حرب الحديد.. معركة رسوم التنمية على واردات الحديد تشتعل

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


المستوردون: ترفع أعباء الشركات إلى 25.5% .. وتضر بالصادرات المصرية

رغم مرور ما يقرب من ثلاثة شهور على إقرار البرلمان للقانون 83 لسنة 2020 بشأن تعديل بعض أحكام القانون 147 لسنة 1984 الخاص برسم تنمية الموارد المالية للدولة والجدل الشديد الذى صاحبه، إلا أن تبعاته مازالت مستمرة، وتسبب خلال الأسابيع القليلة الماضية فى معركة جديدة.. بدأت القصة منذ أن تضمن مشروع القانون المقدم من وزارة المالية، والذى تستهدف منه جمع 15 مليار جنيه عن طريق زيادة رسوم التنمية على عدد من الخدمات، مثل عقود انتقالات الرياضيين، وأجهزة الهاتف المحمول، والحفلات، وغيرها. واستحداث رسوم جديدة لمواجهة تداعيات أزمة كورونا، ومن ضمنها الحديد المستورد.



تمت إضافة 7 بنود جديدة، منها البند 27 الذى يفرض رسوم تنمية على جميع أنواع الحديد تام الصنع المستورد بواقع 10% من القيمة المقررة للأغراض الجمركية، مضافاً إليه الضريبة الجمركية وضريبة القيمة المضافة وغيرها من الرسوم، وتسببت هذه المادة فى حالة من الغليان بأوساط رجال الأعمال، وتوالت ردود الأفعال الساخنة من جانب غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، والتى رأت أن التعديل التشريعى الجديد يزيد من خسائر شركات الحديد والوكلاء فى ظل معاناة السوق من الركود وانكماش الطلب.

وأشارت الغرفة إلى أن القرار يرفع حجم الأعباء الضريبية على الشركات المستخدمة للحديد، سواء كأحد مدخلات الإنتاج أو كمنتج نهائى، لنحو 25.5% بما يفقدها القدرة على المنافسة خارجياً، ورغم ذلك تم إقرار القانون كما هو ونشرته الجريدة الرسمية بتاريخ 21 يونيو بعد تصديق الرئيس عليه.

بعدها تلقت غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات شكاوى من عديد من المصانع بسبب الرسوم الجديدة، بعد أن أدى القرار إلى إحداث أزمة بسبب قيام بعض المصانع بزيادة الأسعار، وهو ما دفع لجنة الضرائب والجمارك بالاتحاد لمخاطبة وزارة المالية لإعادة النظر فى الرسوم.

ويضم قطاع الصناعات الهندسية أكثر من 9 آلاف منشأة يعمل بها نصف مليون عامل، وهو قطاع مغذ لكثير من الصناعات الأخرى، وتعمل به 3 آلاف شركة منتجة للأجهزة المنزلية واللوحات الكهربائية والمنشآت المعدنية والمواسير والكابلات والسيارات وغيرها، بحسب بيانات غرفة الصناعات الهندسية.

ومن ناحية أخرى تدخل الاتحاد العام للغرف التجارية بعد أن خاطب رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، والدكتور محمد معيط - وزير المالية، ووزيرة الصناعة والتجارة نيفين جامع، موضحاً أن أنواع الحديد من الخلائط وغير الخلائط هى أساسا مستلزمات إنتاج لقطاعات عديدة من الصناعة المحلية، وتشكل نسبة كبيرة من تكلفة المنتج النهائى، وهو ما يعد تشويها للتعريفة الجمركية.

وطالب خطاب الاتحاد الحكومة، بإعادة النظر فى القانون، حيث سيرفع من تكلفة المنتج النهائى المحلى، ويحد من تنافسيته أمام المنتج النهائى المستورد الذى لم تفرض عليه رسوم مثيلة، ما سيؤدى لزيادة الواردات مرة أخرى، وفقدان الأسواق التصديرية لارتفاع تكلفة المنتج المحلى.

وأشار الخطاب إلى أن صادرات مصر من المنتجات الهندسية دخلت قائمة أفضل 10 مصدرين على مستوى العالم فى 2019، بإجمالى 6 منتجات قيمتها تتجاوز 3.1 مليار دولار، متضمنة الغسالات والسخانات الكهربائية والضفائر الكهربائية والبوتاجازات.

ولفت الخطاب إلى أن الرسوم الجديدة ستقضى على عديد من المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، خاصة فى الصناعات المغذية، وستحد من جاذبية مصر كمقصد استثمارى فى الصناعات الهندسية، وأيضا ستقضى على استراتيجية صناعة السيارات.

واقترح خطاب الاتحاد إما إلغاء البند كلية، أو إصدار تعليمات للجمارك تستثنى ما يتم استيراده كمدخلات للصناعة، وفى 12 يوليو وافقت وزارة المالية على عدم تحصيل الرسوم على رسائل الحديد الواردة كمستلزم إنتاج للشركات والمصانع، وذلك استجابة لطلب لجنة الضرائب والجمارك باتحاد الصناعات.

لكن قرار الوزارة لم يمر مرور الكرام مابين الإشادة والرفض له، وتحول إلى معركة كلامية بين غرفة الصناعات الهندسية المستفيد الأول منه، أو بالأحرى مستوردى الحديد ومصنعيه الكبار، مثل: عز والمراكبى وحديد المصريين والسويس للصلب وغيرهم.

وقالت الدكتورة عالية المهدى - رئيس الجمعية المصرية لصناعة الحديد والصلب، والتى تضم فى عضويتها هذه الشركات الكبيرة، إن قرار الإعفاء يدعم الصناعة الأجنبية المصدرة إلى مصر، خاصة الصناعة التركية على حساب الصناعة المحلية، لافتة إلى أنه يؤدى لزيادة الواردات بصورة غير مبررة، وهو ما لا يتفق مع سياسة الدولة فى دعم المنتج المحلى.

وأوضحت المهدى أن هذا الإعفاء يهدر 1.4 مليار جنيه موارد إضافية سنوية للخزانة العامة، وهى فى أشد الحاجة إليها، وبالتالى يجب إلغاؤه وتطبيق الرسم على جميع الواردات بدون استثناء.

وأشارت المهدى إلى أن رئيس الحكومة تعرض لضغوط شديدة من رئيس اتحاد الغرف التجارية، خاصة أن مجلس إدارة الاتحاد يضم واحدا من أكبر مستوردى الصاج والمسطحات فى مصر، والإعفاء يساعده فى استيراد كميات ضخمة من تركيا بأسعار مغرقة، وفرق السعر يصل إلى ألف جنيه مكسب صافى يدخل جيب المستورد، ويحرم خزانة الدولة من الضرائب.

ووصفت المهدى المستفيدين من قرار الإعفاء بالصناعة المحلية، لكنها تعتمد بنسبة كبيرة على الاستيراد مثل مصنعى الأجهزة المنزلية والسلع المعمرة، فى حين يتسبب القرار الذى يشوبه العوار فى ضرر لصناعة محلية 100%.

وهو ما رد عليه رئيس غرفة الصناعات الهندسية محمد المهندس، قائلاً إنه من الغريب أن تطرح بعض الشخصيات الاقتصادية انتقادات لقرار إعفاء مستلزمات الإنتاج الصناعى من الرسوم، لافتا إلى أن ذلك يعبر عن مصلحة قطاع واحد من القطاعات الصناعية، والذى وصفه بالقطاع الصغير من قطاعات صناعة الحديد، ولا يجب أن يكون دعمه على حساب باقى الصناعات.

وأوضح المهندس أن رأى الخبيرة الاقتصادية يحمل مغالطات واضحة، لا يصح أن تصدر عن شخصية اقتصادية تراعى مصلحة الاقتصاد الكلى، حيث إنه تغافل عمداً عن ذكر الخسائر المتوقعة فى جميع الصناعات المستخدمة لخلائط الحديد نتيجة زيادة الأعباء وآثارها التضخمية، وأيضا مشكلة خطيرة تتمثل فى عدم كفاية الإنتاج الخاص بالصاج والخلائط لحاجة المصانع.

إلى جانب عدم توافق منتجات الصاج المنتجة محلياً مع المواصفات القياسية المطلوبة لدى الشركات الصناعية المستخدمة، وهو ما معناه أن تطبيق القرار كان سيهدر 3 أضعاف ما يمكن تحصيله نتيجة انخفاض أرباح الشركات وتحول بعضها إلى الخسارة، وبالتالى هبوط إيرادات خزينة الدولة من الضرائب، بالإضافة إلى ما يؤدى إليه القرار من آثار اجتماعية ناجمة عن توقف بعض المصانع وتشرد عمالها.