الإرهاق يجبر أساقفة على الاستقالة من الكنيسة

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر



فى الفترة الماضية بدأت الكنيسة الأرثوذكسية تشهد ظاهرة جديدة وهى ادعاء أسقافة المرض أو تقديم الاستقالة لأسباب صحية لحاجتهم إلى الراحة فمع التقدم فى العمر وبذل المجهود الكبير فى رعاية شعب الكنيسة وعدم الحصول على إجازة دورية أصبح العمل لا يفجر الأجواء الروحانية ولكن شعوراً بالموت.

منذ فترة تقدم 3 من أساقفة الكنيسة القبطية باستقالتهم إلى البابا تواضروس الثانى بطريرك الكنيسة آخرهم الأنبا شاروبيم، أسقف قنا، الذى ساد الغموض حول حقيقة تقدمه بالاستقالة من عدمه بعد أن توجه للاعتكاف فى دير الأنبا بيشوى بصحراء وادى النطرون بمحافظة البحيرة وبين التأكيد والنفى جاء السبب أن الأنبا يشعر بالتقدم فى العمر ولم يعد قادراً على الخدمة وسبقه فى ذلك الأنبا سوريال، أسقف ملبورن والذى عاد إلى الدير كراهب عادى بعد أن فشلت محاولات إثنائه عن الاستقالة، ومن قبلهما عاد الأنبا إبرآم مطران الفيوم إلى إيبارشيته بعد شهور من الإجازة التى طلبها.

وليسوا الأساقفة وحدهم الذين يحتاجون للإجازة بهدف الراحة الجسمانية أو النفسية أو الحاجة للابتعاد عن العمل ومشقة الخدمة ولكن الكهنة وصلوا إلى نفس الموقف خاصة أنهم أيضاً فى حاجة لهدنة لأنهم يعيشون وسط الناس ويحملون مشاكلهم بجانب مشاكل أسرة الكاهن الخاصة من زوجة وأبناء مثل أى رب أسرة.

البطريرك شخصياً يحتاج للراحة بين الحين والآخر لكنه أحيانا ًيذهب للدير ويدخل فى خلوة روحية بهدف التفرغ للصلاة والقراءة والحصول على قسط من الهدوء والراحة وترتيب الفكر. أما الرهبان فى الأديرة فلهم وقت خلال اليوم للاختلاء بالنفس سواء داخل الغرفة الخاصة بكل راهب أو من خلال التنقل بحرية، وهو الدافع الذى اضطر بعض الأساقفة بعد الشعور بالمعاناة من هموم إيبارشيتهم إلى طلب الإجازة أو التقدم بالاستقالة رغم أن لهم مطلق الحرية فى الحصول على خلوة داخل الدير الذى ترهبنوا فيه أو أى دير يختارونه، ومعظمهم يتوجه للخارج بهدف العلاج وهى فرصة جيدة للاستجمام والتقاط الأنفاس حتى إن كانت الحالة الصحية ليست ملحة.

البابا تواضروس الثانى كثيراً ما يسافر للعلاج إذا تطلب الأمر لذلك، بالتنسيق بحيث يتواجد الأنبا دانيال، سكرتير المجمع المقدس وسكرتارية قداسته فى المقر معظم الوقت لمتابعة العمل.

أما الأساقفة وكبار الرهبان فيسافرون للعلاج بجانب الخدمة فى المهجر، للابتعاد عن ضجيج الخدمة وتغيير الجو والاستجمام وكثيراً ما طالت الانتقادات كبار الأساقفة الذين لا يعانون من أمراض مزمنة أو مشاكل صحية واضحة بسبب ترددهم على كبرى المستشفيات بالمهجر حتى أطلق عليهم البعض «الأسقف المدوحس».

ويحصل الأسقف عادة على فرصة السفر بعد موافقة البابا أما على تكاليف الرحلة من صندوق إيبارشيته، وبعد وصول استقالات الأساقفة إلى 3 خلال فترة لا تتجاوز العامين يبقى السؤال لماذا لا تخفف الأعباء بتقسيم الإيبارشيات أو سيامة معاونين خاصة مع تقدم الأسقف فى السن فهو الأكثر احتياجا لطاقم سكرتارية حتى يتمكن من الحصول على يوم على الأقل يحصل خلاله على الراحة كأى إنسان؟

ويظل القساوسة هم الأكثر تحملا للأعباء لأنهم يحملون هموم ومشاكل الرعية وكنيستهم على المستوى الإدارى والروحى والاجتماعى إلى جانب أعباء أسرة القس أنفسهم إذ أنه مطلوب منه أن يكون زوجا مثاليا وأبا ناجحا ومحبوبا بجانب دوره الرعوى. على المستوى الإنسانى ويحتاج القس للإجازات لكن خدمة الشعب أحيانا ما تحول دون ذلك لأنه اعتاد أن يحمل أعباء شعب الكنيسة ونسيان مشاكله الشخصية.

وقد يحصل القس على إجازة عادية لمدة تتراوح بين أيام لأسبوع بهدف الراحة أو السفر فى رحلة أو مصيف سواء عائليا أو كنسيا، وهو ما أكده القمص موسى، كاهن كنيسة الملاك بالضاهر، بقوله «إحنا تحت الطلب» ورهن احتياجات الكنيسة وشعبها فى أى وقت.

وأضاف القس موسى: إنه يحتاج للإجازة للسفر فى نزهة مع الأسرة أو لخلوة روحية بأحد الأديرة وعادة لا تتجاوز الأسبوع وأمرها سهل وتتم عادة بالتنسيق مع القساوسة بالكنيسة حتى لا تتعطل الخدمة إلى جانب الحصول على موافقة الأب الأسقف.

أما الكهنة الذين يحتاجون للسفر خارج مصر سواء بهدف زيارة أحد الأقارب بالمهجر أو للعلاج يجب الحصول على موافقة البطرك وموافقة أسقف إيبارشيته، وتتراوح الإجازة ما بين شهرين إلى 3 شهور كل عام أو عامين حسب الظروف.

ويحصل القساوسة على الإجازات بالتبادل حتى لا يغيبوا جميعاً عن الكنيسة خصوصاً أن مجرد حضور القداس يحتاج لوجود أحدهم لذا إن كان لدى أحدهم حاجة لقضاء ساعات يمكن ترتيب ذلك مع أحد القساوسة ليتواجد كاهنان فى الصلاة أو فى حال كان القداس صغيراً أو عدد الشعب محدودا يمكن أن يتحمله كاهن بمفرده ولكن فى أضيق الحدود لأن تحمل الكاهن للقداس منفرداً أمرا مرهقا وصعبا له وللمصلين أيضاً.

أما السفر للعلاج فإنه غالباً ما يتحمله من جيبه الخاص وقد يتحمل صندوق كنيسته نسبة صغيرة من التكلفة، لأن التأمين الصحى الخاص به يتكفل بعلاجه داخل مصر فقط.