دكتور خالد صلاح يكتب: لو كنت نَائِباً....

مقالات الرأي

بوابة الفجر



لو كنت نائباً:
النائب هنا ليس نائب الفاعل في النحو العربي........ وهو من ينوب عن الفعل بعد حذفه.
وليس النائب هنا هو النائب العسكري....... وهو رتبة عسكرية في صف الضابط.
وليس النائب هنا نائب المدير...... وهو من ينوب عن المدير في مهمة أو عمل.
وإنما المقصود هنا بالنائب هو ممثل الشعب في مجلسي النواب والشيوخ.
والنائب بالبرلمان من المناصب التي لم يحلم بها عاقلاً في الصغر ولا حتى في الكبر.
إبتداء من مرحلة الطفولة المبكرة حيث كان حلم الأطفال متمثلاً في أن يكونوا ضباطاً سواء شرطة أو جيش.
وفي بداية مرحلة المراهقة يحلم المراهقون أن يكونوا وكلاء للنائب العام.
وفي نهاية مرحلة المراهقة وبداية الشباب يحلم أصحابها أن يكونوا ناجحين في الأعمال والتخصصات التي تخصصوا بها بعد توجيهات مكتب التنسيق أو إمكاناتهم المادية ونتائج أختبارات الثانوية.
وفي مرحلة النضج والشباب يحلم أصحابها أن ينجح في وظائفهم العملية والمهام الحياتية.
وفي كل مراحل العمر المختلفة لا يقرب كل منا أن يتخيل حتى في منامه أن يصبح يوماً نائباً بالبرلمان.
وهذا الاستبعاد في التمنى بالتخيل أو بالواقع منبعه ليس عيباً في منصب النائب.
وإنما لثقل المهمة ومشوارها الطويل وصعوبة الوصول إلى مجلس النواب أو مجلس الشيوخ.
ولو تخيل كل واحد منا أن يكون نائباً والوصول لمجلسي النواب والشيوخ يتطلب عدة إعتبارات لكي يكون فيها النائب ممثلاً حقيقيا عن آمال الشعب الذي أختاره.
وهذه المعايير والشروط يجب أن تبدأ أولا بأنه يجب أن يكون النائب على درجة جيد جداً في النواحي القانونية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية.
من الناحية القانونية: يجب أن يكون النائب فقيها بقوانين البلاد على درجة محامي الشعب وعارفاً بما يتضمنه الدستور المصري من مواد قانونية توضح مهام النائب وحقوق وواجبات كل فرد من الشعب وذلك حتى لا يطلب النائب من الدولة ما لا تستطيع تنفيذه من طلبات يتقدم بها النائب أو يعد الشعب الذي أختاره بما لا يستطيع هو من تنفيذه من وعود إنتخابية رنانة.
ومن الناحية السياسية: لابد أن يكون النائب على دراية ومعرفة بالسياسة المحلية والدولية وأن يكون على درجة بمعرفة السياسة التي تؤهله أن يكون متفهماً لسياسة بلاده الدولية وعلاقاتها الخارجية وأسباب قراراتها وأهم المشكلات والعقبات التي تواجهها الدولة ومن هم أصدقاء مصر وأشقائها الحقيقين وأعداءها والدول المحايدة؛ حتى يكون المجاوب والمفسر للشعب الذي أختاره عن أسئلتهم التي تراودهم عن أي قرارات تتخذها الدولة في أي مشكلة خاصة بالعلاقات الخارجية وأن لا يتقمص دور مصطفى كامل ولا سعد زغلول في مناقشة القضايا التي يجهلها بدافع الدعاية وليس الغيرة أو عدم التفهم.
ومن الناحية الاجتماعية: يجب أن يكون النائب على قدر من الثقافة والذكاء الاجتماعي على مستوى الاخصائي الاجتماعي الذي يتفهم طبيعة الشرائح التي يتألف منها الشعب الذي يمثله ويعبر عنه وأن يكون قريباً من الشعب بشبابه وشيوخه وقريباً من العامل والفلاح والموظف بدرجة تجعله يتفهم مشكلاتهم وتطلعاتهم وأمانيهم ويحاول أن يكون وسيطاً للحلول وتحقيقها وليس أن يكون مجاملاً في الأفراح والمآتم وقت الانتخابات فقط.
ومن الناحية الاقتصادية: يجب أن يكون النائب خبيراً بموارد البلاد وإمكاناتها المادية والبشرية وأهم أزماتها الاقتصادية وما تمتلكه الدولة وما لا تمتلكه وما تستطيع الدولة توفيره وما لا تستطيع توفيره للشعب؛ حتى لا يطالب الدولة بتحقيقه للشعب وهي لا تستطيع ولا يعد بما لا يستطيع تحقيقه هو للشعب ولا يكون هدفه هو الحضور والظهور أمام الكاميرات لكي يكون متاح كمادة إعلانية لأفراد دائرته.
ومن الناحية الإنسانية: يجب ومن الضروري أن يكون النائب بدرجة إنسان يشعر بما يشعر به الشعب بجميع طوائفه من الفقراء والأغنياء:
الفقراء في احتياجهم ومعاناتهم ومشكلاتهم وما يفتقدوه من حقوق آدمية من حق الجميع الحصول عليها.
والشعور بالاغنياء ومحاولة مساعدتهم في كيفية مد يد العون لجميع طوائف الشعب.
وبالإضافة لجميع ما سبق من معايير يجب أن يكون متوفر بكل نائب سواء كان في مجلس النواب أو الشيوخ أن يختاره شعبه وليس يسعى هو أن يختارهم.
وأن يسعى النائب لمن أختارهم بنفسه ولا ينتظر أن يسعوا هم إليه فمنهم من لا يستطيع الوصول إليه بسبب صعوبة الوصول المادية أو النفسية أو الشخصية.
فمن أفراد الشعب من يستثقل الذهاب إلى النائب مادياً ومنهم من يستثقل الذهاب للنائب لصعوبة التعبير عن مطالبه واحتياجاته.
ومن الشعب من يصعب عليه مقابلة النائب لانه خرج ولم يعد إلا وقت الانتخابات.
وإنما يجب أن يكون النائب قريباً من أفراد الشعب فقيره وغنيه.
                هذا كله ما أتمناه لو كنت نَائِباً.