عائشة نصار تكتب: عبير موسى.. «تونسية» تدق المسمار الأخير فى نعش الغنوشى

مقالات الرأي

بوابة الفجر



أهدرت كرامته السياسية.. وأسقطت هالته المزيفة.. وفضحت أكاذيبه ووجهه الإرهابى

رغم خسارتها المعركة إجرائيًا إلا أنها لا زالت مصرة على استكمال حربها ضد الغنوشى

«نساء تونس رجال ونصف» ولسن فقط «نساء ونصف».. تصريح شهير كان راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة الإخوانية التونسية، قد أطلقه قبل سنوات بمناسبة إحياء الحركة لذكرى يوم المرأة العالمى.. «فصدق وهو كذوب»!!.

والآن فإن صاحب التصريح الانتهازى، يجرب مشقة أن يواجه امرأة تونسية، تتسلح بصورة الحبيب بورقيبة على منصتها فى قلب البرلمان التونسى، فيما قررت أن مرحلة اختطاف الغنوشى للدولة التونسية، قد انتهت إلى غير رجعة، وأن قطع أذرع «الأخطبوط» الإخوانى، وإنهاء سلطته على مفاصل الدولة، والبرلمان التونسى، باتا ضرورة أمن قومى.

عبير موسى، رئيس كتلة الحزب الدستورى الحر، امرأة خطفت الأضواء، وزلزلت عرش الغنوشى على رأس المشهد السياسى التونسى، وكادت أن تحوله وحركة النهضة إلى «أضحية العيد»، بتمرير لائحة سحب الثقة منه، وإزاحته عن منصب رئيس البرلمان التونسى، ومن ثم دق المسمار الأخير فى نعش «النهضة»، التى أصبحت تعيش أسوأ أزماتها السياسية منذ عشر سنوات كاملة، هى عمر الثورة التونسية.

«لن أتراجع عن إزاحة الغنوشى».. شعار رفعته موسى منذ بدأت ونواب حزبها الاعتصام فى مقر البرلمان التونسى، ومنع زعيم «النهضة» من ترأس الجلسات، على خلفية اتهامات صريحة وجهتها له، بمحاولة تركيع تونس وبيعها إلى المحور التركى القطرى، وكذلك دعم الإرهاب ومحاولة «أخونة» تونس، والانحراف بالمجتمع التونسى عن نموذجه، الحداثى التقدمى المعتدل، لحساب مشروع ظلامى متطرف توسعى فى المنطقة.

وذلك بالتزامن مع الكشف عن تهديدات لمسئولين وسياسيين تونسيين، معارضين لحركة النهضة، من بينهم المحامية والبرلمانية عبير موسى، بالتصفية والاغتيال، ودفعها تحميل الغنوشى وحركة النهضة المسئولية كاملة فى حال اغتيالها.

أفلت الغنوشى من «سحب الثقة» منه «إجرائيًا»، ولكن النجاة كانت بطعم المهانة والهزيمة السياسية، وبسقوط سياسى مدوٍ، أراق ماء وجه النهضة، وزعيمها، القطب الإخوانى الدولى، الذى فقد هيبته وكرامته، بعد عشر سنوات من عودته إلى تونس، بعد سقوط نظام زين العابدين بن على، وكأنه «خومينى»، سنى يبعث من جديد.

وتصويت 97 نائبًا برلمانيًا لصالح سحب الثقة من الغنوشى، هو انتصار نجحت فى الوصول إليه «امرأة» تونسية واحدة، تحولت إلى صوت يطارد الغنوشى، وحركت المشهد السياسى التونسى لمواجهته، وقررت أن تقف حجر عثرة أمام مساسه بالمبادئ التونسية المدنية الحرة.

فى أعقاب إعلان نتيجة التصويت، صرحت عبير موسى، بأن الغنوشى سيستمر رئيسًا للبرلمان التونسى «بسبب الخيانة».. وأن راشد الغنوشى «لا يزال شخصًا غير مرغوب فيه»، وأن البرلمان التونسى ليس للإخوان، وأن الغنوشى فى كل الأحوال سقط سياسيًا وأخلاقيًا.

وكانت النائبة عن الحزب الدستورى الحر فى تونس، هاجر النيفر شقرو، قد اتهمت حركة النهضة، بتقديم رشاوى للنواب لإقناعهم بالامتناع عن التصويت لصالح سحب الثقة من الغنوشى، وعدم استكمال النصاب القانونى لإزاحته بـ109 أصوات.

رغم خسارتها المعركة «إجرائيا»، إلا أن عبير موسى لازالت مصرة إذن على استكمال حربها ضد الغنوشى وتنظيمه الدولى، بعد أن نجحت فى «تعريته» أمام المجتمع التونسى، إلى غير رجعة، وإنهاء كل محاولات القطب البارز فى التنظيم الدولى لجماعة الإخوان، وزعيم فرعه التونسى، فى إظهار «النهضة» كحزب مدنى، يرشح غير المحجبات على قوائمه الانتخابية لاستدراج المزيد من أصوات التونسيين، فيما تتورط قياداته بعلاقات مشبوهة بمنظمات وكيانات دولية تسعى للإرهاب فى المنطقة.

مواجهة ساخنة شهدتها جلسات البرلمان التونسى، فى أعقاب، فضح اتصالات راشد الغنوشى بفايز السراج، رئيس حكومة الوفاق فى ليبيا المدعومة تركيًا، وكذلك زيارته غير المعلنة إلى أنقرة طلبًا للمساندة فى أعقاب سقوط حكومة الحبيب الجملى، واجتماعه برجب طيب أردوغان، بصفته رئيسًا للبرلمان وليس رئيسا للنهضة، ما اعتبرته رئيس الحزب الدستورى الحر، خرقًا للسيادة الوطنية التونسية، ووصفه سياسيون بأنه سابقة خطيرة، تشير إلى ارتباط قرار حركة النهضة بتوجيهات تركيا، وتنذر بأن رئيس المجلس فى حالة تبعية لدولة أجنبية!!، كما تعرض الغنوشى لمساءلة برلمانية قاسية بشأن مواقفه الداعمة للتدخل التركى السافر فى ليبيا.

وهاجمت عبير موسى التى سبق وأن تقدمت بمشروع لائحة لمنع التدخل الأجنبى فى ليبيا، الغنوشى خلال جلسات المطالبة بسحب الثقة منه كرئيس للبرلمان بجسارة.

وواجهته قائلة «قياداتكم إخوانية ومصنفة إرهابية عالميًا» و«لايشرفنا أن تكون رئيسنا، أو أن يرأس البرلمان التونسى قيادى إخوانى ينشر المشروع الظلامى ويستخدم منصبه لتنفيذ أجندة التنظيم العالمى للإخوان، بعد أن سقطوا فى مصر»، مؤكدة «لست محلًا للثقة، وكذبت على التونسيين أكثر من مرة»، كما واجهت الغنوشى قائلة: «سبق وأن قلت فى مؤلفاتك أن المرأة عورة وأن المرأة وعاء جنسى والمرأة فى تونس حرة بفضل بورقيبة وبفضل مجلة الأحوال الشخصية».

موسى التى صرحت قبلًا، بأن الإرهاب دخل البلاد، مع رئيس البرلمان راشد الغنوشى، ووصول «الترويكا» التى قادتها «النهضة» إلى الحكم، وجهت اتهاماتها للغنوشى «لقد أهدرتم الدم التونسى، وأرواح المؤسسة الأمنية والعسكرية» و«أثرتم الفتنة الدينية فى تونس»، سبق وأن قدمت وحزبها، مشروع لائحة للبرلمان ينص على إدراج «الإخوان المسلمين» جماعة إرهابية، مناهضة للدولة المدنية، و«اعتبار كل شخص معنوى أو طبيعى تونسى ينتمى لها خطرًا على مدنية الدولة وفق قانون مكافحة الإرهاب»، ولكن تم تعطيل تمرير اللائحة للجلسة العامة بالبرلمان، وذلك استنادًا لحجج إجرائية أيضًا.

كما هاجمت قانون العفو العام الصادر، فى فبراير 2011، مشيرة أنه شجع الإرهاب فى تونس، حيث استفاد منه متهمون فى قضايا إرهابية، رفعوا سلاحهم بعد الإفراج عنهم، ضد الدولة وأجهزتها، ما يذكّر بالعفو الرئاسى «الشائن» الذى أصدره الرئيس الإخوانى محمد مرسى سابقًا.

كذلك نددت موسى بتشجيع النهضة للخطاب التكفيرى والتحريضى ضد معارضيها تحت قبة البرلمان، وكذلك دعوة عدة شخصيات مصنفة على قوائم الإرهاب من عدة دول لحضور اجتماعات شعبية، ناهيك عن الاغتيالات السياسية التى شهدتها تونس، وشملت قتل السياسى التونسى شكرى بلعيد ومحمد الإبراهيمى، وغيرهما، وجرى التستر على مرتكبيها، ولم يكشف عن من يقف وراءها حتى الآن.

بعد ذلك لاحقت عبير موسى الغنونشى والنهضة، باتهامات بالتعدى على صلاحيات مؤسسة الرئاسة التونسية، وسحبها لصالح البرلمان برئاسة الغنوشى، وكذلك استغلاله منصب رئيس البرلمان، لحساب النهضة ومصالحها، وليس لصالح الدولة التونسية.

اتهمت موسى، الغنوشى، كذلك بالسماح لإرهابيين بدخول مقر البرلمان التونسى، كالداعشى حافظ البرهومى، الأمر الذى يُشكّل تهديداً للأمن القومى وللسلامة الجسدية للأطراف المعارضة للإخوان.

وفتحت موسى الملفات القديمة أيضًا، موجهة أسئلة للغنوشى، عن كيفية عودته إلى تونس، وتمتعه بالحرية، رغم صدور أحكام غيابية ضده بالسجن عام 1991، وكذلك طالبته بالكشف عن كيفية تسوية «النهضة» لأوضاعها القانونية.

الحرب التى تخوضها عبير موسى، ونائبات سابقات وحاليات إذن مثل عواطف قريش، وهاجر شقرو، وفاطمة المسدى صاحبة التصريح الشهير «لو كنا فى دولة قانون لسجن الغنوشى»، هى فى حقيقتها حرب المرأة التونسية القوية التى لن تقبل التفريط فى حقوقها التى منحها لها الزعيم التونسى، الحبيب بورقيبة، والتى أثبتت عن جدارة أيضَا أنها صوت ضمير الأمة التونسية التى ترفض أن يقامر بها الغنوشى ونهضته، لصالح جماعة الإخوان وتنظيمها الدولى.