ضياء الدين داود يكتب: مجلس الشيوخ.. المسار والاختيار

مقالات الرأي

بوابة الفجر


لم أكن مرحبا باستحداث غرفة برلمانية ثانية عند طرح فكرة مجلس شيوخ بلا اختصاصات رقابية أو تشريعية فهو أقرب لمجلس استشارى يعاون الغرفة الأولى (مجلس النواب) فقط، لذلك رفضت وزملائى بتكتل ٢٥/٣٠ التعديلات الدستورية إجمالا وتفصيلا لأسباب موضوعية أبديناها بجلسات البرلمان حينئذ.

أما وأن الدستور قد عدل والتشريع الخاص بهذه الغرفة قد صدر والهيئة الوطنية للانتخابات قد فتحت الباب للترشح وفق جدول زمنى يحدد آليات الدلوف للغرفة الثانية وترشح من ترشح إلا أن الباقى من المحطات هام لمتابعة المسار الديمقراطى ومدى إيمان المواطن به وإقتناعه بجدواه بعد الاستماع للمرشحين على المقاعد الفردية المائة باعتبار أن هؤلاء فقط الذين يخوضون انتخابات بمعناها التقليدى لأن القوائم المغلقة المطلقة التى حذرنا منها أسفرت عن قائمة وحيدة ترشحت عن كل قطاع من القطاعات الأربعة لم ينافسها أحد، ومن ثم فترموميتر الحرارة السياسية بيد المرشحين المستقلين والحزبيين على المقاعد الفردية ومدى قدرتهم على إقناع الجماهير بحرارة المشاركة والاختيار وفقا لهذا المسار الديمقراطى.

وهل فى ظل أوضاع اقتصادية خانقة وقرارات حكومية بطشت بمحدودى الدخل فى هذا الوطن ومع انعدام الرقابة من الغرفة الأولى على الأداء الحكومى سيبقى لدى الناس الأمل للمشاركة لاختيار ممثلين لهم بمساحة ثلث الغرفة الثانية فقط.

كل هذه الأسئلة المشروعة ستكون الإجابة عنها رهن الرشد فى إدارة المشهد السياسى وما ستسفر عنه الأيام القادمة، والتى ستلقى بظلالها حتما على انتخابات مجلس النواب القادم إيجابا وسلبا، ولنا فى التاريخ العبرة والعظة فسوء إدارة المشهد السياسى فى يونيو ٢٠١٠ عند إجراء انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى وما جرى فيها من تزوير مفضوح حينئذ حتى لإنجاح بعض مرشحى المعارضة أفقد المواطن الثقة فى الانتخابات البرلمانية لمجلس الشعب التى تلت تزويرات الشورى بأشهر قليلة ومع مزيد من البطش والرعونة فى إدارة المشهد أدى لانسداد المسار السياسى وهو أخطر ما يهدد دولة فى زمننا الحديث فى ظل تطلعات الشعوب للحرية والعدل والمساواة لتحقيق التنمية والاستقرار.

لهذا فإن استيعاب دروس الماضى وقراءة الحاضر لاستشراف المستقبل يؤكد بضرورة أن مسارا إصلاحيا للحياة السياسية أصبح أمرا ضروريا وبإلحاح لحلحلة التأزم والتململ السياسى حتى داخل المشاهد المصنوعة سياسيا فى إطار تحالفات لا يوجد أساس مشترك لتماسكها أو لتفهم الجماهير لها.

فتأمين مسار ديمقراطى يحمى الاختيار الجماهيرى حق لا يجب خسرانه.

يبقى أن مصر أمانة فى رقابنا جميعا ولم تعد تتحمل لا المغامرة ولا المقامرة باستقرارها فى ظل أوضاع جسام داخليا وإقليميا ودوليا وتحديات غير مسبوقة لأمنها المائى الأمر الذى يستلزم رشدا كبيرا فى إدارة شئون الداخل بعدم افتعال أزمات مع جماهير الشعب بقرارات عقابية فوحدة وسلامة الجبهة الداخلية هى صمام أمان القيادة والقوات المسلحة لتحقيق النصر فى المواجهات المفروضة علينا.

حمى الله مصر وطنا وشعبا وجيشا