د. نصار عبدالله يكتب: تهنئة غير تقليدية فى عيد الأضحى

مقالات الرأي




خطر لى فى عيد الأضحى الحالى أن أتقدم بالتهنئة إلى عدد من أساتذتى القدامى الذين شرفت بأنهم قد درسوا لى فى الجامعة منذ أكثر من نصف القرن، وفى مقدمة هؤلاء الأساتذة الدكتور حازم الببلاوى الذى ما زلت أذكر أننى الوحيد فى دفعتى الذى حصل على تقدير ممتاز فى المادة التى درسها لنا فى العام الدراسى 1964 ـ 1965 (أى منذ ما يزيد على خمسة وخمسين عاما) ألا وهى مادة : « قاعة البحث» والتى تقوم على تكليف الطالب باختيار موضوع لكى يعد فيه بحثا معينا يناقشه أستاذ المادة ويشارك فى المناقشة من يرغب من الطلاب.. كنت فى أعقاب ثورة 2011 قد حصلت على رقم موبايل الدكتور حازم من صديقى وأستاذى الدكتور جلال أمين ـ رحمه الله ـ الذى تربطه بالدكتور حازم صلة قرابة وثيقة، وقد كنت إذ ذاك أعتزم أن أجرى حوارا معه حول تقييمه للفترة التى قضاها وزيرا للمالية فى وزارة الدكتور عصام شرف وكذلك تقييمه للفترة التى قضاها رئيسا للوزراء، لكنى لسبب ما أحجمت عن فكرة إجراء الحوار وإن كنت قد ظللت محتفظا برقم الموبايل الذى لم تتح لى فرصة استخدامه منذ ذلك الحين قط.. لم أكن واثقا تمام الثقة من أن الرقم لم يتغير طيلة هذه السنوات، لكننى حين طلبته سمعت صوت الدكتور حازم واضحا وهو يقول: مين معايا.. قلت له: أولا.. كل سنة وحضرتك طيب يادكتور.. أنا نصار عبدالله.. هل تذكرنى؟.. أجاب بترحاب شديد.. طبعا طبعا كل سنة وأنت بألف خير يا نصار.. أنا لا أذكرك فحسب ولكنى أذكر أيضا أنك من أفضل الشبان الذين درست لهم !!..طبعا أنت حاليا لم تعد من الشبان.. قلت له بالطبع.. فأنا أستاذ متفرغ منذ خمسة عشر عاما!!.. قال سبحان الله ما أسرع ما تجرى السنوات.. دعنى أحكى لك حكاية طريفة، أرجو ألا تسىء فهم المقصود منها.. فقد قيل يوما لأستاذنا الشيخ محمد أبوزهرة إن فلانا قد أصبح أستاذا للقانون العام.. فانتفض قائلا: هيّه عيـّلت؟.. المقصود من هذه الحكاية أن الأساتذة الكبار كثيرا ما تتجمد نظرتهم إلى تلاميذهم عند مرحلة معينة فلا يرون فيهم سوى أنهم الأولاد الشباب مهما تقادم بهم العمر، أو أنهم أولئك العيال إذا استخدمنا تعبير الشيخ محمد أبو زهرة!.. على أى حال فأنت فى نظرى ذلك الشاب النابه الذى ما زلت أذكر أنه قد بهرنا جميعا بالبحث الذى تقدم به.. أظن أنه كان عن اقتصاديات التعليم الذى كان فى ذلك الوقت موضع اهتمام من الجيل الجديد من أساتذة الاقتصاد فى العالم الغربى.. قلت ـ وأنا منبهر بقوة ذاكرته : بالضبط !.. قال: لعلك تعلم أنى الآن فى واشنطن . قلت: أجل أعلم (الدكتور حازم الببلاوى يشغل حاليا منصب المدير التنفيذى لصندوق النقدالدولى). استطرد قائلا: ولكنى سوف أزور القاهرة فى شهر أكتوبر القادم، وأتمنى أن تتاح لنا الفرصة إذ ذاك لكى نلتقى بها.. قلت له أتمنى ذلك، وإن كنت أقيم حاليا فى سوهاج حيث أعمل أستاذا بجامعتها، وربما قد يدهشك أن أقول لك إن السفر من سوهاج إلى القاهرة قد يستغرق فى بعض الحالات وقتا يتجاوز الوقت الذى تقطعه الطائرة من واشنطن إلى القاهرة.. فعندما تكون خطوط السكك الحديدية مرتبكة لسبب أو لآخر (وكثيرا ما تكون كذلك).. فإن من المألوف فى أمثال هذه الحالات وأنت واقف على رصيف محطة سكة حديد سوهاج أن تسمع النداء الآتى مثلا : «قطار 935 المقرر وصوله أمس، يصل بعد نصف ساعة على رصيف 2!!».. دعنى أحكى لك شيئا أكثر طرافة :هل تصدق أن الحجز الإلكترونى قد توقف فى أحد الأيام لأن أحد الفئران قد قام بقرض أسلاك الكمبيوتر الذى يتم من خلاله الحجز وبناء عليه فقد تعذر الحجز.. هذا لا يعنى أن الصورة بأكملها قاتمة فهناك الكثير من الجوانب المضيئة التى لا يمكن إنكارها، وأولها انتظام حركة الطيران بعد إنشاء مطار سوهاج، وإن كانت أسعار تذاكر الطيران ليست فى متناول الجميع، ومن هذه الجوانب الإيجابية أيضا قيام القوات المسلحة بإنشاء طريق صحراوى سريع لا يستغرق السفر فيه أكثر من خمس ساعات إذا ما قطعها المسافر الرحلة دفعة واحدة، أما الذين يرغبون فى التوقف فإن الطريق مزود على امتداده بالاستراحات التى تقدم كافة الخدمات التى قد يحتاج إليها المسافر.. وعلى أية حال فلو سمحت الظروف فسوف يسعدنى جدا أن ألتقى بأستاذى الكبير.