حكم أبكى الجميع .. الإداري ينصف عامل فقير من بيروقراطية الموظفين ويعوضه بـ50 ألف جنيه

حوادث

بوابة الفجر


هناك نماذج من البشر تمنح الحياة الكثير من الرحمة والإنسانية في كافة المجالات، وأكثرها احتياجًا العدل في حياة الناس؛ لأن نقيضه الظلم، ويرتبط العدل ارتباطا وثيقا بالتوزان النفسى للناس خاصة لدى الفقراء والبسطاء، وانكار العدل هو تعزيز للفقر وتقبيح للظلم الاجتماعى، أما تحقيق العدل فهو غناء الفقر وترسيخ الإخاء الإنسانى وتحقيق العدالة الاجتماعية.


إن قضية العدالة في حياة البسطاء تتصل بالقيم الإنسانية والكرامة والانصاف، ونحمل على عاتقنا توثيق وتسليط الضوء من أرشيف المحاكم للقاضى المصرى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة على نماذج مشرفة من تحقيق العدل والرحمة والإنسانية في حياة البسطاء والفقراء، وتسجيل لحظات السعادة بالفيديو في ردود أفعال البسطاء من تحقيق العدل الإنسانى.


وأرشيف المحاكم في المجال الإنسانى يكشف عن أن الأصل أن يتمتع الموظفون العموميون بقدر من المرونة في احترام القانون وتنفيذ قواعده في يسر وسهولة للتيسير على المواطنين خاصة البسطاء في تقديم الخدمات، ومع ذلك فهناك بعض الموظفين ينتهجون البيروقراطية سبيلا من أصناف التعقيد الإداري مما يصعب تقديم الخدمات للمواطنين البسطاء بتصعيب السهل واستحالة الممكن.


ويَمْثُل المواطن مجبرًا أمام حضرة الموظف الحكومي البيروقراطى المتجهم، وتتم جرجرة المواطن البسيط وبهدلته بأروقة الجهات الإدارية وتكليفه بأكوام الأوراق الثبوتية والنماذج والطوابع وأرقام الانتظار أمام طوابير للبسطاء المعذبين في الأرض بسبب اليروقراطية !!


‎وعلى الرغم مما شهدته مصر حديثًا من ثورة إدارية وتشريعية عظيمة عن الحكومة الإلكترونية والشباك الواحد والتطوير الإداري، في زمن وجيز قطعت فيه مصر أشواطًا في العبقرية الإجرائية وتخليص المعاملات على أحدث النظم العالمية، إلا أنه ما زلنا أسرى للموظف البيروقراطى وما يطلبه من الدورات المستندية العقيمة وتراكم عدد الإمضاءات والأختام على المعاملات، ويعذب المواطن البسيط من نار ولهيب الموظف البيروقراطى !


ويسجل أرشيف المحاكم لقاضى الإنسانية المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة واحدة من أهم القضايا الدالة على الموظف البيروقراطى مع مواطن بسيط عرضت قضيته في حكم سابق على محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية حيث أنهت الإدارة خدمته لعجزه عن العمل بسبب عدم لياقته الطبية بعد أن سقط من على سلالم الإدارة واُصيب في العامود الفقرى وعجز في ذراعه الأيمن دون أى حقوق مالية.


ودفتر أحوال القضية يحكى بأن العامل البسيط وقف أمام القاضى الإنسان الدكتور محمد خفاجى وشرح قضيته بأسى ودموع من بيروقراطية الموظفين وشرح كيف سقط من على سلالم الجهة الإدارية المتهالكة وإصابته بالعمود الفقري وكسر أسفل عظمتي الساعد الأيمن، وأنه يعاني من ضعف في قبضة اليد اليمنى وكذلك اختناق أعصاب نفس اليد، ويعاني من التهاب عظمة غضروف بالرسغ وهي الإصابات التي لحقته جراء سقوطه على السلالم غير المتكافئة أثناء خدمته بالجهة الإدارية وتم إنهاء خدمته لعدم اللياقة الطبية دون صرف مستحقاته المالية، وقال أنه في حاجة دائمة إلى علاج دوائي وعلاج طبيعي وهو فقير يستلف أجرة السكة.


ونطق القاضى الإنسان بالحكم آخر الجلسة بأن تؤدي له جهة العمل تعويضا ماديا لما لحقه من أضرار مادية وأدبية جراء انهاء خدمته وعجزه عن العمل بسبب عدم اللياقة الطبية طبقا للثابت من التقارير الطبية، وقدرته المحكمة بمبلغ 50 ألف جنيه للأضرار المادية وما تكبده المدعي جهد ومشقة وانفاق مصروفات في سبيل متابعة دعواه، فضلا عن الضرر الأدبي الذي تمثل فيما علق بنفسه من شعور بالظلم بعد عناء ومشقة.


وفى نهاية الجلسة بكى العامل البسيط في مشهد أبكى كل من في القاعة وهو يقول للقاضى " فين الرحمة لما موظف يحولنى لموظف ولما موظف يوقفلى ورقى وأنا راجل على حق يبقى فين العدالة وفين المجتمع وفين الرحمة والصحافة فين ؟ أنا راجل فقير وبستلف أجرة السكة، وأنا تعبت نفسيا وبمشى بالرمود كونترول – وبشكر ربنا إنه بعتلى إنسان يكتبلى حقى ونفسى أبوس التراب اللى بيمشى عليه عشان شال وجيعة من جسمى وجابلك حقك ودى كبيرة دى كبيرة، وخلتنى إنسان فرايحى وردتلى كرامتى المعنوية عشان أعرف أعيش".