحب الوطن وبذل الغالي والنفيس في سبيله،  نتعلم من الهجرة أن نهاجر بألسنتنا من الكذب وشهادة الزور والنفاق والظلم إلى الصدق وذكر الله وتحقيق العدل... ونهاجر بأعيننا من النظر إلى الحرام إلى ما أحله الله ... نهاجر بجوارحنا من كل ما يغضب الله إلى ما يرضى الله، نهاجر بقلوبنا إلى الله؛ فالقلب المهاجر إلى الله هو القلب الذى يتعلق به ولا يلتفت إلى سواه .